الإمام الصادق المهدي من دوائر العطالة السياسية الى دائرة الفعل السياسي

اخيرا اعلن زعيم حزب الامة الامام الصادق المهدى تخليه عن الجلوس فى مقاعد المتفرجين فى بحر السياسة السودانية المتلاطم الامواج والحافل بالمتناقضات السياسية والاقتصادية وذلك بفعل اختلاف ان لم يكن ( الصراع) بين القوى المتطلعة الى اقامة وطن يسع الجميع, عنوانه البارز إحترام التعدد الثقافى والديني الذى لم ولن ينتفي بعد إنفصال الجنوب. وايضا التوزيع العادل للسلطة بين المركز والاقاليم وغيرها من القضايا الشديدة التعقيد والتى اوصلها الاسلام السياسى الى حافة الهاوية .
فرح العديد من الناس واستبشروا خيرا بدعوة الامام الصادق الى الانصار على وجه التحديد, وجماهير الشعب السودانى قاطبة الى حضور الحشد الجماهيرى الذى حدد له يوم السبت 29-6-2013 والذى سوف يخاطبه الامام ويوضع السيف موضع الندى, ويضع مشرطه على الجرح المتعفن, والامام لديه ملكات الخطابة الذى يسندها إرث ثقافى وسياسى نتاج السنون الطويلة فى المعترك السياسى السودانى وتسنده جماهير الانصار الممتدة فى معظم اجزاء السودان, بالرغم من التحولات الكبيرة التى طالت البنى السياسية والاجتماعية. فعلى سبيل لا الحصر دارفور التى كانت تمثل السند الجماهيرى الكبير والذى اعطى حزب الامة الاغلبية فى البرلمان فى الديمقراطية الاخيرة واللتى اطاحت بها الجبهة الاسلامية القومية بقيادة الدكتور حسن الترابى صهر الإمام الصادق فى انقلاب 1989 وبدون مقاومة تذكر من رئيس الوزراء الصادق المهدى.
كثير من متابعى الشأن السياسى السودانى غير متفائلين بدعوة الصادق المهدى الى إسقاط النظام وذلك لعدد من الاسباب التى يمكن إجمالها فى الاتى: تاريخ الرجل السياسى القريب والبعيد يبين تلجلج الرجل فى الملمات والمنعطفات الخطيرة التى مرّ ويمر بها السودان, فعلى سبيل المثال حينما انقلب تنظيم الاسلام السياسى عليه وهو الرئيس المنتخب ديمقراطيا ارسل رسالة تفوح منها رائحة الاستسلام ان لم يكن الخنوع والذل من مخبأه تقول: ( انتم لديكم الشرعية الثورية ونحن لدينا الشرعية الجماهيرية) مما يوحى برغبة الامام فى الالتحاق بالسلطة المغتصبة بحد السيف والمال. لم يتوقف الامام عند تلك الرسالة المعيبة فى حق رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا كان الاجدر به تعبئة كل الشعب فى إتجاه إسترجاع الديمقراطية والحكم الديمقراطى الذى لم يحافظ عليه كالرجال! وتناسى ومعه بقية القوى السياسية ميثاق حماية الديمقراطية الذى صار حبرا على ورق. ثالثة الاثافى كانت حينما احتفظ النظام بالصادق كرهينة لديه وعطّل وشّل من حركته حتى ترك البلاد والتحق بطيب الذكر التجمع الوطنى الديمقراطى الذى يتخذ من وسائل النضال المسلح طريقا لإسترداد كرامة الوطن والمواطن الذى يرزح تحت براثن نظام يتخذ من الدين مطية لتكسب السياسى والاقتصادى , واذاق الشعب مرارة الذل والاهانة.
كان فرح التجمع الوطنى الديمقراطى بمقدمه الميمون كبيرا, فالصادق بالنسبة الى التجمع إضافة نوعية كما تظنّى اخوته فى النضال ولكن للذين خبروا الصادق وعرفوه جيدا ساورتهم الشكوك حول مبتغاه, مما جعل الدكتور شريف حرير فى المؤتمر المحضور فى اسمرا ان يسأل الصادق صراحة وينبه بعزم التجمع وإصرار على التخلص من كابوس القهر والطغيان ويقول له: ( الاخوة فى التجمع على قلب رجل واحد وماضون فى إقتلاع النظام من جذوره, ولكن نخاف عليك من الانتظار لاننا نصارع نظام فاشستى وربما تطول سنوات النضال, فهل فى مقدروك الانتظار والفعل كما حكى لى من حضرو ذاك المؤتمر الصحفى الشهير من قادة الصحافة)
يا للهول, تمضى السنين وينتظر الامام دبابة الحركة الشعبية التى سوف تحمله الخرطوم وعلى عجل رئيسا للسودان, ولكن النضال يحتاج الى الصبر والتأنى والامام عجول فى الوصول الى النتائج وبدون عمل الواجب الذى يليه!! ماهى الا سنوات قليلة ويتحدث الإمام عن إعادة هيكلة التجمع وذلك لعدم فاعليته- وماهى الا ذرا للرماد فى العيون, لان البحث عن إصلاح التجمع لا يكون بإلارتماء فى إحضان النظام والذهاب سرا الى مقابلة مغتصبى السلطة فى جينيف وعن طريق الدكتور كامل إدريس ومن ثم الرجوع فى تهتدون والامام يطلق قولته الشهيرة: ( ذهبنا لنصطاد ارنبا فوجدناه فيلا, انصطاده ام رجع) ولغة الصيادين تلك لم تسعف الامام حينما حضر الى مطار الخرطوم بخفى حنين, وجماهير الانصار انهكها النظام الشمولى وإجاعها كبقية جموع الشعب السودانى, وكانت تنتظر الامام بفارق الصبر ليهديها سيف الإنتصار كما فعل قادة الدولة المهدية وازاحوا نظام القهر والتسلط فى الزمان الغابر- ونظام الخرطوم يحمل ذات السمات التى كانت فى العهد التركى, بل اكثرها وبالا على العباد- الضرائب الباهظة والغلظة فى جمعها, التسلط والتجّبر على عباد الله المساكين والتلذذ بالعيش. بل حكم الانقاذ اسوءها وذلك بإستغلاله الدين الذى يعتبر مكون عزيز من مكونات الشخصية السودانية وفصل الجنوب وإحتكار الدين والدنيا.ولكن خاب ظن الانصار فيه بعد ان اخذ يتودد الى النظام ويمضى الاتفاق والمزكرات تلو المزكرات بدون تغير فى جوهر السلطة القمعية وطابعها الاستبدادى. والادهى والامّر كلما مّر النظام بأزمة كان الامام المتنفس الذى يحيى النظام وهو رميم, فعندما دخلت قوات حركة العدل والمساواة مدينة ام درمان فى رابعة النهار كان الإمام اول المدينين لذلك المسلك وفى القصر الجمهورى, مع ان حركة العدل والمساواة لم تأتى بجديد, فالصادق ذات نفسه كون الجبهة الوطنية مصتنصرا بالعقيد القذافى وبقوة السلاح الذين يدينه, بل ذهب اكثر من ذلك بعدم إدانته لجينوسايد الذى وقع فى دارفور وكيف لا وهو القائل:( الرئيس جلدنا وما بنجر فيهو الشوك) غاضا الطرف عن الامهات الثكلى ومن هم فى المعسكرات والقتلى وضحايا الحروب. هذا غير مشاركة ابناءه فى الاجهزة الامنية والعسكرية للنظام- والمبادرات التى طرحها الصادق من قبل والتى لم ترى لها ترجمة فى ارض الواقع, فقبل عام او يزيد قال السيد الامام :لو لم يسقط النظام سوف يستقيل من الحزب ويتفرغ للكتابة وقضايا الفكر, فأين هو من ذاك الوعد اما يظن ان الشعب تناسى تلك الوعود؟؟
خلاصة القول, والسؤال موجه الى السيد الإمام ما الفرق بين دعوة قوى الإجماع الوطنى ودعوتك ام هنالك تنسيق بينهما؟ ولماذا تبرئت منها وخصوصا ان الهدف واحد وهو إسقاط النظام بالطرق السلمية والعمل الديمقراطى السلمى. ام هى تنفيس لخطة قوى الاجماع الوطنى؟ والامر كيف يمكنك إسقاط النظام وهنالك قوى سياسية وإجتماعية صاحبة وزن ولديها رؤية لإصلاح الوطن وبناء وطن جديد, وانت لديك فيها رأى سلبى للغاية وهى تحالف كاودا ووثيقة الفجر الجديد. وبالطبع لكل راغب فى حكم وتغير النظام عليه الاتفاق والوصول الى نقاط إتفاق كثيرة وارضية مشتركة مع كل القوى الراغبة وصاحبة المصلحة فى التغيير, من منظمات مجتمع مدنى, قوى الشباب والنساء والاحزاب كبيرها وصغيرها, والجبهة الثورية قوى سياسية واجتماعية وعسكرية لايستهان بها وبدونها لايمكن ان يكون هنالك إستقرار, سواء كان عن طريق الحل المتفاوض حوله او عن طريق إسقاط النظام, وهى صاحبة مظالم ( اى الجبهة الثورية) تاريخية لابد من مخاطبتها وبعيدا عن التخوين ولغة التكبر وتهم الخيانة والعمالة التى يجيدها قادة النظام.
الانظار تتجه غدا صوب ام درمان لترى إن كان الامام جادا فى مسعاه لوضع السودان فى مسار التطور الديمقراطى وإقامة دولة الوطن كبديل لدولة الحزب الشمولى, وبالطبع تلك مهمة جسيمة لايمكن لاى قوى سياسية منفردة القيام بها وذلك لسبب بسيط النظام لايمكنه التخلى عن الإمتيازات الاقتصادية والسلطوية بيسر كما فعل زين العابدين بن على حديثا, وكما فعل عبود قديما. هذا غير الجرائم التى ارتكبت فى حق الافراد والجماعات والتى لاتسقط بالتقادم. والاجندة الوطنية المفترى عليها لايمكن تحقيقها بدون فعل سياسى منظم وواعى وجسارة تجبر النظام على الجلوس على طاولة المفاوضات وهذا منطق السياسة, اى الصراع وتوازن القوى هما اللذان يجعلان النظام على الرحيل او الجلوس على طاولة المؤتمر الدستورى مثله مثل بقية القوى السياسية. فهل يفعلها السيد الإمام تلك المرة ويعمل جادا على جعل النظام يمتثل لإرادة الشعبية ويعمل بالمثل الذى يقول ان تأتى متأخرا …..ام لا يعود الإمام من القاهرة؟ ام يكون خاطب الإمام ملىء بالامثال التى تسخر من النظام بدون الفعل السياسى الحقيقى الذى يعجل بذهابه؟ ام هو ذات الخطاب ناعم الملمس, الذى تسوده لغة المناصحة والتحنيس. وإن غدا ناظره لقريب

مجتبى سعيد عرمان
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. (اخيرا اعلن زعيم حزب الامة الامام الصادق المهدى تخليه عن الجلوس فى مقاعد المتفرجين فى بحر السياسة السودانية المتلاطم الامواج )

    بعد ايه
    اوع يكون المؤتمر داسيك ياامام الغافلين

    بعد ايه ايها الامام المنافق المنتفع العميل المؤتمرجي بعد ان ضاع كل شيء بعد ان قبضت المليارات من النظام والان ادركت ايها الامام الضلالي ان الظروف المحيطة وبغض النظر عن قيام انتفاضة ان الوضع الراهن لا يحتمل ولا يطاق وليس هناك حلا سوى ان يسلم هؤلاء اللصوص المنافقين السلطة طواعية ، تريد ان تضمن مقعدا في الحكومة الجديدة بعد ذهاب هؤلاءالطواغيت؟

    بعد ما ضاعت البلد وسرقت ونهبت واذل المواطن جايي اليوم تقيف في صف المعارضة وانت كنت قاصم ظهرها ؟

    انت يفترض تحاكم الانقاذيين لان تقاعسك هو الذي اضاع البلد ولو كنت رجلا يوم الانقلاب ما كان تفر وكان تحاصرهم حتى لو أدى ذلك الى اندلاع الرصاص فهم كانوا قلة وقتها ولكن جبنك وفرارك في عملية يهتدون التي تفتخر بها ولم نرى رجلا يفتخر بعملية هروبه سواك

    وفعلا النار تلد الرماد لا يوجد وجه مقارنة بين محمد احمد المهدي وبينك ايها الثعلب المراوغ

    وشكلك دسوك فيه عشان تثبط الهمم كعادتك

    وسنرى حديثك الذي سيكون محبطا يوم 29 لانهم اشتروك من زمان يا امام الغافلين

  2. شكراً مجتبى عرمان، والميه بتكضب الغطاس، ويوم 30 يونيو ليس ببعيد، عندها يضع التاريخ سجله الناصع بجهه ومزبلته بأخرى ويدون ويشهد كما يفعل دوماً فاليختار الإمام.

  3. .. الإمام جاي جاري من القاهره عشان (ينفّس) غضبه شباب حزبه ، وحتشوفوا .
    خطابه حيكون كالعاده (اجوف) ملئ بالنقاط وحيكون من 25 نقطه المره دي ، وكلها مناصحه للنظام
    وفي الاخير ـ حتى يعّطل او يؤجل ـ الخروج حيقول نمهل النظام 6 شهور والاّ سوف نقوم بمقاومته وبعد الـ 6 شهور
    يكون عمل ليهو (مبادره) يهتم باسمها اكثر من فعلها .. و هكذا دوليك وهلمجرا .
    نحذر شباب حزب الامه من (إمامهم) ..
    اخرجوا بدون الرجل ولامصلحه من حضوره او مخاطبته لكم .
    دعوا عبدالمحمود ابّو و ابنته (المنصوره) وحدهما ان يستمعوا لخطابه

  4. شكرا مجتبى على المقال الوافى وما قصرت تب,, لكن ابشرك واجاوب على سؤالك الامام هو الامام وبى نفس النهج الذى ينتهجه فى التلاعب بعقول الجماهير ,, خطاب الامام لا جديد فيه غير النقد اللطيف لحلفائه فى النادى الكاثوليكى , يعنى ( خمر قديم فى قنان جديده ) وبضاعه فاسده سوف ترتد اليه قبل ان يرتد اليه بصره…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..