في حلفاية الملوك: زيارة لضريح صاحب الطبقات وقراءة في سيرته

بحري – عودة سعد

تقول سيرته المبذولة: ولد (الشيخ محمد نور ود ضيف الله)، بحلفاية الملوك في سنة 1139هـ وتوفي بها 1224هـ، وقبره يوجد بجوار مسجده العتيق، الذي يُعد مركزاً دينياً وتعليمياً بالحلفايا.

كان والد (محمد نور) فقيهاً ورعاً ومتصوفاً، له مساهماته العلمية آنذاك، فقد وضع حاشية لكتاب (مختصر خليل) وسلك طريق القوم على النهج (القادري الشاذلي) شأنه شأن الفقيه الداعية الشيخ (خوجلي عبد الرحمن)، وكان ملماً بمسائل الفقه والتصوف ومعلماً لهما. كما له باع في شؤون الإفتاء وقد تولى القضاء فترة من الزمن، وقد سار (صاحب الطبقات) على نهج والده ومشربه التصوفي، فقد عُرف كوالده قاضياً وفقيهاً ومتصوفاً، له أحكامه المشهورة في العديد من المسائل والنزاعات بين مختلف الأطراف آنذاك في مسائل الميراث والتوريث والأطيان .

كتاب الطبقات

يُعد (كتاب الطبقات) المعروف شعبياً بـ (طبقات ود ضيف الله) الذي يُعد من أمهات الكتب من أشهر كتب التراث السوداني، والمرجع الأول المطبوع لدارسي التصوف في السودان، كما يعد الكتاب أيضاً من المصادر الأولية المهمة في تاريخ (سلطنة الفونج)، إذ وردت بين ثناياه العديد من الإشارات التي تبين حياة التصوف والسلوك الاجتماعي في الدولة ومكانة الأولياء والمتصوفين في الحياة والذكر. وهو يتناول فترة من أخصب فترات التاريخ بالسودان، حيث وضعت الأسس المبكرة للفقه وخلاوى القرآن، ولولا (طبقات ود ضيف الله) لكان تاريخ السودان في طيات الغيب. ومما يلفت النظر ويستدعي اهتمام الباحثين والمؤرخين، إن الشيخ (محمد نور ضيف الله) قد خط يراعه في هذا السفر العظيم (كتاب الطبقات)، في زمن قل فيه العلم رغم مشقة الأسفار وحواجز الطبيعة، وبدائية الوسائل التعليمية، مما يُعد مفخرة لفقهاء السودان.

صاحب المذهب والشريعة

إن (صاحب الطبقات) هو سليل العلماء ونسل الأنقياء لم يكن له خليفة بعده بمعنى هذه الكلمة، بل قال له والده بحياته عبارة “إذا مُت صل عليَّ” أي تولَّ خلافتي. وتوارثت هذه العبارة بين (أولاد ضيف الله)، حيث ولى (ود ضيف الله) ابن أخيه الشيخ (الحسن بن نور الدين) خلافته، الذي كان يعمل قاضياً في محكمة الخرطوم. ومن الغريب والملفت للانتباه أن (صاحب الطبقات) لا توجد لديه قبة خاصة به كباقي الشيوخ ليدفن بها، بل توجد قبة تتبع إلى مسجده العتيق الذي تم إنشاؤه في عهد المشير (جعفر محمد نميري) من قبل الخيرين ومنهم الشيخ (دفع الله الصائم) حيث تم دفنه في مقبرة جوار مسجده، وكان يدفن معه عامة الناس حتى تم منع الدفن بها وتسويرها، وتضم هذه المقبرة الشيخ (محمد نور ود ضيف الله) وثمانية من رفاة العلماء الصالحين والفقهاء، وكان (صاحب الطبقات) فقيهاً وحجة في المذهب المالكي، وقد وصفه صاحب كتاب (الشونة) بأنه صاحب المذهب والشريعة، شيخ الإسلام فريد عصره.

حواشٍ

يقول السيد عبد الله محمد نور في قصيدة يبجل فيها (آل ضيف الله) “هم ضيوف الله في حلفاية الملوك للعلم أساس/ والورع والزهد فيهم مامدت أيديهم إلى الناس/ حاذوا علوماً وآداباً شهدوا لهم بها أهل المقياس/ خلاويهم لطلبة العلم بها مدارس الأساس”. ولود ضيف الله مؤلفات جليلة منها كتاب (الصالحين) الذي لم وشرح كتاب (لطائف المنن) لـ (إبن عطاء السكندري) كما له كتاب في السيرة النبوية، فضلاً عن كتاب (الطبقات) الذي يعد أهم مصادر الحياة الدينية والروحية في عهد (سلطنة الفونج) بجانب ذلك كان الشيخ (ود ضيف الله) قاضياً عدلاً في عهد مملكة (العبدلاب) إبان عهد السلطان (ناصر ود عجيب).

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..