السودان يسير نحو المجهول

د. عبدالله جمعة الحاج

معضلة السودان

منذ أن نال السودان استقلاله عن بريطانيا عام 1956. قامت الأنظمة التي تواترت على حكمه بتركيز السلطة والثروة في العاصمة القومية الخرطوم، وأدخلت البلاد في حروب خاضتها ضد الجماعات المتمردة في الأقاليم التي بقيت دائماً مهمشة وخارج حسابات المركز تقريباً إلى أن يظهر منها تمرد. ولم تخرج ممارسات حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم حالياً عن ممارسات سابقيه، وجاء رد فعله تجاه التهديدات الداخلية محكمة عن طريق تدريب وتسليح ميليشيات عسكرية خاصة به بوسائل تقوم على تماثل الخلفيات الإثنية والعرقية والثقافية لمنتسبي تلك الميليشيات. وصاحب ذلك أيضاً أن تركزت السلطة والثروة في أيادي عدد محدود من الأفراد وبطريقة أخذت في إثارة الانتباه منذ اللحظات الأولى للانقلاب، الذي تم تنفيذه تحت راية الجبهة الإسلامية الوطنية عام 1989.

وتعكس الضراوة التي تبدت من رد فعل النظام على التمرد في المناطق الغربية وغيرها أدلة ومؤشرات على المخاطر الجسيمة، التي تشكلها الحركات المتمردة في تلك المناطق على النظام، وعلى وحدة وتماسك ما تبقى من أراضي السودان. والواقع هو أنه عقدت اتفاقيتا سلام بخصوص هذه المناطق، إحداهما اتفاقية دارفور والأخرى والأقل شهرة هي اتفاقية شرق السودان للسلام، لكن كلتا الاتفاقيتين، بالإضافة إلى غيرهما من اتفاقيات عقدت، فشلت في المعالجة الجذرية لمسببات التمرد.

وما يفاقم الأمور ويزيدها سوءاً أن ردود الأفعال التي يتبناها حزب "المؤتمر الوطني"، سواء تجاه حركات التمرد والانفصال في المناطق المختلفة، أو حركة المعارضة الداخلية في المدن الرئيسية خاصة الخرطوم، تتمدد إلى خارج حدود البلاد. فخلال الحرب في الجنوب قام النظام بدعم "جيش الرب"، وهي حركة معارضة أوغندية مسلحة تمارس نشاطها في شمال أوغندة وتقوم بإرهاب المدنيين في المثلث الحدودي الواقع بين السودان والكونغو وجمهرية أفريقيا الوسطى. وكجزء من استراتيجيته الخاصة بالقتال في دارفور يقوم النظام الحاكم بدعم صراع بالوكالة ضد نظام تشاد المجاور له، وذلك بهدف قطع الطريق أمام الحركات المتمردة في الغرب ومنعها من الحصول على خطوط تموين وملاذات آمنة في تشاد. وقد وصلت جحافل المتمردين التشاديين الذين يدعمهم النظام السوداني إلى مشارف العاصمة انجامينا عدة مرات رغم فشلها في كل مرة في إسقاط النظام التشادي.

الديناميكية السياسية ضمن حزب "المؤتمر الوطني" تعتبر وسطية جزئياً، حيث تقوم فئة قليلة من الأقطاب المتنفذين بالاستحواذ على السلطة والنفوذ بالتعاون مع مركز النظام. ويتمتع مركز النظام بقدر كبير من القوة يسيطر من خلالها على مجريات الأمور بدعم من الجيش، وهو يمارس السلطة لما يقارب الربع قرن، لأنه قادر حتى الآن على تحريك خصومه الداخليين ضد بعضهم بعضاً بطريقة أضعفت الجميع، وبقي هو وحزبه أقوى من الأطراف على صعيد السياسة الداخلية.

ورغم أن النظام الحالي وصل إلى السلطة وهو يحمل معه أجندة إسلامية، فإن همه الآن قد يكون شيئاً آخر، وهو مستمر في الهيمنة على السلطة والسيطرة على البلاد. لذلك فإن السودان يسير نحو المجهول.

جريدة الاتحاد

تعليق واحد

  1. جزاك الله خيرا لاهتمامك بشئون السودان وما قلت الا الحق
    عزيزنا كل الناس في الداخل والخارج والسودانيون وغيرهم يعلمون ان السودان يسير الى المجهول الا نظام الكيزان لا يعترف باي خطأ والادهى من ذلك يحسبون انهم يحسنون صنعا
    والله لن يثوب هؤلاء لرشدهم الا بعد ان يجعلوا خارطة السودان مثل جلابية الدرويش

  2. ;( ;( ;( ابدأ من حيث انتهى المقال … السودان يسير الى المجهول …. فعلا الكلام ليس عليه جمارك …. ده رأيك يا دكتور … ونحن لدينا رأى … اذا كان السودان يسير نحو المجهول فالعالم كله يسير نحو المجهول ….. وكده نكون قد اتفقنا أولا نكون … المهم لا تخاف على السودان فى ظل رجال اشاوس بقيادة اسد افريقيا (البشير) وغدا ان شاء الله سترى السودان الجديد بلداً امنا ويسير نحو الرقى والخير وازدهار … وانا لست بحالم …. والحمد لله …

  3. والله انت حالم وموهوم كمان……قال اسد افريقيا ….في وهم اكثر من كده؟ الغزافي ملك ملوك افريقيا والاخ البشير اسد افريقيا والله كلهم قتله وحرامية

    المهم لا تخاف على السودان فى ظل رجال اشاوس بقيادة اسد افريقيا (البشير) وغدا ان شاء الله سترى السودان الجديد بلداً امنا ويسير نحو الرقى والخير وازدهار … وانا لست بحالم …. والحمد لله …

  4. اقتباس: (هزلت … ما باقي إلا (العربان) الذين لا يرون عوجة رقبتهم )

    العربان إنت جالس تاكل عيش في بلادهم ، إستح يا ناكر الجميل .

  5. نرى ان العالم كله يسير نحو المجهول والافضل لنا نسير ونحن على حق منذ اكثر من 50عاما ونحن ندرى ان السودان لن يترك وسوف تعمل كل القوة الشريرة واتباعهم لزعزة استقرار السودان وتفتيتة بكل السبل ونقول لهم واهمون لاننا لن نرضى بالزل المهانه اما عيش بكراة وعزة او الشهادة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..