قبل الطوفان.. هل لي من كلمة حق!ا

في السياسة:

قبل الطوفان.. هل لي من كلمة حق!!

د. هاشم حسين بابكر
[email protected]

وفي الوقت الذي لا تحتاج فيه البلاد إلا لكلمة الصدق وهي على شفى حفرة من الضياع، كلمة صدق واحدة نلاقي بها الله، لا أمريكا ولا مجلس الأمن ولا المحاكم الدولية فهؤلاء من أوردونا سوء العذاب في الدنيا والآخرة أدهى وأمر!!
بقي شهر أو يزيد قليلاً حتى ترسم الخارطة الجديدة لدويلات جديدة كانت تجمعها فيما مضى خارطة جغرافية تحت مسمى السودان، وتدخّلت السياسة العالمية بعد أن فتحت لها ما يسمى باتفاقية السلام الشامل لتغير الجغرافيا وترسم خارطة سياسية جديدة في قلب إفريقيا.. في السياسة العالمية إن لم يرتب الحاكم أمور بلده، فسوف يأتي من يقوم بعملية الترتيب ولكن كما يشتهي هو لا كما يشتهي الحاكم، فإن خالف الحاكم فالمصير معروف ومحتوم ولنا في العراق والآن في ليبيا واليمن دروس وعبر..!!
كثير من حكام المنطقة عاشوا ويعيشون حياة كاذبة زيّنها لهم الشيطان وتحت تهديد وسطوة الشيطان الأكبر الذي يعرف باسم أمريكا!! ونسوا المعنى العظيم للمبتدأ والخبر الذي تجسّد في جملة من كلمتين «الله أكبر».. الدروس تمر على الأنظمة العربية ولكنها لا تعتبر، بل تظل على غيها تمارس القبضة الأمنية التي لم تنقذ نظاماً طاغياً، وحين تغيب السياسة تسود القبضة الأمنية ويسود الظلم والفساد. وغياب السياسة يدخل البلاد مهما كانت من القوة في حالة من الضعف يجعل الآخرين ينبذوها ويطمعون فيها، غياب السياسة أصبح أكبر مهدد لبقاء البلاد جغرافياً وسياسياً!!
فالذي يعتمد على القبضة الأمنية لا يقرأ التاريخ ولا يستنبط من أحداثه العبر، وارجع بكم إلى الوراء كثيراً حين تم اكتشاف منابع النيل في العام 1864 حين اكتشفها كابتن ريتشارد بيرتون وكابتن مارتن سبيك.. بيرتون كان أول أجنبي غير مسلم يدخل مكة متنكراً في زي مسلم «1854» وكلا الرجلين من أعضاء المحفل الماسوني..!!
خرج الرجلان بعد الاكتشاف بحقيقة يعمل حتى اليوم الاستعمار بها وكانت هذه الحقيقة أن الهيمنة على منابع النيل تعني الهيمنة على كل الدول التي يعبرها ذلك النهر.. التحكم في المنزل الإلهي الذي جعل منه كل شيء حي.. ومن أدوات التحكم هذه خرجت علينا مبادرة حوض النيل التي تلغي الحصص وتجعل دول الحوض شريكة في أي مشروع يقام في أي دولة من دول الحوض.. السودان أكبر دولة من دول الحوض ويمثل 26% من مساحة كل الحوض كيف يستقيم عقلا أن تشارك بوروندي وإريتريا وهم جميعاً لا يمثلون 1% من مساحة الحوض. ثم يأتي من بعد ذلك قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية والذي تأتي في المادة الثانية منه الفقرة ج ما يلي:
«يقصد بـ «دولة المجرى المائي» دولة طرف في هذه الاتفاقية يقع في إقليمها جزء من مجري مائي دولي، أو طرف يكون منظمة إقليمية للتكامل الاقتصادي يقع في إقليم دولة أو أكثر من الدول الأعضاء فيها جزء من مجرى مائي دولي..!!
يعني أن أي دولة في العالم تقيم تكاملاً اقتصادياً مع دولة من دول الحوض تعتبر إحدى دول الحوض، يعني يمكن أن تكون إسرائيل وأمريكا وتايلاند وجزر المالديف والكاريبي وكل العالم من دول حوض النيل يفعلون به ما يشاؤون.. إنها الهيمنة على منابع النيل التي تحدث عنها بيرتون وسبيك قبل أكثر قرن ونصف.. هل اطّلع نظام الحكم على هذه الخدعة التي تمكن للهيمنة والتي ستقضى حتى على سيادة ووحدة السودان، لا أظن فإنه يعتبر هذا ضرباً من ضروب الخيال والمستحيل، بل وصل الأمر الى حد تفتيت والغاء وزارة الري المنوط بها إدارة أغلى ثروة في البلاد.. واليوم كل المشاريع المروية في حالة يرثى لها، بل إن الصدامات بين المزارعين والشرطة هي التي تسود والبلاد في انتظار أن تنتج هذه المشاريع الغذاء خاصة وقد ذهب البترول كثروة أساسية اعتمد عليها دون غيرها.. لا تفكر الدولة في الأعمدة التي اعتمد عليها اقتصاد السودان منذ أن صار دولة وهي الزراعة متمثلة في مشروع الجزيرة والمشاريع المروية الأخرى والنقل الذي يقوم بنقل هذه المنتجات إلى الأسواق وموانئ التصدير واقصد بذلك السكة الحديد..!!
يفكر البعض في تعويض من حول أكبر محطة تجميع للقطارات في إفريقيا وحولها إلى موقف حافلات واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، و هكذا يتم القضاء على أحد أعمدة الاقتصاد القومي الذي هو السكة الحديد..!!
وفي أي بلد آخر من يقتلع مسماراً واحداً من خط حديدي يقطع عنقه ولكننا في السودان نطالب بتعويضه وقد اقتلع خطوطاً بأكملها واضعف قدرة النقل إلى أدنى درجاتها..!!
في خمسينيات القرن الماضي كانت السكة الحديد تنقل سنويا ثلاثة ملايين طن، أما اليوم وبعد أكثر من ستين عاماً تحاول نقل 01% من هذه الكمية ورغم ذلك تعجز السكة الحديد أن تنقل ثلاثمائة ألف طن، من السبب في هذا التدهور المريع..؟
السودان الذي قالوا عنه سلة غداء العالم تحول إلى وادي غير ذي زرع رغم أنف النهضة الزراعية وما سبقها من مسميات ما أنزل الله بها من سلطان..!!
ومن الأمور الخطيرة على بقاء السودان ذلك التفكك الاجتماعي الذي حدث وتلك العداوات والاحتكاكات بين القبائل في الشرق والغرب والشمال والجنوب.
لمصلحة من افتعال الاحتكاكات القبلية وإحياء نعرتها المقيتة..؟ والنعرات القبلية هي أكبر عدو لوحدة البلاد وأكبر عامل لتفككها، وما يحدث في شرق البلاد خطير ومدمر فالقبائل بالحد الأدنى من الخدمات يمكن أن تعيش في وئام وهي خدمات أساسية وضرورية تتمثل في خدمات المياه والصحة والتعليم وهي من حقوق الإنسان الأساسية التي لا يحفل بها السياسيون، الذين يطالبون بالحرية، والحرية دون تعليم ودون صحة تعني الفوضى.. إن الشعوب قد تبلغ مرحلة اليأس السياسي ولهذا اليأس نهايتان أولاهما أن يبلغ مداه فينقلب إلى ضده، الى امل يبعث الارادة للتغيير وفق قيم محددة يؤمن بها وهذه مستبعدة فالثورة تحتاج إلى إرادة سياسية!! والحالة الثانية وهي الاقرب للحدوث هي ثورة الغوغاء التي تفتقر الى الحكمة والكياسة وما يجعل الاحتمال الثاني قائماً وجود عناصر اجنبية بكثرة من دول الجوار وهذه العناصر ليس لديها ما تخسره،فهي عناصر غير متعلمة جاءت لكسب العيش وليس لها قاعدة علمية ترتكز عليها بالاضافة الى انها جاءت بثقافتها المغايرة وبأمراضها غير المعروفة وبجريمتها الغريبة علينا وأخلاقياتها الوافدة على أخلاقياتنا والتي تتقاطع معها.. إن حل هذه المعضلة السياسية الخطيرة والأزمة المدمرة يقع على النظام الحاكم ومسؤوليته الكاملة تقع على رأسه، فبعملية جراحية بسيطة وليست معقدة كما يظن البعض ويكتب يمكن تكوين حكومة انتقالية تتكون من التكنوقراط ليبنوا ما تهدم، حكومة مختصرة الوزارات محددة المسؤوليات، تكافأ إن أحسنت وتحاسَب إن اخطأت، وبعدها تقوم انتخابات برلمانية، تجعل من نظام الحكم برلمانياً لا رئاسياً فقد أثبتت التجارب أن النظام الرئاسي له مثالبه الكثيرة ولنا فيما يدور حولنا العبرة والدروس..توقوا ثورة الغوغاء ولا تخشوا امريكا ومجلس امنها وتذكروا يوم يفر المرء من اخيه، أحد، فهل أنتم منتهون..!!؟

تعليق واحد

  1. فعلا الميته مابتسمع الصايحه!!!! سيقود البشير كماسياد بري السودان الي قاع الهاوية التي نخن قي حافتها!! فعيونه مسمرة الي امريكا وهي تهز له خيال ماتة الجنائية لايدري ان الطوفان تحت ارجله ليس من الخارج!!!! فكيف سيقتنع مع الذين يزيننون له الامر حتي الغرق!!!!

  2. هذا الخطاب يوجّه لمن كانت فيه ذرة من الوطنية او الخوف علي السودان , الامر الذي لا ينطبق علي هذه الحكومة .

    هذه الحكومة ليس لديها مانع في تفتيت السودان او بيعه بالجملة والقطاعي لتظل في السلطة .

  3. يا دكتور كلامك سليم الله ينور عليك.
    فهؤلاء اذا فيهم ذرة عقل لكانوا عرفوا هذا الكلام واذا فيهم ذرة رحمة لكانوا اعلنوا فشلهم ورحلوا عنا.
    فى تقديرى ان هؤلاء لا يتورعون ولايهمهم الا مصلحتهم واكبرها السلطة. الان هم اشد الانبطاح للخارج لامريكا والدول الغربية ودول الجوار لان فى تامينهم الجبهات الخارجية بالانبطاح والعطاءات والمكرمات المنهوبة من الشعب. ومن ثم الضغط الداخلى على اى حراك واخماده فى الحال. الان هم يدرسون كل السيناريوهات المحتملة لتثبيتهم فى السلطة اخذين عبر ليبيا واليمن وسوريا. ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. فلنكن مع الحق لان امره بين الكاف والنون…

  4. احيانا ينتابني شعور ان من يحكموننا الان ما هم الا عملاء لجهات يعلمونها جيدا ويقومون بتنفيذها بدقة وذكاء نادرين لتفكيك الدولة السودانية بأشاعة النعرات القبلية والعنصرية و….هلم جرا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..