من لطائف البروف

بعد أسبوعين من الآن، تمر علينا الذكرى العاشرة لرحيل العلامة البروفيسور عبد الله الطيب- طيّب الله ثراه- واحتفالاً بذكرى عالمنا النحرير، تكرس هذه الأيام الهيئة العليا لاحياء ذكراه، جهودها لإقامة احتفالية بذكراه العاشرة تليق بمكانته ومقامه، تحت شعار «من مقام الوفاء للبروفيسور عبد الله الطيب»، وتبدأ الهيئة إحتفالاتها إعتباراً من اليوم السادس عشر من الشهر الجاري وتستمر حتى التاسع عشر منه، تاريخ وفاته، فقد غادر عالمنا الفطحل هذه الفانية في اليوم التاسع عشر من العام ثلاثة والفين عن عمرٍ ناهز الثمانين عاماً أفناها في محراب العلم والتعليم ومؤسساته، فأعطى وأجزل العطاء ولم يستبقِ شيئاً، خاصة في مجالات الانسانيات واللغويات والآداب وصار فيها مرجعاً لا يجاري وعالماً قلَّ من يضارعه وإنعدم من يبذه، وهذا بحر عريض لا قبل لي بالخوض فيه وأحق به من درسوه ودرسوا على يديه وتأملوا في ميراثه العلمي الوافر والزاخر، وحسبي من هذه السيرة العامرة والذكرى العطرة، أن أذكر شيئاً من لطائفه وطرائفه مشاركة متواضعة مني بمناسبة الاحتفال بذكراه العاشرة، فللبروف رحمه الله عشرات المواقف والمقولات والتعليقات الساخرة واللطيفة والطريفة، فهو إلى جانب اشتهاره بالحذاقة والصرامة العلمية، كان ودوداً ولطيفاً ومتواضعاً دائم الابتسام، وكان له ميل غير خافٍ إلى الفكاهة الذكية والمفارقات المضحكة وله دراية بفنونها ويحفظ كثيراً من النوادر الشائقة ويرويها بطريقته السلسة الجذابة، كما كانت له قفشات يطلقها في فصول الدراسة وأثناء القائه محاضراته، تضيف للطلاب شيئاً جديداً وتروّح عنهم في آنٍ معاً….
قيل إن البروف كان مرة يلقي محاضرة على طلابه بإحدى قاعات كلية الآداب بجامعة الخرطوم، فقاطعه أحد الطلاب قائلاً «أريد أن أسأل البروفيسور عن ….»، فنهض طالب آخر وقاطعه قبل أن يكمل سؤاله وقال مخاطباً زميله «يا أخي لا تقل بروفيسور إنها كلمة أجنبية ولكن قل يا أستاذ»، فقال البروف عبد الله الطيب «لا بأس فكلتاهما أجنبيتان، فالأولى لاتينية والثانية فارسية»…
رُوى عنه أنه كان مرة جالسا يستمع إلى المذياع في معية مجموعة من الأساتذة وكان في تلك اللحظة خطيب سياسي يتحدث في المذياع كان يملأ فمه بالكلمات التي تفضح فقره في اللغة بصورة مزرية، الأمر الذي أثار امتعاض البروف فصاح «هذا لا يخطب وإنما يبعّر»… فما تراه يقول الآن بعد أن تكاثر المبعّرون وملأوا الفضاء والأوراق البيضاء بالبعر؟..
روى البروف ذات مرة قصة ناظر المدرسة الذي كان يغلقها بأية حجة حتى ينصرف لهواياته، وعندما يسمع بحضور المفتش إلى المدينة التي كانت قريبة من القرية التي تقع فيها المدرسة، كان يهرع إلى فتحها وينبه التلاميذ للحضور باكراً، وحدث بالفعل أن حضر المفتش وبعد أن استقبله الناظر في المحطة أخذه رأساً المدرسة، وعند باب المدرسة كانت تجلس «ست النفر» المرأة العجوز التي تبيع الفطور للتلاميذ وكانت من أكثر المتضررين من قفل المدرسة، وعند مرور المفتش والناظر من أمامها، طنطنت قائلة «خلاص شفتو جا وفتحتها»، والمفتش الذكي يلتقط العبارة ويسرها في نفسه، وبعد أن فرغ المفتش من مهمته وقفل راجعاً إلى المحطة في صحبة الناظر، شكا له الناظر من تأخير ترقيته وقال يستعطف المفتش «يا جنابك ما تنساني في التقرير»، بعد أن وضع المفتش رجله على سلم القطار التفت ناحية الناظر قائلاً له «التقرير ما كتبتو ست النفر»…
للبروف الكثير والكثير من اللطائف والطرائف والملح الذكية، حسبنا منها لضرورات المساحة ما ذكرناه، ونختم بالقصيدة الحلمنتيشية التي تنصب البروف في مقام شيخ مشايخ هيئة حلمنتيش، ذلك لسبقه السابق في مثل هذا النظم… ومناسبة القصيدة أن أحد الأساتذة ببخت الرضا لاحظ أن هناك بيتاً خالياً فطلب من المستر هودكن مدير المعهد أن يخصصه له سكناً لأسرته، فجاءه الرد مخيباً بأن هذا البيت Technicaly vacant، فراقت العبارة لعبد الله الطيب وجعل يتندر بها على زميله شعراً فقال:
البيت دا خالي، وقالوا خالي تكنكالي
يا رضا ما كنت قايل حكمك إنت كلاريكالي
كنت قايلك إنت فاهمه وكل شيء منك ليبرالي
البيت ده خالي وشايفو واقف فزيكالي
قالوا مسكون قلنا سحقاً للكلام الننسكالي… إلى آخر هذه القصيدة التي مزج فيها بين الانجليزية الرصينة والدارجية الفصيحة…
وآخر دعوانا أن اللهم أرحم عبدك عبد الله الطيب، وعافه وأعف عنه، وأكرم نزله مع الصديقين والشهداء والصالحين.
الصحافة
فى الوقت الذى كان العالم ينهض وينقب فى علوم التكنلوجيا والبحث العلمى كان البروف يحث فى المرشد فى اشعار العرب ماذا استفاد السودان من المرشد فى اشعار العرب ومن العرب اصلا ماسبب تخلفنا الا هذه الاوهام التى افقدة السودان البوصله
عرف بين طلاب كلية غردون ان جيل المرحوم معلم الأجيال – عبدالله الطيب – عليه وعلى رفاق دربه من معلمينا الكبار فيض من رحمة الله – كان من اكثر ألأجيال ظرفا وحسن تعامل وخلق وطيب نفس وخفة روح وذكاء وسرعة بديهه.. من بينهم كان المرحوم احمد عبدالله المغربى الذى بز االكثيرين من زملائه فى كثير من تلك الجوانب .. روى المرحوم احمد ان فى جيلهم من رفاق دربهم زميل حرم نفسه من متعة دراسته وحياته بين تلك المجموعة الخيره من رفاقه ..كان المسكين لا يخلو من دمامة وجه – طبعا ليس له يد فيها..مع تجهم دائم.. فاطلق عليه الخبثاء من ابناء الدفعه اسم”الحمار” يتداولونه سرا بينهم ولا يجرؤ اى منهم البوح به فى وجود زميلهم سيد ألأسم.. الذى كان دائم البرم باحاديث زملائه وانفتاجهم للحياه وابتهاجهم بدراستهم فى كلية غردون فى ضيق نفس واستعداد دائم للعراك .. ولكن رغم ذلك كان يعز عليهم التخلى عنه ونبذ رفقته.. جلسوا ذات مره- حسبما روى المرحوم احمد المغربى – فى الداخليه لتناول شاى ما بعد الغدا وسيد الأسم بينهم وبداوا احاديثهم من هنا وهناك وتطرق الحديث الى تذكار بعض من انماط حياتهم فى قراهم ومجتمعاتهم .. المرحوم عبدالله لم يكن يدرى انه سيفسد على نفسه وعلى رفاقه فى تلك الظهيره بهجة الجلسة المعتاده بعد الغدا التى ادمنو حضورها .. لعله نسى او “تناسى” وجود سيد ألأسم.. فبدا يقص على رفاقه :” كان فى واحد من اهلنا فى حلة التميراب عندو “حمار” !!.. وحالما تنزّلت الكلمه من لسانه ألأ و”شوّش” الزميل صاحب اللقب المحظور تداوله .. ورمق عبدالله الطيب ينظرات حاده تعنى الكثير .. اكفهر الجو ..وران صمت مطبق وتبادل الجالسون النظرات وكانهم اصنام دون ال يجرؤ اى منهم على التنفس ناهيك عن الأبتسام حتى!.. فانفجر عبدالله الطيب ضاحكا وهو يسارع الخطى مغادرا زملاءه الحاضرين وهو يردد : “والله العظيم يا فلان ما قاصدك..والله ما قاصدك” … رحمة الله علي من انتقل منهم الى رحاب ربه ومتع من لا يزال ينتظر بالمزيد من الصحة والعافيه.
آمين يارب العالمين
الاستاذ المكاشفى والله انت بتاع مشاكل ( من كترة البعر بقينا زى شاية الحمار) قد افحمتنا بالنحرير هذى وكذلك الفطحل والله الجماعة تقول زى كلامك وعباراتك الما معروفة يكسرو ليك قلمك وتلحق كسرات عمك بتاع الكسرات اسمو منو(الفاتح جبرا)