مقالات وآراء

ما بين بول كاغامي وحمدوك: عزيمة شعب وارادة وطنيّة حرّة..

علي جعفر

✍️ *”لم نأتي لننتقم وإنما أتينا للسلام، وسنمسح دموعنا بيدٍ، ونبني باليد الأخرى بلادنا”..*

*هذه أول العبارات التي أطلقها رئيس الوزراء الرواندي بول كيجامي بعد توليه هذا المنصب…، وحقق بول وعده لشعبه في التنمية، فكانت رواندا الجديدة التي تُضاهي عواصم أروبا وآسيا حضارةً وحداثة.. فماذا كان قول رئيس وزرائها بول كيجامي بعد هذا النجاح..؟*

✍️ *لقد ردّ فضل كل النجاح الذي حققته رواندا لصانعيه الحقيقيين، فكانت عبارات الاحتفال بنجاح التنمية التي حققتها رواندا على لسان القائد بول كيجامي كالاتي: “إذا كانت بلادنا قد أحرزت المكانة الاولى في إفريقيا، ولفتت أنظار العالم بأثره، فليس ذلك بوجود الفاتيكان او الكعبة او البيت الأبيض او تاج محل عندنا، ولا لأن عندكم بول كيماجي كرئيس.. بل إن السبب هو أبناء رواندا وبناتها..”*

✍️ *صراع دموي قبلي راح ضحيته مليون رواندي بين قبيلة الهوتو والتوتستي، أُسر بأكملها أُبيدت، وأطفال ونساء قتلوا وأُحرقوا.. ورغم ذلك استطاعوا في فترة وجيزة تجاوز كل هذه المرارات والمآسي وسامحوا أنفسهم وحذفوا ماضيهم المرير، وعاهدوا أنفسهم على بناء بلادهم، فنشروا مبادرات السلام والحب والتسامح وحققوا الوحدة والاندماج المجتمعي وغرسوا الحس الوطني في نفوسهم.. وبدؤوا العمل الجاد فحققوا التنمية لبلادهم..*

✍️ *ونحن مازلنا نتجادل في الهوية ونمارس السياسة عبر القبيلة ونلجأ للاصطفافات القبليّة والحزبية السياسيّة والوطن أهون ما يكون في ناظرينا، ورئيس حكومتنا ومجلس سيادتنا ايمانهم بآمريكا ومساعدات الغرب أكبر وأعظم عندهم من ايمانهم بمقدرات شعبهم وموارد وطنهم، فافتقدوا الارادة الوطنيّة الحرّة، ولهثوا خلف الأجندة الاقليمية الدولية، وأطفالنا وأجيالنا ينظرون الينا نظرات الخوف من واقعهم المرير والقلق على مستقبل مجهول.. وحتى التعليم قد أغلق في وجوههم أبوابه..*

✍️ *نحن شعب لم يعرف طريق الحب والتسامح، ومضى بروح الجهل والتخلف في درب العنصريّة البغيضة، متسلّحاً بالتشفي والانتقام ونظرة “الأنا.. وما أُريكم الّا ما أرى” وأصبح يلفظ بعضه بعضاً، ويتهم بعضه بعضاً بالفساد، وصارت الانتماءات الوطنية بين سكانه محل شد وجذب واتهام..*

✍️ *ليس عيباً ولا هو مخالف للقانون أن تمتلك هويتين أو ثلاث.. أو جوازات سفر أجنبيّة، فهذا أمر موجود بكل العالم وقانوني ولا غبار عليه، وليس بموضع جدل ونقاشات، ولكن العيب هو أن تكون بلا حس وطني وبلا روح انتماء وبلا ولاء صادق لوطنك الأم، ونحن كشعب افتقدنا الولاء للسودان، وصار عشقنا للمال وملذات الدنيا، ففارقنا انتمائنا للحق وايماننا بقضايا الوطن وفضلّنا أن نصطفّ حزبياً وقبليّاً وبعنا حقوق أجيالنا في سوق مصالحنا الشخصيّة..*

✍️ *”قريباً ستكون عندنا أفضل جامعة في العالم، تنافس جامعات نيويورك وهارفارد ومدرسة لندن للعلوم الاقتصادية”*
*في الوقت الذي يعد فيه رئيس الوزراء بول كيجامي شعبه بهذا الوعد، يقف البعض في بعض ولايات السودان وقفات احتجاجيّة، مطالباً بأن تكون التعيينات الادارية والاكاديمية بجامعة الولاية لأبناء الولاية فقط، ضارباً بذلك فرصة التنافس الأكاديمي ومهنية التأهيل عرض الحائط لباقي السودانيين، وكأنّ هذه الولاية خارج الحدود السودانيّة..!!*
*وتسحب وزيرة التعليم العالي حق توثيق الشهادات وفحص جودتها ومصداقيتها من الوزارة الاتحاديّة لتمنحه حقاً لكل جامعة على حده، لتضيع بذلك وحدة معايير التدقيق والفحص العلمي المُوثّق، فيكون سهلاً بذلك التزوير والتزييف وتصبح جودة الشهادات الجامعية السودانيّة موضع شك واتهام..!!*

✍️ *في ظل هذه الأوضاع المترديّة لن نعشم في تنمية وتأسيس دولة السودان الحضاريّة، لافتقادنا لأهم عوامل بنائها وهو روح الانتماء والحس والولاء الوطني، الذي يجعل اهتمامنا بقضايا الوطن أكبر من انصرافنا لمصالحنا الشخصيّة واكبر من انتماءاتنا القبليّة والسياسيّة..*

✍️ *السيد د.عبدالله حمدوك، مالم تدعو لمصالحة وطنيّة جامعة وانسجام مجتمعي فعّال، فلن نعبر وننتصر على الجهل فينا..*

✍️ *علي جعفر*

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..