غير مصنف

هدم مقابر القاهرة التاريخية: مبادرات لتصوير تراث المنطقة قبل هدمها المحتمل

هدم مقابر القاهرة التاريخية: مبادرات لتصوير تراث المنطقة قبل هدمها المحتمل

  • عبد الرحمن أبو طالب
  • بي بي سي – القاهرة

التعليق على الفيديو،مقابر القاهرة التاريخية: مهتمون بالتراث المصري يوثقون معالم قبل هدمها المحتمل

“إذا هدمت هذه المقابر، لن يكون لدينا ما نريه للأجيال القادمة سوى هذه الصور أو المقاطع التي نصورها” يقول مصطفى الصادق، خلال تجوله بين مقابر مهددة بالهدم في القاهرة القديمة.

الصادق هو طبيب مصري مهتم بالتراث، كثف هو وزملاؤه جهودهم مؤخرا، لتصوير كل ما يقابلهم من مقابر تراثية في منطقة الإمام الشافعي بالقاهرة، حيث تواصل السلطات المصرية هدم المقابر هناك، في إطار خطة حكومية لتطوير شبكة الطرق.

قبل نحو عامين، أعلنت محافظة القاهرة عن نيتها إزالة نحو 2700 مقبرة بالمنطقة، وبدأت بإزالة بعضها، وهو ما أفزع أهالي الموتى المدفونين هناك، وأثار اعتراضات مهتمين بالتراث.

وقبل نحو أسبوعين عادت لاستكمال تنفيذ الخطة، وهدمت مئات المقابر هناك، من بينها مقابر شخصيات تاريخية.

“هنا تعلمت التاريخ”

بدأ اهتمام الصادق بالمنطقة التي تعرف باسم القرافة، أو مدينة الموتى، قبل نحو 10 سنوات. كان يتجول فيها أسبوعيا، ويعرف أين دفنت معظم الشخصيات الهامة. صار يزور المنطقة كل يوم منذ علم عن احتمال إزالتها.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة

قصص مقترحة

قصص مقترحة نهاية

يقول إنه تعلم التاريخ بسبب جولاته في المنطقة “هناك شخصيات لم أعرفها إلا من شواهد القبور، لأنهم لم يرد عنهم الكثير في الكتب”.

ويشير إلى أحد القبور قائلا “هنا دُفن حقي العظم أول رئيس وزراء لسوريا بعدما صارت جمهورية. يدعي موقع ويكيبيديا أن العظم مات ودُفن في سوريا، لكنه مات هنا ودفن هنا. هذا شاهد قبره، هذا هو الدليل على أنه دُفن هنا. عندما يهدم هذا الشاهد سيختفى معه هذا الدليل”.

“تاريخ معرض للضياع”

خلال إحدى الجولات بين القبور المهدمة، اكتشف الصادق وزملاؤه شاهد قبر يبلغ عمره نحو 1200 عام، فقاموا بتسليمه للسلطات.

“كان من الممكن أن يضيع هذا الأثر، كم من الشواهد ضاع أو ربما يضيع، لو لم ينتبه أحد” يقول الصادق.

ويقول الصادق “من الأشياء الكثيرة التي أخشى عليها من الضياع مقابر العائلة المالكة لمصر في حقبة الملكية، والمباني الضخمة، الشواهد المنقوشة بالخط العربي التي نفذها فنانون من أصحاب الأعمال القيمة”.

يمكن للسائر في مدينة الموتى أن يلاحظ القباب التي تعلو كثيرا من المقابر، والزخارف الإسلامية التي نُقشت على أسوارها، والعبارات التي كتبها خطاطو العصور السابقة على أبوابها.

وتضم القرافة مقابر الإمام الشافعي صاحب المذهب الفقهي الإسلامي المعروف، وغيره من فقهاء الدين الإسلامي وصحابة النبي محمد.

كما دُفن بها المئات من رموز مصر خلال القرنين الأخيرين، مثل أسرة محمد علي باشا، والذي يُعرف بكونه مؤسس مصر الحديثة.

“يجب أن تبقى هذه المدافن، وأن تُعامل كمتحف مفتوح يزوره الناس من كل أنحاء العالم. وإن كان لا بد من بناء طريق في هذا المكان فينبغي نقل تلك المدافن إلى متحف ما، وأن يتم الحفاظ عليها بأي طريقة” يضيف مصطفى.

وعود بالحفاظ على الآثار

خلال إحدى جولاته في القاهرة العام الماضي، وعد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالحفاظ على المقابر التراثية ومدافن الشخصيات التاريخية.

كما كررت وزارة الآثار تأكيدها على عدم هدم أي مدفن أثري.

لكن هذا لا يحمي كل مقابر المنطقة كما يقول مختصون، فمعظم المقابر التراثية غير مسجلة على قوائم الآثار.

خلال الأشهر الماضية، تراجعت السلطات المصرية عن هدم مدفن الكاتب الكبير طه حسين، بعد تهديد أسرته بنقل رفاته إلى فرنسا.

بعدها بأسابيع، ظهر مدفن حسين وقد بقي وحيدا بجوار أحد العواميد الضخمة التي تحمل طريقا سريعا يمر من المنطقة، بعد إزالة بقية المقابر المحيطة.

“إذا اتبعنا مبدأ الحي أبقى من الميت، فما الرسالة التي نريد إيصالها للأجيال القادمة؟ ما الذي سيجعلهم يضحون من أجل البلد إذا كان مصيرهم هكذا بعد موتهم”. يقول مصطفى الصادق.

غموض حول مسار الطريق الجديد

منذ الإعلان عن هذه الخطة، يلف الغموض مسار الطريق الجديد، والمقابر التي ربما تهدم لبنائه، وهو ما ينتقده كثر من المهتمين بتراث المنطقة.

كما يتخوفون من أن تكون الإجراءات مقدمة لنقل كل المدافن من قلب القاهرة إلى مناطق صحراوية.

وتعارض منظمة اليونيسكو وبعض المهتمين بالتراث هذا المشروع، ولطالما طالبت المنظمة السلطات المصرية لتوضيح خططها بشأن المنطقة.

قبل نحو 40 عاما، سجلت اليونسكو القاهرة التاريخية، وفي قلبها مدينة الموتى، على قائمة التراث العالمي.

لكن في السنوات الأخيرة، كررت اليونيسكو شكواها من الإهمال الذي تتعرض له المنطقة، وهددت بشطبها من قائمة التراث العالمي، ونقلها لقائمة التراث المعرض للخطر.

من جانبها تقول السلطات إن بناء الطرق أمر لا مفر منه لتنمية العاصمة، التي تختنق بسبب الكثافة السكانية.

ما زال هناك أمل.. ولكن

المقابر التي يعتبرها الصادق بمثابة الصرح، لم تهدم بعد، لكن كثيرا مما كان حولها من مدافن قد هُدم.

يقول مصطفى “بينما نتحدث الآن، نسمع صوت معدات الهدم تزيل مدفنا مجاورا، معنى ذلك أنه سيحين دور هذه الصروح قريبا. أتمنى أن لا أرى هذا اليوم”.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..