
نالت أمريكا استقلالها عن بريطانيا ثم أصبحت دولة عظمي ، الهند أيضا دولة حظيت باستقلالها من بريطانيا وشقت طريقها لتدخل النادي النووي . في السودان تحركنا في اتجاه معاكس ، كان الاستعمار البريطاني نعمة علي بلاد السودان ، ربط البلاد بشبكة سكة حديد لم نعرف قدرهاالا بعد أن تحولت الي حديد خردة تتلقفه شركات ومصانع الكيزان ، مشروع الجزيرة منارة أقامها المستعمر فكانت نموذجا للمزرعة الاهم في العالم يأتي ذكرها في مدرجات الجامعات ألعالمية ، نظام التعليم الذي ورثناه من المستعمر البريطاني يقاس فيه مستوي الخريج بنظيره في أكسفورد وكامبردج .
جاء استقلال السودان (بلا طق ولا شق ) كما الوعد و الاتفاق مع المستعمر الانجليزي ، ثم بأيدي الابناء أعملنا فيه أدوات الطق ، لم تعد السكة حديد تصحح مواعيد قطاراتها ضبط الزمن والساعة ، مشروع الجزيرة لم تسلم حتي الاجزاء الصغيرة من البيع والارتهان، أوقفنا تصدير القطن طويل التيلة الي مصانع يوركشر ولانكشير. الاستقلال أعقبه استغلالا بشعا لمفهوم الديمقراطية ، غدت الديمقراطية وتبادلها السلمي للسلطة اتجاها يحبذه الحزب وهو خارج السلطة ويتغني بأفضال الية الانتخاب وقدرة صناديق الاقتراع التي تحمله الي سدة الحكم ، وحال تحركت الاصوات المنادية برحيله يستقوي بالجيش ويسلم السلطة الي حكم عسكري يتحول في عهده السودان الي دولة تستغلها جند رمة لا تسعي الي تعلم فنون الحكم والإدارة بل تبذل النفس والنفيس لإبقاء الشعب تحت الحصار وحكم الحديد والنار.
ثم جاء شق البلاد الي دولتين فاشلتين في عهد الاستعمار الوطني ، تكأكأ تنظيم الاخوان علي بلاد السودان مستعمرا البلاد والعباد بجبة تخفي جيوبها الحروب وزعها علي جنوب السودان فكان الانفصال ، أناخ مطايا الحرب وأرتال الدبابات عند قري دارفور فلم تعد بلد القران ، معاشها في المعسكرات ويطعم أهلها الكفار وهي البلاد التي كان سلطانها يخرج محفله لكسوة الكعبة وحاملا الزاد الي أهل الحجاز ثم يقيم ابار السقيا التي ما زالت تسمي أبار علي ولا تبعد كثيرا عن مكة .
في ست وخمسين عاما (1898-1955) تحولت بلاد السودان علي يد المستعمر الانجليزي الي دولة لها حدود تمتد من نمولي الي حلفا ، حلايب وشلاتين والفشقة أراضي سودانية تضمها حدود الدولة الواحدة في مساحة مليون ميل مربع. بعدها غدت دولة السودان في زمن لاحق وخلال أربع وستين عاما (1956-2020) رجل أفريقيا المريض الذي بترت الانقاذ جذعه الاسفل ثم ما زال مبضع الجراح يتحرك في أطرافه من دارفور الي جنوب النيل الازرق والي جنوب كردفان.
تلك تأملات أضعها بصورة أمينة ليتدبرها جيل ثورة ديسمبر 2018، والعبرة اعادة النظر كرتين في حال ساسة وأهل السودان ، شعب طيب متوقد الذكاء من بين شعوب العالم ، حكمه الاستعمار الانجليزي فعمد الي برمجة الرخاء جسده في مشروعات تنموية ما زلنا نطمح الي اعادتها سيرتها الاولي. ثم تستغل حكمه عقليات تجلس علي حلقة جهنمية تتبادل الحكم بين حزبين كبيرين وصغيرين في الرؤي والأحلام ، تخلو أحلامهم عن تقديم الحلم السوداني التنموي وتفتقر أدبياتهم الي برامج يلتف حولها الشعب للبناء والأعمار، الديمقراطية عندهم سلم ينقل حزبهم الي سدة الحكم ثم يسحب الحزب الحاكم السلم معه الي أعلي عند فوزه ، اذا غلبته الحيلة فالعسكر عند الابواب يطرق بابا فيطل عليه الضباط الاحرار بفانلات مختلفه يختار من بينها من يسلمه الحكم لاستغلال السودان البلاد والعباد وإعادة الاستعمار سئ الصيت وعديم الانجاز.
عاش السودان حرا مستقلا تحكمه أحزب لها برامج وأحلام كما حلم الانسان السوداني ( حنبنيهو).
وتقبلوا أطيب تحياتي
مخلصكم/أسامة ضي النعيم محمد
الاستغلال ثم الاستعمار!!!! الشعب هو الجاب حكام سياساتهم خاطئة داخلياً و خارجيا ختونا في وضع الاستغلال و الاستعمار, اذا لم يصلح الشعب فلن ياتي حكام صالحين, واذا صلح الشعب فكرياً و مجتمعياً فسوف ياتي حكام صالحين و لن نكون في موضع استغلال و استعمار, لان هذا ياتي مع المجتمعات المتفككة الهشة التي تساعد الغير في استغلالهم و استعمارهم, فلا تقل لنا انهم استغلوك و استعمروك لانك من جلبت لنفسك هذا وكل اللوم واقع عليك.