سد الألفية الأثيوبي ومستقبل التنمية في السودان .. بقلم: الإمام الصادق المهدي

سد الألفية الأثيوبي ومستقبل التنمية في السودان .. بقلم: الإمام الصادق المهدي

بسم الله الرحمن الرحيم

الجمعية الهندسية السودانية

ندوة بعنوان:

سد الألفية الأثيوبي ومستقبل التنمية في السودان

12 يونيو 2012م- دار المهندس- العمارات شارع (7)- الخرطوم

كلمة الحبيب الإمام الصادق المهدي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه،

الأخ الرئيس أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي

السلام عليكم ورحمة الله مع حفظ الألقاب لكم جميعا.

وأنا أشكر الجمعية الهندسية السودانية على دعوتي للحديث في هذه الندوة المهمة.

خلاصة كلامي، وسأفصل فيما بعد أنه إذا كانت هناك اتفاقية حول مياه النيل ملزمة، وهي الآن غير موجودة، وإذا كانت هناك قبول لمبدأ المشاركة في إدارة هذا السد متفق عليها، فسيعود السد لنا بفائدة كبيرة أولا: لتنظيم دفق المياه منه، وثانيا: لما يوفر من كهرباء بسعر متدنٍ للغاية. ولكن اذا لم تكن هناك اتفاقية حول مياه النيل، والآن لا توجد اتفاقية، فالاتفاقيات القديمة لا تعترف بها الدول في أعالي النيل، وفكرة مبادرة حوض النيل أصلا للوصول لاتفاقية جديدة، فإذا توصلنا لاتفاقية جديدة يمكن هذا في رأي ضمان أن التصرفات في الحوض لن تكون عشوائية. كذلك إذا كان هناك اتفاق على إدارة مشتركة لحوض النيل، كما في حوض السنغال مثلا، يمكن أن ننظم دفق المياه بالصورة التي تساعد على التنمية الزراعية في بلادنا.

إذا وجد اتفاق حول الحوض ملزم، وإذا وجدت إدارة مشتركة للسد ستكون النتيجة حميدة. ولكن في غياب اتفاق حول الحوض، واحتمال وجود حرب باردة داخل الحوض، واختلاف حول إدارة السد ستكون النتيجة خبيثة. فالفرق إذن بين الحميدة والخبيثة هو إذا كان هناك اتفاق حول المياه وإذا كان هناك اتفاق حول الإدارة وإلا فلا.

السؤال هو: لماذا لا يكون هناك اتفاق حول الحوض والإدارة؟

هذه قضية سياسية. ولا شك نحن في مصر والسودان مسئولين عن أننا خلقنا مناخا استقطابيا في الحوض بتعاملنا الثنائي وإبعادنا للآخرين في حوض النيل كأن الأمر لا يعنيهم. عقدنا اتفاقا في 1959م ثنائيا وعازلا للآخرين وحتى طلبهم بأن يشتركوا معنا كان مرفوضا مما أسس للاستقطاب الموجود في حوض النيل. نحن محتاجين لأن نعالج هذه القضية.

إنني حينما التقيت في عام 1997م الرئيس الأثيوبي ملس زيناوي قال لي فيما يتعلق بموضوع مياه النيل: إننا نريد أن نتفق معكم ولكن يبدو انكم تريدون الانفراد بشئون النيل، وعندما نعجز عن الاتفاق معكم فإننا سنتصرف أحاديا مثلما حصل التصرف ثنائياً حول هذا الحوض في اتفاقية 1959م. بعد هذا الكلام مباشرة التقيت الرئيس السابق حسني مبارك ذكرت له هذا الكلام، وقلت له هناك ضرورة أن نسرع في الاتفاق حول النيل لأن الكلام على أننا نصر على أن الاتفاقيات القديمة ملزمة لم يكن ممكنا كل المعطيات في حوض النيل تغيرت: عدد السكان، والتكنلوجيا، وتطلعات الشعوب تغيرت لازم نأخذ هذا في الحسبان. نحن لدينا حقوق مكتسبة، لكن هم لهم حقوق طبيعية ولا بد من التوفيق بينهما. قال لي نحن نصر على حقنا في المياه ومن يمس مياه النيل سنقطع يده.

أنا أعتقد في هذا الأمر أنه لا يوجد حل عسكري، والحل الوحيد الموجود هو الاعتراف بأن حوض النيل مشترك وإدارته يجب أن تقوم على هذا الاساس.

في نهاية المطاف مفهوم جداً أن تكون لدى مصر حساسية أكبر حول النيل لأنه موردها الوحيد، وكذلك لأن النيل أشبه بأيقونة في مصر فهو فيها ليس مجرد مصدر مياه، إذن عندنا وعندهم إحساس بأهمية النيل أكثر من دول المنابع في الماضي. ولكن دول المنابع صار لها اهتمام متزايد من ناحيتين، ناحية إمكانية إنتاج الكهرباء بصورة تصدر هذه الكهرباء، وناحية الحاجة للمياه لأغراض الزراعة وغيرها. نحن علينا أن نساهم ونساعد في هذه المسألة. الكلام عن أن هذه مؤامرة وأن الأمريكان وإسرائيل وراءها خاطئ، صحيح الناس الذين يريدون فتنة في المنطقة يمكن أن يستغلوا التناقض، ولكن التناقض يحدث عندما نكون نحن غير مستعدين أن نعترف بالرأي الآخر ومصلحة الطرف الآخر، فلا بد أن نعترف بمصلحة الطرف الآخر.

نحن محتاجون جدا لأن نتفق اتفاقا أساسيا حول مياه النيل. البعض يقول إن هذا الاتفاق لا يمكن أن تكون فيه محاصصة. لماذا لا تكون هناك محاصصة وما المانع؟

لا بد أن نعترف بأن النيل سيادة مشتركة لكل الدول المتشاطئة عليه، والكلام عن إبعاد الهضبة الاستوائية من المحاصصة في النيل غير صحيح، الهضبة الاستوائية هي المرشحة لزيادة دفق المياه حوالي 20 مليار متر مكعب، ولا بد من اتفاق حتى نتمكن من تحقيق جونقلي الأولى وجونقلي الثانية وغيرها من المشاريع المقترحة لزيادة الدفق.

موضوع النيل في رأيي والاتفاق حوله حصلت فيه درجة كبيرة جدا من التخبط. لماذا لم نتفق على مياه النيل في بروتوكول الثروة بيننا وبين إخواننا في الجنوب؟ لماذا أهمل هذا الموضوع. كان من الضروري جدا أن يكون هناك اتفاق حول مياه النيل، وحول مستقبل المياه، وحول زيادة المياه أهمل هذا الموضوع كأنه لا يهمنا قسمة وتطوير حوض النيل.

كذلك لابد أن ندرك أن التجمع الذي حدث الآن حول مبادرة حوض النيل تجمع حميد ولا بد أن نكون جزء منه حتى النهاية، لماذا نرفض أن نكون أعضاء في المفوضية؟ الخلاف حول البند (14- ب) لأن السودان ومصر يصرون على ألا تغيير، الأطراف الأخرى مستعدة أن تقول نحافظ على المصالح المكتسبة، ولكن لا بد أن يكون هناك تغيير.

أنا أعتقد لا بد أن نرتب وضع النيل ونتفق معا على أن نبرم اتفاقية جديدة تحل محل الاتفاقيات القديمة. الإصرار على أن اتفاقيتي 1929م و1959م ملزمة للآخرين خاطئ فهي غير ملزمة لهم. كما أكدوا ذلك مراراً

ونحن لا بد أن نتحدث بالاعتراف بالواقع، ومن حيث الواقع لا بد أن نتفق على ضرورة اتفاقية جديدة لتنظيم شئون الحوض.

بالنسبة للسد فإنني لا أتكلم عن الجوانب الفنية سواء الهندسية أو الاقتصادية، ولكن نحن محتاجون لعقد مؤتمر عاجل جدا لنناقش هذا الموضوع ليكون لدينا رأي متفق عليه بيننا نحن السودانيين ونقنع به اخوتنا في مصر. الآن نسمع تصريحات متخبطة جدا ومختلفة من مسئولين لا بد أن نضع حدا لهذا التخبط، والكلام عن أننا جمدنا عضويتنا أو جمدنا مشاركتنا في المشاريع وغيره، كل هذا الكلام فيه تخبط كبير جدا لا بد أن ينهي، هذا موضوع لا يحتمل هذه الضبابية وهذا الموقف الذي نحن فيه الآن ولا بد من تحديد موقف واضح.

كيف نحدد موقفنا؟ هذا ليس شأن الحكومة وحدها والحزب الحاكم وحده، بل هذا شأن قومي للسودانيين كلهم ويجب أن نتفق نحن أهل السودان حول: ما هو رأينا في اتفاق جديد لحوض النيل؟ هذا لا بد أن نحسمه، وإذا اتفقنا على هذا فإنه لا بد أن يضم دولة الجنوب لأن دولة الجنوب كانت معنا في الاتفاق الماضي بحكم أننا دولة واحدة ولكن الآن صرنا دولتين وهذا جزء مما ينبغي حسمه ليكون لنا موقف موحد من اتفاقية لتنظيم حوض النيل والنظر في مطالب دول الحوض، لأننا ما لم نتفق ونصر على عزل الآخرين، واستثنائهم، فإن هذه الخطة سوف تفتح الباب لمزيد من الفوضى في الحوض ويتصرف كل طرف بما يرى أن هذه هي مصلحته.

قال الرئيس ملس زيناوي إنهم مستعدون أن يراجعوا الموقف إذا كان هناك طلب ومشاركة من مصر والسودان لما يزيل الآثار السالبة. أنا اعتقد أن خطنا الآن يكون بدلا عن الكلام عن العنف والتخوين والمؤامرة والكلام الذي برأيي لا يقدم ولا يؤخر، أن نتعامل مع هذه الدول على أنها دول سوية ومسئولة وجارة لا بد أن نتفاهم معها.

أما الكلام عن أي احتمالات، مثلا جائز جدا لو قام هذا السد فإنه سوف يعطي أثيوبيا مركزا كبيرا فيما يتعلق بتصدير الطاقة، ويمكن أن تعمل كما عملت روسيا فيما يتعلق بتصدير البترول لدول الاتحاد السوفيتي السابقة وتضغط، ممكن يحصل هذا النوع من الضغط هنا، وكذلك ممكن أن يحصل نوع من المخالفة فيما يتعلق بالتحكم والإدارة بالنسبة للمياه وصحيح هذا ممكن، لكن نحن نفترض حالة سلام وتعاون لأنه أصلا إذا لم تكن بيننا وبين أثيوبيا حالة سلام وتعاون فنحن يا أخواننا من ناحية استراتجية نقابل أثيوبيا ببطننا بينما تقابلنا بظهرها، ولذلك نحن في حقيقة الأمر في حالة موقف محتاج لتفاهم وتعاون مع أثيوبيا، وخاصة المنطقة الحدودية المجاورة التي بها السد هي منطقة فيها تناقض جهوي مع المركز. سكان منطقة السد وهم بنو شنقول من بني القربى لنا. ولذلك نحن لا نفترض أن المسائل كلها قائمة على مؤامرات.

ولذلك أنا أود أن أقول: السد من الناحية الفنية والاقتصادية موضوع يمكن حسمه في مؤتمرات تناقشه، أما الناحية السياسية والدبلوماسية فيجب أن نعمل على اتفاقية جديدة للحوض وعلى إدارة مشتركة للخزان بما يرتب وينظم المصالح التي نتطلع إليها وهي: أولا: تنظيم المياه للري بصورة أفضل.

ثانيا: تصدير الكهرباء بأسعار زهيدة.

وأنا شخصيا اعتقد في نهاية المطاف نحن لدينا مصلحة في الكلام مع دول الحوض مثل مصر واثيوبيا والسودان باعتبار أن أثيوبيا بالنسبة لنا نافورة مياه، وأراضي السودان الشاسعة هذه هي الحقول الطبيعية لهذه النافورة ويمكن أن ننظم ما نسميه تكاملا زراعيا، مصر واثيوبيا وغيرهم من ناحية حصتهم، نتعاون على المزراعة بحيث أننا نحقق مصالح زراعية مشتركة.

حينما سمعت من الرئيس ملس كلامه على: أننا إذا لم يوجد اتفاق سنتصرف انفراديا، وكلام من الريئس السابق حسني مبارك: أنه من يمس مياه النيل سيقطع يده. اعتبرت أن هذا تحضير لموقف حرب يجب تجنبه مما جعلني أكتب كتاب مياه النيل: الوعد والوعيد. وأقول فيه ما أقوله الآن.

وبنفس المنطق فإن السد الحالي يمكن أن يتجه في اتجاه الحرب الباردة، والاستقطاب، والمضار التي يمكن أن تترتب على ذلك. ويمكن أن يكون العكس وسيلة من وسائل التعاون إذا وجدت اتفاقية ملزمة لحوض النيل مثلما يمكن أن تكون اتفاقية مبادرة حوض النيل.

في خلاصة كلامي أقول: نحن محتاجون لإبرام اتفاقية وإكمالها والاشتراك في المفوضية وأن نكون في داخل المفوضية، ومحتاجون أيضا أن نتفق مع أثيوبيا على إدارة معنية لهذا السد حتى نضمن أن تكون فوائده كبيرة من ناحية المياه ومن ناحية الكهرباء.

صحيح هذا يجعلنا في خطر من ناحية أن لدينا مصالح مشتركة يمكن أن تضار إذا قام عداء، ولكن أصلا إذا حدث عداء ستكون تداعياته وأثاره كبيرة جدا، وعلى أي حال فإن العالم ليس فوضى وفيه الآن مجلس أمن، ومجلس سلم وأمن أفريقي يعني هناك نظام إقليمي ونظام دولي غير النظام الثنائي يمكن أن يتدخلا. علاقات حوض النيل لا سيما حوض النيل الشرقي لا تسمح بقيام عداء بين دولها. ينبغي أن نفكر كما ذكرت سابقا في كيان تضامني أو وحدوي يضم دولنا يمكن أن يبدأ باتفاقية أمن مشترك.

الخلاصة: نحن متحاجون لاتفاق ينظم مياه النيل تدخل فيه دول الحوض كلها، ومحتاجون أن نتفق على إدارة مشتركة ونزيل الذهنية القديمة وهي: أن الدول أعالي النيل غير معنية بالنيل وبمياهه، فهي الآن معنية بالنيل وبمياهه ولا بد من إشراكهم في هذا الموضوع بصورة جديدة: اتفاقية جديدة لحوض النيل وإدارة مشتركة لهذا الخزان ومشاركة فيه أسوة بخزانات أخرى موجودة في أفريقيا مثل خزان السنغال.

وشكرا جزيلا.

تعليق واحد

  1. …للاسف , كل من يأتى لحكم السودان ـ مدنى او عسكرى ـ لايرى حتى المصلحة السفلى للبلد, علينا الاتفاق مع الشقيقة الكبرى إثيوبيا فى المياه والزراعة ,وتمويل سد الالفية,لانه يعدل سد مروى الماسورة للاسف, خمسة مرات, لان 86%من مياه النيل من نهر اباى ( النيل الازرق )و14% من النيل الابيض وعدم الاهتمام الزائد عن اللزوم لمصلحة مصر وهو للاسف ديدن كل حكام الخرطوم المتعاقبين على دست الحكم ..برضو مع الاحترام…!!

  2. رغم إختلافي مع كثير من مقولات وممارسات الصادق المهدي لكنني هنا أحيه على أنه كان اكثر المتكلمين في

    ندوة المهندسين شفافية وبعدا عن نظرية المؤامرات . واهم نقطة ذكرها كانت أننا حاولنا مجاراة

    المصريين ( وطبعا الكيزان مش كانو بيجارو المصريين لله في الله ، بس كانو دايرين (الأحد) الأمني والوساطة

    لدى الأمريكان وقصة حسني مبارك) .

    من تداعيات حديث الصادق واضح ان الطريق امامنا :

    إما بالحسنى يقتنع معانا المصريين بالذهاب على طول للمفاوضات معالأثيوبيين أو

    نفكهم عكس الهواء ونشوف مصلحتنا بالذهاب منفردين للتفاوض مع الأثيوبيين.

    لكن تظل العقبة الكبرى أمامنا هي حيكومة “عصابة آل كيزوني” .

    التي تضع مصالحها الأمنية فوق كل شيئ حتى (ولو جف النيل باكملو طالما “تولاها”

    متحكرة في كراسي الحكم.)

    مشكلتنا ليست في تنظير الحلول للمشكلة لكن في كيفية القضاء اولا على هذه العصابة وبعدها

    إن شاء الله كلو يهون.

  3. كما ترى يا khalid هذا الموضوع لا يحتاج لمهاترات بل يحتاج ان تكتب بوعيك وفكرك حتى يرى القارئ ماذا تحمل في رأسك ويستفيد منك

  4. نعم لا بد من تفاهم مع أثيوبيا وما تعتقد فيه مصر هو أنانية وإستعلاء على الفاضى – أثيوبيا بحكم كميات الأمطار التى تهطل فيها فهى غير محتاجة للمياه حتى لو أعطينا أثيوبيا 5% من المياه لزوم إستعمال وتخزين زتبخر
    على مصر أن تكون واقعية وتقوم بالأتى
    مساعدة السودان فى زراعة الغابات لاجل زيادة الرطوبة وبالتالى الأمطار
    القيام بعمل قناة جونقلى
    مساعدة جنوب السودان فى زراعة الأرز والذرة
    إذا حاول المصرين التكامل مع السودان و أثيوبيا فى مجال الطاقة والزراعة فهم أصحاب المصلحة
    اما قضية قطع اليد فلن يستطيعوا القيام بها
    وهناك واجبات على الدولة السودانية
    إصلاح العلاقات بين دول القرت الأفريقى لان هذه الدول بتعاونها تكون مجموعة إقتصادية لا يستهان بها
    يبقى على مصر والسودان أصلاح الوضع السياسى بين أثيوبيا وأرتريا
    هذه المياه هى للفائدة الغذائية اولا ولذا على هذه الدول أن تراعى التنوع الزراعى بينها وإستثماره
    وعند رفض مصر للإتفاق على تقاسم المصالح فنحن نفضل التعاون مع أثيوبيا

  5. المطلوب من السيّد الصادق المهدي وغيره من الإقتصاديّين …. ومن المهندسين ومن كُلّ الخرّيجين السودانيّيين … ومن كلّ العسكريّين …. أو يفهموا … أنّ الطمواحات والتطلّعات والحاجيات الملّحة …. أكبر من حكاية الإتّفاقات بين دول وادي النيل …. على محاصصة مياه النيل …. ولمصلحة الجميع .. .. ولأهميّة الموضوع ….أرجو نشر هذه الرؤية التي لها علاقة بالموضوع ومستقبل المنطقة المشرق :

    01- التخطيط بجدّيّة وبجماعيّة لإقامة مُدُُن سودانيّة إقتصاديّة جديدة وحديثة وذكّيّة (PLANNED URBANIZATION ).
    02- متكاملة فلسفيّاً وعلميّاً وتقنيّاً ومعرفيّاً ومنهجيّاً وإداريّاً ومهنيّاً وماليّاً ( MONEY, MANAGEMENT, METHOD) .
    03- متكاملة إقتصاديّاً ( زراعيّاً ، و رعويّاً ، وصناعيّاً ، وسياحيّاً ، وتجاريّاً (SUSTAINABLE MULTI PRODUCTION CITIES )
    04- لقد آن أوان التحوّل الإجباري من الحوّاشات والحواكير إلى الإستثمارات ( CHANGE ROM FARMS TO FIRMS ) .
    05- مربوطة جدوائيّاً بالأسواق المحليّة والإقليميّة والعالميّة ، حديديّاً وبحريّاً وجوّيّاً (TRANSPORTATION AND MARKETING ) .
    06- لها أسطول ومحطّات وشبكة قطارات مغناطيسيّة صديقة للبيئة (SUPER CONDUCTING MAGLEV SYSTEMS ) .
    07- لها أسطول ومطارات وشبكة طيران إقتصاديّة حديثة وصديقة للبيئة (UNCONVENTIONAL AIRCRAFT SYSTEMS ) .
    08- لها أسطول وموانئ وشبكة إبحار إقتصاديّة حديثة للنقل البحري العالمي ? صديقة للبيئة (SEA GREEN SHIPS ) .
    09- لها أسطول وموانئ وشبكة إبحار إقتصاديّة حديثة للنقل النهري – صديقة للبيئة ( RIVER GREEN SHIPS ) .
    10- لها أسطول برّي وشبكة مواصلات داخليّة سريعة غير ملوّثة للبيئة تعمل ببطاريّات شمسيّة ( SOLAR-ELECTRIC BUS ) .
    11- مرحليّاً يتكامل فيها إستبدال الطاقات الطبيعيّة ناضبة المعين بمُتجدّدة المعين (RENEWABLE ENERGYTO CONVENTIONAL ).
    12- بها محطات حديثة لمعالجة المُخلّفات وتحويلها إلى طاقات مُتجدّدة ومُسّمدات ومبيدات وغيرها (WASTE TO RENEWABLE ) .
    13- تتاح الفرصة للمواطن أن ينتج ما يحتاج إليه من الطاقة البديلة ويصدّر الفائض إلى شبكة تسويق الكهرباء ( NEM SYSTEM ).
    14- يتم فيها توظيف كُلّ الطاقات السودانيّة البشريّة المُتجّددة بطريقة أتوماتيكية ( CITY FARMER JOBS ) .
    15- تتكامل فيها طاقات الخريّجين مع رؤى وطرائق العلماء والخبراء المعنيّين ( METHOD, MODIFICATION, MAINTENANCE ) .
    16- تحوّل السودان إلى سلّة إيجابيّة لغذاء العالم عبر العولمة الغذائيّة الذكيّة (PARTICEPATION IN FOOD GLOBALIZATION).
    17- تتكامل مع المُدُن التقليديّة الحالية ولا تقوم على أنقاضها بل على تطويرها ( MODERNIZATION OF OLD TOWNS ) .
    18- تتعايش فيها الخصوصيّات الدينيّة والإثنيّات السودانيّة وتتلاقح فيها الرؤى الفكريّة ( CO-OPERATION ) .
    19- تساعد على إعادة هندسة وتوحيد وبناء الدولة السودانيّة الذكيّة بعقول سودانيّة ( RE -ENGINEERING OF SUDAN) .
    20- تؤهّل الدولة السودانيّة للمساهمة الإيجابيّة في الكونفدراليّة النيليّة الذكيّة ( NILE CONFEDERATION ) .
    21- تؤهّل الدولة السودانيّة للتكاملات الإيجابيّة الذكيّة بين حوض النيل وحوض البحر الأحمر وحوض البحر الأبيض المتوسّط .
    22- تؤهّل الدولة السودانيّة للمساهمة الإيجابيّة في الكونفدراليّة الأفريقيّة ( AFRICAN CONFEDERATION ) .
    23- تؤهّل الدولة السودانيّة للمساهمة الذكيّة في الكونفدراليّة الشرق أوسطيّة ( MIDDLE EAST CONFEDERATION ) .
    24- وبالتالي تسهم في تحصين الدولة السودانيّة ضدّ الإجتياح والمحاصرات التجويعيّة ( INVATION & STARVATION ) .
    25- وبالتالي تسهم الدولة السودانيّة الذكيّة في تجنيب الدول النيليّة مشاكل وصراعات مياه النيل الماثلة والمُستقبليّة .
    26- المهدية كانت محاولة لتحرير الإنسان من العبوديّة ولتحرير البلاد من المستعمرين .
    27- اللواء الأبيض كانت حركة إستقلاليّة لتحرير بلاد السودانيّين وتوحيدها .
    28- الحركة الإتّحاديّة كانت لتوحيد بلاد النيل العربيّة الإسلاميّة .
    29- السودان للسودانيّين كانت لإستقلال بلاد النيل العربيّة الإسلاميّة ثمّ توحيدها .
    30- الكونفدراليّة النيليّّة هي الأجدى والأنفع والأذكى والأبلغ قولاً للجاهلين سلاماً.
    31- وادي النيل حضارة وكرامة وتطلعات ومصالح وخصوصيات ينبغي إحترامها.
    32- ما هي هذه العولمة الغذائيّة الذكيّة ، وكيف تكون مساهمتنا فيها إيجابيّة.
    33- إذا ما صدّر السودان الذرة البيضاء والبرسيم إلى دول الخليج … كغذاءات للدواجن والماشية ( الهرفي النعيمي والعجل البتلّو و الحاشي والقعود ، فقد أصبح سلّة لغذاء الدول الخليجيّة ،. وهو الآن يفعل ذلك ، لكن بتكلفة عالية ، لأنّ الري يعتمد على الأمطار الموسميّة الشحيحة وعلى رفع المياه بالوقود الأحفوري ( مُنتجات البترول ، الغاز الطبيعي ، .. ) ، والترحيل كذلك ؟؟؟
    34- السودان بشهادة سواكن لتصدير الماشية ( السواكني) كان سلّة لغذاء العالم .
    35- الإنسان السوداني كان هو تاجر المواشي على مستوى إفريقيا ، وكذلك المصري ، والسعودي ، لكنّهم الآن ليسوا كذلك.
    36- لأنّ قناة السويس قطعت رحلة طواف الماشية حول حوض البحر الأحمر كمرعى طبيعي وسوق عالمي دائمين . ولن يستقيم الحال إلاّ ببناء الجسور المُقترحة عبر قناة السويس … وبناء الخزّان المٌترح على باب المندب … الذي يولّد مائة ألف ( 100000) ميغاوات …. و لمواصلة رحلة طواف الماشية …. ولمرور القطارات المعناطيسيّة السريعة ( 500 كلم / ساعة ).
    37- ولأنّ خط العرض الذي يمرّ بمدينة سواكن لم يكن مُتأثرّاً بالزحف الصحراوي آنذاك .
    38- إذن السودان كان حقلاً طبيعيّاً لتسمين الماشية وهي في طريقها إلى التصدير.
    39- الحاجز الصراوي الآن قد زحف جنوباً إلى أن تجاوز مدينة كوستي وتندلتي.
    40- سياسة المناطق المقفولة وخصوصيّة الذين لا يبيعون الماشية قد أثرّتا سلباً على التجارة.
    41- إحتلال الكرمك وقيسان قد أضرّ بتجارة المواشي الإثيوبيّة السوادنيّة .
    42- إستقلال جنوب السودان من شمال السودان ، مع إحتلاله يوغندياًّ هو الأضرّ بهذه التجارة.
    43- ضرب الخصوصيّات السودانيّة وإحراق الأعشاب النيليّة كانتا إعداماً للماشية السودانيّة.
    44- ضرب الخصوصيّة وإحراق القرى الدارفوريّة ، كان قمّة الإعدام للماشية السودانيّة .
    45- الثورة الزراعيّة العالميّة فشلت إفريقيّاً لإعتمادها على الوقود الأحفوري والفساد الإداري.
    46- ولتزامنها مع توجّهات يساريّة تعتبر التجارة والإستثمار إقتصاداً طُفيليّاً ، بدون بديل مُجدٍ .
    47- الدولة الإشتراكيّة أيضاً لم تسمح بالتجارة البينيّة ، التي كان يعيش عليها إنسان السودان ، قبل أن يولد ماركس ولينين وماو تسي تونغ ، وقبل أن يولد محمّد علي باشا وكتشنر وكلّ الحُكّام والفلاسفة الذين رسموا لنا الحدود ، وطبّقوا علينا النظريّات
    ، ونهبوا الثروات ، وفرضوا علينا الجبايات ، واشترونا وصدّرونا كقطعان الماشية .

    48- الدولة الإشتراكيّة التي لم تسمح بالتجارة البينيّة قد تبلّت على الناس بأنّهم يُمارسون تهريباً يضرّ بإقتصاد الدولة الإشتراكيّة ، ثم ترصّدت بهم ، عمداً ، فصادرت منهم اللواري التجاريّة ، وصادرت منهم مشاريعهم الزراعيّة التي كانوا يستخدمونها لتسمين الماشية ، وأقاموا على أنقاضها مشاريع الإعاشة محدودة العدد والمساحة ، ومعدومة الجدوى الإقتصاديّة ، وطاردة بيئويّاً ، تطبيقاً للنظريّة الآديولوجيّة الإفقاريّة ، فأعدموا الإنتاج نفسه ( Production) ، وأعدموا مُقوّمات الإنتاج مثل الترحيل ( Movement ) ، و رأس المال ( Money ) و إدارة الأموال ( Management ) وأعدموا السوق ( Market ) وأعدموا الطريقة التي كان يعيش عليها الناس وينتجون ويصدّرون ( Method ) فعطّلوا الطاقات البشريّة المُنيجة والمُرحّلة والمصدّرة للإنتاج الحقيقي والمستوردة لما يحتاج إليه المُنتج لكيما يعيش ويستمر في الإنتاج والعطاء والسخاء والكرم الإجتماعي ، وبالتالي المساهمة الإيجابيّة الذكيّة في بناء إقتصاد السودان . ولم تكن للإشتراكيّين المزعومين أيّة بدائل إقتصاديّة كافية ومُجدية للدولة ، ولم تكن هنالك أيّة بدائل يعيش عليها الإنسان الذي فقد اللوري التجاري والمشروع الزراعي لتسمين الماشية وتصديرها ، حتّى الآن ، فمات الإنسان ومات الحيوان فقراً وجوعاً ومرضاً وحروباً ، من أجل تطبيق النظرّيات التي أماتت ودمّرت دول فلاسفتها ؟؟؟
    49- فلاسفة مايو الشيوعيّة ، بقيادة جعفر نميري الناصري ، رحمهم الله وتولّى أمرههم ، فرضوا على العربات وهي وسيلة الحركة والنقل والتجارة والسياحة والزراعة والصناعة والإقتصاد المُنتج ، ضريبة 300% ، فتعطّل الإنتاج حتّى الآن ؟؟؟ مُطلق السيّارات لا ينبغي ، مُطلقاً ، أن تُفرض عليه جبايات ، لأنّ الدولة إذا فرضت جمارك على المارسيدس واللاندوكروزر وغيرها من العربات المريحة والفارهة ، ناهيك عن الشاحنات التجاريّة ، فقد عطّلت الإدارة (Management ) عندما رفعت تكلفة تلك السيّارة التي يركبها المدير في أيّة دولة تحترم الإدارة وتعرف قيمتها ومردودها وأثرها في تقدّم الإنتاج الحقيقي ، وتريد أن تحترم الإنسان وتعينه علي العيش الكريم السهل . وإذا ما عجز الطبيب والمهندس والعالم والخبير عن شراء تلك السيّارة ، فقد عطّلت الدولة مقوّمات الإنتاج كلّها ، مثل الصيانة ( Maintenance ) والتطوير ( Modification) ولياقة القوى العاملة (Manpower confidence ) .
    50- الحكومة إذا منعت إستيراد العربات القديمة ( خاصّة التي لا تتعارض مع بدائل الوقود الحديثة ) وفرضت جبايات على العربات الجديدة ، سوف تكون النتيجة أنّ وسائل الترحيل قد أصبحت هي العربة البطيئة التي يجرّها الحمار أو الحصان في شوارع المُدُن التقليديّة الحاليّة . وبالمناسبة في الخليج هنالك صالات يعيش عليها التاجر السعودي أو الخليجي وأسرته ، مُختصّة بمهنة إستيراد وبيع العربات الجديدة ، وصالات أخرى لإستيراد وبيع العربات المُستعملة إستعمالاً أمريكيّاً ، أو يابانيّاً أو كوريّاً ، ولا يعرفون ماهي الجمارك والرسوم والجبايات ، كلّ الذي يفعله المواطن أو المقيم هو أن يدفع سعر السيّارة الذي لا يتجاوز بصعة آلاف من الريالات ( لا تكفي هنا في السودان لشراء تلك العربة التي يجرّها الحصان ) ثم يستلم سيّارته ويمارس ترحيله وتجارته أو يذهب بها إلى أداء وظيفته .
    51- جعفر نميري قال ( في برنامج إسمه لقاء المكاشفة الشهريّة بين المواطن ورئيس الجمهوريّة ، بمنتهى الصراحة والشفافيّة ، وقمّة وضوح الرؤية السياسيّة ، التي ينبغي أن يُشكر عليها ) : المهندسين والأطبّاء والمهنيّين الصعاليق ديل أنا ما عندي ليهم مُرّتبات وبدلات وإمتيازات ، أنا عايزهم يمشوا الخليج عشان يجيبوا لي عملات حرّة وأنا ورجال مايو وقوى الشعب العاملة ، نبني بيها البلد دي ، وكلّما جاء المُغترب إلى السودان ومعه عربيّة آخر موديل سوف أفرض عليها جمارك 300% ، وقد فعل نحو ذلك ، ثمّ حذا حذوه الآخرون ؟؟؟ فذهبنا نحن المهندسون من ضمن الصعاليق المعنيّين ، وأرسلنا العملات الحرّة إلزاماً وإختياراً ، ودفعنا الرسوم والزكوات والجبايات ورسوم التأشيرات ، ولكننا عندما عدنا إلى السودان ، فوجئنا بأنّ السودان لم يتقدّم بالسرعة التي تقدّمت بها دول الخليج ، فأدركنا أنّ الإنسان السوداني هو الذي يستطيع ان يبني هذا البلد الطيّب ، بعقله وماله وسواعده وخبراته ، وبصبره وإجتهاده وإخلاصه ، وبتوفيق من ربّه ؟؟؟
    52- القذّافي قبل إقامته للنهر الأفريقي العظيم ، كان يطلب من المهندس أو المهني الليبي الذي لا يجد فرصة للعمل في ليبيا ، أن يستلم 10 آلاف دولار من القذّافي ثمّ يذهب إلى السودان ليشتري حوّاشات في مشروع الجزيرة ( بناءً على إتّفاقيّة نميري ناصر القذّافي ) ثمّ يمتلكها ويشرف على فلاحتها ويعيش عليها . ولكن الليبيّين لم يفعلوا ذلك ، وكانت النتيجة تشييد نهر جديد يمرّ بكلّ المُدُن الليبيّة القديمة ، وإنشاء مُدُن إقتصاديّة ذكيّة وجديدة مُعتمدةً على النهر الجديد ، الذي يعتمد على حوض من المياه الباطكنيّة ، معزول عن حوض النيل كما روّجوا لذلك ، بسلسلة جبل عوينات ، ولكن صور الأقمار الصناعيّة توضّح أن نهر النيل كان مُنذُ ملايين السنين ، يصبّ في البحر الأبيض المتوسّط في منطقة بنغازي الحاليّة ، ولكنّ مساره قد إنحرف تدريجيّاً إلى أن أصبح الآن يصب في البحر الأبيض المتوسّط عند دلتا النيل عبر فرعيه دمياط و رشيد ؟؟؟
    53- جعفر نميري عندما أفرج عن المُعتقلين السياسيّين وغير السياسيّين ، قال إنّه قام بإصلاح المُجرمين بتوظيفهم في أجهزة الشرطة والأمن والجيش ، ضارباً عرض الحائط بالفيش ، ثمّ أتبع ذلك بقوله : أنا ناس الشرطة ديل ما عندي ليهم ميزانيّات ومُرتّبات وبدلات وإمتيازات ، أنا عايزهم يقبضوا أيّ حرامي سايق عربيّته ويفرضوا عليه غرامات ورسوم ترخيص وجبايات تكفي لسداد مرتّبات كلّ القوّات العسكريّة والشرطيّة والأمنيّة ، والباقي يمشي لخزينة الدولة ؟؟؟ وما زالوا يفعلون ذلك حتّى الآن وبشراسة وقوّة قانون تشريعي وتنفيذي وقاضائي باطل ، فلم يكتفوا بما يحتاجون إليه من أجل قوت عيالهم ، ولكنهم بنوا أفخم الأبراج في وسط الخرطوم ، وبنوا أفخم المستشفيات العسكريّة والشرطيّة الغبيّة التي لاتموّل نفسها ، في العاصمة المثلّثة وفي جميع الولايات السودانيّة ذات المُدّن الغبيّة ، العاجزة هي الأخرى عن تمويل نفسها بنفسها ، وبنوا القصور الخاصّة بهم كأفراد ، وحطّموا الأشلاقات المُؤقّتة ، هذا ليس عيباً ، ولكن العيب أنّ جعفر نميري وفلاسفة مايو الشيوعيّة ، لم يوجّهوا هذه القوى البشريّة الهائلة نحو الإقتصاد وبناء المُدّن المُنتجة إنتاجاً حقيقيّاً ، فظلّ هؤلاء يفعلون ذلك على حساب الغرامات والترخيص والجبايات ، ولم يفلحوا الأرض ويقيموا تلك المنشآت على حساب دخلهم الحقيقي من فلاحة الأرض ؟؟؟ وقد لحق بهم حاليّاً ، لكن بحسن نيّة ، مُدراء المُستشفيات والمدارس والجامعات وكلّ المُؤسّسات التي لا تمنحها الدولة أيّة ميزانيّات ، مُنذ عهد مايو ، وهم يظنّون أنّهم أذكياء وحُرَفاء يُحسنون صُنعاً ؟؟؟ كلّ ولاية هي دولة جبايات ، وحُكّامها ومُؤسّساتها ولجانها الشعبيّة وإتّحاداتها الطلابيّة والشبابيّة ، هم المافيا العاملون على تلك الجبايات ، وهم المصارف المشرعنة لتلك الجبايات ، ولكن من أجل بناء العمارات ، وهذه بئر لا قاع لها ، وهؤلاء سوف يدافعون عن هذه الوضعيّة والشرعيّة ، وعن هذه المُدُن التقليديّة الغبيّة بأسنانهم وبأسلحتهم وقوانينهم ، وسوف يتسلّقون كلّ الحكومات وخاصّة الحكومات الثوريّة ، يساريّة كانت أو يمينيّة ، والنتيجة مزيد من الولايات الجبائيّة ، ومزيد من المُدّن التقليديّة العشوائيّة ، لا مزيد من المُدّن النظيفة الحديثة الذكيّة الإنتاجيّة ؟؟؟
    54- جعفر نميري قال : أنا أيّ حرامي ماشّي في الشارع نشلت منه طرّادة ، فقيل له كيف ؟؟؟ فقال طبعت 25% من فلوس الدولة بدون تغطية ؟؟؟ ثمّ أبدع نائبه الأوّل عبد الماجد حامد خليل ورئيس جهاز أمنه عمر محمّد الطيّب في طباعة العملة فئة الخمسين جنيهاً في مكاتب أمن الدولة الشيوعيّة الإسلاميّة الكريمة العظيمة الخالدة بإنجازاتها كما يقول عنها فلاسفتها ، ومازالت الحكومات المنتخبة وغير المنتخبة تفعل ذلك ، وتعلن وتجيز في برلماناتها الشموليّة وغير الشموليّة ، أنّ معدّل التضخّم في الميزانيّة سوف يكون كذا وكذا % ؟؟؟ ولكن عزاءنا أن نقرأ قول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ) ! ( 117 – هود ) ، وأن نضطّلع بدورنا الذي يطلبه منّا أمثال سيّدنا عمر رضي الله عنه حين قال : «رحم الله امرءاً أهدى لنا عيوبنا». وقد وافقه الفيلسوف ( كانط ) حين قال : «النقد أعظم وسيلة للبناء عرفها الإنسان». وقد أفلح وأصلح الفيلسوف البيرت إينيشتاين حين قال : ( The world is a dangerous place not because of people who do evil, but because of good people who look on and do nothing about it.
    — Albert Einstein). كان الفيلسوف الشهير نيتشه‮ ‬يدعو الناس إلي طرح أفكارهم مهما تصادمت مع من حولهم ومهما لاقت تلك الافكار نقدا،‮ ‬ومهما أحدثت جدلا‮. ‬ومن مأثوراته في هذا الشأن عبارة مازال البعض‮ ‬يرددها ويعمل بها وهي‮ “‬قل كلمتك‮.. ‬وانفجر‮” . وقال سيّدنا علي رضي الله عنه : ( إنّ أوّل ما تغلبون عليه من الجهاد ، الجهاد بأيديكم ، ثم الجهاد بألسنتكم ، ثم الجهاد بقلوبكم ، فمن لم يعرف قلبه المعروف ، وينكر قلبه المنكر ، نكّس فجعل أعلاه أسفله) . وسمع ابن مسعود رجلاً يقول : هلك من لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر ، فقال ابن مسعود ) هلك من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر ، يشير إلى أن معرفة المعروف والمنكر بالقلب فرض لا يسقط عن أحد فمن لم يعرفه هلك ) . وكّل هذه الأقوال متوافقة أو مُستمدّة من صحيح مجامع الكلم ، التي صحّحها موحيها سبحانه وتعالى ، مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم الذي رواه مسلم : (من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان . ( والقلب هنا معناها العقل . والمراد في زماننا هذا ، والله أعلم ، من لم تكن لديه سلطة تشريعيّة وقاضائيّة وتنفيذيّة ، ولم يكن مُستشاراً رسميّاً لدى أيّ من تلك السلطات ، فهذا لا يعفيه من المسؤوليّة الإصلاحيّة أمام الله ، إنّما يجب عليه أن يُنكر المنكر كمفكّر إصلاحي مسؤول ومحترم ، ياحبّذا لوكان ذلك في مجال الذكر الذي علّمه له خالقه ، ومازال لسانه رطباً بذكر الله ، ولسان حاله وعظمة لسانه تقولان كما قال الأذكياء : اللهم أرزقنا من كلّ شئ ، وعلّمنا منطق كلّ شئ ، وأعنّا على ذكرك وشكرك وتقواك وحسن عبادتك في كلّ شئ ؟؟؟

    55- الإمام عبدالرحمن والسيّد علي الميرغني ، رحمهما الله وأحسن إليهما ، ورجالهما من الخرّيجين السودانيّين ، قد أقاموا دولة مدنيّة ديمقراطيّة حديثة حرّة ذكيّة ، لها أبعاد أخلاقيّة مُستمدّة من الرسالات السماويّة ، ومن مكارم الأخلاق والقيم والمُثُل والأعراف السودانيّة ، ومُتجدّدة الكوادر أتوماتيكيّاً ، بتجدّد دفعات الخرّيجين السودانيّين ، وقد تركوا لنا نواة توحيديّة لكونفدراليّة وادي النيل بعد جلاء المستعمرين عن هذه الدول ، وقد كانت لديهم محاولات في تعديل قوانين الأمم المُتّحدة بحيث تتضمّن الأبعاد الأخلاقيّة المُستمدّة من الرسالات السماويّة ، تجنّباً لتكرار ما حدث لرجال الدولة المهديّة الإسلاميّة ، ولو واصلنا نحن تلك المجهودات العبقريّة ، بذكاء ومنطق سليم وحجّة قويّة ، لما كانت هناك حاجة لظهور تنظيمات إرهابيّة أو فاشيّة ؟؟؟
    56- الخرّيجون السودانيّون قد تركوا لنا بنى سياسيّة ضخمة ، وتركوا لنا طريقة واضحة وحديثة للتبادل السلمي للسلطة ، يخافها المستعمر ولن يفكّر في إجتياح السودان من أجل ثرواته إذا ما حذونا حذو الخرّيجين السودانيّين ( Method ) ، ولكنّنا لم نفعل ذلك ، ولا نريد أن نفعل ، بل عجزنا على أن نُجمِع ونؤمّن على أهميّة ذلك ، وأن نتّفق ونتعاون على فعل ذلك … وكانت النتيجة أن قال الأمريكان للبشير : نحن نريد أن نحتفظ ببترولنا في السودان للأجيال الأمريكيّة التي سوف تولد بعد مائة عام … ثمّ طردوا البشير من بترول جنوب السودان ، ومن يورانيوم جنوب غرب السودان ، وضيّقوا على المواطن السوداني مساحة رعاية وتجارة المواشي الأفريقيّة ، وقفلوا في وجهه سبل التجارة البينيّة ؟؟؟
    57- الإنجليز قد تركوا لنا بُنى إقتصاديّة ضخمة ، وتركوا لنا طريقة واضحة لإعمار السودان ( Method ) …. مبنيّة على أنّ السودان دولة زراعيّة رعويّة ، سياحيّة ، ولكنّها لن تستمر كذلك ، لأنّ مساحة المرعى الطبيعي سوف تتقلّص جنوباًً ، نتيجة للزحف الصحراوي جنوباً ، وربمّا يصل إلى بيحرة تانا في الهضبة الإثيوبيّة ، ثمّ إلى بحيرة فيكتوريا في المنطقة الإستوائيّة ، في خاتمة المطاف ، إن لم يتدخلّ الإنسان ويتلحلح …. ، وبالتالي فكرّ الإنجليز في إنشاء مشروع الجزيرة المروي إنسيابيّاً ، في وسط السودان ، ( وكان ذلك هو مومقع سوق المواشي الإفريقيّة سوق معتوق والمناقل حاليّاً ، ومنه إلى سوق تنبول عبوراً بطول وعرض مشروع الجزيرة ، ثم إلى ميناء سواكن أو بورتسودان ، وإلى مصر وليبيا ) ، وكان مشروع الجزيرة معنيّاً بغرض إنتاج الأعلاف والذرة والفول واللوبيا لتسمين الماشية وتصديرها ، إحتراماً للخصوصيّة التجاريّة ، التي كانت موجودة …. بالإضافة إلى إنتاج محصول القطن ، وهو محصول إقتصادي …. فكان مشروع الجزيرة المرويّة ، هو أكبر مزرعة أفريقيّة ، إدارتها جماعيّة ، بها ميكنة زراعيّة ، مزارعها أصلاً تاجر مواشي غني بالذهب و المال يمكنه تمويل حوّاشته … ، ضمن مزرعة كبيرة مربوطة داخليّاً ومربوطة خارجيّاً بميناء التصدير بوسائل النقل الحديديّة التقليديّة البطيئة ، ومربوطة بالأساطيل البحريّة ، بالسوق الأوروبيّة والعالميّة … بالإضافة إلى وسائل البحث والتطوير والصيانة والإبادة الحشريّة وصناعة الأسمدة والمحالج والمغازل وغيرها ؟؟؟ كان ينبغي لنا أن نحذوا حذو الإنجليز ونقيم أكثر من 16 مشروع زراعي إنسيابي كهرومائي على النيل وفروعه المختلفة في جنوب السودان وفي شماله وشرقه ….. مياه النيل يمكن ضخّها أفقيّاً بعيداً عن شواطئ النيل شرقاً وغرباً وإقامة مُدُن زراعيّة رعويّة سياحيّة صناعيّة تجاريّة ترحيليّة حديثة وذكيّة تسهم في إعادة إخضرار السودان وإرجاع الحاجز الصحراوي شمالاً …وتسهم في العولمة الغذائيّة بإيجابيّة… ولكنّنا لم نفعل ذلك ، ولم نتفرّغ لفعله ، بسبب الصراعات العنيفة بين الحركات اليمينيّة والحركات اليساريّة والأحزاب التقليديّة والمؤسّسة العسكريّة الأمنيّة الشرطيّة ، و سيطرة المُجرمين والهماتة والبلطجيّة والربابيط والحراميّة على كلّ هذه الجهات المتصارعة ، العسكريّة منها والمدنيّة …. ونتج عن ذلك واقع مرير ، جعل حياتنا جحيماً لا يُطاق …. وسوف يكون مصير أولادنا وأحفادنا أسوأ بكثير ، إن لم نتفاوض ونتّفق ونتحّد ونتضافر ونتعاون ونفعل ( جميعاً ) ما ينبغي فعله ؟؟؟ لكن هنالك أمل ؟؟؟
    58- إبراهيم عبّود كان عبقريّاً وطنيّاً وحدويّاً عندما ربط الجنوب والشمال بالسكك الحديديّة وبالأساطيل النهريّة . وجعفر نميري كان عبقريّاً وطنيّاً وحدويّاً عندما شرع في بناء شبكة جنوبيّة للكهرباء ، وقد كلّف بذلك مدير التخطيط والمدير العام للهيئة القوميّة للكهرباء المهندس عبد اللطيف إبراهم . وقد إجتهد الأخير في إعداد الدراسات وإيجاد التمويل وشرع في تنفيذ العمل بإقامة محطّة توليد الكهرباء في جوبا والثانية في رمبيك . ولكن الجنوبيّين الذين كانوا يحكمون الجنوب في عهد نميري قد أوقفوا إنشاء تلك الشبكة الجنوبيّة ؟؟؟ وقد ضربوا وعطّلوا السكك الحديديّة والنقل النهري وضربوا الطائرة المدنيّة في ملكال …… وصادروا اللواري التجاريّة والآليّات الزراعيّة والماشية لتمويل حربهم ضدّ وحدة السودان ؟؟؟ وعندما تربّعوا على كراسي حكومة الجنوب ، قالوا إنّهم يريدون أن ينقلوا المدينة إلى المواطن ؟؟؟ لكنّهم لم يعرفوا كيف ينقلون مواد البناء إلى الجنوب ؟؟؟ ولم يجدوا الوقت والتمويل والخبرات لبناء شبكة الكهرباء للمدن المزعومة ؟؟؟ … ………………يقول زاك موريس، محلل متخصص بالشؤون السودانية، مجموعة الأزمات الدولية، «السنة الأولى بعد الانفصال ستحدد مسار الدولة الجديدة على المستويات الاقتصادية والسياسية، ومن الواضح أن هناك الكثير من الاهتمام والمصالح الصينية هنا».
    ولكن حكومة الجنوب لا تنظر فقط إلى الشرق الأقصى، بل تريد أن تستفيد من الشرق الأوسط القريب منها، وقبل أيام من الانفصال قام رياك مشار، نائب رئيس جنوب السودان، بزيارة دولة الإمارات لإعلان نية بلاده عقد مؤتمر اقتصادى فى دبى الخريف المقبل للتعريف بفرص الاستثمار الموجودة لديها.
    ويقول البعض إن الثورة النفطية فى جنوب السودان محدودة، ولن تستمر لأكثر من 10 أو 15 سنة، وحكومة الجنوب تنفى هذه التقارير، ولكن الأهم أنه بالنسبة للمستثمرين العرب فإن لدى الدولة الجديدة ما هو أهم من النفط، ألا وهى الأرض الزراعية التى يحتاجونها بشدة لضمان الأمن الغذائى. وتعتبر 90% من أراضى جنوب السودان مناطق زراعية ممتازة، وهى بمعظمها غير مستغلة.
    بعض الشركات دخلت إلى جنوب السودان بمجرد إعلان الدولة، وقد بدأت تجنى الثمار بعد أيام قليلة من مزاولة عملها، وبينها بنك كينيا التجارى العام، الذى قال مديره جون كيمانثى: «لدينا 18 فرعاً فى جنوب السودان وقد رأينا الكثير من المؤسسات التى تنتظر لترى مستقبل الأمور وأنا أشجعها على الدخول».
    ولكن «جنوب» السودان تبقى بحاجة للكثير من الاستثمارات، وتشير التقارير إلى أن بناء البنية التحتية وحده بحاجة لاستثمارات تبلغ 500 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، كما أنها ستحتاج للكثير من الجهد فى قطاع الطاقة، باعتبار أن معظم المصافى موجودة فى الشمال، الأمر الذى يعكس أزمة نقص فى المحروقات بالجنوب رغم غناه بالنفط.
    المصري اليوم . تم إضافته للراكوبة يوم الثلاثاء 19/07/2011 م – الموافق 18-8-1432 هـ الساعة 6:30 صباحاً .

    59- القضيّة المُلحّة الآن هي التفكير الجماعي الجاد ، في إعادة توحيد وهندسة الدولة السودانيّة ، بعقول ورؤى سودانيّة ، وإعادة تحريرها وإستقلالها من كلّ الذين يستعمرونها …. ومن ثمَّ إستغلال ثرواتها الطبيعيّة والبشريّة في النهوض بها نهوضاً حقيقيّاً ، وبنائها جماعيّاً ، أيضاً بعقول ورؤى وسواعد وأموال سودانيّة ، كلّ ٌ في مجال الذكر والخبرات والكفاءات والمواهب والإبداعات والمهام التي خلقه الله من أجل الإضطّلاع بها ، وهيّأه وسخّره لها ، ويسّرها له ….. ولن يحدث ذلك ما لم تتحوّل الولايات ، بل الحكومات الجبائيّة ، المُتكاثرة بطريقة عشوائيّة ، إلى مُدُن إقتصاديّة ذكيّة ، مُنتجاً إنتاجاً حقيقيّاً ، وبالتالي مُستغنيّة ومُبتعدة إبتعاداً حقيقيّاً عن الهمبتة والغش والتزوير وطباعة العملات وتعجيز وتعطيل المُستثمر الوطني والأجنبي بالجبايات والغرامات والدمغات ، وإثقال كاهل المواطن والمقيم برسوم الدراسة المليونيّة بالجامعات الحكوميّة ، ورسوم الزيارة والعلاج بالمستشفيات الحكوميّة ، وعن الديون من مؤسّسات النقد الدوليّة لتمويل مشاريع الأحزاب الآيديولوجيّة وتعويض الأحزاب التقليديّة ، وتمويل مشاريع الكوادر العاطلة التعطيليّة الإجراميّة الحراميّة البلطجيّة المسيطرة على كلّ هذه الأحزاب والسفارات والمؤسّسات العسكريّة والأمنيّة والشرطيّة والجبائيّة والقانونيّة والبهلوانيّة الإستغلاليّة ؟؟؟
    60- الإقتصاد السوداني قد تأثّر برفض جعفر نميري للخطة المُستقبليّة ، لتوسيع الشبكة القوميّة للكهرباء ، التي أعدّتها إدارة الهيئة القوميّة للكهرباء ، عندما إختلف مع الشيوعيّين الذين كانوا يسيطرون على مرفق الهيئة القوميّة للكهرباء ، وقال لهم كما قالوا لنا في محاضرات تعريفيّة ونحن خرّيجون جدد تم تعيينا عبر لجنة الإختيار للخدمة العامّة المركزيّة آنذاك : أنا عايز أوظّف ميزانيّة الدولة للتمنية ، أنا جاتني شركات إستثماريّة ، إتّفقت معها على إقامة مُدُن إقتصاديّة ذكيّة ، مُنتجة إنتاجاً حقيقيّاً ، سوف تنتج حاجتها من الطاقة الكهربائيّة من الطاقات البديلة وسوف تقوم بتصدير الفائض من الكهرباء ، إلى الشبكة القوميّة للكهرباء ، وقد أنشأ فعلاً مُدُن كنانة وعسلاية ، وكان بإمكانه إنشاء آلاف المُدن الإقتصاديّة الذكيّة على شواطئ النيل شرقاً وغرباً ، من جنوب السودان إلى شماله ، ولكنّه لم يفعل ذلك ؟؟؟ فلم تكن المُدُن الذكيّة التي أقامها ، مشكوراً ، كافية لإمداد الشبكة القوميّة بالكهرباء ، والبرنامج المعد من قبل خبراء الهيئة القوميّة للكهرباء لم تتم إجازته ، مع أنّه كان مبنيّاً على أنّ السودان سوف ينتج البترول ويقوم بتصفيته في مصفاة كوستي ، ويتم إستغلال زيت الفيرننس الناتج عن التكرير كوقود لتوليد الطاقة الكهربائيّة ، في محطّة توليد كهرباء الخرطوم بحري ، وكانت سعتها الإبتدائيّة المُقترحة 330 ميغاوات ، وكان مخطّط لها أن تتحوّل من إستعمال الوقود المُستورد إلى إستعمال الوقود المحلّي في عام 1985 ميلاديّة . ولكن عندما لم يوافق جعفر نميري على الخطّة ، تقلّصت سعة محطة بحري الحراريّة ، كما قالوا لنا ، إلى 33 ميقاواط ،على أن تكون مناسبة مع إمكانيّة الشبكة المُتاحة في ذلك الوقت ، وعلى أن تُستغل كنواة لتدريب المهندسين والفنّيين والعمّال السودانيّين ؟؟؟
    61- بدأ البحث والتنقيب عن البترول في السودان عام 1974م بعد الاتفاق مع شركة شيفرون الأميركية تلتها اتفاقية أخرى مع ذات الشركة عام 1979 بعد النتائج الإيجابية التي أحرزتها في اكتشافاتها.
    62- مربعات منتجة للنفط : أصبحت بعض المربعات منتجة مثل مربع (3) حقل عدارييل الذي تعمل فيه شركة بترودار بإنتاج يومي يبلغ نحو 260 ألف برميل يوميا ووينبوك الذي تعمل فيه شركة النيل الأبيض. كما إن هناك حقل فارجاك جنوب بانتيو مربع (5 A) الذي ينتج نحو عشرين إلى 25 ألف برميل يوميا, وشركة النيل الكبرى في مربعي (1 و2) بجانب حقول الوحدة المسماة ونقا وتوما ساوث وحقل النار وحقل التور وحقل الحر والتي تنتج نحو تسعين إلى 120 ألف برميل يوميا.
    أما مربع (2) هجليج وبامبو والذي يضم آبار شلنقو وأزرق ونيم تنتج نحو خمسين إلى ستين ألف برميل يوميا فيما ينتج حقل دفرة الذي يقع ضمن الأراضي الجنوبية ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف برميل يوميا.
    بينما تنتج حقول الفولة وأبو جابرة الواقعة في مربع (6) نحو أربعين ألف برميل يوميا ربما يصل إلى ستين ألف برميل يوميا.
    63- بترول مكثف : أما مربع (8) في منطقة الدندر بولاية النيل الأبيض فأكدت نتائج البحث فيه وجود الغاز والبترول المكثف.
    يبلغ طول الخط من حقول الإنتاج حتى ميناء بشائر على البحر الأحمر نحو ألف و610 كيلومترات بسعة تزيد عن 250 ألف برميل يوميا.
    يلاحظ أن غالب حقول البترول هي خارج دائرة أبيي التي ظلت تعرف بأنها المنطقة الغنية بالنفط. بينما تقول الحقائق على الأرض إن النفط موزع في أماكن مختلفة بولاية جنوب كردفان وولاية واراب والوحدة.
    تنبع أهمية الطاقة من كونها العامل الرئيسي لأي تنمية صناعية أو زراعية أو اجتماعية وبوصفها من أهم هياكل البنية التحتية ، وهي التي تقوم عليها مشروعات وخطط التنمية بكل أشكالها. يقاس مدى تقدم الشعوب بمقداراستهلاكها للطاقة. وتأتي الكهرباء على قمة هرم الطاقة وأكثرها استهلاكاً وتأثيراً في المجتمع والصناعة .
    قد شهد السودان أول إكتشاف للغاز في بئر بالبحر الأحمر عام 1975م بواسطة شركة شيفرون وفي عام 2002م بئر الفولة شمال – 4 كأول بئر للغاز المصاحب علي اليابسة في السودان وفي عام 2005م تم إعلان بئر موقا 20- 1 في القطاع 6 كأول بئر للغاز الحر علي اليابسة في البلاد ثم ظهرت اكتشافات في حقل الدندر وهو الآن في مرحلة الدراسة للإستغلال الأمثل .

    64- لقد تم اكتشاف اليورانيوم والحديد في السودان عام 1957 م ، في منطقة بحر العرب ، ومنطقة واو ومنطقة راجا : http://www.youtube.com/watch?v=3FvLt3YaBlo

    65- إنّ هذه الإكتشافات تدلّ علي أنّ السودان واعد بالعديد من المعادن وموارد الطاقة الأحفوريّة التي تزيد علي إستهلاكه المحلي الأمر الذي يبشر بصادرات كبيرة في هذه القطاعات في المستقبل القريب حتي تساهم مع غيرها في زيادة الدخل القومي …. …. في رأيي الغاز الطبيعي والبترول الخام واليورانيوم وكلّ موارد الطاقة الأحفوريّة الناضبة المعين ، لا ينبغي تصديرها إلاّ بقدر وبكلّ الحذر ، إنّما ينبغي إستغلالها في بناء مشاريع المُدّن الذكيّة المُعتمدة على الطاقات المُتجدّدة أوتوماتيكيّاً ؟؟؟

    66- سعة الشبكة السودانيّة للكهرباء ينبغي أن تكون محسوبة ظمن خطّة إقتصاديّة ذكيّة طويلة المدى . ولكون السودان من الدول المرشّحة لأن تكون سلّة لغذاء العالم عبر المُساهمة الإيجابيّة في العولمة الغذائيّة الإقتصاديّة الذكيّة ، هذه الخطّة ينبغي أن تشتمل على حاجة مُدُن السودان الإقتصاديّة الذكيّة للطاقة الكهربائيّة بأسعار تنافسيّة وتشجيعيّة ومُجدية إقتصادِيّاً ، وعلى المدى البعيد ينبغي أن تشتمل الخطّة على إمكانيّة تصدير الفائض من الطاقة البديلة التي سوف تنتجها هذه المُدّن للشبكة السودانيّة للكهرباء . ولكون السودان دولة إستراتيجيّة مُتعدّدة المحوريّة ، ولكونها غنيّة بالموارد والإمكانات الطبيعيّة والبشريّة لصناعة الطاقة الكهربائيّة ، ينبغي أن تتّسع وأن تتوسّع شبكتها القوميّة لتوليد الطاقة الكهربائيّة لكيما تُحقّق الإكتفاء الذاتي المحض ، وأن تتعداه وتتجاوزه نحو مرحلة تصدير الطاقة الكهربائيّة كسلعة إستراتيجيّة وإقتصاديّة بمواصفات قياسيّة عالية الجودة والموثوقيّة وبأسعار تنافسيّة .
    67- عندما نقول مُدُن إقتصاديّة ذكيّة نعني بذلك أن تكون المدينة المعنيّة مُحدّدة ومُتعّدة الأهداف الإقتصاديّة ، ولكنّها في الوقت نفسه مُتعدّدة الأغراض الإجتماعيّة والإنسانيّة بأشكالها المًختلفة . أقرب مثال لهذه المُدُن الإقتصاديّة الذكيّة هي مدينة الرياض العاصمة السعوديّة ، وهي في الأصل أكبر حقل ومصفاة لتكرير البترول ، وفي الوقت نفسه هي العاصمة والمدينة مُتعدّدة الأغراض المعروفة. الأمثلة السعوديّة الأخرى للمُدُن الإقتصاديّة الذكيّة هي مدينة الجبيل الصناعيّة ومجمّع مُدُن الظهران الخبر الدمّام البترولي ومدينة أبقيق لتكرير البترول ومعالجته ، ومدينة رأس تنّورة ميناء تصدير البترول عبر الخليج العربي ، ومُدن زراعيّة سياحيّة حديثة ومجدية وذكيّة تعتمد على تبخير وتكثيف وضخ مياه الخليج والبحر الأحمر وتكامل ذلك مع المياه الباطانيّة وإيرادات الأمطار ، وقد حقّقت وفرة هائلة في الألبان ومُنتجاتها والدواجن وبيضها واللحوم والأسماك وغيرها. الأمثلة السودانيّة لهذه المُدّن الذكيّة هي كما ذكرنا مدينة كنانة لزراعة وإنتاج السكر والأعلاف الحيوانيّة ( ويُحمد لجعفر نميري ورجاله أنّهم أقاموها ) ، ومدينة ربك لإنتاج الأسمنت ، ومدينة عطبرة لإنتاج الأسمنت و لإدارة وصيانة أساطيل النقل الحديديّة ، ومدينة بورتسودان لإدارة أساطيل النقل البحريّة وإدارة التصدير والإستيراد عبر هيئة الموانئ البحريّة وهي أيضاً مدينة صناعيّة ، ومدينة كوستي هي الميناء النهري ومُلتقى السكك الحديديّة ، ومدينة الخرطوم بحري لإدارة وصيانة أساطيل الترحيل النهريّة بالإضافة إلى أنّها في الأصل وفي سابق العصر كانت مدينة صناعيّة ذكيّة تمّت فيها صناعة العربات العسكريّة عام 1937 ميلاديّة وشاركت تلك العربات في الحرب العالميّة الثانية . الجدير بالذكر أنّ مُدن العاصمة المثلّثة هي في الأصل كانت نواة ومثال للمُدُن الصناعيّة والتجاريّة والسياحيّة الذكيّة المُنتجة إنتاجاً حقيقيّاً . منذ بداية ثمانينات القرن الماضي ، كانت شركة طه الروبي الهندسيّة تقوم بإستيراد وتجميع وتسويق وصيانة الآليّات الزراعيّة الثقيلة والخفيفة . المواطن السوداني العادي كان يشتري لوري تخشيبة من بورتسودان ، ويذهب إلى أي ورشة في الدويم أو كوستي ، فيحوّل تلك التخشيبة إلى لوري تجاري ( سفنجة ) ، يذهب به إلى إثيوبيا و كينيا و يوغندا وأفريقيا الوسطى وكلّ دول الجوار ، ويعود به سالماً غانماً ، ما لم يصادره المُجرمون العطالى المُفلسون فكريّاً ومادّيّاً ؟؟؟ وبعد سنة واحدة يكون قد ربح ضعف سعر اللوري ، فيحوّله إلى بص محلّي أو يبيعه إلى شقيقه او إبن عمّه بنصف القيمة ، بعد أن يكون قد ذهب إلى بورتسودان واشترى تخشيبة أخرى وصنع منها لوري آخر ؟؟؟ لكن للأسف الشديد جدّاً كلّ هذه المُدُن السودانيّة التي كانت مُبدعة ومُنتجة وذكيّة قد أصبحت الآن غبيّة مُنتهى الغباء ، لأسباب قد ذكرنا بعضها . ولكن يمكن تحويل هذه الهزيمة الإقتصاديّة ، إلى نصر ، بإعادة هذه المُدُن إلى مُدُن إقتصاديّة ذكيّة،مُنتجة إنتاجاً حقيقيّاً،وبالإمكانات العلميّة والعولميّة الحاليّة.
    68- تكلفة وطريقة دفع فواتير الكهرباء ، وضريبة الدخل والأرض والماء والعتب والطريق والجمارك والرسوم الأخرى ، قد أثقلت كاهل المواطن السوداني وسبّبت له كُلّ هذا العنت والنّصَب والإفقار المُدقع والعناء والإعياء . قال لي أحد أصحاب المصانع إنّه يدفع عشرة مليون جنيه سوداني لشراء الكهرباء شهريّاً ، ويدفع كلّ أرباحه ضريبةً ، ولذلك عزف عن تصنيع ما كان يصنعه من أشياء ، وقام بتأجير المصنع بمبلغ زهيدٍ يكفي لتوفير حلّة المُلاح ومصاريف دراسة الأبناء . قال لي أحد المزارعين كبار السن بالشماليّة : الزراعة عايزة إمكانيّات ، زمان ما كانت عليها ضرائب ، لكن الآن هنالك ضريبة على الأرض وعلى الماء وعلى العود ( كلّ نخلة أو شجرة ) فما عدنا نستطيع تمويل الزراعة. لكنّني لاحظت أنّ المزارع في الخليج ( الأحساء مثلاً ) هو إمّا موظّف بشركة أرامكو السعوديّة ( شركة البترول ) أو موظّف بالشركة السعوديّة للكهرباء وقد بلغ من العمر ما قبل مرحلة المعاش بفترة كافية ، تجل مزرعته بديلاً مُنتجاً للوظيفة ، يستطيع من خلاله المساهمة في بناء الإقتصاد بطريقته الخاصّة ، عبر مزيد من العطاء بعد المعاش . تبلغ مساحة المزرعة كيلومير في كيلومتر يعني مليون متر مربّع ، بها كهرباء وماء ومجاري للصرف الصحّي ، ومحاطة بشوارع الأسفلت ، وقريبة من محطّة السكة حديد ، يزرع فيها ما يشاء ، ويرعى فيها ما يشاء من الماشية والدواجن والطيور والصقور وحيوانات حدائق ليجعلها مصدراً سياحيّاً كما يشاء ، ويبني بداخلها صالات الأعراس كما يشاء ، ويصنع فيها ما يشاء من أنواع الصناعة ، ويبني بداخلها ما يشاء من الورش والمخازن والمستودعات ، ويسكن فيها هو وأسرته وعمّاله وأسرهم في مباني مُتعدّدة الطوابق بقدرما تسمح الأرض من الناجية الهندسيّة ، بها مسجد للنساء والرجال ، ودورات مياه للنساء والرجال ، المدينة بها بياطرة وأطبّاء ومهندسين زراعيّين . المزارعون لا يعرفون شيئاً إسمه ضرائب ورسوم وجبايات ، كلّ المطلوب منهم هو تعمير الأرض وزراعة الصحراء وهذا يكفي . في السودان المعاشيّون يجلسون في ضلّ الضحى وفي ضلّ العصر ، لصعوبة الحصول على أرض المزرعة في بلد زراعيّة كالسودان ، ولعدم كفاية المرتّب لتوفير رصيد بالبنك ، يستطيع المعاشي أن يموّل به المزرعة في حال الحصول عليها . إستمعت مرّة إلى جلسات البرلمان ، فقال أحدهم إنّ تكلفة زراعة الأشجار بقصد مكافحة الزحف الصحراوي ، في الولاية التي يشارك في حكمها ، تكلّف مائة مليون دولار أمريكي ؟؟؟ فقلت يا هذا : الأشجار يزرعها المواطن إذا ما أعانته الدولة بالتخطيط للمُدُن الإقتصاديّة الذكيّة ، وبعدم إفقاره بالجبايات الغبيّة ؟؟؟ قلت لأحد الأمراء في الخليج : هل تفرضون ضرائب على المزارعين ؟؟؟ فأجاب : هم يدخلون في البلل والطين وفي روث البهائم وفي أقفاص الدجاج ، فينتجون لنا الخراف والدحاج والبيض والتمر والخضروات ، ويزرعون لنا الصحراء ، فينبغي أن نصرف لهم مُرتّبات على كلّ كبدٍ رطبة أجر ، يا زول ، إيش بيك ؟؟؟
    69- أصحاب البقّالات الآن يقومون بتشغيل بعض الثلاّجات لبعض الوقت ، ثمّ يوقفونها لتوفير قيمة الكهرباء ، ممّا يفسد المواد الغذائيّة قبل بيعها للمواطن . لا يستطيع أيّ مواطن سوداني الآن أن يستمتع في بيته وفي متجره وفي مصنعه بالهواء المكيّف تكييفاً صحيّاً عبر وحدات التكييف التي تعمل على كبس غاز التبريد والتكييف ، إذا فعل ذلك سوف يشتري كهرباء بكلّ ما يملك من مال ويتحوّل بين يوم وليلة إلى مُتسوّل . سئل سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم عن النعيم ، فقال : الماء البارد من النعيم . أو كما قال صلّى الله عليه وسلّم . الذي أنزل الكتاب ، سبحانه وتعالى ، قد أنزل معه الميزان (Guide lines ) إذن التكييف والهواء البارد من النعيم. في أيّة دولة من دول العالم تحترم مواطنيها ، لن تحرمهم من التكييف برفع تعريفة الكهرباء . ولن تحرمهم من الصناعة المربحة والزراعة المربحة والتجارة المربحة برفع تعريفة الكهرباء . قال لي أحد زملائي المُهندسين ، من أبناء النيل الأبيض ، إنّه كان يعمل في ألمانيا ، وجاء إلى السودان بثروة وخبرة لا بأس بهما ، فأقام مشروعاً زراعيّاً في جنوب النيل الأبيض ، لإنتاج الذرة والأعلاف وتسمين الماشية وتصديرها ، وقد وظّف أعداد هائلة من العاملين والسائقين للجرّارات والآليّات الزراعيّة ، لكنّه فوجئ بعد حين ، بمجموعة من الحراميّة المُقنّنين والمُشرعنين ، فرضوا عليه وعلى عمّاله وأرضه وإنتاجه وجرّراته جبايات تعجيزيّة إفقاريّة ، فهاجر نهائيّاً إلى كندا ، وهو الآن يعمل مُزارعاً هناك . الحكومات لا تستطيع أن تمنح المواطن نصيبه من عائدات الثروات التي تبيعها ، إلاّ عبر الخدمات الأساسيّة كالكهرباء والماء والعلاج والتعليم والإعفاءات الجبائيّة . ولن تستطيع أن تكون بنكاً غير ربوي ، للمزارع والتاجر والصانع وغيرهم ، إلاّ عبر تأخير سداد فاتورة الكهرباء ، إلى حين أن يربح قيمة سدادها . وإن لم يفعل ذلك ، فهو إذن لص أو عاجز عن ذلك لأسباب ينبغي أن يُسأل عنها . وهي حالات معزولة لا ينبغي أن تبني عليها الدولة طريقة سداد فاتورة الكهرباء . والفواتير الأخرى . لأنّ هذه التجربة قد عطّلت المواطن ومنعته من أن يبني إقتصاد هذا البلد بطريقته الخاصّة ، وأصبح التاجر والصانع والمزارع عطالى ، بعد أن كانوا يوظّفون العطالى . طه الروبي مثلاً كانت له 14 شركة ، يشغّل فيها المهندسين قبل أن يتخرّجوا من الجامعة . الآن كلّها مُتعطّلة عن العمل ؟؟؟ وغيرها كذلك ؟؟؟ الدولة بأحزابها الشموليّة ، اليمينيّة منها واليساريّة ، وبأحزاب الخرّيجين الوطنيّة الذكيّة التي حوّلها رؤساؤها إلى أحزاب تقليديّة شبه إقطاعيّة ، لا ينبغي لها أن تنافس المواطن في القطاعات الإستثماريّة ، لأنّها تطبع لنفسها الفلوس وهو لا يفعل ذلك ، ولأنّها تستدين من مؤسّسات النقد الدوليّة وهو لا يفعل ذلك ، ولأنّها تبيع الثروات الطبيعيّة وهو لا يفعل ذلك ، ولأنّها تبيع الكهرباء والماء وهو لا يفعل ذلك ، ولأنّها تفرض عليه جبايات وهو لا يفرض عليها جبايات ، ولأنّها لا تدفع فاتورة الكهرباء والماء والخدمات وهو بفعل ذلك ، فأنّى له أن يصمد في السوق؟؟؟
    70- مشروع الجزيرة في الحقيقة كما ذكرنا هو كان أكبر مزرعة أفريقيّة تُروى إنسيابيّاً وتُدار بطريقة جماعيّة ومربوطة بالأسواق العالميّة عبر أساطيل النقل الحديديّة والبحريّة ولذلك كان مشروعاً ناجحاً إقتصاديّاً ولكنّه لم يكن ذكيّاً ، وذلك لأنّه لم يكن مدينة ذكيّة ولم يكن الإنجليز معنيّين بمدنيّة ورفاهيّة وإنسانيّة أهل السودان ، إنّما كان ، أي مشروع الإنجليز عبارة عن قرى للعرب وكنابي للزنوج . لكن ينبغي أن يُحمد للإنجليز انّهم كانوا يُعالجون مياه الترع ضدّ أميبيا البلهارسيا وغيرها من الديدان ، عن طريق تذويب هايبوكلورايت الصوديوم أو الكالسيوم وإضافته إلى الماء بنسب محسوبة ، فينتج عنه الكلورين ، فيعقم المياه . ويمكن الحصول عليه بتمرير المياه المالحة التي تحتوي على الصوديوم أو الكالسيوم على خليّة كهربائيّة بطريقة علميّة معيّنة ( Electro-chlorination plant ) فينتج عن ذلك مادة سائلة إسمها صوديوم أو كالسيوم هايبوكلورايت ، ويتصاعد غاز الهيدروجين . وكذلك كان الإنجليز يكافحون الحشرات الأخرى مثل البعوض والذبابة العاديّة وذبابة التسي تسي بإستمال مادة الدي دي تي قبل أن يتم حظر إستمال هذه المادّة عالميّاً لتلويثها للنباتات ، بدون أن يكتشفوا بديلاً فعّالاً لها . ولكن الحكومات الوطنيّة قد أوقفت هذه المُعالجة لأسباب لا أعلمها ، ولم تهتم بتطوير أساطيل النقل الحديديّة والبحريّة التي طالما تأثّرت بالعسكرة الإداريّة والآن هي مُتأثّرة بالمُحاصرات الإقتصاديّة وبالخصخصة التمكينيّة على حساب كفاءة الكوادر الإداريّة ، وبالتالي فقد مشروع الجزيرة كُلّ مقوّمات الإنتاج العِلميّة بما فيها الأسواق العالميّة . فأصبح مشروع الجزيرة طارداً وغبيّاً حتّى إشعارٍ آخر ، حتّى يأذن الله بتحويله إلى مدينة إقتصاديّة ذكيّة ، تربطها بالعالم سكك حديد ماغناطيسيّة سريعة وحديثة وعملاقة ( 500 كيلومتر في الساعة ) .
    71- بإمكاننا مُضاعفة المشاريع المرويّة عبر تعلية خزّان الروصيرص وإقامة مشروعين إنسيابيّين أو بالأحرى مدينتين زراعيّتين رعويّتين سياحيّت

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..