هل يمكن اعتبار تميُّز شيخ الأمين من بين سائر الصوفية هو ما وضعه في تناول رؤى الفنان الكوميديان شكسبير

الخرطوم ـــ يوسف حمد
هل رأيتم فيديوهات الممثل الكوميديان عوض شكسبير؟ كان قد بدأ إنتاجها قبل أكثر من ثلاث سنوات، لتبدو طريفة وناقدة ولاسعة، بل ومتهكمة في حدود التهكم الذي يتطلبه نقد الظواهر؛ وقد أخذت حيزًا من التداول والاهتمام. لكن شكسبير اعتذر عن واحد منها حين تعلّق الأمر بنقد شخصية دينية مثل شخصية الشيخ الأمين المثيرة للجدل، وهو اعتذار لاقى نقدًا لا يقل عن نقد شكسبير للشخصيات التي تناولها، أمثال الناشطة تراجي مصطفى، والقيادي في الحزب الحاكم أمين حسن عمر، ومالك قناة (أم درمان الفضائية) حسين خوجلي، والكاتب والقاص إسحق أحمد فضل؛ بل يعده البعض “اعتذار لا يليق بالفنان”، بتعبير الناقد والكاتب أحمد الجالي أبو حازم، الذي تحدَّث لـ(اليوم التالي)، ويقول أبو حازم “إن الفنان لا يعتذر عن نقده للظواهر وعن إبداعه، إلا إذا كانا زائفين من غير تأسيس”، ويشير إلى الثمن الذي دفعه الشاعر الإسباني لوركا (1898- 1936)، ومن قبله الشاعر المتنبئ (915 – 965) دفاعًا عن موقفهما الشعري، فحين همّ المتنبئ بالهرب من عدوه، كان ثمة غلام ذكّره بقوله: “الخيل والليل والبيداء تعرفني”.
حظي الشيخ الأمين، المقيم حاليًا في أوروبا، بشهرة واسعة، عزّز منها ظهوره المفاجئ واندغامه في أدوار سياسية رفيعة، إلى جانب مبالغته في تجسيد دور شيخ الطريقة الصوفية العصرية المنعّمة المتسامحة إلى أبعد حدود. ويمضي البعض إلى كونه “صوفي حداثوي يسعى إلى استمالة قلوب الشباب والشابات المرفهين والحيلولة دون انضمامهم للجماعات المتطرفة أو تركهم بلا قدوة دينية”، بتعبيرات محرر صحيفة (سودان تربيون) الإلكترونية. وعكس ذلك تمامًا، يحظى الشيخ الأمين بأتباع متحمسين ويمضون في حدود بعيدة بحماسهم، لدرجة أنهم لا يتورعون في المشاجرة والدخول في اشتباكات دفاعًا عن شيخهم المحبوب، ودون الاستناد إلى دراسة مؤكدة، إلا أن الأتباع غالبيتهم من الشباب، ويبدو عليهم أنهم من طبقة برجوازية مرفّهة، بالتعريف الماركسي للطبقة، إلى جانب أنهم نالوا حظوظًا مقدرة من التعليم النظامي، وربما أكمل غالبيتهم دراستهم الجامعية؛ أمثال المحامي الشهير، معاوية خضر الأمين، الذي يعد نفسه “محبًا ومريدًا وعاشقًا ومتيمًا بحب الشيخ الأمين”، حيث بدا غاضبًا على الفيديو مكان الاعتذار، واعتبره محض تهريج من مهرج. وقال لـ(اليوم التالي): “إن الفيديوهات كان ينبغي أن توظف لانتقاد الأوضاع السيئة بالبلاد والحديث عن السلبيات في الحالة السودانية، بدلًا من التعرض للسلطان والحبيب شيخ الأمين، شيخ الطريقة القادرية المكاشفية”. ثم عاد معاوية المحامي واعتبر ذلك جزءاً من “سنة الصالحين في أن يتعرضوا للحرب والمضايقات…”، وأن “ما تعرض له أبونا شيخ الأمين كثير، وليس بأقل مما تعرض له من هذا الفتى المشاغب”.
وفي الواقع، فإن شكسبير قدّم نوعًا نادرًا من النقد؛ فهل يمكن الذهاب إلى أن فرادة شيخ الأمين وتميّزه، من بين سائر الصوفية، هي التي وضعته في تناول الفنان الكوميديان شكسبير؟ ربما، بل هو المؤكد لما يتمتع به شيخ الأمين من شهرة وتأثير كبيرين، ووسط هذه الشهرة والحداثة التي يلتزمها، ليس من المتوقع أن يضيق شيخ الأمين بالفنون عامة. ومع ذلك، ليس من اليسير الحصول على الأسباب التي دفعت الكوميديان شكسبير، الموجود حاليًا في البرازيل، للاعتذار، لكن المقربين منه يشيرون إلى تواصل مستمر بين شكسبير وشيخ الأمين، تخلله، في المرة الأخيرة، عتاب على ما جاء في الفيديو، ما دفع شكسبير لتسجيل الاعتذار وإرساله إلى الشيخ مباشرة

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..