أخبار السودان

صور الأقمار الصناعية تكشف حجم الدمار.. بعد انفجار بقاعدة عسكرية إيرانية

يبدو أن الانفجار الضخم والمروع الذي استهدف قاعدة عسكرية إيرانية في الثاني عشر من نوفمبر (تشرين الثاني)، والذي وصفته السلطات الإيرانية بأنه حادثة أعاقت العمل البحثي هناك لعدة أيام، كان أكثر تدميرا مما أشار إليه وصفهم، بحسب تحليل لصور جديدة تم التقاطها من خلال قمر صناعي تجاري لموقع الانفجار.

تكشف الصور عن الدمار والفوضى الواسعة في مجمع مترامي الأطراف يتكون من أكثر من اثني عشر مبنى وإنشاءات ضخمة. وكان معهد العلوم والأمن الدولي، وهو منظمة خاصة في واشنطن، قد نشر الصور، يوم الاثنين، بالإضافة إلى تحليل للأضرار التي لحقت بالموقع. وذكر باول برانان، كاتب التقرير، يوم الثلاثاء في حوار مع «نيويورك تايمز»: «كان من المدهش تماما أن نرى أن المنشأة بأكملها قد دُمرت، إلا أنه كان هناك بعض البنايات التي ما زالت قائمة». ومن المستحيل أن يستطيع أحد أن يتبين من الصور ما إذا كان هذا الانفجار محض حادثة أو أنه نتيجة لأعمال تخريبية.

وكانت قوة الانفجار هائلة للغاية حتى إنه أدى إلى اهتزاز النوافذ في الكثير من المدن المحيطة بالموقع، وفقا لمواقع الأخبار الإيرانية وشهود عيان وقت حدوث الانفجار. إلا أن الحكومة الإيرانية، التي أصبحت شديدة الحذر بشأن قدراتها العسكرية في الوقت الذي تتزايد فيه الاضطرابات مع الغرب بشأن برنامجها النووي وبرنامج الصواريخ، لم تطلق أي صور عن الأضرار التي سببها هذا الانفجار.

وتقع القاعدة، التي تقع في رقعة منعزلة من الصحراء الإيرانية ويحيط بها حزام أمني، على بعد ثلاثين ميلا من غرب طهران وثلاثة أميال من غرب مدينة بيدغانه. وقد أدى هذا الانفجار إلى مقتل سبعة عشر فردا من القوات المسلحة الإيرانية، من بينهم الجنرال حسن طهراني مقدام، مؤسس برنامج الصواريخ الإيراني.

وقد تقدم المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، جنازة رسمية هائلة للجنرال مقدام والستة عشر فردا الذين قتلوا من قوات فيلق الحرس الثوري الإسلامي بعد يومين من الانفجار. وأكد هذا الاستعراض التذكاري أهمية الجنرال مقدام. وذكر حسن فيروز آبادي، قائد القوات المسلحة الإيرانية، في السادس عشر من نوفمبر أن الانفجار حدث عندما كان الباحثون يعملون على أسلحة قادرة على توجيه «لكمة قوية» إلى إسرائيل. وأضاف أن البحث سيتعطل «لبضعة أيام» فقط، إلا أنه من الصعب التوفيق بين التقييم الذي قدمه والأضرار الهائلة التي أظهرتها صور القمر الصناعي. وقد أصبحت أعمال التجسس بواسطة الأقمار الصناعية، التي كانت حكرا سريا على الدول المقدمة، عملية تجارية منذ أكثر من عقد من الزمان، وظهر جيل جديد من الأقمار الصناعية المدنية التي يمكنها أن ترى أشياء على الأرض من مدارها قد يبلغ حجمها قدمين أو ثلاثة، أي أن بإمكانها التمييز بين سيارة وشاحنة.

وفي الثاني والعشرين من نوفمبر، التقط قمر صناعي تجاري تابع لشركة «ديجيتال غلوب» صورا للقاعدة المستهدفة. وتوضح هذه الصور أن معظم بنايات القاعدة قد دُمرت أو أصابتها أضرار بالغة.

وقد أشار معهد العلوم والأمن الدولي، في تحليله، إلى أن بعض هذه الأضرار قد يكون قد نجم عن تدمير البنايات وإزالة الأنقاض التي تسبب فيها هذا الانفجار، لكنه تجاهل هذا الاحتمال.

وجاء في التقرير: «لم تظهر في الموقع أي آثار تشير إلى وجود معدات ثقيلة مثل الأوناش أو شاحنات النفايات، ولا يزال هناك قدر هائل من الأنقاض. وقد ظهر عدد من الشاحنات في الصورة بعد الانفجار يشبه العدد الذي ظهر في صورة تم التقاطها قبل شهرين تقريبا من الانفجار. لهذا، فإن أغلب التدمير الذي ظهر في الصورة التي تم التقاطها في الثاني والعشرين من نوفمبر 2011 قد يكون قد نتج عن هذا الانفجار». وذكر برانان، في حواره مع «نيويورك تايمز» الذي أجري معه، أن مصادر المعهد أشارت إلى أن الانفجار حدث عندما كان مهندسو الصواريخ يقومون بإجراء غير متوقع في محرك الصاروخ. وذكر أيضا في تقريره أن هذا العمل كان يعد جزءا من «نقطة تحول رئيسية في تطوير صاروخ جديد».

من جهة ثانية يشير خبراء دوليون إلى أن مجموعة الحوادث المبهمة التي وقعت مؤخرا في منشآت عسكرية إيرانية، تثير شكوكا حول وجود أعمال تخريب تستهدف البرنامج النووي الإيراني. وكان آخر هذه الانفجارات وقع في منشأة نووية في أصفهان مساء الاثنين الماضي، ولا يزال التحقيق مستمرا فيه، حسبما ذكرت وكالة أنباء فارس المملوكة للدولة.

وقللت السلطات الإيرانية من أهمية الحادث، بيد أن هذه الحادثة، التي جاءت بعد مقتل الكثير من الأشخاص العاملين ضمن البرنامج النووي الإيراني، ووسط الضغوط المتزايدة التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها على إيران، الذين يتهمون الجمهورية الإسلامية بأنها تسعى إلى تطوير أسلحة نووية، تعزز المزاعم بوقوع أعمال تخريبية.

وقالت جالا رياني، محللة شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة «آي إتش إس غلوبال إينسايت»: «على الرغم من استحالة تأكيد وقوع أعمال تخريبية، فإن الأحداث الأخيرة في إيران تزيد من الشكوك بوقوع عمليات تخريب»، وهناك احتمال بأن «القوى الغربية ترغب في تنفيذ أنشطة سرية تهدف إلى تدمير برنامج إيران النووي وتقدمها العسكري، فالواضح أن الدبلوماسية لا تجدي نفعا، والضربات العسكرية أمر لا يرغب أحد في تنفيذه».

جدير بالذكر أنه يوجد في محافظة أصفهان منشأة وقود نووي، تقوم بإنتاج حبيبات اليورانيوم لتغذية المفاعل. وذكرت إيران أن جهودها لتطوير التكنولوجيا النووية تهدف إلى توفير الطاقة اللازمة لتعداد سكانها المتزايد الذي وصل إلى ما يقرب من 75 مليون نسمة. وبالإضافة إلى انفجار وقع في 12 نوفمبر الماضي، فقد هاجم فيروس يدعى «ستكس نت» بعض أنظمة الكومبيوتر الإيرانية والكثير من أجهزة الطرد المركزية المستخدمة في برنامج تخصيب اليورانيوم، وذلك حسبما ذكر مسؤولون إيرانيون. كذلك فقد تم استهداف الكثير من العلماء والمسؤولين العاملين في البرنامج النووي خلال العامين الماضيين.

وكان الباحث مسعود علي محمدي قد اغتيل خارج منزله بطهران عام 2010. كذلك قُتل مجيد شهرياري، عالم في البرنامج النووي الإيراني، في تفجير في طهران في نوفمبر من العام نفسه. علاوة على ذلك، فقد وقع تفجير آخر في العاصمة في اليوم نفسه أدى إلى إصابة فريدون عباسي، فيزيائي يعمل في البرنامج النووي كانت الأمم المتحدة قد أصدرت قرارا بفرض عقوبات عليه عام 2007.

وقد ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في نوفمبر من العام الماضي أن إيران يجب أن تعلم أن «جميع الخيارات مطروحة» لوقف برنامجها النووي. وقبل أسبوعين، دعا نتنياهو إلى حملة دولية لوقف إيران بعدما أشار تقرير تابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران عملت على تطوير قنبلة نووية.

كذلك فقد شددت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا من التدابير العقابية على إيران هذا الشهر، فإلى جانب الجولات الأربع السابقة من العقوبات التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على صناعة النفط والبنك المركزي في إيران، سيجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في الأول من ديسمبر (كانون الأول) (اليوم) لمناقشة العقوبات التي سيتم فرضها على إيران.

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..