أخبار السودان

معسكرات النازحين الجنوبيين بالنيل الأبيض ..قصص الموت والنزوح

تحقيق: بكري خليفة
تفجر الأوضاع مجددًا بدولة جنوب السودان ينبئ بتدفق مزيد من اللاجئين الجنوبيين إلى السودان الذي يحتضن أكثر من (100) ألف مواطن جنوبي متوزعين على عدد من ولايات السودان في معسكرات تديرها المنظمات بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر السوداني. وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أشارت إلى تفاقم الأوضاع فى عدد من الولايات الجنوبية من بينها ولاية الوحدة. إن القتال اندلع بشراسة بين الأطراف الجنوبية مما دعا المنظمات الإنسانية العاملة في الجنوب لوقف عملها وإجلاء موظفيها .
(التيار) وقفت على آخر نقطة في حدود السودان مع دولة الجنوب والتي يدخل منها اللاجئون إلى السودان ومن ثم يتم توزيعهم على المعسكرات.
الهروب من الموت
بحزن وألم ورغم مغالبتها للدموع انحدرت دمعة من عينيها تحسرت (لينا) الشابة الأبنوسية المنحدرة من قبيلة الشلك بدولة جنوب السودان على الأيام التي عاشتها بطمأنينة في الخرطوم في ضاحية الحاج يوسف. سرحت لينا ببصرها وهي تجلس وتحمل بين يديها (جركانة) مياه في انتظار دورها لأخذ حصتها من المياه ضمن المئات من بنات جنسها اللائي وقفن في طابور طويل في انتظار المياه وهي ترمق بنظرات متسارعة الاكتظاظ الكثيف للنساء والأطفال حول تانكر المياه الذي توفره جمعية الهلال الأحمر السوداني بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبعض المنظمات لتلمح هل اقترب دورها من ضمن العشرات من الأواني الفارغة التي كونت صفاً طويلاً في انتظار ملئها بالمياه.
تقول (لينا) هجم النوير على قريتنا (قيقل) وحرقوا وقتلوا كلما عثروا عليه ففررنا بأطفالنا وأهلنا إلى الغابات واختبأنا فيها من الموت الذي ضرب المكان. وتواصل كنا نترك الأطفال في الغابة حتى لا يستطيعوا العثور عليهم ثم نأتي لنبحث عن بعض الطعام وسط أنقاض منازلنا المهدمة والمحروقة. وتضيف بعض الأهالي الذين لم يستطيعوا الفرار تم حرقهم داخل منازلهم والبقية تم قتلهم بالسكاكين وأحيانا بالرصاص. وتضيف مكثنا قرابة العشرة أيام ونحن نسير في الغابات ونتجنب الظهور في الأماكن المكشوفة خوفاً من القتل وكنا طوال هذه الفترة نقتات على ما نجده من الغابة وما حملنا من بعض الدقيق وتضيف لا أنسى منظرالسيدة التي كانت معنا تحمل طفلها ووقعت ميتة من الأعياء ولم يستطع أحد أن يحمل طفلها فتركناه بجوار أمه الميتة وغادرنا.
رحلة الهرب من الموت
أما ميري جوزيف وهي من قرية ود دكونة فتروي فرارها في يناير الماضي من قريتها .. تقول سمعنا ضرب نار كثيف وبواسطة أسلحة ثقيلة من حولنا بعدها قررنا الهرب عندما بدأت أصوات المدافع في الاقتراب منا وأثناء فرارنا هجم العساكر على القرية وقتلوا الكثير ففرنا إلى الغابات للاختباء والهرب من الموت بعدها لم نرجع.. وتوجهنا إلى السودان وتضيف في مسيرتنا حملنا بعض الدقيق وعندما نفذ أكلنا أوراق الشجر ومات كثير من الأطفال بالحمى وأيضاً كبار السن. وتضيف ميري والتي مضى على فرارها عام بمعسكر الرديس بولاية النيل الأبيض محلية السلام لا أستطيع أن أشكر السودان الذي استقبلنا في المعسكر ووفر لنا المياه والطعام. سألتها عن رأيها في انفصال الجنوب، فقالت نحن ما عندنا مشكلة مع العرب وكنا عايشين في سلام لكن الانفصال ده كلام سياسيين .. ميري شكت من أن الطعام المقدم لهم في المعسكر يتكون فقط من العدس والدقيق بالإضافة إلى غياب وجود الحطب والفحم وعدم وجود عمل وتمنت أنت تتوقف الحرب لترجع إلى قريتها التي تتوفر فيها وسائل المعيشة المعقولة والتي تعودت عليها .
سائق بالمنظمة يتفاجأ بوجود أمه بالمعسكر
أما البدري دينق وهو سائق فى الهيئة الدولية للصليب الأحمر تفاجأ بوجود أمه في معسكر الرديس بعد أن فقد الاتصال بها منذ هجوم النوير على قريتهم فكان لقائهما بطعم الفرح والدموع على وصولها سالمة فأخته كانت قد سبقتهم إلى المعسكر وهي تعمل ممرضة في المعسكر مكث البدري مع أمه ساعات اطمأن عليها ليودعها في رحلة العودة مع الوفد إلى الخرطوم على أمل الرجوع إليهم في أقرب فرصة للقائهم في المعسكر يقول البدري وهو نجل أحد سلاطين قبيلة الشلك فقدنا كل شيء باندلاع الحرب من أرواح أهلنا وممتلكاتنا وقال الشعب هو ضحية صراع حول السلطة .
المعسكرات التي تضم قرابة الـ100 ألف أسرة توزعت في محلية الجبلين ومحلية السلام بولاية النيل الأبيض، وقال هشام مصطفى عبد الله مدير معسكر الرديس (2) بمحلية السلام إن المعسكر يضم قرابة (7) آلاف فرد يعمل الهلال الأحمر على تقديم المساعدات لهؤلاء النازحين بالإضافة إلى عدد من المنظمات الوطنية والعالمية مثل اليونسيف والمفوضية السامية للاجئين والفاو وغيرها من المنظمات التي تعمل على عدد من البرامج مثال إقامة دورات تدريبية ورياضية وتراثية وتنظيم زيارات بين المواطنين والنازحين للربط الاجتماعي فيما بينهم وأبناء المنطقة .
المعسكرات التى تنتشر فى مساحات واسعة يميزها أنها مصنعة من البيئة المحلية والتي تعد الأقرب لما تعود عليه النازحون في الجنوب وقد حرص القائمون عليها بالنظافة وإصحاح البيئة فالحمامات البلدية حرصوا أن تكون في الأطراف لكن بالرغم من ذلك يكثر الذباب والبعوض الخريف على الأبواب لذلك هذه المعسكرات تحتاج إلى دعم عاجل لمواجهة الخريف بأمراضه المختلفة وضرورة ردم الطرق المؤدية إلى المعسكر من مدن الجبلين وكوستي حتى تصل المعونات .
دعم المانحين
الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر المهندس عثمان جعفر قال إن الجمعية تولي ملف الخريف اهتمامًا خاصًا فهي تمتلك خبرة في هذا المجال في أماكن عملها المختلفة لذلك ستسعى عبر (1000) من متطوعي الجمعية فى تقديم كافة الخدمات لأبناء المعسكر فهم الآن يقومون بتوزيع المعينات الغذائية للنازحين بالتعاون مع الجهات المانحة وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والتي تعهدت بتقديم (10) ملايين دولار تلقوا بالفعل (4) ملايين دولار منها ويضيف أن الجمعية تعمل على إنشاء مرسى مائي للوصول للمعسكرات من مدينة الجبلين عبر (بنطون) لنقل مواد الإغاثة للنازحين فى المعسكرات ولتعزيز عمل الهلال الأحمر الذي تعهد بتدريب (250) متطوعاً فى كل محلية
وأعلن خلال الاحتفال باليوم العالمي للحركة الدولية لجمعيات الصليب والهلال الأحمر في معسكر جمعية الهلال الأحمر بالرديس التي تحتضن معسكرات اللاجئين الجنوبيين بولاية النيل الأبيض عن إعادة هيكلة الهلال الأحمر بالكامل وبشكل جديد تراعى فيه جميع التجارب السابقة وباشراك ومشاورة الجميع في المركز والولايات.
مع اقتراب الخريف تخوف من تفشي الأمراض
طبيب معسكر الرديس (2) عبد الرحمن سليمان قال إن الأوضاع الصحية مستقرة إلا من بعض الإسهالات وسط الأطفال وقليل من الإصابات بالملاريا لكن المعسكر في الوقت نفسه يعاني من نقص في الكوادر الطبية مع توفر الأدوية المختلفة من جمعية الهلال الأحمر ويضيف أن المعسكر يحتاج إلى مزيد من الإصحاح البيئي لمكافحة الذباب الذي أصبح متفشيًا وهو سبب رئيسي في نقل كثيرمن الأمراض ويضيف أن المشكلة في الخريف أن الطرق تقفل تماماً ولن يستطيع نازحو المعسكر الذين يتم تحويلهم في الحالات الطارئة لتلقي العلاج بمستشفيات كوستي والجبلين وربك من الوصول إلى هذه المدن لتلقي العلاج ويختتم د. عبد الرحمن حديثة أن سكان المعسكر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية نتيجة الأوضاع المأساوية التي عاشوها ومناظر القتل والجثث التي شاهدوها لأهلهم وأقاربهم لذلك يحتاجون لتأهيل نفسي وهذا لا يتم إلا عبر جهد كبير من المنظمات الوطنية والدولية العاملة فى مجال النازحين.
(إيمان) نازحة جنوبية لم تنسَ مناظر القتل التي تمت لأفراد قبيلتها الذين احتموا بمعسكرات الأمم المتحدة تقول عندما كنا نخرج كانوا يهاجموننا حتى أبوب المعسكر ومن يستطيعوا القبض عليه يتم قتله وسط نظر أفراد الأمم المتحدة وهذا ما دعاهم للفرار إلى السودان وتتذكر إيمان أخيها الذي كان يدافع عنهم والذي قتل وترك أطفاله الذين هربت بهم مع زوجته للسودان.
مدير فرع الهلال الأحمر بولاية النيل الأبيض د. أسامة عثمان طلحة طرح مبادرة في احتفال الجمعية بمنطقة الرديس بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للحركة الدولية لجمعيات الصليب والهلال الأحمر للتوأمة بين فرعيات الهلال الاحمر السوداني في الولايات الحدودية مع نظيراتها في دولة الجنوب على أن تليها مبادرات للتكامل.

التيار

تعليق واحد

  1. اللهم لاشمات ده ماالسودان الجديد الصوتو ليهو بنسبة 99/100 وقلتو باباي وسخ الخرطوم تاني الجابكم شنو للوسخ ده

  2. البشير جبان وخاف من الجنائية وفصل الجنوب وهو الان ندمان وساف التراب ولكن الوحدة موجودة في وجداننا شماليين وجنوبيين رغم أنف الكيزان – الوحدة راجعة وراجحة كمان يا كيزان يا جبناء

  3. I hope peace will prevail soon in South Sudan. I would like to personally thank the Sudanese people in the North for this support despite the problems they are facing as well.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..