أخبار السودان

يخرب بيتك يا خالد

يخرب بيتك يا خالد

كمال كرار

حتي 30 يونيو 1989 كان خالد وهدي وطفلهما أيمن يسكنون في بيت إيجاره 300 جنيه في الحاج يوسف ولا تتجاوز نفقات معيشتهم الشهرية بما فيها المياه والكهرباء عن 300 جنيه أخري .
ولما كان مرتبه ? وهو العامل في مصنع للصابون ? يقترب من 400 جنيه ، ومرتب زوجته الأستاذة في مدرسة ابتدائية يساوي 600 جنيه ، كانت الحياة عندهم تسير بسلاسة ويسر . وكم من خميس مر عليهما كانا فيه يسرحان ويمرحان في منتزه المقرن العائلي إلي وقت متأخر من الليل ثم يعودان بالتاكسي إلي البيت حيث العشاء ? جدادة ? مشوية وملحقاتها من شواية عمك عبده دفعوا ثمنها 7 جنيهات .وفي صيف 1992 ، ومع قرارات حمدي ? وزير المالية حينها ? ارتفع سعر الدولار وزادت أسعار السلع بسبب الندرة والتخزين والمضاربة فارتفع ايجار البيت إلي 400 جنيه وزادت نفقات المعيشة إلي 500 جنيه وصار لديهم طفلة أخري ثم ? دخلت ? عليهم بنود صرف أخري أهمها العلاج والصحة ? بعد الخصخصة ? ، فصار الترفيه في خبر كان واتلحست ? الجدادة ? المشوية .
وشيئاً فشيئاً صعبت الحياة مع الغلاء ، فصاروا يأكلون وجبة واحدة عند المغرب ، والبركة في مرقة الجداد .
في يوم ما سمعت الحكومة كلام خواجات نزلوا في الهيلتون ، وعملوا اجتماعات ثم كتبوا مذكرات كانت نتيجتها خصخصة مصنع الصابون فصار خالد بلا عمل .
أما هدي ? المحسوبة علي المعارضة ? فقد نقلوها تعسفياً من المدرسة التي كانت بالقرب من منزلهم إلي واحدة أخري علي بعد ? تلاتة ? مواصلات فانهدت ميزانية الأسرة .
ومن سواق حافلة إلي هايس إلي رقشة انتهي المقام بخالد إلي قهوة الحرفيين الكائنة بالسوق العربي سابقاً ، يوم يلقي عشرة جنيه ، ويوم يشيل من هدي حق المواصلات .
أيمن الآن علي وشك التخرج من الجامعة ، بعد أن تأخر كم سنة للعمل في مجال النقاشة لمساعدة البيت ودفع رسوم الدراسة لأخته .
إيجار بيت الحاج يوسف الآن ? مع الرأفة ? 750 جنيه جديد أي ما يعادل 750 ألف جنيه قديم بزيادة تبلغ 2500 مرة عن الايجار قبل انقلاب الانقاذ .
يكدح خالد وزوجته وابنه طوال الشهر من أجل توفير حق الايجار، ووجبة يومية فقيرة ? كسرة بي طماطم ? .
عندما ارتفع سعر كيلو الطماطم إلي 16 جنيه ، صارت كسرة بي بصلة .
عندما يمرض أحدهم فانهم يلجأون إلي القرض والحرجل وهو علاج الأجداد منذ عهد عاد .
بعد 25 سنة زواج هاهي هدي في بيت أبيها زعلانة من خالد الذي هوي بالمرزبة علي تلفزيونهم الوحيد عندما كان يشاهد برنامجاً عن استدامة النمو ومشاريع التنمية وزيادة دخل الفرد وما إلي ذلك

الميدان

تعليق واحد

  1. ها ها … قلت لي أده التلفزيون بالمرزبة …. و الله ده ممكون جنس مكنة … الله يلعن الكان السبب …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..