أصوات تطالب باستقالة وزيرة الخارجية الفرنسية.. وباريس تسعى إلى تبييض صفحتها بإعلان تجميد أموال عائلة بن علي ..

بينما تمثل وزيرة الخارجية الفرنسية، ميشيل إليو ماري، صباح اليوم، أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي، بدأت أصوات من المعارضة اليسارية والخضر ترتفع لمطالبة الوزيرة بالاستقالة على خلفية المواقف التي عبرت عنها إزاء التحولات التي جرت في تونس في الأيام الأخيرة. وفي الوقت ذاته، تسعى باريس، التي رفضت استقبال الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، على أراضيها ليل الجمعة – السبت، إلى تبييض صفحتها عبر الإعلان عن إجراءات بحق أفراد عائلة بن علي الموجودين في فرنسا أو بخصوص موجوداتهم في المصارف الفرنسية.

وبموازاة ذلك، أخذت الرئاسة الفرنسية ومعها وزيرا الدفاع والصناعة، ألان جوبيه وإريك بيسون، فضلا عن رئيس مجلس النواب، برنار أكوايه، في «شرح»، لا بل تبرير، الموقف التي التزمت به باريس والذي فهم، حتى آخر لحظة، على أنه دعم لنظام بن علي عن طريق رفض انتقاده أو لومه رغم تعاطيه الدامي مع المتظاهرين والقمع الأعمى الذي أوقع العشرات من القتلى والجرحى.

ومع هذه الشروح بدأت تظهر بشائر «نقد ذاتي»، إذ قال وزير الدفاع، أمس، إن باريس «لم تقدر حق قدرها نقمة الشعب التونسي على نظام بوليسي وعلى القمع الشديد» الذي مارسه المتظاهرون. ويشرح جوبيه هذا الموقف بما كان يعتبر «إنجازات» النظام التونسي السابق الاجتماعية (حقوق المرأة) والاقتصادية (قيام طبقة متوسطة ونمو اقتصادي مرتفع) والسياسية (نظام معتدل ومستقر نجح في تدجين الإسلاميين). أما الحجة الثانية التي لجأ إليها جوبيه وأكوايه فهي اعتباره أن لا أحد كان يتوقع هذا الانهيار السريع لنظام بن علي. وفي هذا الخصوص، قال مستشار الرئيس ساركوزي الخاص، هنري غينو، صباحا، في حديث لإذاعة «آر تي إل» إن «لا أحد كان يتصور لا في المعارضة ولا في الأكثرية ولا لدى الأجهزة السرية ولا حتى لدى التونسيين أن الأمور ستتسارع بهذا الشكل أو أن تكون مأساوية إلى هذا الحد». وبكلام آخر، يقول غينو موقف فرنسا كان سيكون مختلفا لو كنا نعلم أن النظام سينهار. وفي أي حال يعتبر غينو أنه «لا يعود لفرنسا أن تمارس دور شرطي المتوسط»، وأن المسألة التونسية هي إلى حد كبير «مسألة داخلية فرنسية»، بالنظر إلى الجالية التونسية التي تعيش في فرنسا والجالية الفرنسية التي تعيش في تونس.

غير أن كل هذه الاعتبارات لا تقنع اليسار أو الخضر أو الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان. وطالب نواب اشتراكيون وقادة من حزب الخضر أمثال بونوا هامون، وبيار موسكوفيتسي، وسيسيل دوفلو، باستقالة إليو ماري التي تنتقد بشدة لعرضها أمام الجمعية الوطنية الأسبوع الماضي مساعدة فرنسا لنظام بن علي في السيطرة على المظاهرات والمتظاهرين باللجوء إلى «المهارات» الفرنسية المكتسبة في هذا المجال. وسيكون على الوزيرة الفرنسية أن تقنع أعضاء لجنة الشؤون الخارجية، اليوم، أن تبرر سلوك الدبلوماسية الفرنسية في الأيام الأخيرة.

لكن الطرف الفرنسي وبعد سقوط بن علي يسعى إلى استعادة المبادرة والظهور بمظهر الطرف الواقف على الخطوط الأمامية. ويبرز في هذا الإطار إعلان باريس أمرين: مراقبتها كل التحويلات المالية التي يمكن أن تقوم بها عائلة بن علي أو مقربون منه واضعة نفسها تحت تصرف «السلطات الدستورية» التونسية من جهة، وإفهام المنتمين لعائلة بن على والموجودين في فرنسا أنه يتعين عليهم الرحيل. لكن وزيرة الاقتصاد، كريستين لاغارد، قالت، أمس، إن أموال عائلة بن علي «لم تجمد، لأن هذا التدبير يتطلب قرارا قضائيا أو دوليا». لكن في المقابل، فإن هذه الأموال «تخضع لرقابة مشددة». وأشارت لاغارد إلى أنها طلبت عبر هيئة مراقبة تبييض الأموال إخطار البنوك الفرنسية للتحلي بالحذر «الشديد» إزاء كل عملية تحويل أموال مشبوهة.

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..