نعمل شنو ؟? سؤال حائر ومحير

حينما فاجأني رفيقي بسؤاله الحائر ( نعمل شنو ؟)،لم أملك سوى أن أرد عليه بالمقولة الشعبية التي تقال في مثل هذه الأحوال (العمل عمل ربنا ) ،كان ذلك حينما تعطلت بنا العربة في وقت متأخر من ليل الخميس الماضي ولم ندر ماذا نفعل وبمن نستعين في هذا الوقت ،وعلى كل حال فإن حيرتنا أنا ورفيقي باعتبارنا ( مواطنين ساكت ) لا أهمية لها مقارنة بحيرة من يتسنمون مسؤولية عامة ، فتلك حيرة لها مترتباتها المؤثرة على الحياة العامة ..من اسئلة المسؤولين الحائرة اذكر السؤال الكبير والمحير فعلاً (نحنا ماشين وين)، الذي أطلقه والي الخرطوم الجنرال عبد الرحيم محمد حسين بعد مدة قليلة من تسنمه المنصب في معرض انتقاده للتمدد الأفقي للعاصمة التي حاددت أو كادت عدة ولايات إلى جانب قضايا أخرى يحمد للوالي اعترافه بعجزهم عن حلها ، وقبله بقليل ولكن على نقيض سؤال الوالي الحائر كان وزير المالية وقتها، اطلق مقولة حملت ضمناً إجابة عن سؤال الوالي ، لجهة أنه حدد (نحنا ماشين وين) ولكنه للأسف لم يكن يملك الحل لتفادي (الانحنا ماشين عليهو دا)، فطرح سؤاله الكبير والمحير (نعمل شنو؟)، كان هذا الوزير الحائر قد أطلق سؤاله المحير بعد أن حار به الدليل هو وأركان حربه القائمين على أمر اقتصاد البلد وماليته إزاء الأزمة الاقتصادية والمالية المستفحلة، فلم يجدوا ما يفعلونه غير أن يسرفوا ويطنبوا في الحديث عن أسبابها، لم يتركوا سبباً مالياً ولم يغادروا سقماً اقتصادياً إلا أوردوه، ثم وقفوا وقفة حمار الشيخ في العقبة، لم يحدثونا ولو مجرد حديث عن أي ترتيبات لمواجهة هذه الأزمات، لا الراهنة ولا المرتقبة ، فبدا الأمر وكأنه خارج السيطرة وبلا حلول ،والحقيقة أن هذين السؤالين المحيرين (نحنا ماشين وين ونعمل شنو ؟) لا يقتصران على ولاية الخرطوم ووزارة المالية وحدهما ، بل يتمددان بطول وعرض مساحة السودان، وسبق أن رددهما الكثير من المراقبين بصيغة (إلى أين نحن مساقون؟) وليس (نحنا ماشين وين)، والفرق بين الصيغتين كبير،والمشكلة ليست في مبدأ طرح هذين السؤالين اللذين يعبران عن منتهى الحيرة التي بلغها السائل الذي لا يدري ماذا يفعل وإلى أي جهة يسير،المشكلة والمفارقة تأتي عندما تنطرح مثل هذه الاسئلة ممن يفترض أنهم متلقوها وليسوا سائليها ، وظني أن هذين السؤالين رغم صعوبتهما الظاهرية إلا أن إجابتهما غاية في اليسر والسهولة، وتتلخص عندي كما عند الكثيرين في أن كل الذي نعانيه إنما هو تمظهرات ونتائج طبيعية للأزمة السياسية التي تكابدها البلاد بالأساس، ولن تزول أي مشكلة أخرى عرضية من غير معالجة الأزمة السياسية وتحقيق الوفاق الوطني والتعايش السلمي ..
الصحافة