
تنهض المجتمعات والشعوب حينما يسود فيها ثقافة تقدير العطاء والعمل والتضحيات، إعترافاً بالدور المُلهم والمتميز للمُكرمين، وكلنا يعلم أنهم يعملون في ظروف كثيرة ما تكون شاقة ومحفوفة بالمخاطر بلا كلل أم ملل وهم قادرون على الذهاب إلى آخر المدى في الدفاع عن المبادئ التي آمنوا بها.
التكريم فرصة تحفيزية للتعلم استنهاضاً للهمم للمضي قدماً في إنجاز المهام والعمل بإتقان وكفاءة وتفان وإخلاص، وهو تكريم للقيم الإنسانية والأخلاقية والمواقف التي تحلوا بها، حسناً ما فعلت هيئة محامي دارفور وشركاؤها في تكريك الدكتور/ الباقر العفيف مختار مدير مركز الخاتم عدلان للاستنارة ومولانا/ محمد عبد الله الدومة الرئيس الأسبق لهيئة محامي دارفور والأستاذ/ كمال الصادق مدير راديو دبنقا والأستاذ/ حافظ إسماعيل مدير منظمة أفريقيا العدالة والأستاذ/ عبدالرحمن القاسم مسؤول الإعلام والعلاقات الخارجية بالهيئة، على الجهود الدؤوبة التي يقومون بها من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان وفي ذلك لم يترددوا يوماً في مواجهة النظام البائد وفي منافحة الدكتاتورية دون هوادة والقوانين والسياسات القاتلة التي تسن كل يوم ضد المجتمعات واجهوا كغيرهم من الشرفاء بسبب ما يناضلون من أجله الفصل والتشريد والاعتقال التعسفي والتهجير القسري، رغم هذا لم يتخلّفوا عن أيَّة معركة خاضها الشَّعبُ في الدفاع عن الحقوق والقيم الديمقراطية طوال عقود الظلام، لم ولن تلين لهم قناة في هذه المعارك.
يحضرني ما درج عليه مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية الاحتفاء سنوياً بأحد رموز الاستنارة المتَّسم عطاؤهم بالخدمة الوطنية الطويلة الممتازة والمتسقة النزيهة، فقد كرم المركز البروفيسور/ فاروق محمد إبراهيم والدكتور/ أمين مكي مدني والدكتور/ منصور خالد والبروفسور/ محمد الأمين التوم رموزاً للاستنارة تكريماً لمبادئهم البعيدة عن كلّ انتهازية سياسية، ومُـتَّسِمة بروح الصِّدام دفاعاً عن قِـيَم الديمقراطية.وفي تكريمهم تذكيراً لنا بواجب النضال اليومي ضد الأنظمة القمعية من خلال تبني القيم الرفيعة التي ناضلوا من أجلها وفي مقدمتها احترام التنوع وحقوق الإنسان، تبني الاشتراكية العلمية، تبني النظام العلماني، تبني لا مركزية الحكم في إطار وحدوي، رفض الذكورية المجتمعية، رفض الاتجار بالدين.
أن سجل التضحيات والنضالات وإنجاز الأعمال بكفاءة ومهنية وتميز يخلد فاعله ويدخله التاريخ من أوسع أبوابه ليكتب إسمه بأحرف من نور في صفحات ناصعة، فقلم التاريخ صادق لا يعرف المجاملات ولا المحاباة ولا التدليس، ولا قلب الحقائق ولا تزوير المعلومات وتحريفها. المسؤولية التاريخية للأجيال الصاعدة تقتضي الانخراط في المعترك الثوري والعمل من أجل تحقيق وحماية شعارات ثورة ديسمبر المجيدة 2019م المتمثلة في “الحرية والسلام والعدالة” التي مهرها الشباب بدمائهم والتي لا تتحقق بدون جهد وتضحيات وصولاً لتحرير أنفسنا وشعبنا من الإضطهاد وكافة أشكال الاستغلال والقهر والقمع والإرهاب الديني.
ابوهريرة عبدالرحمن أحمد
باحث ومدافع حقوقي
أغسطس 2021