أخبار السودان

أبواب النار.. المُخدّرات تجتاح مدارس أبنائكم

بعض الطلاب: نستجلب حُبوب الخرشة من الصيدليات بسهولة شديدة.. غالباً بروشتة مضروبة!!
رئيس لجنة مُناهضة استقطاعات المعلمين: عدم الرقابة من الأسرة والتدليل الزائد فَاقمَ علينا الدور وبسببها كثرت السرقات وسط الطلاب
أخصائي نفسي: من السَّهل أن ينجرف الطلاب لطريق المُخدّرات بأسلوب الإقناع أو الاستفزاز الذي يتّبعه المُروِّجون!!
مدير مركز حياة لإعادة تأهيل المُدمنين: الإدمان يبدأ بـ “الصعوط” والسجائر” والبنقو والكحول والخرشة من أكثر المُخدّرات استخداماً

تحقيق: زينب أحمد

قصص وحكاوى تُدار همساً تارةً هنا وأخرى هناك حول تعاطي بعض طلاب المدارس للمخدرات.. الهَمس لا يَعدو كونه ظَاهرة يُلاحظها العَامّة في انتظار أن ينفيها أو تثبتها الجهة المُختصة، فهناك التجربة لغة الجميع، والحديث ليس استنباطاً أو نظريات من فراغ، فـ (العود لو ما فيه شق ما بيقول طق).. المرحلة توالي نحو الخطر فلم تعد تجدي سياسة دفن الرؤوس لأن محصلتها لم تجن سوى ذر الرماد في العيون حَسرةً بعد فوات الأوان، فقبل سنوات طفت ظاهرة مُخيفة للسطح بتناول بعض الطلاب “للسجائر والصعوط” حتى اكتشفهم الشارع العام وتم رصدهم بالفعل في المدارس حتى أضحى الأمر في نهاية المَطَاف مُجرّد لائحة تلزم المدرسة بها الطلاب بحبر يضعها ولي الأمر حال التسجيل، ولم تجر الوزارة آنذاك أيّة دراسة لتمحيص الظاهرة عن ما هي أسبابها بتقديم الأسباب والدوافع لتكون تلك الدرجة الأولى في سلم الانحراف الطلابي، ولان الممنوع مرغوب استفحل الأمر لأدهي من ذلك وانتشرت الكثير من الظواهر التي لم تجد السيطرة أو الالتفاتة من قبل القائمين على أمر التعليم والطلاب، بما أن آخر العلاج “الكي”، بات من الطبيعي انتشار المخدرات وسط الطلاب أيضاً دون إلتفاتة حتى أضحت أوكاراً مُناسبة للمُتعاطين والمُهرِّبين والتجار في أثواب مكرمة لم يجد وقفة.. لذا استوقفتنا العبرة إلماماً بتفاصيل كثيرة بين هذا التحقيق في انتظار تحريك المياه والالتفاتة:
خرشة صباحية
عَادةً يبدأ اليومي الدراسي بالطابور الصباحي، ففي إحدى المدارس جنوب الخرطوم شيء ما دفع أحد المعلمين أن يختار بعض تلاميذه ويخرجهم من الطابور ويقوم بتفتيش ملابسهم، ثم حقائبهم عقب ارتباك مسّه فيهم، بدا وكأنّما قطع الشك باليقين حين وجد ضالته في حقيبة أحدهم بعض حبوب “الخرشة”، ولأن المعلم كان ترادوه الشكوك في ماهية هذه الحبوب استعان ببعض ذوي الخبرة حتى أكده له أنها حبوبة مخدرة.. وحين انفرد بطالبه زَاجراً كَانت الصدمة.. الطالب مترجياً عدم إخبار أهله إن دله عن كيفية الحصول عليها وإن كان هنالك من يتعاطيها غيره داخل المدرسة، حينها كادت الدهشة تقتل المعلم حين علم ان هنالك عدداً من طلابه يتعاطون ذات الحبوب لتساعدهم على الاستيعاب على حد تعبيرهم، فعجّل باستدعاء أولياء أمورهم وسارع بفصلهم عن مدرسته، تلك البداية استدعتني للثرثرة مع بعض طلاب المرحلة الثانوية نظراً للحرص، نفى البعض علمه بمثل هذه المُمارسات، لكن البعض أكدها، حمل حديث الذين اكدوها وقالوا ان من يتعاطيها يستجلبها من الصيدليات بسهولة شديدة، حاولت الحصول على أحد الذين يتعاطونها، لم أفلح في ذلك فحتى الذي أكد المعلومة لم يشأ أن يوشي بأصدقائه وحاول صرفى عن الموضوع في اتجاه الطلاب الذين يقومون باستئجار الدراجات البخارية “المواتر” من الأسواق الأسبوعية وكلما عدت للموضوع عاد لذات النقطة بمراوغة.. حاولت العودة من الاتجاه الآخر باستجلاء الأمر من المعلمين خُصُوصاً وأنهم أكثر التصاقاً بطلابهم ويعرفونهم جيداً.
سبب البلاوي!
طبقاً لتسترهم على كواليس، حصلت على ما ورد من ذكر، لكن الرحلة لم تنته، اقتحمت المسؤولين علني أجد شيئاً يفند ذلك، فكان حديث الأستاذ ياسين عبد الكريم رئيس لجنة مناهضة استقطاعات المعلمين بمثابة صدمة لى.. فبدوره أكد تعاطي بعض الطلاب لمواد مخدرة لكن خارج الحرم المدرسي، قائلاً: نعم هنالك حالات تعاطٍ وسط الطلاب لكنها لا تتم بأي شكل من الأشكال خلال اليوم الدراسي ولا في المدارس، هنالك مؤاشرات يمكن من خلال أن يتعرف المعلم على ان هنالك من يتعاطى داخل مدرسته، منها كثرة السرقات وسط الطلاب أنفسهم فيشكو أحدهم أنه فقد مصروفه اليومي أو رسوم الامتحانات، لجهة ان المدمن بحاجة للمال لاستجلاب ضالته اضف لذلك مظاهر العنف وسط الطلاب، حيث يستعين أحدهما بأولاد حلته ليثأر لنفسه من أحد زملائه بالمدرسة فيتربصون له خارج المدرسة لضربه ليعود الآخر ويتبع ذات الطريقة ليثأر لنفسه، ليفيض الأستاذ ياسين فى حديثه: أعتقد أن الأسرة مسؤولة عن ذلك مسؤولية مباشرة، بل هي ومن حيث لا تدري تدفع بابنها لطريق المخدرات، خاصّةً اولياء الأمور في المدارس الخاصة بإعطائه نقوداً تفوق حاجة الطالب اليومية، عِلماً بأن معظم المدارس الخاصة تمتلك ترحيلاً، بالتالي فإن الطلاب بحاجة “لحق الفطور” لا غير، لكن للاسف فإن الطالب يحمل معه مبالغ خرافية.. كثير من السلوكيات التي يُمارسها الطلاب تصب في اتجاه عدم الرقابة من الأسرة وتدليلها الواضح لأبنائها، الحسرة لم تبرح الاستاذ ياسين في حديثه فعلق مغاضباً بقوله: ليست هنالك دراسات او احصائيات دقيقة تدل على حجم الظاهرة فمعظم المدارس تفتقد للمعالج الاجتماعي والنفسي.
الناس المرتاحة!
الغصة على لسان الكل، ذلك ما لمسته خلال حديث الاستاذ عزالدين الحاج معلم بالمرحلة الثانوية الذي اكد ان ظاهرة التعاطي متفشية وسط الطلاب المترفين الذين يصل مصروفهم اليومي (40 – 50) جنيهاً، اضافة لبعض المدارس الحكومية ذات الفصول المكتظة لصعوبة مُراقبتهم، مضيفاً: في المدرسة التي اعمل بها نقوم بتفتيش الطلاب مرتين خلال اليوم في طابور الصباح وطابور الانصراف نهاية اليوم الدراسي بعد التأكد من ان كل الطلاب موجودون حتى نهاية اليوم الدراسي، ومن السهل جداً التعرُّف على الطالب الذي يتعاطى الحبوب المُخدِّرة من خلال شكله وسلوكه فغالباً ما يكون قلقاً لا يستقر على حالة واحدة، كثير الحركة، تبدو عليه مظاهر الإعياء، غير قادر على التركيز، عيونه مُحمّرة، كثير الذهاب للحمام، وغالباً ما يحصل الطالب على مثل هذه الحبوب بواسطة أصدقاء السوء وستات الشاي اللائي يضفن البعض منهن الحبوب المخدرة للشاي والقهوة، وَأردَفَ الأستاذ عز الدين الحَاج بقوله: تَضافرت عددٌ من العوامل الأسرية والاقتصادية لدفع الطلاب لطريق المخدرات في مقدمتها الهجرة من الريف للمدينة، حيث اكتظت المدارس بالطلاب خاصة في المناطق الطرفية وجعلت مسألة الرقابة عليهم من الصعوبة بمكان، أضف لذلك انشغال الوالدين بأمر المعيشة وبات كل الأسرة تخرج في وقت واحد لتعود في وقت واحد، ولا يعرف الكثير من الآباء والأمهات انّ مُعظم أطفالهم يتهربون من المدارس.
للأسف فإن معظم الآباء والأمهات حتى وإن علموا بسلوك أولادهم يتخذون موقفا سالبا حيال تصرفاتهم خوفاً من حديث الناس، سبق لي أن استدعيت أحد أولياء الأمور لتعاطي ابنه “الصعوط”، بالفعل حضر الأب للمدرسة لكنه ألجمنا جميعاً برده غير المتوقع بقوله (إن ذلك أصبح ثفاقة مجتمع)، علماً بأنه متعلم ويشغل وظيفة مرموقة مما يؤكد أنه يبارك سلوك ابنه وأن الابن وجد البيئة المُلائمة لسلوكه، بل ذهب لأكثر من ذلك، حين قال إنه لا يستطيع التضييق عليه خوفاً من أن يترك البيت، طالباً من ادارة المدرسة قبول ابنه بعلته حين رفضت المدرسة لمخالفة سلوك الطالب لائحة المدرسة والتي وقع عليها ولي الأمر حين أحضر ابنه، حيث نقل ابنه لمدرسة اخرى.
استفزاز!
أما الدكتورة إيمان محمد يوسف اخصائي نفسي قالت: من السهل ان ينجرف الطلاب لطريق المخدرات من خلال أسلوب الإقناع أو الاستفزار الذي يتبعه المُروِّجون بوصف الطالب بالضعف وعدم الرُّجولة خَاصّةً وانهم في سن خطرة بقولهم: (إنت ما راجل.. أمشي أقعد مع أمك.. كل الرجال يفعلون ذلك) وغيرها من العبارة التي تقلل من شأنه، وغالباً ما يبدأ الطالب بـ “الصعود والسجائر” فى الفصول النهائية لمرحلتي الأساس والثانوي لينتقل بعدها الطالب للحبوب الطبية الى ان يصل به الأمر في نهاية المطاف للإدمان!!
وأضافت إيمان بقولها: التعليم به إشكالات.. السلم التعليمى الطويل لمرحلة الأساس والمناهج المكتظة التي تعتمد على الحفظ ساهمت في الهروب من المدرسة لرفقاء السوء، وغياب الأسرة زاد الطين بله خاصةً الأسرة المُمتدة، وغياب التوجيه وارتفاع نسبة الطلاق، وهنالك دراسة أُجريت في العام 2014 أوضخت أن نسبة الطلاق وصلت إلى 65%.
أعتقد أن الحد من الظاهرة يحتاج لكثير من الجهد وان دفن الرؤوس في الرمال لا يجدي، ومن الأفضل للجهات المختصة استئصال الظاهرة في مهدها من خلال التوعية بطرق وأساليب جذب الطلاب لها ومخاطرها عليهم من خلال الورش والقنوات الفضائية والمناهج الدراسية واتباع اسلوب التبصير للحلال والحرام والخطأ والصواب والتوعية في المدارس ووسائل الإعلام الداخلية، الأمر بحاجة فعلية لتكاتف الأسر والمجتمع المدني والمدرسي وتكاتفها للمُحافظة على الموارد البشرية فالجيل الحالي جيل فاقد للهوية، المخدرت تكاد تكون دخلت كل بيت قبل أن تقع الفأس في الرأس!!
وأضافت الدكتورة إيمان محمد يوسف، على الأسرة ان تكون اكثر حرصاً على الجلوس مع أولادها ومتابعتهم، بحيث تجتمع من خلال وجبة الغداء وشاي الصباح، حيث يسهل على الوالدين مُلاحظة التغييرات التي قد تطرأ على أولادها.
والمخدرات لم تعد محظورة على فئة الذكور، بل تعدتها للإناث، وكثير من الأسر يتناول بناتها الشيشة تحت سمعهم وبصرهم مما يدل على أن القيم الاجتماعية نفسها بدأت تتغيّر داخل الأسرة، وما لم تتسارع الأسر باعتبارها الجهة الاولى التي يقع على عاتقها المسؤولية بمُراقبة أولادها وإرشادهم بمخاطر المخدرات فحتماً هي موعدة بضياعهم.
استحالة!
ولأنّ أهل مكة أدرى بشعابها، كان لابد من الرجوع لوزارة التربية والتعليم لاستجلاء الأمر من الجهة المُختصة، حيث نفت الدكتورة إخلاص عباس وحدة الارشاد النفسي بالوزارة بشدة امكانية تعاطي اي من طلاب المدارس بشقيها الأساس والثانوي داخل الولاية لأيِّ نوع من المخدرات بقولها لا وجود لتفشي المخدرات وسط طلاب ولاية الخرطوم سواء كان ذلك في الأطراف أو الوسط، خُصُوصاً وأنّ كل المدارس الحكومية على وجه الخُصُوص مُزوّدة باختصاصيين نفسيين واجتماعيين هم أول من يدخل المدرسة وآخر من يخرج منها ويعلمون تماماً دلائل الانتشار المبكر للمخدرات ويرصدون ذلك عن كثبٍ، بينما صدر توجيه من المدير العام لوزارة التربية والتعليم العام الماضي ألزم فيه المدارس الخاصة والأجنبية بتوفير أخصائي نفسي واجتماعي داخل مؤسساتها التعليمية.
وقالت الدكتورة إخلاص الوزارة: نقدر تماماً أهمية الدور الوقائي، لذا قامت بعمل ورش دخل المدارس لتوعية الطلاب بمخاطر المخدرات ومكافحتها بالتعاون مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، بل ذهبت لأكثر من ذلك حيث ألزمت الاخصائيين النفسيين في المدارس برفع تقارير دورية من لمسؤول الوحدة بالمحلية والذي يرفعها بدوره لوزارة التربية والتعليم بالولاية.
السن المُستهدفة
رحاب شبو مدير مركز حياة لإعادة تأهيل المدمنين ابتدرت بقولها: عموماً يكثر تناول المخدرات بأنواعه المُختلفة لدى الفئة العمرية ما بين (18 – 30) عاماً، لكن ذلك لا ينفي تعاطي المخدرات في اعمار اقل من ذلك، خاصةً وأن المتعاطين لها بدأوا في سن اقل من ذلك، عالمياً فإن نسبة التعاطي تدنت حتى سن الثانية عشر بالتالي فإن السودان تأثر بهذه التدني الأمر الذي يترتّب عليه وجود طلاب أساس وثانوي ضمن المُدمنين حسب السن المستهدفة، وحسب ما يرد إلينا، فإن البنقو من أكثر المخدرات استخداماً، تليها الكحول والخرشة وغيرها، وغالبا ما يبدأ الطلاب طريق الإدمان بـ “الصعوط والسجائر”.

التيار

تعليق واحد

  1. متاعين مشاكوس عفوا مشاكل يا ناس الراكوبة
    الزول المنزلين صورته في الخبر ده دخلو شنو

  2. متاعين مشاكوس عفوا مشاكل يا ناس الراكوبة
    الزول المنزلين صورته في الخبر ده دخلو شنو

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..