
فلول النظام المخلوع وداعمو الانقلاب الذين يعملون ليل نهار من أجل العودة؛ مستاؤون هذه الأيام من البرهان، لأنه -وبالدارجي السوداني- (برد ليهم في يدهم)، خاصة بعد أن طالبوه بأن يضرب بيد من حديد، ويشكل حكومته، ويتحدى الشعب الثائر، ولم يستطع.
رغم هذا مازالوا متعاطفون معه، وذهبوا لمساعدته، فطلب منهم أن يصنعوا شارعاً يهزم الشارع الثوري، ويقنع المجتمع الدولي، حتى يتمكن من الضرب بيد من جديد. فخرجوا في موكب هزيل، وهزموا أنفسهم، مثل ما يحدث كل مرة. بل وفضحوا البرهان بأن برروا لفشله بأنه مضغوط من السفارات والبعثة الأممية، وأن المجتمع الدولي يهدده بجرائمه. صحيح لا يختشون، يعرفون أن هناك جرائم تطارده، ورغم هذا يناصرونه.
في الحقيقة، مشكلة البرهان ليست في الضغوط المزعومة التي يتعرض لها، بل فيه هو نفسه. فالرجل لا يعرف مبادئ السياسة، ولو أردنا أن نقول لأنه عسكري، فهو أيضا يجهل العسكرية أكثر مما يجهل السياسة، رغم أنه قضى فيها أكثر من أربعين سنة. وليس من دليل يثبت هذا أكثر من تنفيذه لانقلابه العجيب الذي يعتمد على عصابات إجرامية. وعليه، ما يحدث معه من فشل وفوضى ما هو إلا نتيجة طبيعية لتصرفه اللاسياسي واللاعسكري.
الحقيقة، البرهان ليس مضغوطاً من المجتمع الدولي الذي توجهه مصالح دول معينة لا تهمها مصالح الشعوب أبداً، ولو كان المجتمع الدولي يضغط على الطغاة بشرف ونزاهة لتغير وجه العالم، ولما تجرأ البرهان على تنفيذ انقلابه من الأساس. لذلك لم يهتم الشارع السوداني بالمجتمع الدولي، وتجاهله معتمداً على نفسه.
البرهان نفسه حاول إرضاء المجتمع الدولى، وهو لا يدري أنه أكثر غدراً. فعندما ذهب لحضور الجمعية العمومية للأمم المتحدة، التزم لها بكل ما تطلبه من توقيع على اتفاقيات دولية ومواءمتها مع القوانين السودانية، بما فيها (سيداو).
التزم البرهان بضمان حقوق الإنسان كلها، وتهيئة الأجواء لإقامة انتخابات حرة نزيهة وشفافة، وتنفيذ خطة التنمية المستدامة بتحسين خدمات التعليم والصحة، وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لخفض الفقر والتقليل من أثر الكوارث الطبيعية، وخلق مزيد من فرص العمل للشباب والمرأة وحماية حقوقها ومواصلة تمكينها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وحماية الأطفال، ومنع كل أشكال التعدي عليهم واستغلالهم، وضمان حرية الرأي والتعبير والإعلام، وحماية الصحفيين ومراسلي الصحف ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام وتوفير البيئة المناسبة لعملهم، وضمان حرية التجمع السلمي والتنظيم، والإقرار بأهمية دور منظمات المجتمع المدني في تطوير وترقية حقوق الإنسان، وتسهيل عملها والسماح لها بممارسة أنشطتها، وأخيراً التزم بحماية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين.
باختصار، البرهان لديه التزامات ووعود أمام المجتمع الدولي، قدمها بمحض إرادته وسهل عليه المهمة. الآن المجتمع الدولي في انتظار البرهان وهو يمسك بورقة هذه الالتزامات، فهناك دول صاحبة مصلحة لا تفوت فرصة دون استغلال.
الضغط الحقيقي الذي لا يذكره الفلول، ولا يريد البرهان الاعتراف به، هو ضغط الشارع الذي لن يتوقف ولن يعتمد إلا على نفسه. نعد الفلول ومجموعات البرهان الأخرى أنهم لن يستطيعوا صنع شارع موازٍ مهما فعلوا، ومهما دعمتهم حكومة الانقلاب. وسيظل البرهان مضغوطاً من نفسه التي سلطها الله عليه، وهو من سيقود الفلول والعصابات إلى الهلاك بإذن الله، فهو يستدرجهم من حيث لا يعلمون.
الديمقراطي