سرطان الثدي? تشخيصه وعلاجه

باتت معدات التصوير الإشعاعي متطورة إلى حد أصبح بإمكان الأطباء، لا سيما خبراء الأورام السرطانية، اكتشاف أصغر الخلايا السرطانية التي كان يصعب رؤيتها سابقاً. من جهة، قد يكون اكتشاف السرطان في مراحله الأولى مفيداً لمعالجة المريض في وقت مبكر قبل تفشي المرض، ومساعدته على الشفاء في أقرب وقت. من جهة أخرى، قد يكون الاكتشاف المبكر للمرض الخبيث سلبياً، إذ قد يساهم في وصف علاج غير مناسب ولا حاجة له. إليك أبرز الأسئلة في هذا المجال.

ما المقصود بالتشخيص المضرّ؟

التشخيص المضرّ هو اكتشاف أورام صغيرة لن تتطور ولا تحتاج بالتالي إلى علاج. قد يكون في الجسم خلايا سرطانية تختفي من تلقاء ذاتها أو تبقى في سبات عميق أبدي، وتشكل 10% من الأورام التي يتم تشخيصها في أهم المراكز الطبية. يسعى أختصاصيو التصوير الإشعاعي إلى تخفيض نسبة تلك التشخيصات غير المقلقة التي تتم معالجتها أحياناً بلا مبرر.
يذكر أنه بعد سن الخمسين تقلّ نسبة التشخيص المضرّ، لأن خلايا الثدي تصبح أقل كثافة، فيسهل بالتالي تفسير الصور الإشعاعية له، لذا لا يوصى بإجراء فحوصات الثدي الدورية إلا ابتداءً من تلك السن.

هل ساهمت فحوصات الثدي الدورية في زيادة تشخيص سرطان الثدي؟

عُممت فحوصات الثدي الدورية عام 2004، وهي توصي بالخضوع لصور إشعاعية للثدي كل سنتين عند النساء بين سن 50 و74. منذ ذلك الحين، لم نشهد زيادة في الإصابة بسرطان الثدي في تلك الفئة العمرية، بل شهدنا انخفاضاً، ولو بسيطاً، لأنه، كما يبدو، انخفض وصف العلاج الهرموني في سن انقطاع الطمث. كذلك، بفضل تلك الفحوصات، لم نشهد أي زيادة في جراحات استئصال الثدي.

هل تتلقى النساء علاجات فاعلة؟

قد توصف علاجات بالإشعاع أو الهرمون بصورة مفرطة، ناهيك بالعلاجات الكيماوية الأشد قلقاً لأنها مؤذية. عندما يكون الورم موضعياً وصغير الحجم (بضع مليمترات)، يستأصله الجراحون ويجرون علاجاً بالأشعة في الثدي الخاضع للجراحة. لكن عندما يكون الورم أكثر انتشاراً أو عندما يمتدّ إلى الإبط، يلجأون إلى العلاج الكيماوي إلى جانب العلاج الإشعاعي. أما إذا صعب تحديد الورم (إن كان منتشراً أو لا يزال موضعياً)، يكون القرار صعباً، وغالباً ما يفضل الأطباء اللجوء إلى علاج كامل قدر الممكن، بما فيه العلاج الكيماوي.
متى يكون العلاج الكيماوي غير ضروري؟

قد يستخدم العلاج الكيماوي لتقليص حجم الورم الذي يكون متضخماً بشكل يتيح إجراء جراحة بسيطة. باختصار، يكون الهدف من العلاج تفادي استئصال الثدي، لكن، غالباً ما يوصف بعد الجراحة لتفادي انتشار الخلايا السرطانية إلى عضو آخر، وليس لاستئصال الورم. إن كان الورم صغيراً ولم يتخطَّ الحواجز النسيجية الأولى المحيطة به، يكون إمكان انتشاره ضئيلاً. وتلك هي حال معظم أمراض السرطان التي تعرف بالسرطانات «الموضعية» (تشكل 20% من حالات السرطان المشخصة)، وغيرها من سرطانات تكون متقدمة في البداية لكنها بطيئة التطور.

على أي معايير يرتكز الأطباء؟

تعتمد خطورة الورم على عناصر عدة: حجمه، التحليل المجهري، وجود مستقبلات هرمونية أو انتشارية على سطح الخلايا السرطانية، وعمر المرأة. ما إن تُجمع تلك العناصر، يتفق الاختصاصيون (الجراح، اختصاصي الأورام، اختصاصي الأشعة) على العلاج الأنسب.
تساهم تلك الاجتماعات المتعددة الاختصاصات في تخفيض الإفراط في وصف العلاجات، وتشير الإحصاءات إلى أن ثلاث نساء من أصل 100 أنقذن بفضل العلاج الكيماوي. على الأرجح، لم تكن الأورام في الحالات الأخرى منتشرة أو مهددة للحياة. تكمن المشكلة إذاً، في تحديد النساء اللواتي يحتجن إلى علاج كيماوي.

ما أفضل الحلول البديلة؟

ينتظر الخبراء نتائج تحاليل جديدة متعلقة بالأورام التي استؤصلت خلال الجراحة. وقد تم الاتفاق على جرعة البروتينات الموصى بها (Upa/PAI-1) التي تتيح تحديد إمكان تطور الورم. كذلك تساعد الفحوصات الجزيئية (للبحث عن الجينات الورمية) في تقييم احتمالات تفشي المرض مجدداً.
في الحالات الصعبة، تساعد تلك الفحوصات في اتخاذ قرار بشأن ضرورة القيام بعلاج كيماوي أو لا، وتشير الدراسات إلى أن الأطباء الذين استعانوا بتلك الفحوصات يوصون بعلاج كيماوي أقل بنسبة 20%. لكن تلك الفحوصات مكلفة، وقد تبلغ أكثر من ألفي يورو. مع ذلك، ما من دراسات مثبتة ونهائية لتحديد الحالات التي تستفيد من تلك الفحوصات.

هل مشاركة المريضة في اتخاذ القرار بشأن العلاج هو أحد الحلول؟

غالباً ما تتم مشاركة المريضة في اتخاذ القرار بشأن العلاج الأنسب. إلا أن ذلك ليس ممكنا دائماً، خصوصاً عندما تكون المريضة قلقة. وغالباً ما يشرح الطبيب إيجابيات العلاجات المتاحة والممكنة وسلبياتها؛ لكن، ما أن ينتهي من الشرح، تسأله المريضة عن العلاج الذي كان ليختاره لو كان مكانها. وهذا دليل على مدى صعوبة اتخاذ القرار الذي يتحمل مسؤوليته الطبيب نفسه. في الطب، ما من شيء مؤكد. ويبقى العلاج الأفضل هو الذي يفيد المريضة أكثر مما يضرها.

سرطان البروستات

يواجه اختصاصيو أمراض الجهاز البولي تحديات متعلقة بتشخيص سرطان البروستات الذي غالباً ما يكون تطوره بطيئاً. وازداد اكتشاف الخلايا السرطانية، بعدما أوصى الأطباء بإجراء فحوصات الكشف عن المرض، أبرزها اختبار مستضد البروستات الذي يتكاثر عند الإصابة بالسرطان. لتفادي الإفراط في وصف العلاجات، يقترح الأطباء مراقبة المرض بانتظام في الحالات الأقل قلقاً. إذاً، لا يتم استئصال البروستات إلا في حال ظهور أعراض تشير إلى تفاقم المرض. عندئذ، يتشاور الطبيب مع مريضه حول العلاجات المناسبة.

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..