مقالات وآراء2

الضباط الاحرار في مصر- ثم ماذا عندنا

أسامة ضي النعيم

الضباط الاحرار في مصر- ثم ما ذا عندنا.

بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب فلسطين سنة 1948م وإعلان قيام دولة اسرائيل ، حمل العديد من ضباط الجيش المصري مسؤولية الاوضاع بالجيش والهزيمة العسكرية علي عاتق الملك فاروق الاول والحكومة0 قام البكباشي  بالقوات المسلحة المصرية جمال عبد الناصر بتأسيس تنظيم الضباط الاحرار ومن بعد في 23يوليو1952م قام التنظيم بحركته و أطاح بالملك فاروق وبعث به الي المنفي .

نعت الضباط الاحرار في ذلك الوقت يعكس واقع مصر، فالملك فاروق الباني الجنسية ويأتمر في حكمه بأوامر من دول خارجية، أي أن الاستعباد واقع علي ضباط الجيش وغيرهم ، فتسمية التنظيم يلبي أشواق المصريين في التحرر من قبضة المستعمر. طليعة ابناؤهم في القوات المسلحة رأت في تنظيم الضباط الاحرار استردادا لكرامة مصر ووضعها في سكة الدول التي تحكم نفسها دون وصاية.

عندنا في السودان لبي الجيش دعوة رئيس الوزراء انذاك، الاميرلاي عبد الله بك خليل ، وفي 17 نوفمبر1958م تسلم الفريق ابراهيم عبود قائد الجيش مقاليد حكم البلاد امتثالا لطلب رئيس الوزراء المنتخب. الدولة السودانية كانت حرة مستقلة بعد استقلالها سلميا في يناير1956م، وباشر الجميع تشكيل الانظمة لبلورة  حكم متفق عليه ، لجهل الساسة في ذلك الوقت بأدبيات الديموقراطية وجدالها ، ضاقت صدورهم بالرأي الاخر . رأوا في العسكر قطعا لطريق تبادل الاراء  بين معارض ومؤيد في مسائل الحكم. للحقيقة ضيق الصدور ما زال يتملك نفوس الساسة في السودان الي يوم الناس هذا. انظر الي تصريحات شيوعي في زماننا هذا يقدم المشانق لتفصل بينهم و تنظيم (الاخوان). خلاصة القول ، انقلاب نوفمبر1958 في السودان لا يشبه انقلاب  جمال عبد الناصر في 1952م للأسباب والوقائع السابق ذكرها. عليه لا يمكن نعت ضباط  نوفمبر1958م  في السودان بأن تنظيمهم  تقليد لتنظيم الضباط الاحرار المصري.

ما يمكن تسميته بتنظيمات الضباط الاحرار في الجيش السوداني هو ما جاء بعد انقلاب عبود. تفتحت شهية الاحزاب الي الطرق السهلة المعبدة للإتيان لسدة الحكم من دبر، بدأ أحزاب القومية العربية بتشققاتها المتعددة والحزب الشيوعي بجناحيه والبعث بعراقه وسوريته  ويتقدمهم تنظيم (الاخوان) ، كلهم تدافعوا لفتح صرافات لهم في جيش السودان وقواته المسلحة. التجنيد لصفوف تنظيمات الضباط الاحرار بالإغراءات المادية والبعثات الخارجية وحلقات حفظ وتجويد القران ثم تعقبها عمرة أو حج مدفوع القيمة ، كانت جميعها مغريات تواصلت بعد استلام (الاخوان) للحكم ، ارتفعت غلة الاغراءات وصارت أراضي توزع علي بعض الضباط  وشركات حكومية تجنب لها أموال من الخزينة العامة ليتمتع بعض الضباط الاخوان من رئاسة اداراتها. الضباط  الاحرار في السودان أصبح منظمة وليس تنظيما يسعي بين الجحور والثكنات للاستيلاء علي الحكم بليل لصالح الشيخ العراب.

تنظيم الضباط الاحرارفي السودان لم يتفجر من غضبة استعمارية تكبل الشعب السوداني ، انطلق من نزوة كبار الضباط لتغيير موقعهم من مدافع عن حدود السودان الي فئة تغلب الفئات الاخري من أطباء ورجال خدمة مدنية وأساتذة جامعات ، لتفرض  رؤية تسندها البندقية التي لا تتوافر كأداة عمل عند بقية الشرائح، لو توافرت البندقية كأداة عمل عند  عمال الدريسة في السكة حديد – مع كامل الاحترام لجميع المهن-لما وجد ضباط الجيش الفرصة لمزاحمة تلك الشريحة أو غيرها ومنافستها في الحكم. هكذا اغتصب جعفر نميري ومن بعده البشير الحكم باسم الضباط الاحرار والواقع يقول بأن الجميع كانوا أحرارا في ديار السودان ،الضباط الاخرين في القوات المسلحة وشعب السودان الذي حرر بلاده سلميا.

خلاصة القول ، تنظيم الضباط الاحرارداخل وحدات الجيش السوداني ، يستحق تجريمه وفرض أقسي العقوبات علي تكويناته. فهو نعت عنصري حيث يقسم أفراد الجيش الي أحرار وغير ، ربما تتنامي التقسيمات الي ضباط خلاء أحرار وضباط عدل ومساواة أحرار وضباط حركة شعبية أحراروهلمجرا ، هزيمة السلام بعد الاتفاق عليه ودمج قوات الحركات المسلحة يأتي من تلك التسميات العنصرية ، ليس بيننا من هو مستعبد حتي نطلق نعت  (أحرار) علي فصيل في الخدمة العامة السودانية مما يستبعد الاخر ويلبسه تلقائيا  نعتا مضادا.

وتقبلوا أطيب تحياتي

مخلصكم / أسامة ضي النعيم محمد
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..