سيناريو الاغتيال في إدارة الصراع السياسي السوداني

حكم أشرار إسلامويو الخرطوم تورط في عملية عمليات اغتيال خارجية، وكان موقعها أيضا أديس أبابا،

محجوب حسين

■ ثمة إجماع يسود بين السودانيين، في تشكيلاتهم وأبنيتهم الأفقية والعمودية، وكذا المتعاطفين معهم من الإنسانية، على إن حالة الانسداد التاريخي التي تقف عائقا أمام سريان الدورة الدموية ? إن تبقى شيء من دماء- في شؤون هذا الوطن في حالته الراهنة، مرده بالأساس يعود لوسائل القمع والقوة المملوكة للدولة للقضاء على الدولة ذاتها.

الدولة التي سُرقت وسائلها، ومن ثم تنفيذ الأجندة المهينة للإنسانية السودانية تحت عباءة أيديولوجيا شاذة، إن جاز الوصف. مع سد كل الآمال والطموحات أمام المحاولات الوطنية من قوى الشعب الواقع تحت دائرة إهانة ماضيه وراهنه، لرد المسروق عبر أي آلية متعارف عليها، في حين كل من يعمل على استرداد هذا الحق الوطني المسروق عبر أي سيناريو، يرمي بذاته أو مؤسسته في دائرة الفجور السياسي والوطني والأخلاقي، ومعه تقع الشرعية والمشروعية لاغتياله رمزيا أو ماديا، وهو فعل يستوجب القيام بأي فعل ضده.

ضمن ما سبق الإشارة إليه، يكاد يكون مرئيا ومعاشا حجم حالة «الاغتراب الحادة» بين السلطة والمكونات الاجتماعية والسياسية والمدنية والشعبية في السودان، بعدما مسخت قيم الدولة والمؤسسات القيمية الأخرى، من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية، فيما ينسحب الأمر ذاته ليكون حالة «اغتراب عنيف» من زاوية معاكسة للأولى، بمعنى بين تلك المكونات والسلطة من اغتراب اجتماعي وسياسي واقتصادي وديني هو الآخر، لأن ما أتت به السلطة من قيم وقعت في حكم الشاذ والاستثنائي، ضمن دائرة «الحرام» مجتمعيا وتقليديا وعرفيا، وكذلك مع مرجعيات منظومة القيم الراسخة في أدبيات إدارة وتدبير الشأن العام والنظام القيمي الاجتماعي والسياسي السائد المتعارف عليه في البلاد، الذي بدأ مع ما يؤرخ إليه بالحكم «الوطني» الحديث على علاته.

حالة «اغتراب» السلطة اتضحت بجلاء في ما جاء في الأخبار وتناقلته الوسائط والإذاعات الموجهة إلى السودان خلال الأسبوع الماضي، وفيه «كشفت الجبهة الثورية? في متابعة لمعلومات مؤكدة مخططا لعملية اغتيال فاشلة للاستخبارات السودانية في العاصمة الاثيوبية، هذه العملية ترمي من ورائها أجهزة الاستخبارات والأجهزة الأمنية السودانية، اغتيال قيادات للجبهة الثورية السودانية، والعملية كشفتها مصادر العملاء والمرتزقة ذاتها، المنفذة للجريمة بعد هروب أو اختفاء العميل الذي قبض ثمن العملية».

وفي هذا تتكشف بوضوح حالة « الاغتراب العنيف» المرتبطة عضويا بالسلطة تجاه القوى الوطنية، ممثلة في الجبهة الثورية، المهدد الموضوعي للسلطة العسكرية التي لا تعترف أيضا إلا بمعارضة القوى العسكرية الحاملة للسلاح نفسه، تلك هي معادلة تقييم الديكتاتوريات لذاتها أو الأخرين المناوئين لها، في هذا «الاغتراب» العنيف، أغلقت الذهنية الحاكمة تجاه أي آفاق عقلانية لإدارة الصراع السياسي، الذي هو اجتماعي تاريخي ثقافي اقتصادي طبقي، إلا عبر الآلية غير المنسجمة أخلاقيا وهي آلية الاغتيال لحسم الاختلاف.

في هذا الإطار وكما هو معروف أن «الاغتراب» يعبر عن حالة نفسية فردية أو جماعية يفقد فيها الفرد/ الجماعة/ المؤسسة حدود ذاته أو ذاتها، كما يقول دونالد ددلي في كتابه «حضارة روما»، وذلك من جراء، كما يفيد عبدالله الخطيب في كراسته بعنوان الحضارة، تســــلط قوى غاشمة على الفرد تسلبه عن عمد حريته وكرامته، ولا يتمكن هذا المستضعف أو الشعب، التخلص من القوى أو إسقاطها، فيها يكون اغترابه في شقين، إمـــا أن يأخـــذه وضعه البائس نحو التصوف والعبثية وعدم الانتماء، كملجا أو ملاذ يستكين إليه، أما الشق الثـــاني فيتخــــذ من التمرد والثورة طريقا لإيجاد ذاته وتحــــديد وجوده كمواطن، وهنا تتجمع طاقات الاغتراب ثم تتحول إلى طاقــــة موحدة، ثم الانفجار يأتي ثوريا أو في غير ما هو متوقع أو هو متوقع، وفي هذا يشير يشير فرويد بقوله «ما دام الفرد لا يقوى على تحقيق ذاته ينتهي به الامر إلى ضرب من الاغتراب وكره الحياة التي يحياها وجاهزيته لأي فعل يودي به أوينقذه».

هذا الشعور كما أسلفنا سببه جملة إشكاليات وطنية متلازمة للإنسان السوداني ولًدت معه شعورا «بالاغتراب الحاد»، كما هو شأن شعور «الاغتراب العنيف» لسلطة الحكم تجاه مواطنيها ومكوناتها المؤسسية والقيمية للشعب السوداني، وهو الشيء الذي دفعها إلى التفكير بممارسة فعل/جريمة الاغتيال، لمن تعتبرهم أعداءها. هذه المحصلة السلبية في الصراع السوداني أيضا ولدت شعورا بـ»الاغتراب الحاد» بين المواطن- الذي يمثل رمزية لمجموع الشعب ? مع الحكم السوداني في حالة اغتراب هو الآخر مضاد- قد لا يشكل مقياسيا ولا عينة عشوائية- ولكنه ظاهرة تحتاج لوقفة حقيقــــية، الأمر يتمفــصل هــــنا وفي تزامن ليس ببعيد مع المثال الأول بطرح لسوداني التقيته صدفة في أحد شوارع لندن، ليس بسابق معرفة، يبدو أنه في حالة جيدة، قائلا لي أنه أمضى في الديار البريطانية سبعة عشر عاما وأنه يعيش كما يعيش الآخرون من بني وطنه حالة اغتراب عن الأهل والوطن. وبدون مقدمات قال إن حل الورطة السودانية كما يقول هو وآخرون يشاطرونه هذا الرأي يتمثل في «اغتيال الرئيس» مضيفا قوله «طلقة في رأس الرئيس والموضوع انتهي ويحصل ما يحصل».

هذا الموقف على تطرفه مع وجود المسوغات طبعا لقائله ومن يتبناه هو تشخيص لحالة «الاغتراب الحاد» التي كونتها السلطة، من خلال مجموع سياساتها ضد الوطن والمواطن، ولو كان بعيدا عن جغرافيا الفعل، فما بالك عن الموجود في جغرافيا الفعل الذي قد يتعدى هذا الطرح إلى ما هو أخطر منه، جدير بالذكر ليس مقالنا هذا لتكريس مثل هذه الأفكار التي نجمت عن حالة أو ظاهرة سياسية وقعت على الشعب السوداني، بقدر ما أردنا أن نبين حجم الخلل والمخاطر التي قد تقع في حالة تمادي سلطة الأشرار في توزيع الشر المستطير في البلاد، ويأتي هذا رغم أن هناك شواهد ودلائل تؤكد أن حكم أشرار إسلامويو الخرطوم تورط في عملية عمليات اغتيال خارجية، وكان موقعها أيضا أديس أبابا، منها محاولة اغتيال للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، كما أن سيناريو الاغتيال كثقافة سياسية مبتكرة وجديدة في إدارة الصراع السياسي السوداني وقعت ما بين أركان النظام نفسه وشملت كما تقول شهادات من تم إقصاؤهم من السلطة، مثل نائب الرئيس السابق اللواء الزبير وقائد ترسانة التعذيب في العقد الأول من الحكم الرائد شمس الدين وآخرين كثر، كما تفيد وقائع وأحداث وفاتهم التي أثارت جدلا وسط علماء الجريمة الذين وصفوها بالتصفيات، علما بأن كل الملفات السوداء أغلقت بالشمع الأحمر، كما هي خط أحمر، وسوف تتكشف كلما احتدم الصراع وتطورت آليات حسمه.

٭ كاتب سوداني مقيم في لندن

محجوب حسين

تعليق واحد

  1. طال الزمن أم قصُر سوف يتم اللجوء لسيناريو الإغتيال في إدارة الصراع السياسي في السودان.
    السودان ليس إستثناءً، فكافة الدول العربية والإسلامية والإفريقية التس تسود فيها ديكتاتورية الفرد الواحد وتغيب فيها المؤسسية، شهدت وتشهد وسوف تشهد عمليات الإغتيال السياسي.

    اليمن، العراق، سوريا، أفغانستان، الجزائر، رواندا، بوروندي، الصومال،،، إلخ.

  2. كتبنا من قبل ننبه الجبهه الثوريه لاتباع أسلوب الاغتيالات ونقل الصراع داخل العاصمه بتدريب كادر لفرق انتحاريه عاليه التدريب لاصطياد بعض رؤؤس الانغاذ في العاصمه

    تغدوا بهم قبل ان يتعشوا بكم ان سينياروهات تغيير النظام سؤاء عصيان مدني او انتفاضه او انقلاب عسكري لن تنجح لعدم وجود نقابات فاعله كما في أكتوبر وابريل

    وان لا تعولوا علي قاده الاحزاب الصادق المهدي والميرغني هؤلائ همهم التعويضات الماليه رغم ان الانغاذ اغرغتهم بالعطاء بالمليارات وما زالو يلهثون وراء الفتات

    انتقلوا المعارك الي داخل العاصمه واستعدوا بكادر فرق انتحاريه عاليه التدريب هذا ما تبقي من حلول عمليه والله الموفق

  3. لسوداني التقيته صدفة في أحد شوارع لندن، ليس بسابق معرفة، يبدو أنه في حالة جيدة، قائلا لي أنه أمضى في الديار البريطانية سبعة عشر عاما وأنه يعيش كما يعيش الآخرون من بني وطنه حالة اغتراب عن الأهل والوطن. وبدون مقدمات قال إن حل الورطة السودانية كما يقول هو وآخرون يشاطرونه هذا الرأي يتمثل في «اغتيال الرئيس» مضيفا قوله «طلقة في رأس الرئيس والموضوع انتهي ويحصل ما يحصل»…….الكلام ده بدينكم قاعدين في بريطانيا و تتكلموا في كلام زي ده

  4. ناقد الشلخة بسب أهلي في الإقليم الأوسط وهنا مربط الفرس زي تفكك الجيش اذا تفككت قطعات الجيش وبيعت تبع اللجنة المنوط بها البيع من المثلث متساوي الساقين هنا هنا نقول نحن الملوك وهم الرعية ويقام الحد علي من أبا يحترم نفسه كل الذي أقوله الي أمدكت أوقفي فنطوطك قبل العطش او الغرق شكرا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..