مقالات وآراء سياسية

إسْتِتْباعيّة العلاقة السُّودانيّة المصريّة!!! (٢ – ٢)

دنيا دبنقا

نور الدين بريمة

  ووصلًا لما سبق يعتقد د.النور حمد ، أن الأنظمة المصريّة وجدت ضالتها في الحركة الإسلاميّة السّودانيّة ، عندما أوحت لها بإحتلال السّودان ، مثلما وجدت ضالتها في البرهان ، الذي صار وكيلها الأول في تنفيذ أجندتها ، وتثبيت عملية الإستتباع ونهب الثروات ، مقابل محافظته- أي البرهان- على مصالحه وحكمه، بعد أن تم غسل دماغه وإحتلال عقله ، أي الغسيل الذي لم يسلم منه الكثير من القادة السودانيين ، علاوة على التدْجين الذي مُورس تجاه العقل المصري لتعزيز الإستعمار عن طريق النظام الإقطاعي ، الذي يمجّد السلطان ويبجّله ، وأصبح المصريون يستثمرون في الخطاب العاطفي (أبناء النيل).

     وقال حمد : إن الثورة الصناعيّة في أوروبا ، قامت بغرض الإستفادة من موارد مستعمراتها ، فيما نلحظ أن الإستعمار المصري السّوداني الآن، جاء بطلب من الجنرالات الحاكمة في السودان ، لأنّنا نعاني من إحتلال العقل وتغييب الهُويّة السّودانيّة ، مقابل ترسيخ العُروبة ، فضلاً عن أننا بعد نيلنا للإستقلال غيّرنا العملة ، لكنّنا لم نغيّر المنهج التعليمي المصري القائم على إستتباع السودان.

   عطفُا على ذلك ، فإن رأس المال السوداني ، ظل يقدّم فروض الولاء والطاعة ويدعم الإستتباع ، من خلال إرساله للمواد الخام لسيدته مصر ، بدلًا عن إرسالها له مصنّعة ، لأنها مكلفة على حسب زعمهم، وتحتاج إلى عمالة وتكاليف ، لا يريدونها ولا يفضلونها ، وحول تاريخ الإستتباع يشير حمد إلى أنه كان منذ أمدٍ بعيد ، لأنّ النخب السُّودانيّة يمكنها التعامل حتى مع الشيطان ، في سبيل تثبيت حكمها والمحافظة على مصالحها الذاتيّة الضيّقة.

    مثلما ليست لدينا نخب مدركة- يضيف حمد ، للخروج من هذا الإستعمار ، وبناء الدولة التي تقوم على النّديّة ، واحترام القيم والمحفاظة على المصالح الوطنية ، حيث عمدت مصر على وضع يدها العليا

وفرض رأيها ، بينما استبعدت الطرق العلميّة والمعرفيّة ، ومساهمة مراكز التنوير ، وآراء المفكرين والعلماء ، وذوي الرأي السديد ، في كيفية إدارة العلاقة بين البلدين ، لتستعيض بدلًا عنها جهاز مخابراتها ، الذي صار له اليد الطولى في إدارة المصالح ، وقيادة وحماية وتوجيه النظام الدّكتاتوريّ.

    وتدخلت عملية الإستتباع حتى في إستغلال المال المصري ، في تغيير نتائج الإنتخابات السّودانية الأولى- وما زالت تتدخل- لصالح مصر، لأن البنية الإستعمارية ، كما يراها حمد ، قائمة على فرضية الإستثمار في عرق الشعوب ، والسودان الآن به دولتان ، (قديمة منذ الإستقلال) لكنها صارت مجرّد قوقعة ليس لها أي وجود فعلي على الأرض ، بينما الدولة الثانية ، فهي الدولة (الموازية) التي أقامتها الحركة الإسلاميّة.

  حيث إن مال الدولة الموازية، والحديث- لحمد- لا يعرفه الشعب لأنه غير مرئي ، حيث تتمثل هذه الأموال في شركات: الجيش ، الأمن ، وطفيليّة الشركات التي تديرها قيادات الحركة الإسلاميّة ، وقال : إن هذه الدولة الموازية، تناسلت منها دولة أخرى ، بإسم الدعم السريع وأن هذا التناسل لن يتوقف بل سيستمر ، سيما وأن مصر تراهن على دخول الجيش في حرب مع الدعم السريع ، حتى تدعم القاهرة وكلائها من الجنرالات ، وتفرض سيادتها على السودان.

   وجزم حمد- بعدم حدوث ذلك ، الأمر الذي أرجعه إلى محدوديّة الخيال في التكتيكات ، وأن مصر بتلعب بكروت متناقضة ، وهذا لن يؤدي إلى تحقيق أهدافها ، لأن القاهرة تعيش في أزمة إقتصاديّة متزايدة ، فضلًا عن أن ما حدث من تطورات في الدعم السريع ، تصبّ في مصلحة الثورة السُّودانيّة ، التي طالبها في حال نجاحها ، بضرورة أن تضع أسسًا للعمل السياسي ، جنبًا إلى جنب مع وضع ضوابط للتمويل الحزبي.

       

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..