المشروع الوطني البديل… كيفية الترويج له وإكسابه الثقة المفقودة:

لا تنتطح عنزان- في تردي المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلادنا وهذا التردي شمل وغطى كافة مناحي الحياة طال التعليم فدمره حيث لم ينتج النظام طوال مدة بقائه في السلطة أي مفهوم أو فكر لتطوير التعليم ولم يكن التعليم في يوم من الايام احد اولوياته فباتت المدارس الحكومية خرابة يرتادها ابناء الفقراء والمعدمين فقط, كما شمل ذلك التردي الصحة واحال مستشفياتها الحكومية الى خراب ينعق فيها البوم ومكن التجار والنفعيين منها فعاثوا فيها الفساد الذي يزكم الانوف وشردوا الاطباء الشرفاء واحالوها الى عزبة خاصة بهم يفعلوا بها ما يشاؤون دون مساءلة.
يأبى النظام الحاكم أن ينظر لحال البلد المائل بمسؤولية وواقعية، فيواصل حشد النفعيين وتجار السياسة لإخراج مسرحية الحوار الوطني والتي زادت المشهد قتامة وانسدادا فليس هناك جديد يطال تغيير العقلية والمنهج السياسي السائد لينبي باي انفراج في ازمتنا السياسية. واصبح النظام مفلساً اقتصاديا يتسول ويبيع موارد البلاد بغرض ضخ الأموال في جيوب مرتزقته وبغرض تمكين أهله وعشيرته والاقربين والشعب الصابر يعيش في جحيم الغلاء ويعاني الأمرين فهو لا طاقة له بتوفير احتياجاته الاساسية التي رفعت الدولة يدها عنها وفوق ذلك مطلوب منه تمويل خزينة الدولة بالضرائب الباهظة والجمارك المبالغ فيها.
ويواصل النظام حروبه العنصرية ويقتل ويفتك بشعب دارفور وجبال النوبة لا يستثنى مدنياً طفلا كان أو شيخاً أو امرأة فهو يتبع سياسة الأرض المحروقة وامسح واكنس. ويمارس حصاراً على النازحين والمتضررين من الحرب فيأبى أن يقدم لهم المساعدات الانسانية أو يترك رحمة الله تنزل عليهم من المنظمات الخارجية.
كل هذا التردي بلغ مرحلة متقدمة ويزداد الوضع ضيقاً يوما بعد يوم وتزداد حدة التوترات وتسود روح القطيع والحيوانات المفترسة رويداً رويداً وسط الكل مما ينبي بحدوث فتنة كبيرة لا يعلم بها إلا الله.
جاء الحراك الجماهيري الأخير كنتاج طبيعي لهذه الحالة المنوه عنها أعلاه، وكنتاج لحالة الوعي التي انتظمت كثير من الناس وهو وعي بضرورة التغيير واستلام زمام المبادرة واشعال فتيل الثورة في النفوس..
وقد شهد الحراك الأخير نجاحات لا تخطئها العين المحايدة وتفاءل الناس به خيراً، ولكن سرعان ما ضربته حالة حادة من الانقسامات وهي انقسامات متوقعة في ظل غياب مشروع وطني بديل من قبل القوى المعارضة والحركات الناشطة.
والمشروع الوطني البديل ليس وثيقة ممهورة بتوقيع المعارضين والحركات الأخرى والإقرار فيها بالإيمان بالديمقراطية وتكوين دولة القانون والشفافية والمحاسبة والإصلاح الاقتصادي والزراعي والإصلاح القضائي وإصلاح القوات النظامية واشاعة الحريات وكفالة حقوق الاقليات وإنشاء دولة المساواة والعدل..
مثل هذا المشروع المجرد لن يحشد الشعب ولن يعيد الثقة المفقودة في العقلية السياسية التي كانت سائدة والتي انتجت النظام الجائر الماثل.
لا بد من ظهور قادة المعارضة ظهور علني عبر الفيديو ومواقع التواصل الاجتماعي والإقرار بفشل عقليتهم السياسية التي كانت سائدة في العمل السياسي والترويج لعقلية جديدة وشخصيات جديدة ومفاهيم جديدة لجذب الأغلبية الصامتة واقناعهم بصناعة مستقبل البلاد بالشراكة مع كل الفئات وجموع الناس.
سامي دكين/ المحامي
[email][email protected][/email]