ياهو..الشعب صاحَ

عجيب أمر السودانيين في إستجاباتهم لبعض الأمور وتفاعلهم ، فأحياناً تعتز إنك سوداني عندما يتعلق الأمر بالأمانة وعزة النفس ورفض المزلة والإستهزاء. لمسنا وعايشنا ذلك كثيرا في الشارع السوداني وفي دول المهجر حتي وإن كثير من مواطني دول الجوار العربي كانوا يحسبون ألف حساب في تعاملهم معنا وفقا لما يدركونه من هذه الصفات العنفوانية والحساسية المفرطة فيما يخص كرامتنا الشخصية.

وعجيب أمرهم كذلك عندما يروا نشّالًا في الشارع حاول السرقة من جيب أحدهم أو من محل تجاري أو خلافه فتراهم يتجمهرون حوله ويحصرونه حولهم حتي حضور الشرطي ويصيحون ياهو ..ياهو ..ياهو ..
ويتبعونه مع الشرطي حتي يطمئنوا لدخوله داخل مركز الشرطة ثم تبدأ علامات الراحة بهذا الفلاح والإنجاز ومن ثم يتناقل الخبر في ما بينهم وفي المحلات وجلسات تناول الشاي والقهوة.

إقتباسا من تلك النماذج وتلك الحمية والغيرة المتأصلة في دواخلنا نتسائل ماذا دهانا اليوم؟ نبطش بصغار الحرامية ونترك كبارهم؟
نستنفر من الإستفزاز والإساءة الصغري ونستكين للإزلال الأكبر والإضهاد والفتن؟

ثمة حلقةً مفقودةً هنا!!

رغم كل ذلك النهب المنظم والفساد المعلن والتدمير الممنهج والجناة البارزين كالأعلام لا نحرك ساكناً!!

رغم كل أشكال الأذلال والإستهانة والتحقير واللامبلاة بمعاناتنا وأقواتنا وصحتنا وتعليمنا وشوارعنا والتقصير البائن في إهمال التنمية ومشاريعها والبنية التحتية وهلمجرا ..مما لا يحسب ويعد.. ونحن جاثمين كالمتفرجين في فلمٍ مأساوي تشدّنا أحداثه؟

والذي أدركه حقاً أن المتفرجين أنفسهم يتفاعلون مع أحداث فِلمهم ويستنكرون الظلم ويناصرون الحق !!!

فأين نحن من مناصرتنا ورفضنا للأحداث الحية التي نعيشها واقعا ملموساً؟

أين الهمة والعنفوان والغضب والثورة والرفض والشجب والإستنكار؟

أين الغيرة علي الوطن ومكتسباته؟
أين أبناءنا وإخواننا الشرفاء في الدوائر الحكومية ومراكز القرار؟
أين الفضح والمسائلة ولجان التحقيق والمراقبة؟ أين الردع والفصل والعقاب؟
من يأتنا بمرتكبي الجرائم اليومية في دارفور وجبال النوبة وجنوب كردفان؟ أين القتلة والمغتصبين؟
كيف يتركوا سدىً ومن يأمرهم ويحرضهم علي هذه الأفعال؟
مالذي يُسكتكم يا كبار المسئولين عن فظائع المليشيات والمجندين؟

من حرّض أوسكت عن ظلمٍ أوجرم كفاعله. لعنهم الله جميعا وأذاقهم وبال صُنعِهم في أنفِسهم وفي ما يملكون.

كيف تصمتون حكومةً وشعباً علي هذه الهمجية والعبث والفساد وزهق الأرواح؟ أتدعّون الجهل بها والعمي عليها؟

كلنا مسئولون أمام الله وأمام القانون وأمام العالم و أمام تاريخ أمتنا الذي أصبح في هذه الحقبة من الزمن قطعةٌ من ظلام اليل الدامس فسقا وفسادا وفجورا. قال الله تعالي:

(أفَلم يَسيروا في الأرضِ فتكون لهم قلوبٌ يعقِلونَ بِها أو ءاذانٌ يسمعُونَ بِها فإنها لا تَعمي الأبصارُ وإنما تَعمي القلوبُ التي في الصُدُورِ) صدق الله العظيم

عميت القلوب وعبدتم المال والسلطة وإتبع الغالب الأعظم من الناسِ حكومةً وشعباً الشهوات وغاصوا في الملذات وأستمتعتم بخلاقكم فالويل لنا كافةً
قال تعالي:

(وأتقوُا فِتنةً لا تُصيبنَّ الذين ظلمُوا مِنكُم خاصةً وأعلموَا أن الله شديدُ العِقابِ) صدق الله العظيم

ها نحن نخوض الفتن فتنةً تلو الأخري وما خفي منها ربما كان أعظم. تبصّر أنظر ملياً قارن وأستنتج تساءل لمذا هذا الحال ؟

لا تتنصلوا وكلٌ يلوم الآخر فلن يجدينا ذلك نفعاً !
فهلا نتعظ نتحرك نتفاعل ننتفض ، نغّير ما بأنفسنا نوجد السبل لتدارك ما يمكن تداركه وندرءُ الشر عن أنفسنا وأهلينا قبل فوات الآوان؟

والذي أدرِكهُ لو أن سائر الأمم إنتهجت وفقاً لما ما يرددهُ السودانيون بقولهم إن مشاكلهم مستعصيًة ولا حل لها وأستكانوا لذلك مثل إستسلامنا وفشلنا الآن ، لكانوا هم مثلنا بل أسوأ حالا منّا لأننا سنكون رواداً في هذا المجال وهذا النمط من التفكير!!!

الواقع أن تلك الأمم نهجها غير وتفكيرهم غير ونظرتهم غير وحبهم لأوطانهم غير وعزمهم غير!

ففينا تكمن علتنا

خالد حسن
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..