مقالات سياسية

الديمقراطية في الممارسة: البوليس يحقق مع رئيس وزراء بريطانيا

صديق الزيلعي

يحقق البوليس البريطاني مع بورس جونسون رئيس وزراء، لأنه ارتكب جريمة جنائية، خلال فترة الاغلاق بسبب الكوفيد 19 (فيروس الكرونا). ويأتي ذلك التحقيق، بعد تحقيق سابق من أحد قادة الخدمة المدنية البريطانية، كنتيجة لاتهام رئيس الوزراء بانه خرق قيود الاغلاق الكامل، بتنظيمه حفل في مقر الحكومة.

بدأت المسألة بعد تسرب معلومات ان بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، قد نظم حفلات في مقر الحكومة. عرضت المسالة في البرلمان، وتم التداول وحول خطورتها. وتقرر ان تقوم سوي قري، وهي موظفة قيادية في الخدمة المدنية، بإجراء تحقيق حول الاتهام. بعد اكتمال التحقيق واكتشاف تجاوزات كبيرة، تم تسليم نتائجه للبوليس (سكوتلاند يارد). وقالت مسئولة البوليس (كرسيدا ديك) ان ما تم يشكل جريمة واضحة. وقالت بالحرف الواحد (ان من قاموا بتلك الأفعال كانوا يعملون انها تشكل جريمة). وبعد اكتمال تحقيق البوليس سيتقرر الخطوة القادمة وشكل العقاب.

قيام البوليس بتحقيق مع رئيس الوزراء ليس جديدا في بريطانيا، فقد سبق ان حقق مع رئيس سابق هو توني بلير في عام 2007، حول القضية التي تفجرت آنذاك حول من يدفعون أموالا للسياسيين لينالوا القابا تصدرها الملكة سنويا.

نود ان نستعرض في هذا المقال، ضرورة إزالة الحكم العسكري وقيام سلطة مدنية كاملة. وأيضا كيف تحترم الحكومة المدنية حكم القانون حيث يتساوى جميع المواطنين امامه. وهو ما نناضل لتحقيق مثله في السودان، حيث يصبح حكم المؤسسات هو السائد. وتصبح السلطة القضائية مستقلة تماما، ويصبح المجلس التشريعي معبر حقيقي عن شعبنا، ويملك سلطة مراقبة الحكومة، ومحاسبتها وعزلها.

الأهم ان ما تقدم من تحقيق ليس حادثا فريدا، لا يقاس عليه. وهذه بعض الأمثلة القليلة، مجرد نماذج، وليس كل ما تم تجاه حكم القانون:

  • خلال مناقشة تجاوزات بوريس جونسون وصفه زعيم المعارضة العمالي بانه يكذب. وبات الزعيم العمالي في بيته حتى الصباح، ولم يزور بيته الامن لاعتقاله (قارن مع الحجة الغريبة باننا نسئ للجيش لذلك عمل انقلاب).
  • خلال التحضر لمهاجمة العراق خرجت مظاهرة ضد الحرب، في لندن قوامها 2 مليون مواطن. لم يقتل شخص او يعتقل أي متظاهر. بل كان البوليس يحمي المظاهرة.

  • اقام مواطن بريطاني خيمة في أحد أكبر ميادين لندن، مواجها مقرات الحكومة وبرلمانها، واحاطها بلافتات تندد بتوني بلير وبالحرب. رفع البوليس عريضة للقضاء باعتباره مهددا للسلامة العامة، في موقع يعج بالسواح، رفض القضاء ذلك الطلب. واستمر المواطن في خيمته لشهور طويلة. وفي ذلك العام نظمت القناة الرابعة استفتاءا عن شخصية العام السياسية، ففاز ذلك المواطن. ودعته القناة لمكتبها ليتحدث، وفي ذلك الاثناء اجرت القضاء شركة خاصة لتحرس الخيمة حتى لا تزال.

  • حاليا يواجه الأمير اندرو، وهو ابن ملكة بريطانيا واحد الذين يمكن ان يرثوا منصب الملكية، المحاكم حول تصرفاته الجنسية. وقام القصر الملكي بعزله عن كل الواجبات التي تقوم بها الاسرة المالكة (يمكن ان نقارن بحادثي السلمة والدندر حيث قبض على خلايا إرهابية تتكون من أبناء قيادات اخوانية، وتم تكليف بعض من يسمونهم بعلماء لمناقشتهم، ثم تم إطلاق سراحهم)
  • كان رسام كراكتير جريدة الغارديان يشبه توني بلير بانه كلب حراسة بوش الابن، ولم تتعرض الجريدة او الرسام لاي اذي.
  • هناك عشرات الأمثلة التي لا يسع المجال لعرضها هنا.

نلخص بان لا خلاص لبلدنا، حتى تستقر وتنعم بالسلام والاستقرار، الا في نظام حكم مدني، ينبي على الديمقراطية التعددية وحكم القانون والمؤسسات.

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. شكرا لهذا المقال المرتب الموزون يا استاذ الزيلعى.
    ان كان ثمة اضافة فهى ابتداء القول باكثر من هذا …. اذا نظرنا الى تكوين الحكومة البريطانية الحالية نلاحظ ان رئيس الوزراءالسيد الكساندر بوريس دى فافيل جونسون رئيس وزراء رغم هذا الاسم الفخيم فأن جده فى حقيقة الامر لاجئ تركى اسمه على كمال !! زملائه فى مدرسة ايتون واكسفورد كانو يسمونة بوريس دى “فلافل” …

    وزير المالية المرشح لخلافته اذا تفاقمت عواقب التحقيقات الحالية ريشى سوناك من اسرة مهاجرين هنود قدموا الى بريطانيا من كينيا.
    ووزيرة الداخلية المشرفة على اسكوتلانديارد التى تتولى التحقيق هى بريتى باتيل والدها من هنود يوغندا الذين طردهم عيدى امين ووزيرالتعليم نديم زهاوى فهو لاجئ كردى من مواليد العراق.
    هذا الرباعى وصل الى قمة السلطة فى بريطانيا فى حكومة حزب المحافظين الذى يعج بحملة الالقاب من احفاد دوقيات وبارونات العز الموروث.
    وصلوا لمناصبهم بالترشيح داخل الحزب وبخوض الانتخابات والفوز فى دوائرهم، أنها الديمقراطية فى الممارسة حيث الاستحقاق قائم على المقدرات …

    1. أضف الى الرباعى -التركى والكردى والهنديين-
      هناك الثنائي المسلم من اصول باكستانية المحامى صادق خان عمدة لندن العمالى ووزير الصحة ساجد جافيد …قبل تولية عددا من الحقائب الوزارية كان ساجد عضو مجلس إدارة المصرف الالمانى دويتشه بانك إنترنشونال وقبلها عمل فى مصرف شيس مانهاتن بنيويورك سنين عدداً… والسودانيين بالذات فى الخليج يتعالوا ويرفعوا نخرتهم استكبارا على الباكستان والبنغال -تزلفا ومحاكاة للكفيل المتخلف-
      فتامل الديمقراطية فى التطبيق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..