البلاغة المتوحشة.. لا تقتل الإنسان الذي إستيقظ في خالد أبو أحمد

رداً على د. محمد وقيع الله نقول: إن البلاغة المتوحشة.. لا تقتل الإنسان الذي إستيقظ في دواخل الصحفي، خالد أبو أحمد..!

الطيب الزين
[email][email protected][/email]

لعل الأمانة والحوافز التي أكتب بها تقتضي، أن أكون صادقاً، وأقول، إني بعد أن فرغت من قراءة مقال مُطول ومُمل كتبه، د. محمد وقيع الله، رداً على مقال كتبه الأستاذ، الكاتب الثائر، خالد أبو أحمد، كدت أن أعنون هذا المقال، بعنوان، محمد وقيع الله، دكتور في التخلف..! لكن تذكرت إني، سبق، وأن قرأت للأستاذ طارق الحميد، رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط، مقالاً بذات العنوان، تناول فيه تصريحات أطلقها د. الظواهري قائد تنظيم القاعدة، وصف فيها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بعبد البيت الأبيض..!

والتحية للأستاذ طارق الحميد، على ذلك المقال، لأنه أعتبر، تصريحات الظواهري، تصريحات معيبة وتكشف عن ظلامية التنظيم الذي يقوده الظواهري، وعدمية ثقافته..!

وإلا كيف يكون اللون الاسود رمزاً للعبودية..؟ ولعل تلك التصريحات تعكس مستوى العقلية المتخلفة التي توجه وتتحكم في أقوال وتصرفات، مثل هذه الجماعات، التي مازالت متجذرة في عقولها ثقافات القرون الوسطى، عصور الظلام والإستبداد والإنحطاط..!

وفي تقديري، إن الثورات العظيمة التي شهدتها اميركا، وفرنسا ومن ثم انتشرت في أغلب دول أوروبا، وروسيا، ومسيرة التحرر الوطني التي خاضتها شعوب العالم الثالث، أثبتت إن العبودية، هي ليست مصيراً مرتبطاً باللون أو بالشكل، وإنما هي ظروف وشروط حياة، وكل من وجد نفسه، رزاحاً تحتها، سواء كان أبيضاً أو أسوداً، أو أصفراً، شاء أم أبى، فهو في خانة العبيد.. وبهذا الوصف والتوصيف، ربما نجد هامات وقامات، من أشخاص ودول هي في عداد العبيد..!

فالإنسان في الأصل يُولد حراً، سواء كان أسوداً أو أبيضاً، أو أصفراً، لكن ظروف وشروط الحياة وثقافة المجتمع، هي التي تكبله وتقيده، بأغلالها وقيودها، وإنطلاقاً من واقع الحال المعاش، في السودان، والثقافة الغالبة والسائدة في المنطقة، هناك مجموعات كرست لهذه الثقافة، منطلقها هو التغول والسيطرة والإقصاء، والعنصرية والتخلف.

يظهر هذا الأمر جلياً في نشأة الدولة وبقاءها ساكنة نصف قرن في المحيطين العربي والأفريقي، قائمة على عماد القبيلة والطائفة، وإن تنكرالبعض لهذه الحقيقة المُرة، كونها أسست لها ثقافة السطو والنهب التي كانت تمارسها القبائل تجاه بعضها البعض، للحصول على مصادر الموارد ومراكزالسلطة، لذلك ظلت الدولة ساكنة وعاجزة عن مواكبة حركة التطورالإنساني، التي عرفتها البشرية، في مجالاتها، السياسية والإقتصادية والثقافية والفنية والعلمية والعملية.

لذلك لا نستغرب أن تتحول دول وشعوب كانت تعتبر نفسها من أصول مميزة، الى عمال لا صنعة ولا حرفة لهم، في هذا العصر القائم على العلم والوعي والمعرفة، وربما يكونون المسؤولين عنهم في مجالات العمل ومراكز البحوث، ممن كانوا يعتبرونهم من أصول غير مميزة أو من سلالات العبيد ! وهنا أذكر تعليقاً لأحد المعلقين الذين إستضافتهم أحدى القنوات العربية، إبان حملة الإنتخابية الاميركية، بين أوباما، وهيلري ووزير خارجيته الحالية، وكان المعلق لبناني الأصل، ومن حديثه كان يبدي تبرماً واضحاً من فكرة ترشيح أوباما لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، إذ أعمته عنصريته عن قراءة المشهد السياسي الاميركي، ووجهة الرأي العام فيه، التي كانت تعكسها مؤشرات إستطلاع الرأي العام، إذ قال: والله الإنتخابات هذه المرة، تبدو غريبة بعض الشيء، لأن المرشحين، الأول إمراة، والثاني رجل أسود، ومع ذلك كان مصرأ على فوز الجمهوريين ممثلين في مرشحهم جون مكين، وإن لم يحدث، فسيكون الفوز من نصيب هيلاري كلينتون، ليس لبرنامجها السياسي، وإنما خشية أن يحكمه إميركي أسود من أصول أفريقية، لكن ثقافة الوعي وضرورات التقدم جاءت بأوباما رئيساً لأميركا أكبر وأعظم دولة في العالم حتى الآن، ولا أدري هل مازال ذلك المعلق، باقياً في أميركا أم غادرها بعد مجيء أوباما رئيساً لها..؟ ..!

وعوداً لصلب المقال، والذي هو مكرس لنقد أسلوب د. محمد وقيع الله، كونه تجاهل القضية الأساسية، وركز على الأمور الثانوية، ومنها هفوات اللغة والكتابة التي يقع فيها الجميع، وقد جعل من هذا الأمر، الذي هو حبة صغيرة، قبة ظلام كبيرة، بل وقاعدة لشن هجوم، أتسم بالسخرية، وإعتداد بالأنا، وتضخيمها، منصباً منها مصححاً لغوياً، بل عالماً يستعين بعطائه أساتذة الجامعات الغربية، ومراكز البحوث، وأي جامعات هذه التي يستعين أساتذتها بإسهامات أمثال محمد وقيع الله..؟ هل هي جامعات تهتم بالبحث العلمي..؟ أم هي جامعات لا تحمل من كلمة جامعة، سوى الكلمة الخالية من المضمون..؟ جامعات لا تفعل أكثر من ترديد أقوال الماضي، جامعات هدفها الأساسي هو قتل العقل وملكاته، جامعات لا تجيد سوى لغة العنعنة..! إن الجامعات المحترمة، خريجيها يبنون دولهم، ويحققون طموحات شعوبهم، ولا يخربونها بالسطو على الحكم، كما تسطو القبائل في عصر البداوة على بعضها البعض.. إن الجامعات المحترمة وأساتذتها المحترمين لا يفوت عليهم، أن موضوع الأخ الصحفي الثائر خالد أبو أحمد، ليس فن سبك اللغة، وإنما هو نقد الذات، والآخر، ممثلاً في تجربة الإنقاذ وثقافتها، بعد أن إستقيظ في دواخله الإنسان الذي حاولت تجربة الإنقاذ قتله، كما فعلت مع الكثيرين من أبناء الشعب السوداني، فالتحية للأخ الصحفي خالد أبو أحمد، على مقالاته التي ظلت راعفة بدماء الحقيقة، ودموع الأطفال، والآم المعذبين والمحرومين.

التحية له، وللإنسان الذي إستقيظ في دواخله، لذلك نقرأ له بإحترام وتقدير كبيرين، وهو يعري تجربة الإنقاذ، العارية أصلاً من القيم والأخلاق.. لكن للأسف برغم ذلك نرى د. محمد وقيع الله، وأمثاله الكثيرين، الذين يحملون ألقاب دكتور وبروفسور، يروجون لثقافة التخلف كما فعل الظواهري.

كنا ننتظر من محمد وقيع الله، أن يسجل إعترافاً بخطأ سرقة عصابة الإنقاذ للسلطة، وما نجم عنها من مضاغفات سياسية وإقتصادية وإجتماعية.. بدلاً من أسلوب الهرب والفرار من رؤية البشاعات والمظالم والحقائق التي يتحدث عنها الواقع اليومي ومفردات حياة الشعب السوداني، التي أصبحت جحيماً لا يطاق، في كل ساعة وثانية، منذ أكثر من عقدين وحتى الآن..!

إن شجاعة أي إنسان سواء كان عبقرياً أو راعياً هي مضمونه، أن يكون أعمالاً وسلوكاً ومواقفاً، وأخلاقاً، لا ترضى بالمظالم، ولا تمارس الهرب حينما يكون الموقف يتطلب الثبات والوضوح والمكاشفة، أي أن تقول للظالم سواء كان فرداً، أو حاكماً، إنك على خطأ، إن الأخطاء التي عددها السيد محمد وقيع الله، في مقال الأخ الصحفي خالد أبو أحمد، لا تساوي قطرة من بحر أخطاء النظام، لكن غياب العقل، وموت الضمير، جعلاه يغض الطرف عن كل تلك الأخطاء التي لا تحتاج منظار رؤية، لرؤيتها، لكنها تحتاج لضمير حي وعقل يقظ وناقد، السيد محمد وقيع الله، كنا سنحترمه بغض النظر، عن مستوى اللغة التي يكتب بها، لأن المهم عندنا ليس اللغة ومستوى رشاقتها وتبرجها، المهم هو الفكرة والموقف، من حالة الظلم والمعاناة، لذلك يقال إن خطوة عملية واحدة خير من الف كلمة، والإنسان ليس له قيمة مهما وضع على كتفه من نياشين البطولة، أو على صدره، أو على مكتبه ، أو باب بيته من ألقاب، إن لم يكن له موقف من حماقات الحكام ودئساسهم، ليس للكلام والتنظير قيمة ولا دلالة فكرية، إن كان صاحبه لا يتحرى الصدق في قوله وفعله، إن الإنسان المتواضع العلم والثقافة ربما يجد الإحترام والتقديرممن يتعامل معهم أكثر من العالم لا الذي يحترم نفسه والحقيقة، إن الحقيقة لا يحترمها من يجلهون قيمتها، إن الذين لا يحترمون الحقائق هم قوم عاجزون عن معرفتها ، إن الذين يحترمون الحقائق لابد ان تكون لهم مزايا أخلاقية وفكرية.

إنه من أجل أن تكون لنا فضائل أخلاقية يجب ان تكون لنا مثل فكرية. التحية لكل من يحترم نفسه، ويشعر بالآم شعبه، ويتصدى بالنقد والتعرية كما يفعل خالد أبو أحمد وفتحي الضوء وسيف الدولة حمدنا الله، ومعاوية ياسين، وغيرهم الكثيرين من أبناء وبنات السودان الشرفاء، الذين قبلوا ضرورة، الغربة وطناً، على العودة لوطن تنهش فيه الذئاب، ومع ذلك يتفضل علينا أمثال محمد وقيع الله، بدرس عصر في اللغة العربية، وحتى درسه هذا، إن محصناه نحواً وصرفاً، كما فعل سبيويه، سنجد إنه يحتاج الى دورس عصر كثيرة.. ليس في علم البلاغة والنحو والصرف فحسب، بل في الأخلاق، لأن الحقائق والأفكار النيرة لا تقتلها البلاغة المتوحشة، التي ليس غايتها الحقيقة، إنما الكذب، الذي سيظل دائماً كذباً، تحت أي غطاء أو عنوان، أو اللقب سواء أكان جنرالاً، لا يعرف سوى إرتكاب الحماقات، أو دكتوراً، لا يعرف سوى إداء صلوات النفاق، تحت أقدام الطاغية..!

تعليق واحد

  1. لك الود اخى الزين .. وكما قال كارل ماركن .. اذا اردت ان تكون تافها فما عليك الا ان تدير
    ظهرك لهموم الآخرين وهذا ماينطبق على هذا الوقيع الوضيع ومليون وقيع لا يساوى صفرا امام القامة
    ابو احمد

  2. لقد ألقمته حجرا كبيرا فكل الالقاب في زمن الانقاذ هي ألقاب كاذبةوعرفنا كيف يمنحون أتباعهم الدرجات العلمية التي ما افادة الوطن في أي مجال فالدكتوراة حسب عامل السن والمنصب و البروف حسب الشكل والمظهر أما خبير فحدث ولا حرج كالخبير الاعلامي ربيع عبد العاطي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..