ما بين كوش وفارس

برغم بعد الشقة بين كوش وفارس .. وصعوبة إجتياز ذلك البعد الجغرافي .. إلا أن الوهج الكوشي إستطاع أن يجتاز ذلك المدى ويبلغ تلك الديار .. لقد مارس الكوشيون يومها ما عرف بدبلوماسية السفارة بفهم عميق بقصد كسب الجوار .. وعدا ما رشح من المؤرخين عن محاولة قمبيز لغزو كوش عقب إجتياحه لمصر في عام 535 ق.م. والتي إنتهت بالفشل ، فإنه لا يبدو أن هناك شيء عكّر صفو تلك العلاقات .. بل بدت العلاقات بينهما أفضل من تلك التي مع آشور مثلا .

يقول المؤرخون أن الكوشيين أرسلوا إلى الملك الفارسي رسلا يحملون هدايا تشمل الذهب ، خشب الأبنوس وسن الفيل بقصد مد الجسور . من جهتهم أراد الفرس توثيق ذلك الحدث . فعلى جدران قاعة البهو المعمّد الذي يعرف بـ (ابادانا) في مدينة بيرسيبوليس عاصمة الدولة الأخمينية (550 ? 330 ق م) والواقع شمال شرق مدينة شيراز ، نقشوا جانبا من وقائع هذا الحدث على السلالم الشرقية من الـ (ابادانا) .. فقد عثر على النقش أعلاه على تلك الجدران وهو يصّور أحد الكوشيين يحمل ناب فيل ، ضمن أخرين يحملون هدايا للملك الفارسي ، بينما يظهر من خلفة رأس جواد على الأرجح ، كما ورد كذلك ذكر للعاج الكوشي في نقش على قصر الملك داريوس في سوسه (مقاطعة خوزستان) غربي إيران . مما يؤكد مدى التواصل الذي وصل إليه الكوشيون مع العالم القديم.

غير أن الأمر لم يتوقف عند ذلك بل عمل الفرس في عهد الملك زركسيز (485 ? 465 ق. م) على التقرب من الكوشيين وضم كتيبة من رماة الأقواس إلى الجيش الفارسي والذي خاض صراعا طويلا ضد أثينا ، حينما قاد حملة ضخمة في العام 483 ق. م ضد اليونان وكتب له فيها النصر ، فيما لا يغيب عن الذهن نقش أشوري وليس فارسي في خوزستان شمال غرب إيران يشار فيه إلى ملك كوشي (جرى التعرف إليه لاحقا على أنه شبتاكا) في إحدى المعاملات السياسية التي جمعته مع الملك الآشوري (سرجون الثاني) .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..