مقالات وآراء

يا أهل الشرق: اتعظوا من دارفور تسعدوا

 

من الآخر

أسماء جمعة

شرق السودان مثله مثل كل إلاقاليم، عانى من استعمار واستغلال بني جلدتنا بعد الاستقلال، قبل (67) سنة. وهم السبب في تخلف السودان، وتوقف عجلة التنمية التي جعلت كل أجزائه تشعر بالتهميش والنسيان.

أي حكومة وصلت إلى السلطة، عسكرية كانت أو مدنية، لا تفكر في حل المشكلة الحقيقية، لأنها تكمن فيها. الحل الوحيد هو تغيير هذا الواقع وليس تعميقه بالحلول غير المجدية، مثل حمل السلاح. لابد من هزيمة اللوبيات السودانية التي تستبيح السودان: السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والدينية.

لذلك، المطلوب هو تحرير السودان من قبضتها بتعاون جميع الأقاليم، والعمل معاً، وليس حمل السلاح الذي يعيد إنتاج الأزمة.

نقلت الأخبار، وعلى نطاق واسع، أن مجموعة من “البجا” أعلنت عن شروعها في تكوين قوة عسكرية للدفاع عن قضايا وحقوق أهل إقليم شرق السودان، وقالت إنها لن تُشارك في أي تسوية سياسية لا تتضمن إنفاذ مُقررات مؤتمر “سنكات” للقضايا المصيرية.

وهذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها أهل الشرق بحمل السلاح ضد الحكومة، فقد تكرر الأمر كثيراً، ومع الوضع الراهن قد يصبح حقيقة. فيكون مصير الشرق مثل مصير دارفور الأسود الذي وقعت فيه بسبب الحركات المسلحة، التي تبنت المطالبة بحقوق أهل دارفور، وفي النهاية غدرت بهم.

نقول لأهل الشرق: لا تتحدثوا عن خيار حمل السلاح فهو ليس الحل، وخسارته أكبر من أي حقوق يمكن أن تمنح لكم في النهاية، لأن ما سيضيع لا يمكن تعويضه أبداً، ولو تحول الشرق إلى جنة.

حمل السلاح ليس أمراً ليس صعباً، يمكن تنفيذه بسهولة وبكمية محدودة من السلاح والأشخاص، ومع إطلاق أول طلقة ستبدأ المأساة، وسينهمر السلاح نحو الشرق من كل الاتجاهات، فهناك جهات كثيرة تنتظر هذه الفرصة الذهبية لتساهم في إشعال الحرب والتكسب منها، وحين تشتعل لا يمكن إطفاؤها بسهولة، ولا السيطرة على آثارها.

الحرب تفتح أسواقاً كثيرة لبيع كل شيء، وسيكون الإنسان أرخص شيء فيها. ليس هذا فحسب، فحين يبدأ حديث السلاح لن يتفق أهل الشرق مع بعضهم، وستكثر بينهم الخلافات، وسيتحول البعض إلى تجار في القضية التي ستجذب آخرين لا علاقة لهم بها.

لن تنتهي المشكلة كما يتخيلها أهل الشرق، أو كما خططوا لها. فالحرب تخرج أسوأ البشر، وأسوأ ما فيهم، وسيكتشف أهل الشرق أن من بينهم وحوش لا يعرفون الرحمة.

نقول لأهل الشرق: اتعظوا مما حدث في دارفور، فالقصة بدأت بنفس السيناريو وذات الأهداف، وانتهت إلى مأساة تحولت بفعلها دارفور إلى سوق حرب مفتوح. ونفس الحركات التى كانت تنادي برفع التهميش وحقوق أهل دارفور، أصبحت اليوم تمارس عليهم التهميش، وتنتهك حقوقهم.

بل تحولت الحركات إلى عصابات وشركات عائلية، وأصبحت من ألد أعداء أهل دارفور. وفي النهاية تحولت إلى عدو لكل أهل السودان، ووقفت ضد ثورة ديسمبر، وضد الإصلاح، وأيدت الانقلاب وحكم العسكر . وهي الآن تقاتل ضد الشعب كله، وضد كل ما يحقق الحرية والسلام والعدالة، ويرفع التهميش.

الأسوأ من كل هذا، وسيجعل مصيبة الشرق أكبر من مصيبة دارفور إذا ما حمل أبناؤه السلاح، هو موقع الشرق الاستراتيجي الذي يسيل له لعاب الدول المجاورة ودول الخليج، ودول أخرى بعيدة تحلم بموطئ قدم فيه. وهو ويقع تحت مراقبة العديد من المخابرات، وهناك جزء منه محتل رسمياً من قبل مصر، ترفض الخروج منه، وسيكون من مصلحتها ألا يستقر، هذا غير ظروف الشرق الاقتصادية والإنسانية التي لا تستحمل أي عمل مسلح.

يقول المثل: ”العاقل من اتعظ بغيره، والسعيد يشوف في أخو”، ونقول لأهل الشرق: كونوا عقلاء، واتعظوا بما حدث لأهل دارفور، كونوا أسعد منهم، وتجنبوا تجربتهم السيئة التي رأيتموها أمام أعينكم، وإياكم والحديث عن حمل السلاح أو الإقدام عليه.

لديكم فرصة في أن تحققوا ما تريدون من خلال النضال المدني، فهو الأفضل والأقوى والآمن، ويحقق النتيجة  المطلوبة بلا خسائر، وبشكل أفضل، ويرفع من وعي الناس بحقوقهم، ويوحدهم، ويخرج لكم أفضل ما في الناس وأحسنهم.

هناك دول كبيرة وأمم وشعوب حررها الكفاح المدني من الاستعمار دون الدخول في حرب، لذلك لن يكون الأمر صعباً على الشرق كإقليم. لا تستعينوا بالسلاح، إنه منطق العاجزين المجرمين، وسيقاتل الشرفاء بصدق، ولكن سيقطف الثمار الجبناء، وما أكثرهم في هذا الوطن. فاحذروا أن تمنحوهم الفرصة، واتعظوا لتسعدوا.

الديمقراطي

‫3 تعليقات

  1. بلد مهزلة و اضحوكة

    كل اقليم و كل ولاية و كل مدينة حتحمل السلاح و يعملوا حركات مسلحة و الكل خسران في النهاية

    لذلك اقولها

    قوموا الى ثورتكم

    ثورة سلمية شعبية

    تستردون بها حقوقكم

    لا تكوين حركات و لا حمل السلاح بجيب ليك حقك

  2. هذا كله شغل حميدتي ومن خلف الكواليس الكيذان الاباليس كي يبتزوا الاليه الثلاثيه وان تعمل لابعاد قحت وارباك المشهد وفي النهايه البرهان يطلع في الكفر وتنطفئ الثوره ويرجعو الكيزان الجبهجيه الممحونيين المخانيس الانتهاذيين الحاسدين لتطبيق شرع الجاهليه الكبرى ويستفيدو الأسياد بالقطيع من المرتزقه الرخيصين وثرواتهم المابستاهلوها يخس على الغباء المحكم محتاجين لأكبر كميه من بصاق المشعوز الشيخ عبدالقادر على وجوهكم يا ملة بني حاسد وكره الخير لبعضكم وتعرستكم للغريب

  3. شكرًا استاذة اسماء على هذه النصيحة الغالية واتمنى ان تجد من يسمع ويفهم.
    كلامك عين العقل. الحرب مافيها خير والربحان فيها خسران.
    الحرب لا تجلب سوى الدمار والتشريد والكثير مما هو سيىء.
    السودان يحتاج الى عقلاء ، اقوياء وامينين.
    اللهم ولى القوى الامين.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..