مقالات سياسية

بدائل الجلد في المدارس

أول أمس في منبر طيبة برس، أقرّ مدير إدارة التدريب بوزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم بمنع القانون للعقوبة البدنية في المدارس واستبدالها بالبدائل التربوية وعزا الاستمرار فيها لمفاهيم لها علاقة بالمجتمع، طبعاً وزارة التربية والتعليم دائماً جاهزة لإيجاد الأعذار والتبريرات لكل خيبة، فيأتي العذر أقبح من الذنب، فهي إن كانت وزارة (مالية مكانتها) لاستطاعت أن تُغيِّر في المفاهيم السالبة من خلال النهوض بالتعليم والمدارس، لأنّ المشكلة أصلاً في البيئة التعليمية التي تنعدم فيها الظروف الملائمة للتربية والتعليم، فالمدارس السودانية أصلاً لم تستخدم أساليب عقاب علمية بتوجيه من وزارة التربية والتعليم، ولولا وعي الناس وإدراكهم أن الضرب ليس هو الوسيلة المناسبة للتربية والتعليم وشكواهم المستمرة، لما تحرّكت الوزارة، وهذا يدحض كلام مدير إدارة التدريب أنّ الموضوع له علاقة بثقافة المجتمع.

بصفة عامة هناك وسائل كثيرة وفاعلة جداً لعقاب الأطفال في المدرسة أو البيت، ولكن قبل أن نلجأ إليها يجب التأكد بأننا لم نوفر البيئة الداعمة لارتكاب الأخطاء وإننا قد أزلنا كل الأسباب والذرائع من أمامهم، ويجب أن نعلمهم الصواب ونناقشهم فيما يقومون به من أخطاء قد يكون الواحد منهم غير مدرك لما قام به فيشعر بالذنب عندما يوضح له الأمر، ولا بد من أن يتعلموا ثقافة استدراك الأخطاء والاعتذار والتسامح، الأهم من كل هذا يجب أن نقوم بدور القدوة الصالحة ببراعة، إذ ليس من المكن أن (يدخن المعلم أو يسف) وحين يفعلها التلميذ يعاقب، ثم يجب أن نحترم عقولهم فهم أذكياء وفي مرحلة اكتشاف للعالم وهذا قد يجعلهم يخطئون وهم غير مدركين.

أما بالنسبة لوسائل العقاب البديلة للضرب فهي كثيرة، فعلى سبيل المثال، احتساب النقاط، هذه الطريقة مُحفِّزة وتعمل جيداً على المدى الطويل، فيخصص للأطفال كراسة لاحتساب النقاط الجيدة وغير الجيدة ويكرم شهرياً أصحاب أعلى الدرجات بهدايا قيِّمة ومن حافظ على مستواه يكرّم آخر السنة بهدية أكبر، كما أنّ الدرجات تتناقص كلما أخطأ التلميذ، وهناك طريقة الحرمان من الأشياء المُفضّلة، والتعلم من الخطأ فأحياناً يكون أفضل عقاب للتلميذ هو تركهم لمواجهة تبعات ما يفعلونه، مثلاً إذا تعامل أحدهم بطريقة أنانية مع زملائه فإنهم سينفرون منه ولن يجد فرصته في مشاركتهم البرامج إلاّ حين يعتذر ويلتزم بعدم تكرار الخطأ، وسيتعلّم أن يكون أكثر تعاوناً في المرة القادمة، كذلك إلزام الطفل بعمل إضافي من نفس نوع الخطأ، وغيرها الكثير من العُقُوبات التي يُمكن لأيِّ معلم مؤهل أن يأتي بالجديد وتأتي بنتيجة باهرة..

الغريب في الأمر أن مديرة وحدة الإرشاد والسلامة بوزارة التربية كشفت عن استصدار لائحة تمنع عقوبة الجلد ومصادرة وسائله، من يسمع كلامها يقول إن للضرب وسائل معروفة وكأنّها لا تعلم أن (السوط) اختفى والتلاميذ يُضربون (كفوفاً وشلاليت) وبالخشب وأفرع الشجر، فالمعلمون الحمقى الذين أنهكم الفقر والتهميش والإحباط لا يفكرون في وسيلة مناسبة للعقاب، ولذلك اصلحوا حال المعلمين قبل اللوائح ومصادرة وسائل غير موجودة.

خلاصة القول لتستخدم المدارس الوسائل البديلة للضرب وتلتزم بها يجب أن تكون هي نفسها مؤهلة من جميع النواحي وبها معلمون أكفاء (مقيمون) حتى يبدعوا في تطوير العملية التعليمة من جميع النواحي وإلاّ فلن يتغيّر شيء.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..