الاستقلال جسد روحه الحرية ، اين الروح؟!(4)

و قد واصل حزب الامة مناهضته لتصريح صدقي فرد بمقاطعة المجلس الاستشاري لشمال السودان، خرج المواكب و سير الاتباع و اخيراً سافر السيد عبدالرحمن المهدي بنفسه الى لندن لهذا الغرض “الرأي العام 26/11/1946م” و لقد انزعجت انجلترا لردود الفعل الاستقلالية في السودان ضد تصريح صدقي فأكدت انها ستضمن للسودانيين ان يقرروا مصيرهم بأنفسهم.

*و قد افاد بذلك السيد عبدالرحمن المهدي في بيان له بعد عودته من لندن اذ قال: “ما استطيع ان افضي به الان هو ما اكده المستر اثلي رئيس الوزراء البريطاني الذي قال اننا نعترف بحق الشعب السوداني في تقرير مصيره ” “جريدة الرأي العام 31/12/1946م” غير ان كبار الانجليز في السودان قد انزعجوا من موقف حكومة اثلي هذا و كان لهم الاثر في نقضه اخيراً.

….ولما للانجليز من حاسة سريعة لاستشعار خطر مد التنامي الوطني فأخذوا يحاولون استيعابه و تبريده فكانت اول محاولاته في عام 1943م انشاء المجلس الاستشاري لشمال السودان و قد باءت هذه المحاولة بالفشل، فجاءت محاولتهم الثانية في العام 1948م بإنشاء الجمعية التشريعية، فقاطعتها جميع الاحزاب ما عدا حزب الامة الذي رأى فيها خطوة نحو الحكم الذاتي.

*و عندما بدأت مقاومة الجمعية التشريعية بدأ بعض الساسة يدخلون السجن، فقد سجن اسماعيل الازهري، محمد نورالدين، حماد توفيق، احمد خير و بعض زملائهم الآخرين، كما سقط في المظاهرات المعادية للانجليز بعض الشهداء في عطبرة و بورتسودان.

*وحدة وادي النيل عند الجمهوريين:

لقد اختلفت نظرة الجمهوريين لعلاقة السودان بمصر عن نظرة الاتحاديين و عن نظرة حزب الامة، اذ تلخص رأي الجمهوريين في الاستقلال بغير عداء لمصر، و عن غير غفلة عن المطامع التاريخية لساستها في ارض السودان، يعبر عن هذا البيان الذي نشره الجمهوريين بجريدة الرأي العام بتاريخ 14/11/1946م، و فيما يلي نورد فقرات منه “العلاقات التي تربط بين مصر و السودان علاقات وثيقة و هي انما كانت كذلك لانها طبيعية و لن يكون في مصلحة القطرين ان تضعف هذه العلاقة على وجه من الوجوه” ثم يواصل البيان “ان الحزب الجمهوري ليؤمن بالسودان ايماناً لاحد له، و انه ليريد له استقلالاً شاملاً كاملاً من ربقة الاستعمار، و انه لينكر اشد الانكار زعم الذين يزعمون هنا و هناك ان الدعوة الى الاستقلال حق طبيعي من حقوق البلاد و هي ينبغي ان تسر مصر لا تسؤها و ينبغي ان تساعدها مصر ، بكل سبيل لا ان تقعد لها بكل سبيل فلأن يكون السودان حراً مستقلاً قوياً افضل لمصر و اعود بالخير على تلك العلاقات من ان يكون مستعمراً .. ضعيفاً”.

*في خاتمة هذا الجزء من المقال نود التوكيد على ان الاستقلال ليس غاية في ذاته و انما هو الوسيلة التي ينبغي ان تفضي بالشعب الى احراز حريته و تحقيق كفايته ، و هذا اذا احسن الناس استغلال هذه الوسيلة و تساموا بها و اختطوا لها الخطط، و شحذوا لها الهمم و انتظمت صفوفهم وحدة الفكر ، ووحدة الشعور.. وسلام ياااااوطن..

سلام يا

بقي ان نذكر للقارئ الكريم ان الحلقات الأربع من هذا المقال قد نشرت بتاريخ 1يناير 2002 بصحيفة الحرية ، وقد اعطانا استاذنا الكبير / محمد على خوجلي نسخة من الصحيفة وهو يرى ان هذا المقال نحتاجه اليوم أكثر من العام الذى نشر فيه ..ونرجو ان لانكون قد أثقلنا عليكم .. وسلام يا..

الجريدة الثلاثاء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..