بالإحتكام للإسلام ِ هل أخوان مصرأفضل حظا من اخوانهم في السودان؟

لفترات طويلة ظل الأخوان المسلمون في السودان في السلطة .شاركوا غيرهم الكراسى سنين عديدة وحكموا منفردون لعقود.تمكنوا من السلطة ومارسوا حكم شمولي استبدادي.فعلوا كل ما يفعله الدكتاتوريون. إعتقال وإعدام وتعذيب وتشريد وتضييق ومصادرة وقمع وسلب للحقوق ونهب للاموال. الديكاتورية هي الديكتاتورية والظلم هو الظلم سواء قام به شيوعيا أو إسلاميا عسكريا أو مدنيا أو غيرهم. السطة فتنة للطامحين وغشاوة للمترددين.إذن حكم اخوان السودان زمانا ظلموا فيه. ركزوا كل جهودهم على جمع الأموال وكنزها .فسدوا و أفسدوا . جمعوا وكدسوا.أغروا وغيروا.حدث ذلك عبر سنين طويلة.تجاوزت ثلث قرن من الزمان في حكم السودان. انفردوابالحكم اربعة وعشرين عاما وشاركوا مع نميري ثمان سنوات واربعة سنوات في الفترة الأنتقالية والديمقراطية في الثمانيات.
في مصر ظل الأخوان خارج السلطة أغلب الوقت. عدا في بعض السنوات بمشاركة محدودة في أواخر عهد مبارك. لكنهم تمكنوا من السلطة تماما عقب الثورة الأولى في 25 يناير 2011 م. حاول الإخوان بقيادة مرسي في عام فعل ماقام به اخوانهم في السودان في ثلث قرن. خروج الشعب المصري للشوارع بهذه الأعداد الضخمة دليل على وعى كامل بخططهم. تعطّش الأخوان للسلطة اوقعهم بسهولة في شر حبائلها.اسرعوا يعبون منها بغير إعتدال.هذا أحال دواخلهم بسرعة إلى ألوان أخرى غير ألوان الحق و العدل والسلام الناصعة.ظهر ذلك جليا في المناشدات العديدة التي وجهتها لهم القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشعب المصري بمختلف أطيافه. لكن اخوان مصر رفضوا كل شيئ. مشاركة السلطة .الإعتدال في الحكم .الرجوع عن قرارات خاطئة. سعوا لتمكين أنفسهم بكل الطرق غير عابئين بالديمقراطية التي أوصلتهم لسدة الحكم.النتيجة كانت مؤسفة .ثورة شعبية ضد حاكم منتخب يسعى لديكتايورية مدنية.كان لهذا اثره البالغ والمؤلم على جماعة الأخوان في مصر. تدحرجت الجماعة بصورة مريعة في كل الجوانب.فكريا وتنظيميا وإجتماعيا وماليا. أراد الأخوان المسلمون في مصر كل شيئ وفقدوا كل شيئ.
لكن بما أن لكل مسألة جانبها المشرق.فإن لهذه النكبة التي حدثت للأخوان جانب مشرق. بإرجاع الأمر كله للمبادئ التي يحتكم لها الأخوان. فإن للجماعة بإذن الله حسناتها الكثيرة قبل الوصول للسلطة. لقدعملت وسط الفقراء في الأرياف.مع غيرها ازالت الجهل لدى البعض. زادت الوعي الديني للكثيرين.أوجدت صداقات وعلاقات قوية بين الناس.ساعدت الكثير من الأسر في زيادة مداخيلها. فعلت ذلك لسنوات طويلة. كل ذلك يحسب لها .لكن عام واحد في السلطة كان كفيل بمحو الكثير من هذه الأعمال الطيبة .السلطة فتنة تسرع بالحكام إلى الظلم. والظلم يبدأ صغيرا . ينتشر ويستفحل بتبريرات الإنتهازين ومداهنات المنافقين.حين يكتشف الحاكمون ذلك تبدو العودة صعبة رغم انها ممكنةبالتوبة والإعتراف وإرجاع الحقوق وطلب العفو. غالبا لا يحدث هذا . هنالك العناد والعزة بالإثم. والأموال التي بُددت.والجاه والمكانة التي وصل إليها الحكام.ومن النادرأن يفعل حاكم في العالم العربي ذلك.أن يتوقف ويتوب ويطلب عفو الشعب ويجتهد في إصلاح أخطائه. أو على الأقل المحاولة بنية صادقة.
إذن ربما هذه النكبة التي تعرض لها اخوان مصر أفضل لهم من فتنة السلطة وغشاوتها .فتنة تغريهم بالظلم وأخذ أموال الناس بالباطل .غشاوة تفسدهم وتجعلهم يفسدون . على عكس ما يتخيلون فإن السلطة كانت كفيلة بمحو حسناتهم بدل من أن تزيدها.
يمكنهم التأكد من ذلك بتتبع مسيرة إخوانهم في السودان.كانوا حتى قبيل إنقلابهم في 1989 م جماعة منظمة عفيفة تعمل من أجل ان تسود قيم السماء الفاضلة. وانظروا لها بعد ربع قرن في الحكم منفردة بالسطة.
الإخوان خارج السلطة يمثلون معارضة وفعالة ومثمرة .يظهر ذلك بوضوح في العمل المستمر من أجل الإصلاح . التنبيه للخلل .تقديم البدائل المفيدة. لكنهم داخل السلطة إستبداديون إقصائيون مفسدون. ليس هذا فحسب بل يستخدمون موارد الدولة لإفساد الكثيرين من افراد الشعب.كما انهم ومن خلال فقه الضرورة يصدرون العديد من الفتاوى التي تبرر لهم أفعالهم.وصل ذلك حد استباحة الربا.
الأخوان المسلمون في المعارضة صمام امان وضمير المجتمع. سنده ضد عسف الطغاة وفساد الأثرياء. تلمس للضعفاء ومساعدة للفقراء .هذه أمور تتاح لهم بسهولة بحكم وجودهم وسط الشعب ومعايشتهم لمعاناته . لكن ما أن يعتلوا كراسي الحكام حتى يفرون بعيدا بعد ان كانوا ينفرون لخدمة الفقراء والمساكين .يقصون غيرهم ممن يقدمون الخير للشعب. يظلمون ويعتدون و يفسدون.
إذن خير للأخوان المسلمون أن يجمعوا الحسنات وهم خارج السلطة من أن يفقدوها وهم بداخلها.
اللهم وفقنا لما تحب وترضى
منير عوض التريكي
[email][email protected][/email]