بائع الديزل.. قصه من قلب الواقع

خيط رفيع بين الموت والحياة الكريمة التي جعلتني اترك كل شيء ورائي ولا ألتفت الى الأشياء التي تضخ في العقل ذكرى الفقر والجوع والبطالة ومع أنني خريج جامعة قسم المختبرات الطبية الإّ أنني لم أجد فرصتي في هذة البلاد والتي طردت شبابها بكل المقاييس والمعايير الأخلاقية، حاولت أن أعمل بشهادتي ولكنني لم أستطع فلجأت إلى العمل في مجال ٱخر غير مجالي، تعلمت من صديق لي مهنة الميكانيكا لا بل ابدعت في ذلك، أخذت لي حيزاً بسيطاً في المنطقة الصناعية وشيئاً فشيئاً نسيت مهنة الطب واصبحت معروفاً في المنطقة ، تغيرت كثيراً بل كان تحولي تحولاً جذرياً نسيت زملائي وحتي حب عمري والتي رفض والدها زواجي منها بسبب ما وصلت إليه، فكان في قمة الظلم حينما رفض زواجي منها ولم يكترث للظروف التي اوصلتني الى هذا، ولكن فضل الله علي وإخلاصي في عملي فتح لي ابواب كثيرة حينما حضر لي أحد التجار قادماً من المملكة العربية السعودية يحمل بضاعة وأراد مني تصليح الشاحنة المحملة بالبضائع في اسرع وقت لأن فيها مواد غذائية يصعب ان تنتظر أكثر من ذلك والحمدلله بفضل منه استطعت كسب ثقته ورجعت الشاحنة كما كانت وأفضل من ذي قبل! نشأت بيني وبين ذلك الرجل صداقة متينة وقوية جعلته يلجأ اليّ كلما إحتاجني. سافر الرجل الطيب الذي كان مصدر من مصادر رزقي بعد الله وحدثت لي بعدها كثيراً من المشاكل مع مدير الورشة التي أعمل فيها وتركت المنطقة الصناعية ورجعت من جديد أبحث عن عمل ولكن لا فائدة، مرت سنة وانا عاطل عن العمل تزوجت حبيبتي وسافرت مع زوجها وبقيت دون أمل ولكن سرعان ما رجع لي الأمل من جديد حينما بحث عني الرجل الطيب ووجدني كما قال لي بعد عناء طويل ولكن هذه المرة لم يكن يريد مني بأن أصلح له شاحنته وإنما أحضر لي تأشيرة عمل في نفس الشركة التي يعمل فيها، دعوت الله فاستجاب لي ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ايام قليلة جداً وتركت كل شيء خلفي حتى ملابسي وذكرياتي وشهادتي وسافرت، وحين وصولي الى المطار وجدت زملاء عمل من جنسيات مختلفة لإستقبالي وتجهيز سكني الخاص بي كل شئ كان على مايرام حتى بدأت العمل في الشركة وكانت شركةً ضخمةً للإستيراد الأغذية وتصديرها ولكن المؤسف في الأمر أن عملي كسائق وليس فني ولكن لا بأس ما أريده هو العمل والإنتاج. شيئاً فشيئاً وتأقلمت على الوضع الجديد وأصبح العمل متعة لي سافرت من خلاله الى معظم دول الخليج كنت اصدر المواد الغذائية واستوردها حتى كوّنت علاقات بيني وبين أناس آخرين خارج البلاد … وجاء اليوم الذي تعرفته عليه على رجل أعمال خارج البلاد التي اعيش فيها وطلب مني أن أصدر له الديزل من السعودية الى الأمارات حاول إقناعي انه تصدير وليس تهريب لكنني كنت اخاف على مجال عملي وان اخسره وبعد إقناع طويل منه وافقت كان الأمر بسيط وأدرّ عليّ بوابلً من الرزق و بعد ثلاث سنوات وبعد عناء طويل من الفقر سافرت في الإجازة الى بلادي واشتريت قطعة أرض ورجعت من جديد الى عملي الاساسي وعملي الأخر في التهريب الجمركي واستمر بي الوضع حتى اربعة سنوات ولم يعلم احداً بذلك إشتريت فيها سيارة واصبح لدي رصيد في البنك كل شئ كان على مايرام وفي اكمل وجه حتى أن قررت تقديم إستقالتي حتى تسلط عليّ أحد من شياطين الإنس وطلب مني ان اسافر معه الى لبنان لكنني رفضت وبعد عناء طويل في إقناعي سافرت معه وفي الطريق داهمنا النعاس فمد لي بحبة منشط ومعها كأس كانت أول مرةً في حياتي اتعاطى غيرت مني جعلتني كالمجنون فلفت بها أنظار الشرطة وبعد مطاردات بيننا وبينهم تم القبض عليّ وإرجاعي الي وطني ولكن ماحدث لي درس، لم استطيع البقاء في موطني فيلزم لي ان ارجع لكي آخذ مالي من البنك وسيارتي التي طالما تعبت وانا اجمع مالها، لم يكن لدي حل آخر سوى بيع قطعة الأرض التي إشتريتها لكي ارجع واجمع اموالي ثم ارجع من جديد وأشتري لي قطعة ارض أخرى وابنيها واتزوج، وبعد اسابيع قليلةً بعت قطعة الأرض لإمرأةً نصبت لي كميناً بأن سجلت لها قطعة الأرض بشيكات مشكوفةً دون رصيد، ولم أكن أعلم ذلك الإ بعد فوات الأوان فأشترتها وباعتها لأربعة أشخاص أخرين لم يكن بوسعي فعل شيء سوى ارسال تفويض الى أحد الزملاء لبيع سيارتي ولكنه استغل عدم تواجدي وسجلها بإسمه وانا اليوم أسكن في الحانات والنوادي الليلية بعد تجميد حسابي وإستغلالي واخذ سيارتي… لم اعرف ان المآل الحرام ياتي من حيثما آتي وماذا يأخذ الريح من البلاط سوى ذرات من الرمال عدت مثلما بدأت من تحت الصفر جميع زملائي بدأوا من الصفر حتى وصلوا الى بر الأمان الاّ انا بدأت من بر الأمان لأوصل الى تحت الصفر، حبتين وكأس ضيعت الكثير من عمري…. إنتهى…

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..