«بلف» النفط.. «أوع يتحلج»..!!

بعيداً عن جدل الحرام والحلال الذي ثار في البرلمان حول القرض الكويتي الربوي لتمويل مشروع كهرباء الشرق والذي تمت إجازته استناداً إلى فقه الضرورة الذي يقوم على قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات» باعتبار أن كهرباء الشرق ضرورة قصوى وحاجة ماسة وملحة تتطلب أن يباح لها الحرام المحظور وهو ربا النسيئة، مثلها مثل مشروع سدي ستيت وأعالي نهر عطبرة وغيرها من مشروعات قامت على قروض ربوية، بدا لي أن اسأل بكل عفوية وبراءة لماذا لا تطبق هذه القاعدة الفقهية على قضية النفط؟ فهل في هذه القاعدة خيار وفقوس؟!، تظهر عند ضرورات معينة وتحتجب عند أخرى، رغم أن ضرورة استمرار جريان النفط داخل الأنبوب من المصدر وحتى ميناء التصدير وعدم توقفه للحظة هو ضرورة تفوق كثيراً كل الضرورات التي استخدم فيها فقه الضرورة، وإذا كان أمر النفط كذلك وهو بكل المقاييس كذلك، فلماذا لا تنصح هذه الجهة التي تبيح المحظورات وفقاً لفقه الضرورة الحكومة بألا تغلق أنبوب النفط أبداً وتدعه مفتوحاً، خاصة بعد أن تبين بما لا يدع مجالا للشك أن غلقه لن يدرأ مفسدة أو ضرراً بل العكس، فإن فتحه يجلب مصلحة، وعملية الغلق تعكس الآية تماماً لكونها تدرأ مصلحة، وهي المداخيل الكبيرة التي تدخل الخزانة العامة من نصيب السودان من قسمة النفط فيفقدها نتيجة هذا الغلق الذي يؤدي إلي جلب مفسدة تتمثل في المزيد من الأثقال التي ستلقى على كاهل المواطن المثقل أصلاً جراء فقد هذه المداخيل التي لن تجد الحكومة تعويضاً لها سوى تحميلها للشعب «المحمول» والمغلوب على أمره، وهنا يثور سؤال في حجم ثورة النواب الذين تحمسوا وتدافعوا للدفاع عن القرض الربوي ارتكازاً على فقه الضرورة، أين اختفى حماسكم هذا عند طرح موضوع أنبوب النفط، بل لماذا انعكس إلى الضد فأيدتم بشدة غلق الأنبوب وباركتم بحرارة فتح معسكرات الجهاد؟ رغم أن غلق الأنبوب كما تبين لن يغلق أبواب الدعم على المتمردين، وأن حكومة الجنوب لا قرار لها ولا حول ولا قوة في ذلك، وأن الدعم مستمر وسيستمر رضيت أم رفضت، أقرَّت به أم نفته، وفي هذه الحالة أيهما أفضل لكم فتح الأنبوب مع فتح المعسكرات حتى يمدها بأسباب الحياة، أم غلق الأنبوب وفتح المعسكرات فيحتجب عنها دعم مقدر؟!
وأخشى ما أخشاه على بلف النفط من عمليتي الغلق والفتح المتكررة، إذا اتخذت تكتيكاً معتمداً، أن تؤدي إلى «حلجه» بالمعني المجازي، فتصيبنا لعنة نظرية الحنفية والجردل، ومؤداها أن الحنفية إذا «انحلجت» ولم يتم استبدالها بالكامل بأخرى أصلية وليست «تايوانية» فإنها تبدأ في رشح الماء، فنتجاهل هذا الرشح في بدايته، وعندما يزداد نلجأ لربطها بقطعة قماش، وعندما يزداد أكثر نستبدل القماش بسير من البلاستيك، ثم بسلك، وعندما لا يجدي كل ذلك نضطر لوضع إناء تحت الحنفية، حيث نبدأ بإناء صغير ثم يتطور إلى حجم الجردل وربما أكبر، وهكذا دواليك إلى أن تتدفق المياه كالسيل وتغمر المكان وتتمدد حتى تصل الجيران، ويحدث الغرق وما يتبعه من خوف من سقوط الجدران وتندلع حرب المياه.. والمطلوب إذن ألا ندع بلف النفط رهينةً لعمليتي الغلق والفتح حتى ينحلج.. فإما أن نتركه مفتوحاً على طول وإما أن نغلقه إلى الأبد!!

الصحافة

تعليق واحد

  1. ما شاء الله .. حيدر اضحى ناصحا للحكومه .. مقدما لها المقترحات .. متبرعا لها بالأفكار ألألمعيات من ارحام بنات افكاره .. ماذا جد فى الدنيا!.. تحول غريب 180 درجه حته واحده .. اجادّ ابن المكاشفى فيما يقول؟ على كل حال للناس عقول وبصائر ..بس عشان مت ننسى لازم نعرف الحقيقه .. ال حقسقه.. “وين كان الحيدر” ليلة تكريم سيد الكهرباء …هو يا ابن المكاشفى فى حد بيقؤف احسن م الحكومه!!

  2. الضرب علي الميت حرام ان هؤلاء قد فقدوا البوصلة وراح منهم الدرب متخبطين في دياجر لايعلمها إلا الله .. بس نرجوهم ونتوسل اليهم أن يسيبوا لينا مافضل من السودان نحاول نرقع فيهو

  3. ألأخ “الجقر” الشكر اجزله ينتزل اليك ..وتحياتى تنداح منك الى بن المكاشفى مقرونة باعتذارى اليكمااذ انى لم اسعد بالأطلاع على مقالته التى تكرمت انت باعادة نشرها اليوم ..ألأمر الذى يسّر لأساريرنا انفراجا واسع المرتكزات نرجو له ألأستمرار ولو الى حين.. مرة اخرى الشكر لك على توجيهنا للأبقاء على “امخاخنا برّا” .. ليك علينا نسعى لتنزيل هذا الطلب على ارض الواقع باذن واحد احد … بس ان شاءالله هى تطاوعنا بعد ان كاد”يخنى عليها الذى اخنى على لبد” ..ويبقى الود موصولا وبالناس المسرّه وفى ألأرض السلام.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..