المقالات والآراء

 حكم الردة .. هل هو مفترى به .. ام عليه .. ؟؟

حمد مدنى حمد

الشيخ عبدالحى يوسف يحكم على وزيرة الشباب  بالردة  ..  الشيخ مذمل فقيرى  يحكم على الشيخ عبدالحى يوسف بالردة ..  الشيخ محمدحاج سيد يحكم على الشيخ الترابى بالردة ..   الشيخ عصام البشير و جماعة من من الشيوخ  يحكمون على الشيخ  ابوقرون بالردة  ..   الشيوخ ابو قرون و الترابى  يحكمون على محمود محمد طه بالردة .. و هناك من حكم على  الشيخ على عثمان محمد طه بالردة .. الخ من احكام الردة التى انتشرت فى السودان .. و الحبل على الجرار كما يقولون .. فكل من يختلف مع الاخر  سياسيا فى السودان الوطن المكلوم بمن يسمون انفسهم بالشيوخ و رجال الدين يتم استدعاء الدين هنا و تكون التهمة بالردة جاهزة و هى :  انت مرتد .. ؟؟ لا نعلم الى اين لمثل هؤلاء ان يقودوا البلاد و العباد بعد ان نصبوا من انفسهم اوصياء على دين الله و هم ابعد ما يكونوا عن دين الله  .. ؟؟

الكثير من الايات القرانية تؤكد على ان الانسان له حرية الاعتقاد الدينى .. و رسول الله ( ص )  لم يقتل مرتدا لانه ترك الاسلام برغم من كثرة هؤلاء فى سيرة الرسول  عليه افضل الصلاة و اتم التسليم .. و رسول الله لم يحاسب منافقا واحد و هو يعلم هؤلاء المنافقين باسمائهم .. فلا يعقل ان تنهى الاية القرانية  الكريمة عن الصلاة عليهم الا ان يكون يعرفهم و ذلك بعد ما صلى على عبدالله بن ابى و هو يعلم نفاقه .. برغم ذلك يحتج منفذو و مؤيدو عمليات احكام الردة و تنفيذ الصلب و التسلط و التعذيب باسم الدين و الخروج عليه عبر التاريخ الاسلامى  بحديث رواه البخارى و يقول الحديث : ( من بدل دينه فاقتلوه ) .. ؟؟

احكام القتل بسبب تغيير الدين مؤكدة و صريحة فى التوراة و منها القصة المذكورة فى سفر الخروج و يؤيدها القران الكريم عن قتل من عبدوا العجل و فى سفر الثنية مطالبة بقتل من يدعوا الى دين اخر رجما بالحجارة و الامثلة عن قتل المرتد و رجمه فى التوراة كثيرة ..؟؟

و طبقت احكام الردة ( الهرطقة ) فى تاريخ المسيحية على نطاق واسع و يعرف القانون الكنسى المهرطق بانه من ينكر بعد تلقى العماد احدى الحقائق التى يجب اعتبار انها تتعلق بالايمان الالهى مما يعنى بالضرورة التمييز بين الكافر و المرتد ( المهرطق )  و يعاقب المهرطق اليوم بالحرمان الكنسى و يحظر دفنه فى مقابر المسيحين .. ؟؟ لكن قبل ذلك كانت الكنيسة تدير سلطة دينية و تنفيذية هائلة طالت بالحرق و الصلب و القتل اعداد كبيرة ممن اعتبروا مرتدين.. و تمثل محاكم التفتيش و الحروب و الصراعات الدينية نموذجا مروعا فى معاقبة المخالفين او الباس المخالفين السياسين تهما بالردة الدينية .. ؟؟

و يبدو ان انظمة معاقبة المرتدين او المخالفين دينيا او سياسيا و رثها الحكام المسلمون من الامبراطورية البيزنطية و تكاد تكون النماذج الاسلامية التاريخية فى مقاتلة و محاسبة المخالفين على اساس تهم دينية مطابقة للتاريخ البيزنطى و النصوص التوراتية و لا سند لهل سوى حديث  البخارى المشار اليه  سابق .. ؟ ؟ و من اشهر التطبيقات المروعة للردة قتل الامام احمد بن نصر الخزاعى فقد قتله الخليفة العباسى الواثق بنفسه لانه لا يقول بخلق القران و كتب بجانبها : هذه راس احمد بن نصر دعاه الامام الواثق امير المؤمنين الى القول

بخلق القران و نفى التشبيه فابى الا المعاندة فعجل الله به الى النار .. ؟؟

و فى عهد المتوكل ادار الحنابلة الذين انشاؤا فى ذلك الحين تسمية ( اهل السنة و الجماعة )  عمليات انتقامية واسعة من المعتزلة .. و قبل ذلك قتل خالد بن عبد الله القسرى والى هشام بن عبد الملك على الكوفة المعتزلى الجعد بن درهم ذبحا فى المسجد فى اول ايام عيد الاضحى معتقدا انه يقدم قربانا الى الله ( الضحية ) .. و قتل صلاح الدين الايوبى الفيلسوف المتصوب شهاب الدين السهروردى عام 586ه .. و قتل نت المتصوفة ايضا الحلاج ابو عبدالله حسين بن منصور الحلاج عام 922ه .. اما العلماء و الفلاسفة الذين لحق بهم السجن و التعذيب و تحريق كتبهم فهم كثيرون مثل ابن رشد   و ابو حيان و الكندى .. ؟؟

لقد اتخذت تهمة الردة على مدى التاريخ الاسلامى و الدينى بعامة ذريعة اساسية للصراع و الحروب و القتل و الاضهاد فلجا اليها الحكام و السلاطين على الدوام لقتل و اضطهاد و تهديد و اسكات المعارضين السياسيين لهم  كما حدث فى السودان اخريات حكم النميرى حين تم استدعاء حكم سابق  لاخماد ثورة محمود محمد  طه على  قوانين نميرى من قبل مستشاريه الترابى و ابوقرون و بدرية ( ترزية قوانين فرعنة الحكام )  (  قبل ان يتبرا  الاثنان من ذلك الحكم : الترابى  انكر ان يكون له دور  فى  اغتيال  محمود بل و فى اخريات ايامه انكر ان هنالك  حكم و حد للردة .. و  انكر ابو قرون ان يكون مشاركا فى ذلك بل و ذكر  ابو قرون ان نميرى كان يبحث عن كبش فداء لاخافة الناس الذين بداؤا  يتململون من نظام حكمه  و يعارضونه فوجد ضالته فى محمود محمد طه الذى جاهره بالمعارضة ) ..  و فى سنوات الانقاذ كما راينا  تم تكفير  الترابى  و تكفير ابو قرون  و البعض  بتكفير عبدالحى يوسف و الاخر بتكفير على عثمان طه و الاخر بتكفير البرعى و قد لجات اليها المعارضات السياسية لاجل الثورة و التمرد على الحكام   و تصفية الحسابات فيما بينها  كما حدث من القاعدة  و جماعات افغانستان  التى ما ان وصلت للحكم حتى بدات بتكفير بعضها و مقاتلة بعضها بغير هوادة ..  و اليوم  نرى الجماعات  التى تدعى الاسلام و اعادة  دولة الخلافة  تقاتل بعضها البعض فى سوريا  و العراق  و لببيا .. ؟؟

و تستند اليوم الجماعات الدينية المتشددة فى خروجها على الدول و المجتمعات و القوانين الى التراث المستمد من قصص و احكام القتل و الاعدام و السجن و الحرق بحق المخالفين و هى بذلك تحاجج بالتراث الذى بين ايدينا و نؤمن به و ندعو اليه فندفع من ثم ثمن التسلط و التحريف الذى  مارسناه ( اى الدول و المجتمعات ) فيطبق علينا الخوارج ما طبقناه على الناس .. ؟؟

لم يعد مقبولا اليوم الاستمرار فى التبرير و التهرب من ضرورة رفض محاسبة احد على معتقده او رايه الدينى .. بل قد حان الوقت لاعلان بطلان محاسبة او معاقبة او حرمان احد بسبب رايه  او موقفه الدينى .. فلايمكن التصديق ان الرسول عليه افضل الصلاة و اتم التسليم  الذى لم يقتل احدا بسبب تغيير دينه يطلب من الناس ان يقتلوه .. و لا يعقل ابدا ان يظل هذا الحديث المنسوب للرسول اقوى من عشرات الايات القرانية و من المنطق .. بل انه يمكن القول انه فقه و تطبيق ينطوى على شرك بالله .. فهو تاله و ادعاء بشرى بحق الهى لا يختلف فى شئ عن الزعم بالوهية احد من البشر و الدعوة الى عبادة او تقديس لبشر لم ياذن به الله فالايمان و المحاسبةعليه امر متعلق بضمير الانسان الذى لا سلطة لاحد عليه .. و لا يعقل ان يحاسب عليه احد غير الله تعالى و جل شانه .. ؟؟

ما يحدث فى السودان  من اعتلاء المنابر لتكفير الاخرين و تصفية الحسابات السياسية بين المختلفين سياسيا و الباس ذلك الخلاف السياسى لباس الدين الاسلامى و الدين براء مما يحدث باسمه  ينذر بنذر فتنة قادمة لن تبقى و لن تذر ان لم يتدارك العقلاء ذلك و وضع حد لمحاولة البعض احتكار التحدث باسم الدين و  احتكار الفهم و الحقيقة  و توزيع صكوك الغفران و مفاتيح الجنان لمن يشاؤن  و تخوين الاخرين و ادخالهم جهنم .. ؟؟

فمن يعلق الجرس  قبل فوات الأوان فالفتنة قد اطلت براسها  و الخطر اصبح ماثلا امامنا  فقد شاهدنا فى بث مباشر من يعلن  مبايعة عبدالحى يوسف اميرا للمؤمنين فى السودان  و السذج والبسطاء  يرددون وراءه  البيعة حتى و ان نفى الشيخ ان يكون له دور فى ذلك فخطبه الاخيرة  تؤكد ما ذهب اليه اولئك فقد كانت خطب تنذر بالفتنة و هو يعلم علم اليقين ان الانقاذ التى يتحسر عليها و يدافع عنها اليوم لم تكن تحكم الاسلام فى حياتنا  و انما كانت تحكم باسم الدين فكان الفساد و الاغتصاب و القتل  ؟؟

نكرر من يعلق الجرس  من علماء افاضل ما زالوا موجودين بيننا  و ممن يتولون زمام الامور من الحكام قبل ان تقع الفاس و يضيع  الاسلام و يضيع  الوطن  السودان  فلا دين اقمنا و لا وطن  ابقينا   .. ؟؟

 

حمد مدنى

[email protected]

 

تعليق واحد

  1. يعلق الجرس؟ أم تقصد يقرع الجرس؟ لقد كررت كلمة يعلق مرتين فنورنا نورك الله حتى نقوم بتعليق الجرس أو قرعه!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..