الراديو.. اختفاء الصوت الفخيم ودفء الكلمة وصدقها.. هنا أم درمان

الخرطوم ? منهاج حمدي
من منا لم يعش تفاصيل صباح الجمعة من كل ـسبوع عندما كان الصغار يلتفون حول الراديو وهم يتلهفون لسماع العباراة الأشهر (ركن الأطفال مع عمكم مختار)، وتنطلق نغمات الموسيقية المحببة لديهم ويشتد الانتباه أكثر مع توالي فقرات البرنامج ويظل الكل في الانتظار حتى الموعد القادم ليتكرر ذات المشهد.
ليس ذلك فحسب فهناك برامج أخرى مميزة مثل ربوع السودان، نفحات الصباح، حقيبة الفن وساعة سمر ولسان العرب وعالم الرياضة، تلك كانت أبرز البرامج التي قدمها أميز المذيعين بأصواتهم الفخيمة ونقلوها للناس من محطة الراديو عندما كان عزيزاً منذ سنوات خلت، في تلك الحقبة كان ذاك الجهاز الصوتي مبهرا للشعوب ورافدا مهما للتحرر والوعي بالنظر إلى كونه متاحا في المقاهي والأسواق ووصل صداه إلى القرى النائية في معظم أقاليم السودان.
وسيلة مهمة للتعريف
في العديد من أرياف البلاد يروي كثيرون قصص عشق طويلة ربطتهم بالراديو، حيث كان المصدر الأول للمعلومات والترفيه، ووسيلة ناجعة للتعرف على الأخبار بمختلف تخصصاتها حيث يتوسط الحيشان ويتجمع حوله كل أهل القرية يستمعون للجديد من الأخبار علاوة على متابعة البرامج، واللافت للنظر أن صاحب (الراديو) كان مهماً ويضرب به المثل (ماشين نسمع الأخبار ودكان ود البصير وسهرات الإذاعة في بيت حاج الضو)، ليس ذلك فحسب فشريحة الرياضيين يتجهون صوب السوق ويلتقون في ( دكان الطيب) لمتابعة (عالم الرياضة) والمباريات المحلية والأفريقية.
أهمية بالغة
يكتسب الراديو أهميته من انخفاض تكلفته وانتشاره الواسع وتغلغله في المجتمعات النائية وبين الأميين والمستضعفين في كل مكان، وهنالك الكثير من المستمعين ممن لا يستطيعون التخلي عن الاستماع إلى الراديو رغم السباق المحموم في تطور وسائل الإعلام من حولنا. وحافظ الراديو على هويته وجمهوره ومتابعيه حتى بعد دخول الإذاعات الرقمية لحيز البث.
حكايات المستمعين
الحاجة (آمنة حامد) ربة منزل تقطن مدينة النهود شمال كردفان تقول لـ(اليوم التالي): الراديو عزيز عليّ ولن أتخلى عنه أبداً، وتضيف: “عندي واحد من السبعينيات لحدي هسي (شغال تش) وانا زولة كبيرة مالي ومالي (المسلسلات الهندية وحاجات الوليدات الجداد ديل؟” واردفت: “ميزة الراديو أنه عكس التلفزيون حيث يمكن أن اكون في المطبخ وأنا شغالة وأسمع جميع البرامج بدقة ومتابعة، لكن ما ممكن اخت لي تلفزيون وأقوم بواجباتي المنزلية وأتابعه في ذات الوقت”، واستطردت: “كان جاراتي بجو عندي عشان يسمعوا الأخبار ويتابعوا السهرات ومنوعات ومختارات الإذاعة نتلمّ في نص الحوش ونغني مع الراديو”، وكشفت (آمنة حامد) عن أهم البرامج التي كانت تحرص على متابعتها من بينها (ربوع السودان) و(لسان العرب) و(نفحات الصباح)، وقالت: “أيضاً من البرامج التي كنت أنتظرها بفارغ الصبر برنامج (حديث الأربعاء) وهو سياسي كان يقدمه الراحل أبو عاقلة يوسف، وفي يوم الجمعة وبعد الصلاة مباشرة (ساعة سمر) وكان ذلك البرنامج عبارة عن حفل نهاري تعرفنا من خلاله على عدد من الفنانين الكبار في تلك الحقبة”.
صوت من الدلنج
(الطيب حسين) موظف من مدينة الدلنج يقول لـ(اليوم التالي): كنت أحرص على متابعة برامج (لسان العرب) الراحل فراج الطيب وتفسير القرآن الكريم للعلامة البروفيسور الراحل عبد الله الطيب مع المقرئ صديق أحمد حمدون”، ويضيف: أكثر ما يعجبني صوت الراحلة ليلى المغربي عليها الرحمة في برنامجها (نفحات الصباح) وما زالت طريقة نطقها لعنوان البرنامج ترن في أذني وقبل أن يسمى نفحات الصباح كان يسمى (صباحات السودان) وكان يقدمه الأستاذ حمدي بولاد بمعية ليلى، ولا ننسى الأستاذ علي شمو وهو من قام بتحويل برنامج (حقيبة الفن) إلى صورة حية يغني فيها الفنانون في بث مباشر، وفي العام 1967م قام البروف باستضافة سيدة الغناء العربي أم كلثوم عندما كانت في زيارة للسودان، ويواصل الطيب حديثه قائلاً: “من المميزين في الإذاعة كان الأستاذ طه حمدتو حيث تخصص في البرامج الرياضية وكانت له طريقة خاصة ما زالت عالقة بذهني في التعليق الرياضي”.
لحن الختام
حالياً تضاءلت نسبة متابعي للراديو نسبة لإيقاع الحياة المتسارع وتركيز البعض على الإعلام المرئي بصورة أكبر وقلّ عدد المستمعين إلا في بعض المناطق الريفية والولايات وطيف قليل بالمدن الكبيرة وهناك آخرون يتابعونه عبر جهاز الموبايل
اليوم التالي
يا راجل تتحدث عن برامج هنا ام درمان يوم الجمعة ولا تتذكرون الا ساعة سمر ونفحات الصباح وتنسوا ما يطلبه المستمعون بمقدمته الحلوة مقطوعة مامبو ضوء القمر او سيد اللبن جا مع صوت سعاد ابوعاقلة الدافي؟! لقد كنا طلابا في الوسطي بداخليات مدلرس الحكومة نتحلق حول المذياع بعد الفطور للاستماع لأغاني ما يطلبه المستمعون والبعض يررد جماعيا مع الفنان ويرقص وكان ذلك عاملا في ظهور مواهب كثير من الطلاب المقلدين في حفلات مسرح المدرسة ومن بعد صاروا فنانين مبدعين حتى وصلوا مصدر الاذاعة ذاتها وساهموا في مسيرة الغناء والفن السوداني الى ان جاء هؤلاء الأوغاد فاتلفوا مكتبة الاذاعة ودمروا عيون الاغاني السودانية بتسجيلاتها الاصلية باوركسترا الاذاعة بدعوى مخالفتها لشريعتهم الزائفة مثل اغنية كسلا توفيق صالح جبريل ولحن وصوت كابلي واغنية غيرة لجماع ولحن وصوت سيد خليفة والكثير وذلك في عهد المأفون الخالي الرئاس. قاتلهم الله واذهب ريحهم وقطعهم شذر مذر مثلما فعلوا بسوداننا