قُبح المُعلن وغباء المُمتحن

? حزنت كغيري وأنا أطلع على ذلك الإعلان الكارثي الذي أساء لحواء السودان وقبل ذلك أساء للعديد من القيم الجميلة التي تربى عليها كافة أبناء الوطن.
? والواقع أنني لم أطلع على الإعلان الذي عكس مدى قُبح المعلن وكل من ساهموا في نشره ومدى كراهيتهم لعادات وتقاليد أهل السودان، إلا بعد أن بعثة لي قارئان وأخوان عزيزان كانا في غاية الغضب مما وقعت عليه أعينهما.
? تخيلوا قُبح مُعلن يقول : تعلن الإدارة العامة للاستخدام الخارجي عن وظائف عمل بدولة الكويت للجنس اللطيف فقط.. ومن شروط الوظيفة جمال الشكل على أن تكون البشرة غير داكنة.. ويشترط هذا المُعلن غريب الأطوار تقديم صور ملونة تبين الشكل من الرأس إلى القدم على أن تكون مختلفة!!! ولك عزيزي القارئ أن تضع ألف خط تحت كل كلمة من هذا الإعلان القبيح، سيما عبارة ” على أن تكون مختلفة”، أي الصورة.
? وهنا لابد أن نعيد تساؤل الأديب الفخيم الراحل الطيب صالح طيب الله ثراه: من أين أتى هؤلاء؟!
? من أين أتى هؤلاء الذين ملأوا حياة السودانيين قبحاً؟!
? من أين أتى هؤلاء الذي يتجاهلون عن عمد تقاليد وعادات وقيم هذا المجتمع لأشياء في أنفسهم؟!
? والمرء ليقف حائراً أمام مثل هذا الكم المهول من القُبح الممزوج بالغباء.
? فالمعلن يريد فتيات ذوات بشرة غير داكنة ناسياً أم متناسياً أنه يعلن في بلاد السودان.
? طالما أن المطلوب هو اللون فقط، فلماذا لم ينشروا إعلانهم بأي بلد آخر من تلك البلدان التي لا يحتاج فيها هذا المُعلن القبيح لأن يضمن في إعلانه عبارة ” على أن تكون البشرة غير داكنة” لكون جميع البشرات هناك فاتحة اللون، ما دام اللون الفاتح هو مبلغ همهم.
? عندما يطلع المرء على هكذا إعلانات تروج لها صحفنا – التي لم يعد يهم معظم القائمين عليها سوى تحقيق الربح المادي ولو على قيم، بل وعلى جماجم شعب السودان- يشعر بأن بعض الفتيات، خاصة من لم ينلن حظاً وافراً من التعليم وسعة الإدراك محقات في بحثهن المضني عن كريمات التفتيح و ( جلط ) الوجوه بكل ما يمكن أن يجعل بشرتهن غير داكنة! حتى يستوفين شروط ليس مثل هذه الوظائف فحسب، وإنما التواؤم مع هذه النظرة الغريبة والعجيبة لشريحة من مجتمعنا اليوم.
? ليس هناك ما يُفرض على صحيفة أن تقبل بالتعامل مع مُعلن قبيح وغبي إلى هذه الدرجة، وكان بإمكان أهل الصحيفة ببساطة أن يطلبوا منه أن يغير مفردات إعلانه وحتى مفهومه المتخلف، وإلا فليذهب غير مأسوف عليه ويبحث عن ما يريد في مكان آخر.
? ولا أدري كيف تمر مثل هذه الأمور على مسئولي الصحف وعلى القائمين على أمر الصحافة في البلد.. أتُراهم يظنون أن الأمر هين ولا يستحق الوقوف عنده.
? تعالوا الآن نقف على غباء بعض من وضعوا امتحاناً لتلاميذ صغار يفترض أن تتم تربيتهم على أسس سليمة.. ممتحنوا طلاب مرحلة الأساس ضمنوا سؤالاً يقوم على اختيار الطالب للكلمة الشاذة ثلاث كلمات منسجمة وأخرى مختلفة لكي يختارها التلميذ على أنها الكلمة الشاذة، وكان الهول أن تلك الكلمة هي لفظ الجلالة علا شأنه.. استغفر الله العظيم.
? أيعقل يا ناس أن يفوت على معلمين يناط بهم تربية وتعليم وتأهيل صغار في بلد يتشدق مسئولوه كل صباح بسعيهم لرفع شأن الإسلام أن أنه من غير المقبول إطلاقاً أن يتم وضع الذات الإلهية في هكذا موضع.
? هاتان حالتان تؤكدان بما لا يدع مجالاً للشك أن أموراً كثيرة قد تغيرت في سودان اليوم الذي يقولون أنه صاحب مشروع حضاري إسلامي.
? ومثل هذه الكوارث التي تصيب مجتمعنا يفترض أن تخرس ألسن من يقولون أن الجرائم والأشياء الغريبة على المجتمع ظلت موجودة من زمن في السودان وأنها ليست وليدة اليوم.
? فمنذ ولادتي وحتى يومنا هذا لم أطلع على إعلان بهذا القبح أو أسمع عن جهل معلمين بأبسط أمور دينهم، إذاً هذا وضع جديد تماماً علينا كسودانيين وواقع جد مؤلم ومحزن.
نقاط أخيرة:
? ظللت أصفق يداً بيد كلما قرأت خبراً عن استعدادات من يسمونهم بصقور الجديان لمباراة غانا.. وضحكت كثيراً حين قرأت تصريح مازدا الذي أكد فيه أنه ذاهب إلى هناك لتحقيق الفوز وأنه درس منتخب غانا جيداً ولن يرضى أولاده بغير الثلاث نقاط!
? ده حالته درس منتخب غانا جيداً وعرف نقاط قوته وضعفه.. عاد وصقوره بأربعة أهداف نظيفة! يا ربي لو ما كان درسهم جيداً كان حصل شنو؟!
? أصلاً لم يكن ما يكتب ويبث أكثر من مجرد كلام للاستهلاك.. فليس منطقياً أن ( تلملم) لاعبي المنتخب قبل أيام وتسافر لمواجهة منتخب في احترافية منتخب غانا وكمان تطمع في الفوز عليه.. هذا هراء وافتراء وضحك على عقول متابعي كرة القدم.
? وهب أننا فزنا على غانا بالأمس، فما الجديد الذي كان من الممكن أن يحدث؟ نتأهل لنهائيات كأس العالم؟!
? وكيف نتأهل لها ورئيس اتحاد الكرة نفسه قال في رده على تلك الفضيحة الإدارية التي كانت تستوجب استقالتهم لو كانوا يملكون ذرة من الإحساس.. قال أصلاً نحن ننافس على نهائيات أمم أفريقيا ولا مجال لأن نحلم بالوصول لنهائيات كأس العالم!
? الهلال أيضاً تعرض لهزيمة ثقيلة ومهمته في مباراة الرد بالغة الصعوبة وليس سهلة باعتبار أن الخصم ضعيف كما خُيل للبعض.
? فريق سجل في مرمى الهلال أربعة أهداف ويصفونه بالضعف! فبكم كنتم تتوقعون الهزيمة لو كان قوياً في نظركم؟!
? مثل هذا الكلام لن يعين لاعبي الهلال في مباراة الرد، بل على العكس فمن شأنه أن يزيد الطين بلة ويعرضهم لهزيمة جديدة في ملعبهم، بدلاً من تحقيق فوز عريض تنتظره القاعدة الهلالية لرد الاعتبار.
? البعض يقولون أن الفريق الغاني ضعيف وكل ما في الأمر أنه حصل على أربعة فرص سجل منها أربعة أهداف وانتهى الأمر.
? وأنا أقول أن الفريق الذي يسجل أربعة أهداف من أربع فرص يصبح أكثر خطورة من برشلونة نفسه.. فقليلاً من التعقل يا هؤلاء ولا تثبطوا همم لاعبي الهلال ( إن كانت هناك همم ) في الوقت الذي تقصدون فيه تحفيزهم.
? فالحديث يجب أن يكون ” هذا الفريق قوى وطموح، وإلا لما هزمهم بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد، وأنه قادر على الوصول لشباك الهلال مجدداً في مباراة الرد إن لم ينتبه لاعبو الأزرق جيداً ويعرف مدربهم كيف يضع التشكيلة والخطة والتكتيك الملائم.”
? عموماً لن ينصلح الحال أو تتقدم كرة القدم السودانية قيد أنملة ما لم يتم إيقاف هذا العبث الإداري والإعلامي وحتى التشجيعي، ليحل مكانه التخطيط والانضباط والنظام، ولن ينصلح حال البلد بصورة عامة ما لم نلفظ مثل هذه المفاهيم الدخيلة على مجتمعنا( ما ذكر في مستهل المقال نموذجاً).

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..