مقالات وآراء سياسية

غياب السودان عن قمة العرب في جدة بحضور البرهان أو غيابه

طاهر عمر

قمة العرب في جدة أهم حدث تتمركز حوله القمة هي عودة الأسد وريث سوريا من أبيه بما يعني فشل الجمهوريات العربية سواء في مصر عبدالناصر أو سوريا والعراق وغيرها في أن تعبر الممر الإلزامي الذي يفضي الى التحول الى قيم الجمهورية والاحترام الكامل لمواثيق حقوق الانسان . وكله نتاج حالة التيبس والتكلس الفكري الذي يغطي رحم الأمة العربية وقد جعلها عاقر سمينة وأمينة تقاوم أي تغيير وتتحايل عليه بأنها أمة لها خصوصيتها التي جعلتها تنكفي لنصف قرن أي منذ بداية النيوليبرالية كديناميكية الى لحظة نهاية النيوليبرالية في بوتقة الصحوة الاسلامية ككوميديا إلهية غذّت شعلتها أموال البترول وهي تسيل في دعم الجهاد في أفغانستان وتنشد الأناشيد مع وصول الخميني في ايران.
العالم العربي بثقافته العربية الاسلامية التقليدية ملئ بالحيل التي تتولد من دهاة العرب في عصرهم الحديث لتبرير فشلهم وتخلفهم عن مسيرة البشرية في سيرها الأبدي كمسيرة مأساوية وتراجيدية وتحتاج على الدوام للتغيير الذي قد إنهزم أمام الثقافة العربية الاسلامية التقليدية التي تزعم بأنها صالحة لكل زمان ومكان وهيهات.
عودة ابن الأسد الوريث لسوريا فيها فرحة مكتومة لنخب السعودية ودول الخليج بفشل الربيع العربي الذي ورثه أتباع الخطاب الديني في كل من مصر وفشلهم في تصور التحول الديمقراطي بل فتح الطريق لسيسي مصر لبناء نظام حكم تسلطي يعيد مصر لزمن غياب الريادات الوطنية الواعية التي تهدف الى التحول الديمقراطي ويعيد نخب الخنوع والتبعية والموالاة للديكتاتور كما كان ايام عبد الناصر وعندما فشل ورثت الحركات الاسلامية زخمه وسارت به وبالأمة العربية التقليدية كالسائر في نومه.
السعودية ودول الخليج وخوفهم من موجات الربيع العربي يستدلون على فشل التحول الديمقراطي في مصر وفشل تونس بسبب عشرية الغنوشي كمعرقل للتحول الديمقراطي في تونس وفشل اليمن وحرب اليمن وخراب الحوثيين لكنهم أي السعودييين والخليجيين لم يذكروا بأن أموال البترول التي كانت تخرج من صيدليتهم هي سبب توهج الخطاب الديني والسعودية نفسها لم تعرف خطره إلا بعد أن وصلت أصابعها حرارة لهب الثقاب الذي قد أشعلته بمساعدتها لخطاب الاسلام السياسي وبعد أن إحترقت أصابع السعودية بتفجيرات الاسلاميين داخل السعودية قد عرفت أنها كانت تربي الذئاب أي الاسلاميين وقد أرضعتهم من ثديها اللبون.
بالطبع من حق السعودية ودول الخليج وبحكم طبيعة نظم حكمهم كملوك وسلاطيين وأمراء أن يزداد خوفهم من موجات الربيع العربي التي تؤشر الى أن العالم العربي قد بداء مسيرة تحوله نحو التحول الديمقراطي عاجل أم آجل ولكن ليس من حق السعودية ودول الخليج بأن تعرقل مسيرة التحول الديمقراطي وقد رأينا تدخلهم السافر في إنقلاب البرهان ولولا تدخل الولايات الامريكية وقد وقفت امام السعودية ومصر والامارات بل طلبت منهم الابتعاد عن مسيرة التحول الديمقراطي التي يريدها الشعب السوداني وليس نخبه الخانعة كحال البرهان كتابع ذليل للسيسي.
بعدها وتحت تهديد الولايات المتحدة لمصر والامارات والسعودية بدأت السعودية تغيير حيلها نحو عرقلة التحول الديمقراطي في السودان وطبعا لا نلوم السعودية فهي تخاف من التحول الديمقراطي أن ينجح في تونس والسودان ومصر وبالتالي ستكون نظم حكم السعودية والخليج تحت ما تخفيه صدور شعوبهم وقد رأوا التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي ولكن لحسن حظهم ولكن لزمن قصير لأن التغيير لا محالة قادم رغم فشل التغيير وإختفاء الغذافي و علي عبد الله صالح و زين العابدين بن علي وحسني مبارك إلا أن الأسد قد فلت من مصيدة التغيير في ربيعه ولذلك تحتفي قمة جدة بعودة الأمل برجوع العالم العربي والتقليدي الى قديمه وحليمة قد عادت لقديمة وكما يقول الليبيون عيشة ياها عيشة لو لبست الحرير ولو لبست الخيشة وعيشة يقصد بها الليبون عائشة.
ونحن نقول نعم فلت الأسد وريث سوريا من أبيه من شرك التغيير وعاد محتفى به من قبل من يخافون التغيير ويروجون بأن الربيع العربي قد فشل لأنه قد ورثه الاسلاميين متناسيين أن الاسلاميين قد تغذوا من عسل خلية بترول الخليج بل محافظة قياداته بنظم حكمها قد سدت كل طرق التحول نحو التحول الديمقراطي والسعودية نفسها قبل خروجها من عباءة رجال الوهابية بطرح ولي العهد محمد بن سلمان كانت تمثل أقبح خطاب إسلامي معادي للحداثة و خاضت في الصحوة ومحافلها الى لحظة حيرة ما بعد الصحوة التي قد ضربت أنحاء العالم العربي والاسلامي التقليدي.
يعرف السعوديون وحكام الخليج أنهم يعرقلون التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي ويخيفون الناس بما صنعوه من إسلاميين ولكن كان الأجدى أن يقولون للناس أن الاسلاميين قد ساهمنا في خلقهم من عدم وبالتالي يساعدون التحول الديمقراطي في تونس والسودان ومصر ولكن خوفهم الأبدي من التحول القادم لا محالة يجعلهم في خوف مما هو حتمي وهو التغيير فماذا هم فاعلون ولو بعد حين؟ .
نرجع للسودان وثورة ديسمبر المجيدة فهي ثورة مجيدة بشعارها الليبرالي حرية سلام وعدالة قد أنجزها شعب أبي وبالتالي هي ثورة ضد الخطاب الديني الكيزاني الذي دمر السودان في فترة حكمه لثلاثة عقود فهي ثورة تظهر إختلافها عن ثورة تونس التي أوصلت الاسلاميين و الغنوشي وثورة ليبيا وقد كانت للاسلاميين ملييشياتهم التي عرقلت التحول الديمقراطي في ليبيا وثورة ديسمبر ضد الكيزان والخطاب الديني تختلف عن ثورة مصر التي أوصلت الاخوان المسلمون لماذا تعرقل السعودية ودول الخليج بمساعدة سيسي مصر ثورة السودان التي أبعدت الكيزان وخطابهم الاسلامي؟ .
ومن هنا تتضح لنا فكرة أن نخب دول الخليج في خوف من فكرة التغيير الآتي مهما تحصنوا ضده بخنوعهم ومولاتهم وتبعيتهم ومفارقتهم للعفوية والتلقائية والابتكار إلا لماذا عرقلة التحول الديمقراطي في السودان وثورته؟ هي التي قد قضت على الخطاب الديني الكيزاني في السودان بوعي شعب سوداني يختلف عن تبعية شعوب العالم العربي التقليدي.
الهدف أن السعودية ودول الخليج تريد أن تعود بدول العالم العربي التقليدي الى زمن الدكتاتوريات وهيهات لذلك كانت قمة جدة قمة عودة الأسد وارث أبيه وبالتالي قد أصبحت سوريا ملكية كما السعودية ودول الخليخ وبالتالي الإحتفاء بعودة الأسد إحتفاء بنظمهم الملكية والاميرية والسلطانية وهي تجسيد سلطة الاب وميراث التسلط وحتما لن تدوم لأن التغيير قادم.
غياب السودان عن قمة العرب في جدة سواء بغياب البرهان أو حضوره توضح شئ واحد أن السودان قد بداء مسيرة التحول الديمقراطي وأن الشعب قد أيقن بأنه مصدر السلطة في السودان سوف تنتهي الحرب في السودان ولن يحكم البرهان بجيشه ولا حميدتي بمليشياته بل الشعب هو صاحب التغيير الذي يختلف عن التغيير الذي حدث في دول الربيع العربي.
لأن التغيير في السودان كان ضد خطاب الكيزان الديني أما في مصر فقد أوصل التغيير الأخوان المسلميين الى الحكم وبعدهم قد جاء السيسي بنظام حكمه التسلطي وفي تونس أوصل التغيير الغنوشي وخطابه الاسلامي وفي ليبيا أوصل مليشيات الاسلام السياسي الى قوة عرقلة التحول الديمقراطي أما في السودان فهي الثورة الوحيدة التي تسير مسيرتها باتجاه معاكس لأنها قد قضت على خطاب الكيزان الديني فلماذا يحاربها ملوك السعودية وسيسي مصر وسلاطيين الخليج؟ على العموم نحن في زمن وصل فيه تدني مستوى الوعي في العالم العربي التقليدي لمستوى تقوده السعودية بدلا من إرتفاعه حتى يفتح الطريق لتحول ديمقراطي يفتح على مسرح تحقيق قيم الجمهورية ويظل الأمل بأن التغيير حتمي .

 

 

تعليق واحد

  1. السؤال هو لماذا تتدخل الويلات العربية في شؤننا و لا نراها تدخلت في شؤون اثيوبيا و اريتريا و هي تجاورهم مثلنا و لم تتدخل في الشان الرواندي و كان ابشع مما لدينا و لا صوت لهم في ما يحدث في باكستان و هي دولة مسلمة لماذا تجرؤهم علي السودان هل لان حكامنا امعات و خونة خانعين يسهل قيادهم او لاننا دخلنا بالخطا هذه الجامعة العربية مكب نفايات الانظمة المتسلطة اعلي شعوبها علي مر التاريخ فتوني رحمكم الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..