غياب الكتاب وانتشار الثقافة الإلكترونية.. لمن المستقبل؟ بدائل النصوص الورقية

أسماء عبد الله أحمد
مثل كل الأحلام الكبرى التي بزغت منها مشاريع عملاقة أدت إلى تطوير مجتمعاتنا، إن الثقافة هي وسيلة الشعوب لتحقيق التقدم والتنمية بما لها من قدرة على تحويل المعارف المختلفة إلى سلوك متحضر، وإعلاء قيم العمل والإنجاز وإشاعة روح التسامح والحرية والسلام التي دعت إليها جميع الأديان بهدف أن تكون ثقافة المحبة بتأصيل عادة القراءة، وحب المعرفة، لذا فإن وسيلة المعرفة الخالدة هي الكتاب الذي يساهم في إرساء دعائم التنمية، وتحقيق التقدم العلمي المنشود والمطلوب. ولكن مع ظهور عصر العولمة أو عصر المعلوماتية أصبحت تتلاشى الحاجة لكتب وأصبح الإقبال عليها ضعيفاً جداً.
التأثر بالصورة والضوء
فهل تصبح وسائط الاتصال الحديثة هي بديلاً للنص الورقي المكتوب؟ الإجابة بالطبع لا.. لأنه لا توجد وسيلة اتصال يمكن أن تلغي الوسيلة التي قبلها، بينما جاء التلفزيون فلم يلغِ الراديو كوسيلة اتصال، ولكن تظل المسألة نسبية، حتماً إن الغالبية من جمهور الانترنت نجد أن فئة الشباب الأكثر اهتماماً بالجلوس خلف الشاشات الإلكترونية، وبالتالي أكثر الفئات تأثراً بالصورة الموجودة في فضاء الشبكة العنكبوتية.
وعند طرحنا للتساؤل أعلاه، قال أحمد قاسم إن ظهور وسائل الاتصال الحديثة أثرت تأثيراً بالغاً الحد في معايير القيم الإنسانية، أيضاً يضيف أحمد أن كل الدراسات الانثربولوجية وعلماء الاجتماع أشارت إلى أن العولمة هي خلصت مساحات التواصل الإنساني بقدر ما فتحت رحاب آخر للتواصل لا يعترف بالحدود الجغرافية ولا المسافات.
موجات قصيرة وانطلاقات طويلة
اختفت وسائل الاتصال كالبريد واختفت الرسائل الورقية وظهر بدلاً عنها الرسائل الإلكترونية وهي أقل حميمية، وهذا يقودنا إلى نقطة مهمة جداً هو أن مجتمع الثورة المعلوماتية هي مجتمع يميل إلى الانغلاق، ويميل أيضاً إلى الولع بالصورة أكثر من الكلمة المكتوبة، وهنا يأتي سؤال مهم جداً، وهو: تكنولوجيا العولمة هل هي وسيلة للتواصل أم الانكفاء على الذات؟ نجد أنه عندما اخترعت الموجات القصيرة انعزل المواطن داخل حدود دولته عندما اكتشف التلفزيون وخلصت مساحات التواصل الإنساني أكثر فأصبح الإنسان حبيس بيته عندما ظهر الكمبيوتر والشبكات تقلصت مساحات التواصل الإنساني أكثر فأكثر، وأصبح الإنسان حبيس غرفته، ومن هنا يتضح أن مجتمع المعلومات عموماً هو مجتمع يميل للعزلة والانغلاق.
إحالة اقتصادية
*مجتمع الانترنت مجتمع لا يستجيب مع النص المكتوب.. أيضا أن مجتمع الانترنت هو مجتمع يميل إلى الصورة، ويبحث عنها، حتى أصبت تمثل لغة اتصال بديلة عن الكلمة المكتوبة والأخيرة لها دلالاتها، وهي أصلاً توقعات ومخاوف آثارها علماء الاجتماع .
ويجيب سعد عبد الرحيم صاحب مكتبة ثقافية: السبب الأساس هو الوضع الاقتصادي، فدخل الفرد لا يكفيه حتى يشتري كتاباً، فأصبح الكتاب غير مهم ودائماً ما تزدهر أسواق الكتب في مواسم المدرس فتشهد إقبالاً كبيراً على الكتب، كما أوضح أن سعر الكتاب يتراوح ما بين 35-70 جنيهاً فأغلبية الكتب تأتي من مصر وتفرض عليها جمارك، لذلك يرتفع سعر الكتاب، فيلجأ الشباب إلى الانترنت كوسيلة أسرع للوصول إلى ما يريد، وناشد أن تكون هنالك أسواق مركزية تشمل كل أنواع الكتب حتى لا تكون متأثراً يصعب القراءة للوصول إلى ما يريدونه.
يرى إبراهيم عبد الرحيم أن شراء الكتب يتطلب الزمن والمادة، وقد لا أجد ما أطلبه، أما بالنسبة للانترنت فهو لم يأخذ أي زمن، ويقول آخر لم يذكر اسمه “يا أستاذة هو الانترنت ترك شيء عشان افتش لى كتاب؟”. وأضاف أن الكتب في حد ذاتها لم يكن لها أسواق مركزية والبحث عن كتاب قد يستغرق زمناً طويلاً ولا تجده إلا بعد بحث مضن وقد لا تجده، لذلك لعدم مكتبات متخصصة ومراكز تهتم بتوزيع الكتب بأنواعها المختلفة سواء أكانت أدبية أو أكاديمية أو علمية أو أي ضرب آخر من ضروب الكتب.
بعض من الحضور البهي
إلى ذلك، قال الشيخ علي صاحب مكتبة بأم درمان يجب أن تكون هناك كتب تباع بأسعار رمزية حتى تنعش نفوس الشباب من جديد، وينتابهم الإحساس بالفخر بما يتوافر لديهم من كتب تشكل جسراً بين ماضيهم وحاضرهم، وتصل بين حاضرهم ومستقبلهم، كما تبعث فيهم روح الانتماء القومي بهويتهم وتنير ظلمات أفلاكهم لحقب طويلة من الزمان، وتضع على ساريات أعلامها بعض أعمدة الحضارة المعاصرة. وأشار إلى أن السبب الرئيس هو الوضع الاقتصادي الذي تسبب في الأزمة المستفحلة التي عمت جل البيوت السودانية.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..