حركة/جيش تحرير السودان.. ضحية دعاية أبواق النظام

منذ بداية الثورة السودانية بدارفور, لعب الجانب الدعائي دورا مهما في السودان, لكنه كان أكثر أهمية وفعالية ونجاحا لنظام عمر البشير. وأزعم أن “البروباغندا”, رغم فشلها في إيقاف ثورة الإنسان السوداني, فإنها مدت في عمر النظام زمنا إضافيا طويلا أكثر مما حققته قواته ومليشياته علي الأرض.
ومن آخر الأكاذيب ما نشرت عبر الصحف السودانية قبل يومين من خبر هراء لقائد ورئيس حركة/جيش تحرير السودان مني اركو مناوي. الكلام كله ملفق يقولون فيه بوصول مناوي إلي (دبي) بجواز سفر يوغندي لمتابعة أعماله التجارية. ولم تكن تلك الكذبة الأولي, حيث يوجد جيش من العاملين للنظام ينتجون الأكاذيب.. لا يكتفون بالتعليق والرد وترويج مواقف النظام في الإعلام, بل يقومون أيضا بتزييف الصور والأخبار والأحداث وبلغات متعددة رسائل مختلفة. فالدعاية الموجهة للغرب تركز علي أن الثوار إرهابيون وحفنة من قطاعي الطرق. والدعاية الموجهة للدول العربية والإسلامية تقول لهم إن ما يحدث ضد نظام البشير ليس إلا مؤامرة أمريكية- إسرائيلية. والرسائل الموجهة للسودانيين أيضا مختلفة, للعرب يقال إنهم مستهدفون من قبائل زنجية, وللسودانيين الموالين للثورة يقال لهم إنها مؤامرة علي الإسلام وإن دولا امبريالية خلفها, وهناك نشاط دعائي موجه للثوار أنفسهم لضرب بعضهم ببعض, أو تقديم معلومات مضللة.
لهذا لا استغرب عندما أسمع سياسيين أو إعلاميين أو سياسيين بالصدفة أو المتطفلون علي الثورة السودانية بدارفور يتبنون وجهة النظر الرسمية للنظام السوداني بناء علي الكم الهائل من الأكاذيب التي تصل إليهم, والأكثر غرابة أن بعض رفاق الأمس, يقومون بتدوير المواد الدعائية التي ينتجها إعلام نظام البشير, ويزيد عليها باجتهاد لا مثيل له ضد رفاقهم.
إنما أستغرب عندما أسمع من يردد دعاية النظام السوداني من باحثين وكتاب ومدونين وثوار بيننا, رغم سهولة امتحان الحقيقة بالنسبة لهم. وعندما كتب أحد أبواق النظام: إن القائد مناوي يصل إلي دبي بجواز يوغندي لمتابعة أعماله التجارية, ظننت أنها من إنتاج دعاية نظام البشير. لم يرتكب أخطاء فادحة فحسب, بل أثبت أن النظام السوداني ناجح في تضليل السودانيين المتعلمين والمتابعين. ما كتبه أوصرحه هذا البوق لا يقبل أن يقال حتي قبل 15 عام عندما كانت الثورة في بدايتها, فالحقائق في المسألة الدارفورية واضحة لنا في السودان بغض النظر عن ميولنا وانتماءتنا.
ما يفعله النظام السوداني أكبر من الحقيقة البشعة التي تعرض بكثير, وبدرجة يعجز المرء أحيانا عن تصديقها, رغم وجود كم ضخم من الصور والفيديوهات التي تنشر يوميا من مناطق المعارك المنكوبة ومخيمات النازحين.
من حقائق الحدث الدارفوري التي لا يصدقها كثيرون اشتراك إيرانيين وتشاديين وماليين وغيرها من مليشيات إرهابية أجنبية بدعم قطري إلي جانب قوات النظام في المعارك منذ أكثر من عقد, ونحن نعلم عنها مبكرا, لكن القليل من الأدلة يمكننا تقديمه. وحتي عند تقديمها, فإن إعلام النظام وأبواقه نشط في التشكيك فيها وتحويلها من قضية مرتزقة قتلة إلي قضية أناس سودانيين مظلومين..
طبعا سهل علي البعض التنظير والنقد عن بعد, واختصار كل ما يحدث في أنها مسألة سياسية بحتة, وتقسيم الجميع وفق محاور وقوالب محددة. في حين أن ما يحدث في السودان وخاصة دارفور أمر واضح للعيان, تؤيده كميات هائلة من الأدلة من الصدقية بحيث لا يمكن التشكيك فيها, وقد مر خمسة عشر عاما علي الحرب كافية لفحص الحقائق.
إن تبسيط الأمور للقارئ البعيد, بتسطيح ما يجري علي أنها نشاطات إعلامية ضمن عدوات سياسية, ومن تدبير أبواق النظام, لن يلغي الحقائق الكبيرة الماثلة لأهل إقليم دارفور أنفسهم أولا, وهو الأهم.
ولو لا أن النظام السوداني سيئ وشرير جدا ما استمر الناس يخاطرون بحياتهم بأنفسهم كل هذا الزمن.. يتظاهرون وهم عزل ويقاتلون دفاعا عن أهاليهم وقراهم. هذه ليست أكاذيب ولا أهواء ولا معسكرات سياسية.
وفي المقابل, لو لا أن مليشيات النظام غير مؤمنة بقضيتها, وتقاتل مرغمة, لكسبت منذ زمن بعيد, فالنظام يملك ترسانة هائلة من الأسلحة, وأكثر من مائة ألف جندي وأمني ومليشيا منخرط في القتال, ومدد لم ينقطع من جانب حلفائه, وهو الآن محاصر عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا.
احمد قارديا خميس
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا سيد خميس أنت لم تنفي الخبر المنشور عن زيارة السيد مني إلى الدوحة بجواز سفر يوغندي لمتابعة بعض أعماله التجارية. كما ذكر في الخبر إن زوجة السيد مني موجودة في الدوحة. ونحن بدورنا نسألبك يا سيد قارديا خميس: ها يحمل السيد مني ارطكو مناوي جواز سفر يوغندي أم لا ؟ وهل زوجيه موجودة في الدوحة أم لا ؟ وأخيرا لماذا لم يقوم السيد مني نفسه أو الناطق الرسمي باسم حركته بنفي هكذا خبر إن كان الخبر أصلا مفبركا؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..