حوار الطرشان في مفاوضات جنوب السودان

الخرطوم ــ علوية مختار

لا تزال الصورة قاتمة بشأن الحلول السلمية في دولة جنوب السودان، التي تشهد حرباً أهلية منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مع تجدّد المعارك في ولايات الوحدة وأعالي النيل وجونقلي، في ظل شّلل المفاوضات في إديس أبابا، على الرغم من استمرارها في غياب الحكومة التي انسحبت أخيراً.

وأفادت مصادر في أديس أبابا، لـ”العربي الجديد “، أن الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا “الإيغاد” تسعى إلى إيجاد مسودة اتفاق سلام قبل 28 من أغسطس/آب الجاري، وهي المهلة التي حددتها لنهاية المفاوضات والتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب.

وأكدت المصادر نفسها، أن الوساطة ستفرض المسودة على الطرفين (المعارضة والحكومة) عبر ضغط دولي وإقليمي يمارس عليهما، وأنها ستلجأ إلى العقوبات المشددة في حال رفضها أي طرف. وتعكف الوساطة حالياً على صيغة توافقية من خلال طرح الطرفين الخروج برؤية مقبولة للأطراف كافة.

ورأى المتحدث الرسمي باسم وفد المعارضة المفاوض، يوهانس موسى، أن ما يجري في أديس أبابا الآن من مناقشات في إطار اللجان الثلاث التي كونتها الوساطة، لا يعدو كونه ورشة عمل أو ندوة في ظل غياب الطرف الرئيسي في الصراع.

واعتبر أن خطوة “الإيغاد” في مواصلة التفاوض، هي محاولة منها لإشراك مجموعة المعتقلين العشرة في العملية السياسية بأي طريقة. وأضاف موسى أنه “سبق وقلنا إن إِشراك أصحاب المصلحة في هذه المرحلة من التفاوض غير مهم ومن المفترض أن يجري التفاوض بين الطرفيين المتحاربين”.

بدوره، يرى القيادي الجنوبي، المحاضر في جامعة هارفارد الأميركية، لوكا بيونق، أن أي اتفاق في غياب حكومة جوبا “لن يكون له معنى، ولا سيما أن الهدف الأساس من أي تفاوض، هو الوصول إلى حل بين الطرفيين المتنازعين”.

وشدّد على أهمية أن تركز الوساطة في إيقاف التصعيد الميداني في ثلاث من ولايات دولة الجنوب، وإيجاد آلية للتحقيق حول الجهة التي بادرت إلى انتهاك اتفاق وقف الأعمال العدائية، باعتبار أن الخطوة تؤكد عدم التزام الطرف المبادر بالاتفاقات، وأن الإرادة السياسية لديه غائبة، الأمر الذي سيشل أي اتفاق يمكن التوصل إليه. وتابع بيونق، “يفترض أن تتخذ الإيغاد مواقف جريئة لمحاسبة منتهكي وقف إطلاق النار، وتؤمن الوضع على الأرض، لأنه من غير ذلك سيتعقد الوضع أكثر”.

وعما يتعلق بمحاولة الوساطة فرض حلول على الطرفين، أكد بيونق استحالة فرض حلول على الأطراف المتنازعة من دون أن تكون الحكومة جزءاً في ذلك. وكانت الحكومة في جوبا، قبيل انسحابها من العملية التفاوضية، على خلفية مشاركة “أصحاب المصالحة” في المفاوضات المباشرة، قد تقدمت بورقة تحمل رؤيتها حول تشكيل الحكومة الانتقالية المرتقبة.

وتضمنت الورقة، تكوين الحكومة على أساس أن تحتفظ لنفسها بنسبة 70 في المئة من السلطة، وأن تعطي نسبة 20 في المئة للمعارضة، أما الـ10 في المئة المتبقية فهي لـ”أصحاب المصالحة”.

وتطابقت تلك الورقة مع طرح المتمردين مع اختلاف بسيط، إذ تضمنت ورقة المعارضة التقسيم نفسه على أن تسيطر هي على نسبة الـ70 في المئة. وسبق للمتمردين أن انسحبوا من المفاوضات قبل أسبوعين للسبب نفسه الذي انسحبت لأجله جوبا، التي أعلنت وقتها استمرارها في التفاوض، مطالبة “الإيغاد” في حينها، بالضغط لإعادة المعارضة إلى طاولة الحوار، وهو ما حدث بالفعل، واستؤنفت المفاوضات بعد أقل من أسبوع على انسحاب المعارضة. غير أنّ انسحاب جوبا خلط الأوراق والمواقع، إذ عرضت السبب نفسه لانسحابها، الأمر الذي فسّره بعض المراقبين بـ”تخبط الحكومة في الجنوب وغياب الرؤية الموحدة، فضلاً عن وجود صراع داخلي وانقسامات بين تيارين، أحدهما مع العملية السلمية، والآخر يقف مع خيار الحرب”.

وتتطابق الخطوة الأخيرة التي أعلنها الرئيس سلفاكير ميارديت، بعد أكثر من سبعة شهور من اندلاع النزاع، مع رأي المراقبين، إذ أقال سلفاكير أرملة رئيس “الحركة الشعبية” جون قرنق، ربيكا قرنق، من منصبها كمستشارة لـ”الرئيس الجنوبي لحقوق الإنسان والنوع”، وهي التي تمثل رمزاً للجنوبيين وتعرّف لديهم بـ”ماما ربيكا”.

وكانت ربيكا ضمن قيادات “الحركة الشعبية” التاريخية التي طالبت بإحداث إصلاحات داخل الحكومة والحركة، ما ارتد بخطوات تصعيدية من سلفاكير تمثلت بإقالة رئيس الحكومة ونائبه رياك مشار، وتلاحقت الأحداث وصولاً إلى الحرب الأهلية التي اندلعت في الجنوب. وعلى الرغم من اتخاذ سلفاكير إجراءات مشددة ضد خصومه، غير أنّه لم يتخذ وقتها أي إجراء متشدد ضد ربيكا، لرمزية مكانتها، ولكن الخطوة الأخيرة، فسرها البعض بأن الرئيس الجنوبي يستعد لحرب طويلة الأمد، وخصوصاً أن إقالة المرأة يمكن أن يؤثر سلباً على شعبيته. – See more at:
العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..