أخبار السودان

الشريف بدر و”سلخ جلد النملة” والفاتح “عروة”

محمد بشير حامد

أثأر إنتباهى وأنا أشاهد حوار الشريف بدر مع فضائية الشروق يوم الأربعاء ۱۳ مارس والمداخلات التى تخللته، ورود عدة عبارات حول بيع الخطوط الجوية السودانية و”خط هيثرو” أرى كباحث فى علوم السياسة إضافتها على الفور إلى قاموسنا السياسى وإستخراج براءة علمية بحصرية حقوق نشرها واستعمالها. أول هذه الدرر تشبيه الشريف للخطوط الجوية السودانية التى كان يرأس مجلس إدارتها “بالبقرة العجوز لٙمؐن يودوها السوق وتبقى فاتحة خشمها بٙراها”. وأعترف أن الأبعاد الإقتصادية والسياسية لهذه المقولة استغرقت منى بعص الوقت لإستيعابها. فالبعد الاقتصادى لهذه الإفادة العلمية يمكن تبسيطه كالآتى: إذا عندك بضاعة “مضروبة” (ولا يهم كيف أصبحت “مضروبة” فهذه نظرية اقتصادية آخرى فى حد ذاتها قد لايتسع المجال لشرحها) فعليك تسويقها بطريقة تٔنفر منها كل المشترين الشاطرين بجعلها “فاتحة خشمها براها”. وبعد ذلك تقوم بإختيار زبون يتميز بالغباء الشديد بحيث يشترى “بقرة عجوز” قد نضب ضرعها. وقد يكون للنظرية مسار آخر يغلب فيه البعد السياسى بحيث يقوم هذا المشترى (الغبى) بإيهامك أنه فعل ذلك حباﹰ فى عيونك وولهاﹰ فى طلعتك البهية وبعد أن يشترى منك البقرة ومراحها يأكل نصف البقرة ويبيع مراحها ثم يقنعك بشراء النصف المتبقى (فطيسة) حتى قبل أن ئكمل دفع ثمن البقرة الأصلى دعك عن المراح الذى راح. بالطبع لا يهمك ضياع البقرة أو مراحها لأنه قد جرى مكافاتك (على شطارتك) بزاوية فى جنةٕ (فيحاء).
وهذا يقودنا إلى عبارة “سٙلخ جلد النملة” التى ذكرها الشريف فى معرض حديثه (فى إشارة حسب ما فهمت إلى إستحالة إدانته ومجلس إدارته بأى جريرة حتى لو كانت التقاعس عن أداء الواجب أو ما عٔرف فى تقاليد الخدمة المدنية أيام زمان بDereliction of Duty ). إن التأمل فى عبارة الشريف هذه يبدو لاول وهلة كالغوص فى أعماق المستحيل بكل مايثيره ذلك من شجون وهواجس فلسفية عن لامعقولية الأشياء وعبثية فهم أسرار الكون. ولكن مشاهدة الشريف وهو يراوغ حول نفسه متخيلاﹰ أنه (مارادونا أو ميسى) ويتقمص دور “شاهد ماشافش حاجة” برداءة تٔبكى (عادل إمام) تجعلنا فجأة نقتنع بأن المستحيل ممكن واللامقول معقول (ونص) وما الداعى لفهم أسرار الكون إذا إستعصى علينا فهم سياسات التمكين و(لغف) المال العام التى يمارسها أمثاله فى علانية وتبجح. فهولاء قوم أدمنوا شرب حليب البقرة حتى ضمر ضرعها وأستطابوا أكل السحت من ثمار المشاريع الزراعية حتى حولوها إلى الخراب وبلغت بهم (قوة العين) حد التبرع لمشاركتنا البحث عن مٙن شرب الحليب ومٙن أكل السحت. ويبدو أن “سلخ النملة” فى عٔرفهم أسهل من سلخ “بقرة عجوز”!
والشىء الآخر الذى لفت إنتباهى وأثار إندهاشى وأنا أتابع الحوار لم يكن تعبيراﹰ بل اسماﹰ. فقد أشار الشريف مرة إلى أن ما ذٙكٙره (كشاهد لا ليه فى العِير ولا النفير) من ملابسات بيع الخطوط الجوية السودانية و”خط هيثرو” فيه الكفاية للإجابة على تساؤلات “الفاتح عروة”! مما جعلنى أتساءل ماعلاقة الفريق (م) بتلك الملابسات؟ هل قام بدوره بإنشاء “كسرة هيثروية”؟ أم أن (زين) قد أصبحت الضلع المكمل لمثلث مع (عارف) و(فيحاء). ولكن هذا الإحتمال بدأ لى غير منطقى فتجفيف السوق من السيولة لمقابلة لوازم (التحويل) لا يترك لسيادة الفريق وقتاﹰ للإهتمام بأى أمور آخرى. وقد تكون إشارة الشريف مجرد زلة لسان عفوية مردها معرفته الوثيقة بالفاتح عروة وبالتالى تٙعوؐد لسانه على نطق الإسم عفوياﹰ فى الحالات التى يكون فيها “مزنوق ومتنرفز شوية” بمعنى “الحقنى يا عروة”؟ ولكنى استبعد هذا الإحتمال إذ أن الشريف أشار مرة أخرى فى معرض حديثه ذلك إلى “أخونا عروة”، فالعفوية غير واردة لأنها لا تقبل التكرار. إذن هى إما زلة لسان (فرويدية) من عقل الشريف الباطن أو إشارة ذكية مقصودة تحمل رسالة مبطنة ومعينة للفاتح جبرا.
التفسير(الفرويدى) يقوم على إفتراضين: الأول أن الشريف قد أقنع نفسه بأن الفاتح جبرا قد تقمص شخصية الفاتح عروة (أو العكس) مما يفسر إرتباكه الواضح وخلطه للإسمين أثناء الحوار والمداخلات. وقد يعترض البعض على هذا التفسير على أساس أنه لا يوجد شخص من الغباء بحيث يخلط أو يجمع بين (الفاتح) الذى عانى بهدلة الأمن و(الفاتح) الذى هو أحد مؤسسى إمبراطورية الأمن. ولا يسعنى إلا أن أوجه هؤلاء للتمعن كثيراﹰ (أو قليلاﹰ) فى المقدرة العقلية الهائلة التى تمخض منها تعبير “البقرة العجوز اللى بقت فاتحة خشمها براها” ليقتنعوا بأن هذا التفسير لا يخلو من وجاهة! والإفتراض الثانى هو أن هناك رسالة مبطنة أراد الشريف أو عقله الباطن إرسالها لجبرا (او لعقله الباطن) على شاكلة (وهذا مجرد تخمين من جانبى): “ياخى روق المنقة شوية وخلى الناس تشوف أرزاقها. يمكن ربنا يفتحها عليك أنت كمان ومش بس تقدر تدفع الجنيهين الزيادة بتاعين ناس النفايات ولكن (فجأتن) تلقى نفسك بقيت زول كبير فى جهاز الأمن اللى اعتقلك قبل أسابيع ويمكن كمان تساعد فى هجرة شوية الفلاشا الفضلو فى أثيوبيا مما يؤهلك عشان تبقى سفيرنا فى واشنطون ومين (عارف) بعد داك يمكن تلقى نفسك بقيت رئيس مجلس إدارة).
وبالطبع لا أستطيع أن أجزم بأن هذا كل ما جاء فى الرسالة أو إذا كانت هناك رسالة أصلاﹰ أو أن جبرا قد أستلم الرسالة أو فهم مدلولها كما فهمت. وقد حاولت الإتصال به لاستفسر إذا شرع فى عملية “ترويق المنقة” أم لا ولكنه لم يرد على مكالمتى. وأعترف بداية أنه بدأت تراودنى بعض الشكوك ولكن عندما أستقصيت الأمر عرفت أن جبرا (فرقت معاهو شوية) وأنه هذه الأيام بدأ (الحوامة) فى السوق العربى وسؤال كل من يلقاه: “معاك أورنيك (۱٥)؟”.
والتعبير الأخير الذى لفت نظرى أطلقه الفاتح جبرا نفسه (قبل أن تفرق معاهو) فى مداخلته فى الحوار عندما ربط دعوة الشريف بدر لشركة (عارف) الكويتية كشريك للخطوط الجوية السودانية بمثابة إحضار “صيوان لعرس بتو”. قد أثار هذا الربط الكثير من التساؤلات فى ذهنى: كيف عرف جبرا أن للشريف “بنت على وش عرس”؟ وإذا لم يكن للشريف بنات فلماذا لم ينتهز هذه الفرصة الذهبية لينفى الواقعة ويتخذها دليلاﹰ على عدم مصداقية المعلومات التى أتى بها جبرا (بدلاﹰ من أن يعترف بصحة المعلومات بل ويطالب بكل بجاحة إضافة اسمه لكسرة جبرا الشهيرة عن ما حدث “لخط هيثرو”)؟ ثم لماذا ئقتصر صيوان العرس على البنات فقط فى تفرقة (جٙندرية) لا تشبه جبرا؟ فاذا كان للشريف أولاد فقط فهل يصبح الرابط بين الشراكة والصيوان غير وارد؟ وهل إذا قمت أنا مثلاﹰ بلطش التعبير وحرفته إلى “صيوان لعرس ولدو” سيقوم جبرا بمقاضاتى ويعمل كسرة جديدة عن: “اخبار سرقة الصيوان العند النائب العام شنو؟” لم أجد أجابات شافية لتساؤلاتى وإن انتبانى شعور قوى أنه بالنظر للكلام الرقيق المشحون بنبرات رومانسية الذى أغدقه الشريف على (عارف) الكويتية طوال الحوار التليفزيونى فقد يكون المقصود من الرابط بين الشركة والصيوان التلميح الى أن الشراكة بين الشريف والكويتية ترقى إلى مرتبة الشروع فى عمل غير أخلاقى!

هواجس ساخرة 10
محمد بشير حامد
[email][email protected][/email]

۲۱ مارس ۲۰۱۳

تعليق واحد

  1. الاخ محمد بشير حامد
    تحياتي
    اولاً احييك على على قوة الملاحظة الرائعة، تعرف سبحان الله كنت اريد ان اتكلم عن ذكر اسم الفريق الفاتح عروة ولكن الحق يقال ظننت ان الامر اختلاط اسماء فقط، اما موضوع صيوان العرس ،اعتقد ان الاستاذ الفاتح جبرا كان يقصد ان السيد الشريف بدر تعامل مع الخطوط السودانية كأنها املاك خاصة، اي اتى بعارف كأنه ياتي بصيوان لعرس بنته او ولده، طبعا هذا لا يحتاج لعمل عطاء
    تحياتي

  2. أخي دكتور محمد بشير حامد، أمتعك الله فقد أمتعتنا بهذا التحليل الرائع، والأمل دائما معقود عليكم، أسابذة العلوم السياسية، لمساعدتنا على فك ألغاز “الإنغاز” حتى يأتي الإنقاذ الحقيقي الذي يخلص هذا الشعب من المأساة التي يعيشها!!

  3. بكل تاكيد دى ملاحظه وفراسه وقويه
    ومن التجارب السابقه هنالك مصالح تدوير تتحكم فى مفاصل وتخصيص مؤسسات الدوله وبيعها وهنالك اجنده مرسومه وجاهزه بلاشك
    وهى ان معظم مؤسسى البنوك هم اعضاء نافزين فى لمؤتمر الوطنى
    فمثلآ عندما جعلوا تاج السر مصطفى وزير الاتصالات وقام وباع المواصلات السلكيه والاسلكيه
    وعندما جابوا الشريف بدر مسؤل الخطوط السودانيه كانت الحكايه مظبطه وجاهزه وربما يكون الشريف غير مصدق انه اصبح مسؤل للخطوط السودانيه والبقيه ترتب مع المستثمر عارف فى طبخ العمليه
    لكن كل دا ما بشيفع انه كان سبب من اسباب الفشل والتدهور للخطوط ولا مجامله حتى لو الخط بيع من غير ما تعرف فانت تعتبر فاشل ومشارك فى الفشل والجريمه بكل تاكيد تركبك لانو القانون لا يحمى المغفلين ولو انت مغفل وجاهل ايضآ تسال وتحاكم مهما تبرر ومهما تقدم من دلائل فانت راكب فى الموجه
    المتعافى عندما مشى الموانى البحريه كان لديه شركه خاصه تخصه والشركه كانت محتكره كل الاعمال الهندسيه بالموانى البحريه وبيعت وبيعت البواخر بمعرفته
    وعندما تمه تعينه واليآ للخرطوم صادر كل اراضى الغلابه المساكين وجعلهم يبيعون اراضيهم عنوة وهم من اشتروها
    ثم قام بازاله كل الاكشاك القديمه ومنها اكشاك تعود لاكثر من 50عام وخاصه اكشاك ميدان ابوجنزير لكى تتم بيعه وبالفعل تمه بيعه للمستثمر
    والفندق الكبير وفندق القصر وووووووووووووووووو والجدير بالقول انا من اشترى الفندق لم يقم فيه اى اشياء جديد ولو دخلته تجده كما هو يعنى لم يدخلو فيه اى تحسينات انما وجدوه كالدجاجه التى تبيض دهب وسبحان الله من يعمل به من الاجانب تخيل فى الاستقبل يتم توظيف الاجانب موظفى استقبال حيث لا يوجد فى العالم من يشقل موظفى استقبال للفنادقه من الاجانب
    ثم المتعافى بعد ما شبع من الخرطوم والموانى البحريه دخل وزارة الزراعه وعبث بكل شئ فى الزراعه الاسمده والحبوب الفاسده ثم مشروع الجزيره اكبر مشروع فى العالم
    ثم بيع السكه حديد وبيع البنوك وبيع الكهرباء والمياءه حتى شركات التخطيط والخدمات هم من يعملون شركاتهم تعمل من البطان يعنى من دقنه وافتله
    ثم اخيرآ مامون حميده وزير الصحه للولايه الخرطوم من اجل بيع المستشفيات وايجاد من الكعكه شئ لنفسه مع العلم انه كوز قديم وعندما تمه احالته من عميد كليه الطب وضعه الخطاب فى مكتبه على الطاوله وحينما علمه اخوانه الكيزان تفاجؤا بفصله لانه كادر من كوادرهم ولزالك تمه تعينه مره اخرى
    والدليل انه حينما وصل هو يعلم جيدآ انه لديه من الكعكه قطعه فمشروع بيع المستشفيات كانت مجهزه فقط يبحثون عن الاهبل العور بمن يقوم بالشروع فى البيع لكن للحقيقه فمشروع البيع جاهز من زمن زى ما قال اسماعيل حن يرتب من زمن
    ولو تعرفون ليه حكومه المؤتمر الوطنى صارت تبيع فى مسؤسسات الدوله بالخرطوم من وزرارات ووو
    حتى بيوت السكه حديد وبيوت السجون واشلاقات الشرطه والجيش لانوا كل خدمات الصرق الصحى متوفره و90% من كوادر المؤتمر الوطنى كانوا عايشين فى عالم اخر لم يعرفوا طعم المكيفات ولا طعم الرفاهيه الا عندما جاؤا بالمؤتمر الوطنى حينما منحهم بيوت واراضى وتمه تعينهم فى الشركات والوزارات وصاروا يسرقون علنآ جهارآ نهارا
    الحديث يطول لكن القانون لا يحمى المغفلين والكثير من الوزراء والمسؤلين صاروا كبش فداء لكنهم بكل تاكيد هم شركاء فى الفساد فانت يا شريف بدر لو لم تكن جدير بالمسؤليه كيف تتحملها ثم تاتى وتقول اتحدى
    كلكم انتظروا ساعه الحساب والله بعون الله حساب حار بالحيل حساب سونامى زلزال يزلل اقدامكم ويسحق بطونكم وكروشكم المليانه بالسحت

  4. كاتب المقال والمعلقين مشكلتكم ومشكلة معظم الناس البتتشعلق فى مهنة الكتابة انكم بتظهروا دايماً جهلكم وضحالة معلوماتكم ودى مصيبة البلد دى .. البسوا والما بسوا بكتب وينظر وبعمل فيها انو سيد القلم والفهم .. يا جهلة سيرة الفريق الفاتح عروة ما جات زلة لسان ولا اختلاط اسماء زى ما عقولكم الناقصة دى فهمت .. سيرتوا جات لأنو ببساطة تم تعيينوا قبل أكثر من ثلاثة شهور رئيس لمجلس ادارة سلطة الطيران المدنى والتى تتبع لها سودانير وهو بحكم منصبه لازم يسأل ويستقصى عن فضيحة بيع سودانير وخط هيثرو حتى تكون المسئولية واضحة والقضية مفهومة لأنو عارف الكيزان ديل لمن يتعصروا ممكن يضحوا بيهو عادى ويركبوهو التونسية عشان كدا من الطبيعى اى زول فى محلو اول ما يستلم منصبو طوالى بيحرك اى ملفات فساد يمكن لى قدام تجيب ليهو الهوا .. فهمتا يا بتاع علوم السياسة البتنظر بدون ما تجتهد شوية وتجمع حبة معلومات قبل ما تجى تفقع مرارتنا بى كلام سطحى ومسيخ وتقعد تعمل فيها ظريف وتكتب كلام ساخر .. لكن كلامك دا بقاك مسخرة وكمان عندك دكتوراة ؟! سبحان الله !!!! رجاء خاص لمن تجوا تكتبوا وتعلقوا اتذكروا انو تحترموا عقول القراء وانو فى ناس متابعة اخبار البلد دى وعارفين الحاصل فيها بى المعلومات والمستجدات .. مش بيقروا لى اى زول ويصدقوا كلامو . بلا يخمكم حكومة على معارضة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..