المقاطعة

أفق بعيد

المقاطعة

فيصل محمد صالح
[email protected]

الخطوة التي أقدمت عليها جمعية حماية المستهلك بقيادة حملة مقاطعة اللحوم، تعتبر نقلة في عمل الجمعية من ناحية، وفي دور منظمات المجتمع المدني، وليس المقصود عملية المقاطعة نفسها، إنما قيمة العمل الجماعي والجهد الشعبي والمواقف المشتركة التي تتولد بالحوار والنقاش، وأهمية أن يأخذ المواطن قضاياه بيديه، ويساهم في إيجاد وتطبيق الحلول.
لست متأكدا من أن الحملة ستؤدي إلى انخفاض الأسعار، وتحديدا أسعار اللحوم، لأن السبب في ارتفاع الأسعار ليس فقط ما اصطلح على تسميته بـ”جشع التجار”، وإنما هناك سياسات وخطوات وقرارات تؤدي إلى الارتفاع، يمكن تلخيصها كلها في مسألة ارتفاع تكلفة الإنتاج، وما لم يتم معالجة هذا الجذر، لن ينصلح حال الإنتاج الزراعي والحيواني في البلاد. وكثير من مسببات الارتفاع هي سياسات الدولة الجبائية على المنتج الزراعي طوال فترة العملية الزراعية وانتهاء بجبايات الترحيل والتصدير …الخ.
في خيمة الصحفيين الرمضانية سمعت السيد كرم الله عباس، والي القضارف، يتحدث بصفته كمزارع عن مشاكل الزراعة في السودان، ولخصها في سببين: ارتفاع تكلفة الإنتاج وقلة إنتاجية الفدان في السودان، وأظن أن بعض مشاكل الإنتاج الحيواني تدخل ضمن هذين السببين.
لا زلنا نعتمد على الأساليب التقليدية في تربية المواشي والحيوانات بشكل عام، بكل ما يعني ذلك من هجرات طويلة وتحركات بالمواشي تقطع ولاياتٍ كثيرة بحثا عن الماء والكلأ، وتسبب مشاكل كبيرة بسبب التداخل مع المجموعات الزراعية المستقرة، وليس أقل من تعقيدات قضيتي دارفور وآبيي نموذجا. ومن نتائج هذه الأساليب القديمة والعقيمة أيضا ضعف إنتاجية الألبان واللحوم، قياسا بالمعايير الدولية، ومن بين أسباب ذلك الحركة المكثفة التي يقوم بها الحيوان طوال العام ولمسافات طويلة، بما يؤثر في جودة اللحوم وكميتها.
هذه المقاطعة ينبغي النظر إليها باعتبارها تمرينا جماهيريا لقدرة منظمات المجتمع المدني على تحريك الناس، وتحقيق التفاف حول القضايا المعيشية التي تهمهم، والمبادرة بتحرك ما بديلا للشكاوى السلبية. وهي قطعا ليست موجهة ضد الجزارين مثلا، لأنهم مجرد وسيط بين المنتج والمستهلك، وهم أيضا يعانون من الغلاء وارتفاع الأسعار، وبالتالي انخفاض المبيعات.
وهي أيضا ليست حملة ضد الرعاة وأصحاب المواشي كما فهم الزميل يوسف عطا المنان، عضو اتحاد الرعاة، والذي اعتبر الدعوة حملة أو مؤامرة ضد الرعاة، وأن أبناء المدن يستنكرون عليهم بعض الأرباح نظير شقائهم وحياتهم الخشنة. الحقيقة أن الرعاة وأصحاب المواشي ايضا ضحايا، لأن الارتفاع الشديد في الأسعار سيجعل الناس يحجمون عن شراء منتجات اللحوم، دون حملات مقاطعة، وتنخفض بالتالي عائدات وأرباح الرعاة. ولو نظر الرعاة لهذه الحملة بعين بعيدة ونفس هادئ، لوجدوا أنها في صالحهم، ولاستفادوا منها في الضغط على الدولة لتذليل العقبات وحل المشاكل التي تليها.

تصويب
تمت الإشارة في عمود الأمس للسيد مليس زيناوي باعتباره “الرئيس الإثيوبي” والحقيقة أنه رئيس وزراء إثيوبيا التي تعمل بالنظام البرلماني، وتكرس السلطات في يد رئيس الوزراء، في حين أن رئيس الجمهورية في إثيوبيا هو السيد جيرما ولد جورجيوس. عذرا للقراء، وشكرا لمن اتصل منبهاً وموضحاً.

الاخبار

تعليق واحد

  1. نحبك أيها المناضل لوطنيتك الحقة . نحبك لشجاعتك . ونحبك لأنك دوماً تحمل قلم الحق ضد سلطاننا الجائر .
    أيدكم الله بعز الصبر ووليكم الحياطة والنصر .

    ودك حصون الطغيان . دكاً دكاً ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..