مقالات وآراء

إعادة ضبط المصنع

أمس اقترحتُ أن نلتقط الفرصة قبل فوات الأوان، ونبدأ في تصميم مرحلة جديدة من الدولة السودانية تستلهم العبر والعظات من أخطاء الماضي القريب جداً، قبل البعيد، واقترحت تعيين المجلس التشريعي “البرلمان” الذي يعلن إنهاء العمل بالوثيقة الدستورية، وإعادة العمل بدستور 2005 بتعديلات تواكب المرحلة.
ورغم احساسي بأنَّ مثل هذه المقترحات لا تعدو حالة (النفخ في قِربة مقدودة)، إلا أنني لا أضجر من تقديم المقترحات والأفكار لأني أعلم علم اليقين أنَّ ما نكتبه هنا يرصد ويسجل في وثائق التاريخ، وتعاد قراءته بعد أن (تفوت السَكرة وتأتي الفكرة)..
منذ أن ضمني المعتقل مع مجموعة من القيادات السياسية المعروفة وحتى قبل سقوط نظام المخلوع البشير ظللت أدعو للاستعداد لمرحلة ما بعد الإنقاذ، وطرحت أفكاراً محددة من بينها تجنب إعادة عجلة التاريخ لتجارب تجاوزها السودان والزمن، وحددت هذه التجارب بدقة فقلت يجب أن لا نقع في فخ “الانتقالية”، ويجب أن لا نكرر تجربة “مجلس السيادة” بالرؤوس المتعددة لأنها تجربة فاشلة في المراحل الثلاث التي مرت بها.. ورغم أن ثورة ديسمبر المجيدة صنعها وعي الشباب وعزمهم إلا أنها للأسف أعادت إنتاج نفس التجارب القديمة التي لا تتناسب مع فكر وتطلعات الشباب.. فالضرب ضرب أبي محجن والكر كر البلقاء، ولكن الممارسة السياسية من عهود قديمة تجاوزها الزمن..
مطلوب الآن (إعادة ضبط المصنع) للسودان كله، لتأسيس “دولة السودان الحديثة” لا انتقال ولا يحزنون فليس في ماضينا ما يجدر بالنقل أو الانتقال.. ليس لدينا وقت أكثر لمزيد من التردد، وحتى لا تضار الأحزاب السياسية التي قادت الحراك الجماهيري فأنجبت الثورة، فلتكن لها فرصة الحكم خلال المرحلة الأولى من تأسيس الدولة الحديثة، فطالما اتفق الجميع على شكل الدولة وهياكلها فليس مهماً من يحكم، بل وهذا هو أول موجبات الدولة الحديثة أن لا يكون السؤال (من يحكم) بل (كيف يحكم)..
مجموعة الأحزاب السياسية المكونة لقوى الحرية والتغيير تتولى تكوين الحكومة وبقية الأحزاب السياسية تذهب إلى مقاعد المعارضة الدستورية، فمن قال لكم إن الجميع يجب أن يحكموا!!
يجب تحويل المعركة السياسية من تنافس على الحكم إلى التنافس على تنفيذ برامج النهضة، فنتفق على هياكل الدولة وخطة إستراتيجية طموحة لعشر سنوات تنفذ على مراحل، كل مرحلة من سنتين فقط، ويصبح التنافس الحقيقي في سرعة وكفاءة تنفيذ الخطة الإستراتيجية..
الطريقة التي ندير بها بلادنا الآن لا تناسب روح الثورة، هي اشبه بتعديل وزاري عادي فكثير من مخلفات النظام المخلوع لا تزال سائدة رغم تغيير الأشخاص.. والمطلوب الآن شجاعة للقفز إلى واقع “ثوري” جديد يحمل روح وتطلعات الأجيال الشابة.
مطلوب ترفيع Upgrading لنظام التشغيل.

عثمان ميرغني
التيار

‫5 تعليقات

  1. سجنوني دقوني انت بتعيش في الماء العكر وكلامك كلوا نبق تمر هندي انت منو عشان تقرر شمولة مدتها عشرة سنوات ياكوز متخفي شكرا حكومة حمدوك الي ما ادتك علقه

  2. من هو أول من نطق بكلمة وثيقة دستورية ابان فترة الاعتصام ؟ ودستور 2005 بقليل من التعديلات – لن نأتي بأفضل منه وهو ممهور بدم و دموع الملايين و لم يأت هبة من حاكم. ليه تم تعطيله؟ من هنا كان المكر السئ.
    أخطر ما في الامر ليس الاحزاب, فالكل توقع تعثرهم و تهافتهم و انتهازية بعضهم, بل التفريط في القضائية و كم و كم وكم نبه الكثيرون الي أنه لا مجال للخطأ في اختيار رئيس القضاء لانو العدالة صمام أمان السودان, و الآن الكلام كلو لجان لجان لجان لجان لجان الي أن تموت القضايا و تقبر, حتي القانونيون عزفوا عن التعليق و قنعوا من خيرا فيها!
    و اليوم هنالك قناعة بأن قوي الحرية و التغيير فشلت في اختيار رئيس قضاء و وزير مالية و قريبا رئيس وزراء.
    و الأكتر تشاؤما يري بان الثورة في خطر عدييل و البدوي و حمدوك فارقوا دربها و هم بيادق في يد الجنرال الخطير البرهان. و لا يستهتر بهدا الجنرال الا غافل. و هو من ارسلوهو ليقول للفرعون البشير اتخارج!!
    الادارة بخلق الازمات هو نهح البشير و الكيزان و هو ما يعاد انتاجه الآن, و البوربون لا ينسون و لا يتعلمون!
    ما الحل؟ مواصلة الثورة و علي قول الملازم أول محمد صديق “التنقد الرهيفة”

  3. مشكلة الدول التي عاشت معظم تاريخها تحت الأنظمة الدكتاتورية تنتج نخبة تعيش في الوهم لذلك تنتج افكار انشائية لا ترتبط بالواقع والعلم وتجارب البشرية.
    حدث في السودان بعد خروج المستعمر وسيطرت الانظمة الدكتاتورية أنتجت مواطن مدمر عقليا و فكريا إذا كان صحفيا او دكتور او موطن عادي لذلك كل مظاهر التخلف علي المستوي العملى والفكري ماهي الا إفراز طبيعي لعقلية مدمر لكي يتم تأهيل العقليةلابد دخول الجميع مدرسة الديمقراطية الزي يلعب الزمن المستمر والحرية محور الارتكاز.
    النخبة السودانية تعتبر التطور مطارات جديدة ومباني ضخمة ليس إنسان حر ينحاز الي مصلحته .

  4. كلامك دا لا يودي، لا يجيب، والمعضلة هي، إننا إكتفينا بتحقيق نصف مقاصد الثورة العملاقة، وبذلك صِرنا كالذي يحفر قبره بنفسه……..

    إننا لم نُسلم حكومة الثورة، ثورة كاملة الدسم، لكي نُطالبهم بتحقيق المعجزات.

    #الثورة_مستمرة_ومحروسة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..