الأوضاع اللغوية.. جنوب النيل الأزرق نموذجاً… مجموعات ثقافية

الخرطوم – حسن موسى

ضمن فعاليات معرض الخرطوم الدولي للكتاب في نسخته الحادية عشرة لهذا العام الذي تنظمه وزارة الثقافة الاتحادية بأرض المعارض ببري، احتضن المقهى الثقافي ندوة الأوضاع اللغوية في منطقة جنوب النيل الأزرق، التي أقامها مجلس تطوير وترقية اللغات القومية، تحدث فيها البروفيسور كمال محمد جاه الله من كلية الآداب جامعة أفريقيا العالمية.
وبداية، قال إن ورقته تهدف إلى تسليط الضوء على الوضع اللغوي في ولاية النيل الأزرق، باعتبارها واحدة من ولايات السودان ذات التعدد الإثني واللغوي، كما هي أيضاً تمثل واحدة من الولايات التي شهدت أحداثاً تاريخية مهمة في العقود الأخيرة مما أدى إلى تأثر وضعها اللغوي تأثراً كبيراً، فزاد ذلك من حدة التعقيد فيها.
صورة عامة
وفي تعريفه لمصطلح وضع لغوي، يرى أن المصطلح يمثل الصورة العامة للاستخدام اللغوي في زمان ومكان محددين. وأضاف أن هذه الصورة تتضمن معلومات مثل عدد اللغات المتحدثة ونوعية هذه اللغات، وكذلك عدد الأشخاص الذين يتحدثون بكل منها وتحت أي ظروف، وما هي الاتجاهات الشعورية والمعتقدات المتكونة لدى متحدثي هذه اللغات، ثم ألقى البروفيسور محمد جاه الله الضوء على الوضع السياسي والجغرافي والاجتماعي لولاية النيل الأزرق. وقال إن هذه الولاية تعد من أكثر مناطق السودان تنوعاً بالمجموعات الإثنية. وأرجع ذلك إلى توفر الموارد الاقتصادية المختلفة، مشيراً إلى خصوبة التربة وتوفر الثروة الحيوانية وتعريف الكروم، إضافة إلى وجود خزان الروصيرص الذي يمثل مصدراً أكبر طاقة كهرباية في السودان قبل قيام سد مروي. وأضاف أن هذا زاد من تحفيز وبقاء المجموعات الإثنية. وأكد أن الولاية خضعت لهجرات قبلية جماعية وفردية عبر قرون من الزمان بالإضافة إلى القبائل المحلية التي كانت تسكن فيها من قبل، لافتاً أن لغات الأنقسنا والمايات والقمز والبرتا والبروت تأتي في مقدمة اللغات ذات الحضور المهم والبارز في هذه الولاية، وذلك أن هذه اللغات تتوفر لها على الرغم من وقوعها في دائرة التهديد بالانقراض يتوفر لها من منظور منظمة اليونسكو التي تشترط وجود 100 ألف متحدث للغة كلغة أم لضمان تداولها بين الأجيال، هذا إلى جانب اللغات الأخرى التي يتحدث بها قبائل الهوسا والفولاني. وأشار إلى أن اللغة العربية هي واحدة من هذه اللغات في تلك المنطقة التي تنتمي للفرع السامي، مؤكداً أنها تقوم بدور اللغة الثانية، وتؤدي وظيفة لغة التواصل المشتركة في التفاهم والمعاملات الحياتية، إضافة إلى أنها لغة التعليم والإعلام والحياة العامة.
مميزات عديدة
من جانبه، استعرض محمد جاه الله أهم مميزات الوضع اللغوي بولاية النيل الأزرق وأولى هذه المميزات كثرة اللغات باعتبار أن الولاية هي من أكثر ولايات السودان التي تتحدث اللغات المحلية، وكذلك التغيير المتسارع. ويرى أن الخريطة اللغوية مرت بتغيرات كثيرة بفعل ما عاشته الولاية من حروب أهلية إضافة إلى تنوع اللغات، مشيراً إلى أن اللغات تصنف إلى أسر لغوية مختلفة وأيضاً من ضمن المميزات هي اللغات الحدودية، لافتاً إلى أن ولاية النيل الأزرق أضحت تجاور دولتي إثيوبيا وجنوب السودان، الأمر الذي وفر لها عدداً من اللغات التي يمكن تسميتها باللغات الحدودية. هذا إلى جانب تميز الولاية باللغات المهاجرة، وهي اللغات التي تشترك فيها القبائل السودانية مع قبائل بلاد أخرى في أفريقيا مثل قبائل الهوسا والفولانية والبرنو.
مجموعات ثقافية
وفي تعقيبها، تعرضت الدكتورة عبير محمد علي بشير إلى الأوضاع اللغوية في هذه الولاية. وأكدت تمدد المجموعات الإثنية ووجود لغات أصيلة مثل لغة البرتا والهمج والفونج وغيرها، وكذلك الحضور الواضع للقبال العربية مثل الأشراف وكنانة. وأثبتت دكتورة عبير أن ولاية النيل الأزرق تحظى بمقومات عديدة مثل الزراعة وصيد الأسماك وموارد غابية وحيوانية ساهمت جميعها في استقرار المجموعات السكانية وكذلك ترسيخ اللغات. هذا إلى جانب أن هذه العوامل شكلت عامل جذب لدخول عدد من المجموعات الوافدة عبر الحدود المشتركة على الصعيد المحلي والإقليمي. وترى أن الحضور الواضع للغات الهوسا والفولاني تم تصنيفها ضمن اللغات الآسيوية. وأشادت دكتورة عبير في ختام حديثها بتجربة راديو المجتمع، وعدَّته من أكبر الآليات التي يمكن أن تساهم في استقرار والحفاظ على هذه اللغات. وطالبت بتعميم هذه التجربة على كل ولايات السودان المختلفة

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..