لماذا يصر أبناء الشيخ زائد آل نهيان علي نهاية لحكمهم تماثل نهاية أدولف هتلر ومعمر القذافي؟

د. عادل الخضر أحمد بلة

تحكي قصص التاريخ أن الحكام الديكتاتوريين الذين يتخطي عداءهم لشعوب أخري ، أيا كان شكل حكمهم ، يقودون بلدانهم للدمار ، وغالبا ما يموتون هم أنفسهم ميتة شنيعة ، وأدولف هتلر ومعمر القذافي مثالا .
تولى الشيخ زايد آل نهيان حكم إمارة أبوظبي خلفاً لأخيه شخبوط في عام ١٩٦٦م. وكان له دورا رائدا في توحيد الدولة مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ، عطر الله ثراهما ، وتحقق لهما ذلك في ٢ ديسمبر ١٩٧١م. أصبح الشيخ زائد أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة ، ومن مؤسسي مجلس التعاون الخليجي عام ١٩٨١م. ورسخ الولاء للكيان الاتحادي عوضاً عن الولاء للقبيلة أو الإمارة وأيضا مفهوم الحقوق والواجبات لدى المواطن. كما قدم مساعدات لكثير من الدول المحتاجة. ولقدراته البناءة أوجد لدولته وشعبها وذاته مكانة محببة لدي شعوب المنطقة وغيرها. وكان له دوره في حلحلة بعض العقبات التي عقدت واقع العلاقات العربية ، مثل التوتر بين سلطنة عمان واليمن الديمقراطية حينها عام ١٩٨٠م ، وبين مصر وليبيا ، مثلا. ولقب شعبيا بحكيم العرب ، طيب الله ثراه. خلفه في حكم إمارة أبو ظبي وحكم الدولة ابنه الشيخ خليفة حتي ٢٠١٤م ، وأدار الشيخ محمد بن زائد الحكم عمليا لمرض الشيخ خليفة ، ثم خلفه لاحقا لوفاته في رئاسة الدولة في ١٤ مايو ٢٠٢٢م.
في الفترة الأخيرة ، وبخلاف والدهم ، أصبح معلوما أن لحكم أبناء الشيخ زائد أيادي فعلية في التوترات في دول عربية شملت سوريا وقطر واليمن وفلسطين وإثيوبيا والصومال وليبيا والسودان والجزائر. وعن مصر وقضية سد النهضة ، أوضح السفير عبد الله الأشعل ، مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق ، في الجزيرة نت      ٥ / ٤ / ٢٠٢١م ، أنه كان ينبغي أن تدعم الإمارات موقف مصر في قضية مثل قضية المياه التي تعد حياة أو موت للمصريين ؛ لكنها أحبطتنا. وفي دول المنطقة غير العربية ، مثالا ، المحاولة الانقلابية الفاشلة التي حدثت في تركيا ليلة ١٥ يوليو ٢٠١٦م ، فكثير من المصادر أوضحت حينها وعلي لسان الرئيس التركي ووزير الخارجية وغيرهما أن الاستخبارات التركية توصلت إلى نتائج مذهلة توضح صلة الإمارات بالمحاولة الانقلابية الفاشلة وتمويل الانقلابيين ، ودور محمد دحلان ، بل ودعمهم لإستبدال محمود عباس بدحلان.
من ناحية أخري ، فإن بعض المصادر الغربية تعلل هذه الأنشطة الهدامة علي أنها ربما تكون سعي من أبناء الشيخ زائد لتحقيق مصالحهم الأمنية والاقتصادية في المنطقة. وكمصدر مهم ، ما أكدته كمحرك مهم للصراع ، السيدة إبتسام الكتبي ، مديرة مركز الأمارات للدراسات القائلة : (الأمارات موجودة في السودان لحماية مصالحها). وفجاجة تبريرها أن وجود الأمارات في السودان في حقيقته هو غدر أبناء الشيخ زائد بالشعب السوداني. وذلك ، بديهيا. بدعمهم اللامحدود لمليشيا آل دقلو الإرهابية المتمردة ، وما ارتكبته من جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب السوداني. وطبيعيا ، فإن ما يستبعد تماما أي قدر من الموضوعية لمثل هذا التبرير الفج أن المصالح المشتركة تأتي عادة عبر الأبواب أولا ، وبلا أذي مميت وواضح لشعوب هذه الدول المتعامل معها مصلحيا. ومثال لفجاجة هذا التبرير ، أنه تنفير لأي تعامل مع الأمارات حتي لا تتحذه سببا للإعتداء علي الدولة ذات المصالح معها. كما أنه ، في المقابل ، دعوة لغزو الأمارات وتدمير بنيتها التحتية وارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد شعبها ، كل ذلك بدعوي حفظ هذه الشعوب المعتدية علي الأمارات علي مصالحها في الأمارات. فهل أهل الحكم في الأمارات هم فقط “الفالحين”؟!!! بأي عقلية تطرح حاشية أهل الحكم الأماراتي تبريرات مؤامراتهم القبيحة علي شعوب (شقيقة!!!) ، أم أن مثل “مسح الجوخ” هذا للشيوخ هو طريقهم لأعالي مراتب الحاشية ومغانمها؟.. ويتواصل مثل “مسح الجوخ” هذا لأبناء الشيخ زائد والذي يراد به تجميل واقعهم المقيت في السودان ، و”مسح الجوخ” وسيلة قديمةٌ قدم الإنسان. ومثال آخر مثل ما تقدم عن التبرير الفج للسيدة ابتسام الكتبي ، هناك أيضا مساعدة وزير الخارجية الاماراتية للشؤون السياسية، رئيسة وفد بلادها في محادثات جنيف الوزيرة لانا نسيبة ، وأيضا د. أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات ، المعلوم دوره في حصارهم لقطر واتهامه للسعودية حينها بدعم الإرهاب وضرورة متابعته عن قرب ، ودوره في الاعتداء علي اليمن والهتافات ضده في لندن ك “قاتل اليمنيين” في ٢٤ أكتوبر ٢٠١٧م. وسار في مسح الجوخ أيضا بعض السودانيين مثل تنسيقية قحت/تقدم التي برأ رئيسها الأمارات من غدرها بالشعب السوداني ، رغم تقارير خبراء الأمم المتحدة ، وغيرهم كثر إضافة لطلب الشعب السوداني الموثق تماما والرصين للمحاكمة الجنائية. والآن أيضا متابعة قحت/تقدم لهذا الثلاثي الأماراتي ، وقع الحافر في الحافر ، في محاولتهم المكشوفة لإيجاد منفذ لقلوب السودانيين عبر إشراك نساء سودانيات مختارات من عندهم كمنتج لإنتجاعهم لأيام في جنيف ، وهو عمليا ضد المرأة السودانية التي غدر بها أبناء الشيخ زائد ، وما زال غدرهم بها مستمرا ، وذلك لتبييض نتيجة فشلهم المشهود في جنيف ، الذي حاولوا من خلاله وأد حقوق الشعب السوداني التي يمكن البدء بإسترجاعها فقط بتنفيذ مخرجات جدة مايو ٢٠٢٣م والإخلاء التام من الجنجويد وحفظهم في معسكرات والتعامل معهم قانونيا ، ورجوع النازحين لديارهم وما يليها من محاسبات وجبر للضرر وجبر للخواطر. أما فيما يتعلق بمحاولة هؤلاء الموظفين الأماراتيين لتبييض دور أبناء الشيخ زائد الأسود الحالي ضد الشعب السوداني ووطنه عبر بعض النساء السودانيات ، فأولا الموثق تماما أن قتل وإغتصاب السودانيات بل وبيعهن في سوق النخاسة ، ثم معاناة الأمهات السودانيات مع حفظ ومعيشة أطفالهن وأمراضهم وتوقف تعليمهم ومعاناة نزوحهم وأمثالها من مآسي هي بسبب مؤامرة ودعم أبناء الشيخ زائد لهذه المليشيا الإجرامية المتمردة. فالمؤكد تماما أن مثل إنشاء مثل هؤلاء الموظفين الأماراتيين يستحيل أن تضيف أي قدر من تجمل وجه مؤامرة أبناء الشيخ زائد علي النساء السودانيات ووطنهن وشعبهن. والمؤكد أنه حتي تخيل إمكانية إنطلاء مثل هذه المحاولات البائسة فقط علي المرأة السودانية خاصة والشعب السوداني عامة هي إساءة في حد ذاتها. ولتذكير هؤلاء الموظفين الأماراتيين وأمثالهم فقط ، فالمعلوم أنه عندما كانت تلك المنطقة تسمى مشيخات الساحل العماني ، ثم أطلق عليها الاستعمار ساحل القرصان ، ثم تغير هذا الاسم ليصبح مشيخات الساحل المهادن ثم ما بات يُعرف اعتباراً من نهاية عام ١٩٧١م باسم دولة الإمارات العربية المتحدة ، في ذلك الوقت كانت المرحومة فاطمة أحمد ابراهيم أول سيدة سودانية تنتخب كعضو برلمان في الشرق الأوسط في مايو ١٩٦٥م. ولم يكن حينها حتي الشيخ زائد نفسه شيخا ولا علي أمارة أبوظبي نفسها ، التي تولاها من أخيه شخبوط عام ١٩٦٦م. وأيضا كانت المرحومة د. فاطمة عبد المحمود أول وزيرة، وفي مواقع متعددة ، وتاليا تم اعتبارها من أميز ثلاث نساء بالعالم ، لذلك حصلت على ميدالية سيرز الذهبية للأمم المتحدة عام ١٩٧٥م. ثم شاركت في الانتخابات العامة السودانية في أبريل ٢٠١٠م باعتبارها أول مرشحة لرئاسة الجمهورية في البلاد. وغيرهما الكثير المثير الخطر عن قدرات وأدوار وعظمة المرأة السودانية ، التي يفجعها أبناء الشيخ زائد بمؤامرتهم الخبيثة هذه عليها وعلي وطنها وأهل وطنها. ومعلوم أن الديمقراطية لم تجرب أصلا في الأمارات، بل حتي الحديث عنها والمطالبة بها ربما يُعاقب عليه بحِدة ، وعليه ، ففاقد الشئ لا يعطيه، وكفي. فالمرأة السودانية ، إذن ، لا يمكن أن تكون قناعا لتخفوا به محاولاتكم البائسة لتجميل غدر أبناء الشيخ زائد المميت بالمرأة السودانية وسلامة ووحدة وطنها وسلامة أهله وممتلكاتهم ، وبس. أما وجود بعض السودانيين وبعض السودانيات تلميعا لزجاجهم فهم فقط يتناسون أن دارهم في الأصل زجاج قابل للكسر في أي لحظة ، أما وطنهم السودان حتي لو تكسر ولم يحاسبوا جنائيا فالتاريخ لا ولن يرحمهم.
للعلم ، ورد في الأخبار قبل حوالي يومين أن جسر أبناء الشيخ زائد الجوي قد عاد في الأيام القليلة الماضية لدعم الميلشيا الارهابية المتمردة عبر دولة تشاد مجددا بعد فتح معبر ادري الحدودي بحجة دخول المساعدات الانسانية. وتم ذلك أيضا بالطائرة الإماراتية المستأجرة من قيرغيستان اليوشن-76 والتي تحمل ترميز EX-76019 لانجمينا بدولة تشاد ومن ثم الى امجرس ومنها لبقايا المليشيا المتمردة. والشعب السوداني يتابع عن قرب مثل كل هذه الخبائث ، أيا كان مصدرها.
إجمالا ، جمع الشيخ زائد وزعماء الأمارات الأخري ، عطر الله ثراهم ، شمل دولتهم ، وبنوا لها أساسها متينا بدعم محب من شعوب منطقتهم ، فأزدهرت ، وبنوا علاقات حسن جوار كانت أنموذجا للمحبة للشعب الأماراتي عامة ، وتوجت الشيخ زائد شعبيا حكيما للعرب. لماذا لا يراجع أبناء الشيخ زائد ، حتي تراث والدهم هذا؟ وواقع دولتهم شديد الهشاشة ، لماذا يتوهمون بقدراتهم المالية وضع الدول العظمي؟ فحقيقة واقعهم أن دار فور فقط ، مثلا ، تفوق دولتهم بأكثر من خمسة أضعاف مساحة ومواطنين ، وهي ليست حصيلة جمع سبعة أمارات. وعليه ، وفي واقعهم الأمني شديد الهشاشة هذا ، واستحكام عداء شعوب المنطقة لهم ، فهل يكون مستغربا إذا كانت نهاية حكمهم شنيعة مثل نهاية أدولف هتلر ومعمر القذافي مثلا؟ وهل يمكن أن تكون هذه النهاية المأساوية عبر رد قاسي أو بطريقة تماثل طريقة غدرهم بهذه الشعوب ، أو بواسطة هجمات عسكرية من هذه الشعوب التي انتهكوا سيادتها وعملوا علي تدمير أوطانها مع واقعهم الأمني الهش تماما هذا؟ أو عبر محاولات داخلية ، فهي مجموع سبعة أمارات صغيرة ، كما وأن لهم سوابق تاريخية في ذلك؟ أو عبر تغيير الوجوه الحاكمة اليوم بآخرين يكونون أكثر قبولا في المنطقة ، عند تضارب المصالح الدولية؟ أو عبر غضب شعبي لهذا السبب أو ذاك؟ .
كثير من التجارب التاريخية تثبت أن توهم القوة الخارقة من واقع مُعاش هش أمنيا ، والتي تقود طبيعيا لواقع عدائي مدمر في المحيط بها وغيره ، تنتهي قياداتها ، وأوطانها ، نهايات شنيعة ، وما أدولف هتلر ومعمر القذافي ببعيد. أليس من عودة لأبناء الشيخ زائد لعهد والدهم؟ أليس فيهم من فرد رشيد؟ فمع كل ذاك الغدر المُهلك ، فأن يبادروا ويعالجوا ويتركوا ندوبا غائرة في جسد (اشقائهم!!!) ، لهو خيرا كثيرا لهم من أن تتواصل جروح أشقائهم النازفة غدرا بهم. وكما تدين تدان بطبيعة الحال. ولله في خلقه شؤون.
وختاما ، فطبيعيا ، يتوقع ألا يلين موقف الشعب السوداني ضد غدر أبناء الشيخ زائد الفادح به. ولن يتركوا حقوقهم لا لدي أبناء الشيخ زائد ولا غيرهم. ولن يقبل الشعب السوداني لا بوجود عسكري ولا سياسي لمليشيا آل دقلو الإرهابية ، ولن يرضي عمن وقف مع أعدائه مسحا لجوخهم ، وتجميلا لقبيحهم ، أيا كانت مبرراته ، والتاريخ لم ولن يرحم..
والله تعالي أجل وأعلم

[email protected]