يا المستبد قل لي

*لقد وفّر الحديث حول الانتخابات والإصلاح، على نفسه الخوض في أصعب الإشكاليات وأهمها في تقديري : أسباب قدم المستبدين الجدد ودوامهم بل وقدرتهم على البحث عن التجدّد و التمديد وكأنّهم ملوك اخر الدنيا .
هذا ناتج موت الشعور و الحس الوطني و موت الديمقراطية و مبداء التداول السلمي لسلطة كركيزة من ركائز الحرب الطويل التي انتهت بتصويت شعب جنوب السودان لخيار اقامة دولة مستقلة في يوليو 2011 وهي موت للعقول والقلوب،

*وإن كانت صحيحة تعني شللية السلطة حاليا او المستبدون الجدد، لكن هل مات الشعور و الحس الوطني في العقول والقلوب وحلت محله الاستبداد و المستبدين ؟ ها نحن مجدّدا أمام خطر جديد يستوجب الوقوف والتمهن في محالته بعد أن اكتوينا بنيران المستبد الشمالي بوحديته قوميته ووطنيته ووإسلاميته الزائفة نحن امام مستبد جنوبي من النوع الخطر.
إن ما تظهره نقدنا المتواصلة على الظاهرة هو أنه لا أسهل من الخلاص من المستبدّ ولا أصعب من الخلاص من الاستبداد وكأننا لا نتعلم أبدا من تجربة باهظة الثمن.

*قيّموا لحظة عمق التخلف والخراب والتاخير، الذي تسببت لنا فيه حفنة من المستبدين نسميهم نحن بالقادة وهم قادة في زمن الخطاء . هؤلاء الناس الذين نصّبوا أنفسهم أوصياء مؤبّدين على مصير شعبنا و أمتنا . نحن لا نستطيع تسميتهم قادة لأن القائد من يقود… والقيادة تعني دوما فتح طريق الشعوب وتعبيده إلى… الأمام وإلى فوق. هؤلاء الناس ما انفكّوا يجرّونا إلى الوراء وإلى تحت والى القبلية. لا يمكن أن نسمّيهم زعماء لأن الزعامة هيبة ومصداقية وقدوة. هي كل الخصائص التي لا يعترف انسان جنوبي صادق بوجودها فيهم. لا يمكن حتى وصفهم بالحكّام لأن في الكلمة ضمنيا معنى الحكمة. ولو كان لهم منها الحدّ الأدنى لما وصلنا إلى هذا الحد النوني . ولأن وجودهم مرتبط بالسلطة والتسلّط، فلنسمهم السلاطين فهذا المصطلح أدقّ وصف وأقرب تعريف لهم إلى الموضوعية
لماذا نساهم و نصنع نحن وبقية الشعب الجنوبي بدون توقف المستبدّين رغم تكلفتهم الباهظة ؟

*في الوقت الحاضر ما يتحكم في مجرى التاريخ هو صراع البنى الفوقية والتحتية مثل الطبقات أو الإيديولوجيات أو الحضارات وهي عوامل المنافسة السياسية بين الاحزاب ، أمّا الافراد فمجرّد أدوات في خدمة قوى تتجاوزهم.
المضحك في الأمر أن الحركة الشعبية ، التي اتخذت ذلك كمنهجاً لها أكثر من أي مدرسة فكرية أخرى في سودان ماقبل الاستقلال ، هي التي أفرزت السلاطين و المستبدين الجدد في الجنوب حالياً.
قد تودي استمرارية السلاطين و المستبدين الجدد الي ظهور اعراض الشلل المبكر لدولة الجديدة ان شئت قل الوليدة فان إصابة الجهاز العلوي لدولة بالإستبداد والتسلط تودي الي نوع من الجنون السياسي و الاجتماعي للاتباع السلاطين
ومن هذا المنطلق لم أستغرب شهادة شاهد من اتباع السلاطين تقول بمنتهى الوضوح أن السلاطين كانو مجانين بالمعنى السياسي للكلمة وهو ما يفسر الكثير من مواقفهم الهوجاء وتسلطهم بالسلطة وبحثهم عن المذيداً من المحلة

*وحتى لا أتهم بالكذب وسوء النية وتصفية الحسابات العائلية والسياسية بالوسائل الخسيسة مع الاخرين ، فإنني سأكتفي بتقديم سؤال اساسي ومهم لكل جنوبي وهي لماذا عجزت السلاطين عن توفير
1/مصافي لمياء نقي داخل مدينة جوبا
2/ضبط الانفلاتات الامنية داخل مدينة جوبا
وفي اثناء كتابة هذه السطور اطلقت طلقات نارية .
3/عجزهم عن تأهيل مستشفى جوبا التعليمي

* ما من شكّ أنّ المجتمعات الجنوبية قادرة على تحمّل كلّ شيء إلاّ مثل هذه الحالة التي تضرب كلّ مقومات حياتها وتعيدها إلى ما قبل التاريخ . وقد تكون ذكرى مثل هذه اللحظات وما ألحقته من ضرر مريع هي التي تجعل من التصويت للانفصال مطلب كلّ الشعب الجنوبي
ها قد دقت ساعة’ المنقذ ‘ وهم اشخاص يفترض منهم أو يفرض على الآخرين فكرة قدرتهم على تعديل الميزان وجعله يعود إلى نقطة التوازن المطمئن و المريع لشعب الجنوبي .

سايمون قاج
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..