الرجل المثالي في أغاني النساء.. شجاعة وهيبة وطول فارع… كان نطق يتخاف وكان وقف يتشاف”

الخرطوم ? ساجدة يوسف
برع الرجال بصورة عامة، والسوداني (شاعراً وناثراً) بصورة خاصة، في وصف المرأة جسدياً وحسياً ورسم مفاتنها بشفافية وحرية كبيرتين، فلم يخف شيئاً مادياً إلا كشفه، ولا شيء روحي أو وجداني إلا وعرض له ثم صرح به، وكأنه يعتز به مع نفسه أو يفاخر به أمام أصدقائه.
وصل الوصف حد المبالغة في بعض الأغنيات، كان وصف الرجل جسديا وقابله وصف المرأة أحايين كثيرة، فعكفت (الذات السودانية الشاعرة) على قولبة الحسناوات في (الطول واللون والهيبة)، وأخذت تمتدح التفاصيل الجسدية فلا تترك عنقاً ولا خداً ولا شعراً ولا (مأكمة) ولا أخامص أقدام إلا وقتلتها قوافي، وهكذا ظلت مفاتن المرأة الحسية المهلم الأول للشعراء على مر العصور والأزمان.
تبادل مشاعر
بقدر ما أرقت الحسناوات ليل العاشقين فتغنوا فيهن بأجمل الأغنيات، وخلدوا أجمل المواقف والأسماء والذكريات، وقصص الحب النبيلة، فإن النساء السودانيات (الشاعرات) احتفين على طريقتهن بالرجل، ورددن له صاع شعر صاعين غناء، بأغنياتهن الحماسية والعاطفية في حقه، فلم يدخرن لوناً (أخدر) ولا قامة فارعة إلا واستدعينها لقوافيهن المترعة، فلنر كيف غنت النساء الرجال عبر هذه المساحة:
الخدرة والطول
ظلت المرأة السودانية تلقيدياً تبدي انبهاراً يكاد يصبح ذهولاً إذا ما رأت رجلاً بمواصفات محددة مثل (أسمر، فارع القامة)، (طويل كده أخدراني يا يمة لو شفتي)، وتجدها تبتسم فرحة من وصفها، محتفية بـ(خضرة) فارس أحلامها التي لعبت بعقول الفتيات كاد (السمار) يصيبهن بالجنون، إن لم يكن أصاب بعضهن بالفعل (الخدار في أي شي سمح حتى الجرجير في الصينية)، بيد أن القامة الفارعة ظلت تشكل منافساً خطيراً لمواصفات (الرجل القيافة) حتى كادت تعضف بالخضرة الدقاقة، قامة (زي فريع البان)، تثير إعجاب المرأة وتخرجها من وقارها وربما حيائها أحياناً، بالطبع هذا لا ينقص من القدر الجمالي للرجال البيض، ولكن (السمرة) شكلت القالب الغنائي الغالب عند معظم النساء.
الفراسة والحماسة
جانب آخر مهم، أفردت له المرأة السودانية مساحة واسعة من غنائها للرجل، فاحتفت بصفاته مثل الرجولة والشجاعة والكرم والشهامة والبسالة (كان نطق يتخاف وكان وقف يتشاف)، وفي ذلك إشارة قوية إلى أن السودانية تحتفي بالرجل قوي الشكيمة والعزيمة وهذا يرضي أنوثتها، وعندما تضرب (الدلوكة) تتبارى كل واحدة في وصف (الذي في بالها) أي فارس احلامها (بضرب دلوكتي وبنضِّما الليلة/ لفارس الحديد والحمى حميدة) فحميدة سيطر على دواخل تلك المرأة حتى جاشت بمشاعرها وتغنت له من شدة إعجابها به
اليوم التالي
مقال سمح .