تآكل رؤوس الأموال

ارتفعت الأصوات المحتفلة بما نشر عن عزم إدارة الرئيس الأمريكي ترامب فك الحظر الاقتصادي، للدرجة التي صورت فيها الأمر أنه بمجرد فك الحظر سينعم السودان بخيرات كثيرة وينصلح الحال، ولكن القضية ليست بتلك السهولة، بل ترتبط الاستفادة من فك الحظر بالعمل والاجتهاد والإنتاج وإصلاح البيت من الداخل، بمعنى أن المطلوب من الإدارة الاقتصادية الجديدة في البلاد عمل أكثر وأدق مما كان في فترة الحظر لأن التعامل بات عالمياً وليس محلياً.
ويبدو أن موقف المصارف السودانية المالي والإداري لا يؤهلها للعب أدوار إضافية إذا فتحت البنوك العالمية فروعاً لها في الخرطوم، باعتبار أنها غير مواكبة، وتعاملها مع التقنية بعامل الربح والخسارة، وضعف الابتكار منتجات جديدة تلائم عصر الانفتاح المعلوماتي، وتشبث إداراتها بالنماذج القديمة، الأمر الذي جعل رؤوس أموال هذه البنوك تتآكل مع الانخفاض المتوالي لقيمة الجنيه.
هذا بالضبط ما استنتجته من قيادات البنوك التي حضرت ندوة “الفرص والتحديات التي تواجه المصارف السودانية في فترة ما بعد الحظر الأمريكي”، والتي نظمتها أكاديمية السودان للعلوم المالية المصرفية، يوم أمس السبت بالخرطوم، ومما قدمت من أوراق ومداخلات، مما يجعل الاستفادة من الفرص صعبة وتحتاج لمزيد من العمل والجهد، ومزيد من الترتيب الداخلي للمصارف السودانية، وعلى ذلك قس كل القطاعات الاقتصادية الأخرى.
هناك إجماع من المصرفيين بأن بنك السودان المركزي ما عاد بنكاً مستقلاً، وأصبح يتبع لوزارة المالية كواحد من آلياتها، وتعدد أسعار الصرف لصالح دعم بعض السلع وتباينه أضر بالمصارف، والوضع الأمثل كما قال محافظ بنك السودان الأسبق د. صابر محمد الحسن، لابد أن تكون للبنك المركزي شخصية مستقلة وينسق مع المالية في علاقة تعاونية تكاملية، كما يجب توحيد سعر الصرف، وهذه النقاط تعد جوهرية مؤثرة في أداء البنوك، ومعالجتها مهمة لمواجهة التحديات في المرحلة القادمة.
هناك آراء واضحة ومقترحات لمعالجة هذه المشكلات إلا أن عزيمة التنفيذ هي المفقودة، وهذا يعني أن على طاقم القطاع الاقتصادي الذي تسلم المهمة أن يحسم أمره ويبت في مثل هذه المسائل ويضع حداً لها.