العالقون في اليمن.. ضوء في آخر النفق

تقرير: بهاء الدين عيسى
بعد خمسة عشر يوما من المعاناة، يبدو أن أزمة السودانيين العالقين في اليمن بدأت تنفرج رويدا رويداً في وقت لقي فيه الحوثيون ضغوطات دولية وإقليمية بشأن عدم الزج بالمدنيين في الصراع الدائر، ولاقى السودانيون هناك صنوفاً من العذابات والإهانات من قبل المواطنين، وضاقت عليهم أرض اليمن بما رحبت، وطلبوا النجاة من جحيم الحرب برا وبحرا بلا مغيث إلا محاولاتهم الفردية.
رحلة 24 ساعة:
بدأت يوم أمس الثلاثاء أولى رحلات التفويج للرعايا السودانيين من اليمن وذلك عن طريق الحديدة ? حرض ? جدة، وتستمر الرحلة حسب إفادات مصادر نحو عشرين ساعة تستقبلهم فيها السلطات السعودية ومن ثم تقوم بترحيلهم جوا إلى السودان.
وكانت السفارة السودانية في العاصمة اليمنية في صنعاء قد وجهت مواطنيها بإتخاذ الحيطة والحذر والابتعاد عن مناطق المواجهات العسكرية حرصاً على سلامتهم .
وأبلغ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، السفير علي الصادق “التيار” في وقت سابق بأن البعثة الدبلوماسية السودانية تقدم النصح والإرشاد والتوعية للرعايا السودانيين في مثل هذه الظروف.
شهادات مواطنين:
وقال مواطنون إنهم وصلوا إلى مقر السفارة السودانية منذ صلاة الصبح، حيث كان من المقرر أن تنطلق البصات عند السابعة صباحا ولكنها تأخرت حتى التاسعة، وأفادوا أن سبعة بصات سياحية انطلقت في (طابور) تحمل على متنها ثلاثمائة وخمسين راكباً.
ورأى الخبير الدبلوماسي السفير الرشيد أبوشامة في حديث أدلى به لـ”التيار” بأن أكثر ما عقد عملية إجلاء الرعايا السودانيين من دولة اليمن، هو رفض الحوثيين السماح للطائرات السودانية بالهبوط في مطار صنعاء، ويقول أبوشامة قد يكون الحوثيون مستائين من مشاركة السودانيين في التحالف سيما وأنهم تربطهم علاقات تاريخية، كما أن الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح، كانت تربطه علاقة حميمة مع نظام الخرطوم.
غضبة الحوثيين:
في وقت سابق وهو الآن يقود العمليات الحربية ضد التحالف العربي ويتابع: “ربما لم يجد الحوثيون مبررا للحكومة السودانية ومشاركتها في تحالف عاصفة الحزم، رغم أنهم وجدوا المبرر للمملكة العربية السعودية، التي تخشى على المد الشيعي بالمنطقة. ويشير أبوشامة إلى أن امثل خطوة لإجلاء الجالية السودانية من اليمن، تتمثل في الطريق البحري والذي يقدر طوله ب” 250″ ميلا بحرياً” ويعتقد الخبير الدبلوماسي بأن في أوقات الحرب والقتال لا مجال للدبلوماسية باعتبار أن الحوثيين هم المسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء ويضيف لذا من الصعب الحكم بشأن فشل أو نجاح الدبلوماسية السودانية في عملية إجلاء الرعايا السودانيين، غير أن مصدر دبلوماسي رفيع المستوى كشف لـ”التيار” عن اتصالات لا زالت تقودها وزارة الخارجية، مع تحالف عاصفة الحزم، بشأن منح الإذن للطائرات السودانية للهبوط في مطار صنعاء، ويتابع ذات المصدر: “الأجواء في اليمن كلها تحت سيطرة التحالف ولذا يجب إحكام التنسيق لضمان سلامة المواطنين السودانيين”.
غرفة الطوارئ:
وتشارك في عملية عاصفة الحزم 5 دول خليجية، هي السعودية، البحرين، قطر، الكويت، والإمارات، إلى جانب المغرب والسودان والأردن ومصر وباكستان، فيما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، أمر بتقديم دعم لوجستي واستخباراتي للتحالف. وحسب القائم بأعمال السفارة السودانية بصنعاء، مهند عوض الكريم فإن عملية ترحيل المواطنين السودانيين انطلقت أمس الثلاثاء برا إلى السعودية من صنعاء إلى الحديدة إلى حرض ثم جدة بالسعودية. وقال إن الخارجية اليمنية التي تتبع للشرعية (عبد ربه منصور هادي) هي التي منعت الطيران اليمني خوفا على طائراتها، إضافة إلى استحالة هبوط الطيران السوداني بمطار صنعاء، ولذلك ? يقول عوض الكريم ? اتجهنا إلى الطريق البري حيث تم تشكيل غرفة طوارئ سجلت إلى الآن 1600 طلب مغادرة بينما يرفض بقية السودانيين مغادرة اليمن، في وقت نقلت فيه مصادر دبلوماسية لـ”التيار” بأن عدد السودانيين في اليمن يقدر بنحو “5” آلاف غالبيتهم يعملون في حقلي التعليم والطب.
وقطع القائم بالأعمال عدم تسجيل أي إصابة بين السودانيين، ونوه الدبلوماسي “لا توجد أي حالات تحرش بالسودانيين، وقطع بأن الأخبار التي تنشرها الصحف بخصوص المعاملة السيئة، هي أخبار عارية من الصحة تماما على حد تعبيره. “مشيرا إلى أن الشعب اليمني يعامل السودانيين معاملة جيدة، وأكد أنهم لم يقوموا بتغيير موقع السفارة وأنها موجودة كما هي بموقعها بمدينة (حدة) وطالب القائم الإعلام بتوخي الحذر والدقة وهم ينقلون المعلومات. حتى لا تؤثر على سير العلاقة بين الشعبين.
مشاكل مالية:
وحالت مليشيات الحوثيين بين الطائرات السودانية والهبوط في مطار صنعاء. الإثنين الماضي حسبما أفاد وقتها المتحدث الرسمي باسم التحالف العميد أحمد العسيري، خلال إيجاز صحفي الإثنين الماضي، وقال فيها إن المتمردين الحوثيين، منعوا طائرة سودانية من الهبوط بمطار صنعاء لإجلاء الرعايا السودانيين من هناك.
وقال خلال الموجز اليومي بالرياض أمس الأحد: “لم يسمح للإخوة السودانيين في الهبوط بمطار صنعاء. غير أن مصدر دبلوماسي فضل حجب اسمه، رجح في حديث ادلى به لـ”التيار” بأن عملية إجلاء الرعايا السودانيين في اليمن تواجه عقبة توفير أموال لشركات طيران، بيد أن هنالك جهودا مكثفة لمعالجة ذلك خلال ساعات.
جهود الدبلوماسية:
وللباحث بمركز دراسات المعرفة، يوسف السيد، رؤية أخرى مفادها أن الوضع الحالي يتطلب جهودا أكبر من وزارة الخارجية السودانية، وجهاز شؤون العاملين بالخارج، منوها إلى أنه كان الأجدى من السلطات السودانية إجراء اتصالات مع الشركاء الدوليين للضغط على جماعة الحوثيين التي تسيطر على مطار صنعاء لفك أسر المواطنين المحتجزين في مطار صنعاء . ونوه إلى أن القوانين الدولية ترفض بشدة التعرض في الحروب للمدنيين الأبرياء، ورجح تأخر الخارجية السودانية في الاستجابة لغوث مواطنيها لصعوبة الإجراءات الإدارية والفنية، والتنسيق مع تحالف عاصفة الحزم التي تسيطر على الأجواء عسكريا في اليمن، كما يشير السيد إلى تعقيدات الأوضاع في اليمن السياسية والأمنية لجهة أن الحوثيين يسيطرون على الأراضي اليمنية ميدانياً، ورأى بأن الأيام الفائتة شهدت استهدافا كبيرا للسودانيين في اليمن، أعقاب مشاركة السودان في التحالف كما حملت الأنباء من هناك تحرشات مباشرة وعمليات سطو ونهب كبيرة حسبما روى شهود عيان.
ملف معقد:
ومازالت عودة السودانيين إلى الديار مواجهة بكثير من الصعاب إذ إن العدد الذي وصل إلى السعودية نقطة في محيط، إضافة إلى إفادات نمت إلى “التيار” بوجود استهداف حقيقي وتحرشات بالسودانيبن هناك، مما يستلزم التعامل مع هذا الملف بحزم وشفافية تمكن السودانيين من متابعة ما يجري لذويهم في اليمن، خاصة أن سبل تلقي المعلومات ضئيل جدا، كما أن التصريحات الحكومية يغلب عليها الطابع السياسي الذي قد لا يعكس حقيقة ما يجري على الأرض.

التيار

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..