مقالات سياسية

إقتلاع الكيزان.. الواقع والفرص

د. فيصل عوض حسن

شهد السودان، يومي الخميس الجمعة، أحداثاً ساخنة كان محورها الرئيسي الشعب السوداني (شيباً وشباباً)، وأعطت أملاً ومُؤشراً إيجابياً كبيراً للخلاص ونحن نستشرف العام الجديد وذكرى الاستقلال المجيد، بأنَّ الفرحة بهاتين المُناسبتين قد تتضاعف باقتلاع عصابة المُتأسلمين الجاثمين على صدر السودان وأهله لربع قرنٍ مضى، نشروا فيها الفساد والإفساد بكافة صوره وأشكاله، بدءاً بالإنسان السوداني وتشويه أخلاقه وعلاقاته المُجتمعية، انتهاءً بالاقتصاد الوطني والوضع السياسي والصحة والتعليم والعلاقات الخارجية مع العالم أجمع (دولاً ومُؤسسات)، حتَّى أضحى السودان وأهله مثار تندُّرٍ ومبعث نفورٍ وضيق من الجميع! ويُمكن القول بأنَّ ما عاناه السودان وأهله في عهد هؤلاء المُجرمين، فاق بكثير فترة الاستعمار التي شهدت نهضة حقيقية في قطاعات عديدة كالخدمة المدنية والتعليم والصحة والبنية التحتية وغيرها، ثم أتى هؤلاء الأبالسة والمُنافقين ليُدمروها بأفعالهم المأفونة ومخططاتهم الخبيثة!

فبنهاية الأسبوع الماضي شهدت منطقة السمرة وحطاب شمالي الخرطوم، اشتباكات عنيفة بين مُواطني المنطقة وعناصر عسكرية تابعة لمعسكر (السليت) المُتاخم لها، من ضمنهم ما يُوصفون بقوات الدعم السريع، وأسفرت هذه الاشتباكات عن مصرع أحد الجنود وإصابة آخرين، وأكَّد شهود عيان انحياز بعض أفراد القوات المسلحة لمُواطني المنطقة، مما يُؤكد وجود مليشيات الدعم السريع المتفلتة! وكعادة المُتأسلمين، حجبوا الحقيقة عبر بيانٍ هزيل و(مُتناقض) قَلَّلَ من الأحداث، ووصفها بأعمال شغب (محدودة) سببها عراك بين أحد الجنود والمُواطنين بدأ مساء الخميس، و(تجدَّد) صباح الجمعة عقب (إختفاء) أحد الجنود الذي عُثِرَ عليه (ميتاً) نتيجة (حادث حركة)! بينما الحقيقة، وفق أقوال مُواطني المنطقة، أنَّ نحو (300) عسكري اقتحموا المتاجر ليلة الجمعة وكسروها ونهبوا ما فيها من سلعٍ وموادٍ تموينيةٍ وحرقوا بعضها، مما دفع لتقاطر أبناء البطاحين نحو المنطقة مُؤازرةً لأهاليهم هناك! وفي المُقابل سارع بعض رموز العصابة الإسلاموية إلى هناك لتخفيف احتقان أبناء البطاحين الذين طالبوا بإزالة المعسكر من المنطقة، مُتوعدين بالرد على كل ما يمس أهاليهم من تعديات! حيث استجاب المُتأسلمين لمطلبهم، ووعدوا بترحيل المعسكر لمكانٍ آخر وتحويله لكيان خدمي لأهل المنطقة، مما يُعزز من (فبركة) البيان الأوَّل للمُتأسلمين المُشار إليه أعلاه بشأن الأحداث التي جرت وتقليله من شأنها، واقتصارها على مجرد مُشاجرة وحادث حركة! وهو كذبٌ بات مكشوفاً ومعروفاً، وأشرنا له في مقالاتٍ سابقة، إلا أنَّ اللافت في هذه الكذبة، أنَّها ابتعدت هذه المرة عن الـ(جنون) الـ(عته) كمُبرراتٍ فطير لأي أزمة أو بلوة تحدث!

وفي سياقٍ غير بعيد، جرت اشتباكات عنيفة أمس الجمعة (أيضاً) بداخلية طلاب جامعة سنار، بين الطلاب ومليشيات المُتأسلمين، عقب هجومهم على الداخلية بقنابل المولوتوف والغاز المسيل للدموع والسيخ، أسفرت عن إصابات عديدة أغلبها ? بحسب ما حَمَلَتْه الأنباء ? بين صفوف مأجوري المُتأسلمين الذين هربوا عقب اشتداد مُقاومة الطلاب لهم ومُلاحقتهم بقوة، نتيجة للاستفزاز الشديد الذي مارسه مُأجوري الإسلامويين، بدءاً بالشتم والسب انتهاءً بالتهديد والتصفية، تفاقمت على إثرها الأحوال ليهجم المُتأسلمون على الداخلية، ويجدوا مُقاومة بطولية من الطلاب تنتهي بفرارهم وهروبهم كالجرذان رغم تدججهم بالسلاح! وفي ذات السياق، أُصيب ثلاثة من طلاب جامعة البحر الاحمر بجروحٍ بالغة فى صداماتٍ جرت يوم الجمعة، بين الشرطة وطلاب داخلية الفاضلابى بحي الشاحنات ببورتسودان، الذين خرجوا في مُظاهرات نتيجة لانعدام مياه الشرب وتردى الخدمات بالداخلية، مما قاد لتدخُّل الشرطة بقوة واعتقال (13) طالباً وفتح بلاغات جنائية بحقهم تتعلق بالشغب والإخلال بالأمن! وقبل هذا وذاك، من الأحداث المُشار إليها أعلاه، واصلت منطقة لقاوة في ولاية غرب كردفان اعتصامها الذي قارب الشهرين، بميدان الحرية بصورةٍ سلميةٍ وحضارية رائعة بعيداً عن أي أعمالٍ تخريبية، بعدما قام شباب المنطقة بالتوعية والتثقيف لتفويت الفرصة على المُتأسلمين لإحداث الفوضى التي يجيدون صناعتها، والتف الجميع مع الشباب في موقفٍ بطولي ووطني فريد ونادر.

هذه الأحداث، وإنْ بَدَتْ بسيطة في ظاهرها، إلا أنَّها تبعثُ أملاً كبيراً وتُعدُّ مُؤشراً إيجابياً يمكن تطويره ونشره في جميع مناطق السودان، والاستفادة منه في جعله أمراً وطنياً يعم كل أرجاء البلد لينتهي بإزالة هؤلاء المُغامرين، وهو ليس بعيد إذا ما أحسن الناس التدبير، وتلافوا أخطاء سبتمبر التي كادت تطيحُ بالمُتأسلمين للمزابل التي أتوا منها. فالظروف الآن مُواتية تماماً للتغيير، ولتكن مُناسبة الاستقلال ومشاعر الاحتقان التي تعتري كل شرفاء السودان انطلاقة لشرارة الثورة على الظلم، وليكن ما قام به أهالي لقاوة من اعتصام ومسيرات ومظاهرات مستمرة، بجانب غضبة البطاحين وملحمة طلاب جامعتي سنار والبحر الأحمر دافعاً قوياً لتحذو بقية مناطق السودان حذوهم، لا سيما مع بارقة الأمل والاستجابة التي أبداها بعض أفراد القوات المسلحة وانحيازهم لجانب المُواطنين، وهي في مُجملها مُؤشرات إيجابية وباعثة للأمل في التغيير الذي بات قاب قوسين أو أدنى.

يبقى دور الشباب محورياً في هذا الخصوص، ليس فقط عبر الفيس بوك والواتساب، ولكن عبر توحيد طاقاتهم على اختلاف معتقداتهم وانتماءاتهم الحزبية مُتجاوزين رموزهم التاريخية المُتكلسة فالقادم هو للشباب، وهم من سيكتوي بنيران المُستقبل المجهول الذي جعله المُتأسلمون مُظلماً، وبالتالي عليهم تحرير ذواتهم وزرع طريقهم أخضراً بكل ما أوتوا من قوة، مُستفيدين من المُعطيات التي أشرنا إليها أعلاه! فها هم طلاب جامعتي سنار والبحر الأحمر يُواجهون مأجوري المُتأسلمين المُدججين بالسلاح ويجعلونهم يهربون، وها هم أهل لقاوة يصمدون لشهرين، وها هم البطاحين يحرقون مُعسكراً لأكبر أذرع الإجرام الإسلاموي المُسمَّى الدعم السريع، والأجمل انحياز عدد من أفراد القوات المسلحة لجانبهم، وهرولة رموز الإفساد الإسلاموي لأهالي المنطقة طلباً لعدم التصعيد، مما يعني ضعفهم الشديد وإمكانية تحقيق الحلم الذي طال. وإذا ما أضفنا لكل هذه المُعطيات، الغضب العالمي على المُتأسلمين، وآخره إنكار الجميع لخطوتهم القبيحة والمتهورة بطرد ممثلي الأمم المتحدة للسودان، يبقى الطريق سالكاً لاقتلاع هؤلاء.

على أنَّ هذه الآمال، تحتاج بعد توفيق الله، إلى الاتحاد الذي نرى أنَّ أوَّل بذوره تنطلق من القوى السياسية الرافضة لأي تفاوض أو تحاوُر مع المُتأسلمين، وعلى رأسهم الجبهة الوطنية العريضة وحركة تحرير السودان بقيادة السيد/عبد الواحد مُحمَّد نور وحزب البعث، ثم الأجساد والكيانات المقهورة الأخرى ذات القضايا القومية والنضالية الشريفة، كجبهة تحرير حلايب وشباب أرقين ومجموعة قرفنا وشباب تمرد السودان والتغيير الآن وغاضبون بلا حدود وغيرهم. وللحقيقة يُعدُّ الشباب ? كما أسلفت ? محور الارتكاز في هذه العملية، وهو مما سنفرد له مقالة خاصة إذا عشنا وكان في العمر بقية.

إنَّ احتفالنا بالاستقلال لهذا العام قد يُصبح احتفالين (إذا أردنا)، ويُمكن تطوير إحساسنا بهذا الاستقلال ليتسع ويضحى أكثر عُمقاً باستشعار الحرية والانعتاق الـ(حقيقيين) واقتلاع أبشع مخلوقات الله في الأرض، وإيقاف عبثهم وفسادهم وإفسادهم وتدميرهم لبلادنا الحبيبة، وقهرهم وقتلهم وتشريدهم لأهلنا الطيبين، نحتاج فقط إرادة حقيقية وقليل من الاجتهاد والتنسيق.. وللحديث بقية.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. والله أخبار تفرح أخيرا تحرك الشعب المطلوب التصعيد العسكري من الجبهة الثوريه لزيادة الضغط حتى الانفجار يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااارب

  2. كلام لاينقصه الا التنفيذوالتصعيد وان يصل الي الجميع سوف نصعده الي سودانيز اون لاين منقولا بالحرف الواحد

  3. كل مالا يرضي المعارضة سموه دعم سريع او جنجويد بالله عليكم لو الاسمين ما كان ضعنا يا ناس اخافو الله عاجبكم الحصل في ابوكرشولة ام حكم عقار وعرمان او مني او عبد العزيز الحلو مع ازنابهم يا جماعة هذه فوضة عارمة الحكم بيد المولى عز وجل

  4. ليس للحديث بقية فقط ولكن ارجو ان تبدأ الانطﻻقة من الان بالاتصال بالناشطين ممن ذكرتهم في مقالك والتحرك مباشرة للاعتصامات ولتكن البداية عنيفة وقوية من الاقاليم .. ثم ارجو ان تتطور و تزداد قوة …كا ارجو ان تكون هنالك قيادة ظل لكل التنظيمات المشتركة وليكن يوم استقﻻل السودان هو يوم الخﻻص من الكيزان .. والله الموفق …

  5. كل اخبارك سارة د. فيصل واكثرها ادخالا للسرور في قلبي انحياز بعض افراد القوات المسلحة لاهلنا البطاحين ، فساعيش باقي يومي سعيدا بهذا الخبر واقول عقبال انحياز كل القوات المسلحة للشعب السوداني حتى تعم الفرحة اي سوداني على وجه الارض عدا الماسونيين .

  6. ان هذه الذكرى الخالدة والعزيزة علينا جمعين ينبغي ان نجعلها دافعا وحاثا لنا بالثورة وجمع الكلمة ثورة حتى النصر لنخلص بلدنا من هذه الفئة المجرمة والضالة والتي كبتت على قلوبنا 25 عاما وعاثت في البلاد فسادا ودمارا ونهبا وانتهاكا للقيم والمبادىء لقد احالوا البلد الى اقطاعية خاصة بهم وغنو واستغنوا وان ننتقم للذين ضحوا بارواحهم في سبيل استقلال السودان وان نحيل صباح هذه الفئة الماجورة الى ليل وظلام دامس لينبثق بعده فجر السودان وطنا حرا ابيا

  7. يجب تجميع كل الصحون في صفره كبيره بما فيها التحليه واكلها في وقت واحد نخلص منها من غير بواقي حتي الكلب عندما ينظر يحتار. كل القوة صغيره وكبيره تحت هدف واحد وهو قلع الكيزان من الجزور وقتلهم تماما وفورا. ولدينا سؤال ما دور المغتربين ليكونون هدف فعال من الافضل نقوم بشي لان بناء العماره ببدا من طوبه واحده,

  8. ترقبوا اخبار جديدة عن كوز معفن اسمه حامد ممتاز متهم بسرقة واختلاس ما يقارب العشرين مليار جنيه – نعم ما يقارب العشرين مليار جنيه
    اسمه حامد ممتاز – درس في جامعة امدرمان الاهلية ولم يكمل دراسته .
    سنوافيكم بتفاصيل ادق عن هذا الحرامي .
    ترقبونا واحفظوا هذا الاسم جيدا ليوم المحاسبة
    اسمه حامد ممتاز

  9. عاوز تزيح الاسلاميين من سدة الحكم لتاتى بمن ؟؟؟؟ لتاتى بالشيوعين ام العلمانيين

    ام تريدها فوضى عارمه تقضى على الاخضر واليابس تريد فوضى يمنيه ام سوريا ام لبيبيه

    ام تريدها فوضى عراقيه ام تريد قبضه دكتاتوريه مصريه يوجه فيها الامن بسحق امثالك

    وعرضهم على القضاء (السيسى) لترمى فى السجون ولاترى الشمس يااخى احمد الله واشك ان امثالك

    يحمدون الله على نعمة الامن والامان تكتب وتتبجح وتشتمت وتنام وابواب منزلك مفتوحه

    وتتخوجل زى صقر فى شوارع الخرطوم دون ان يتعرض لك احد احمد الله ياجاحد

  10. الشعب السودانى ذكى ولماح المشكلة ليست فى ذهاب هذه الحكومة فهى رايحة طولت ولا قصرت انظروا بعيدا الى الآتين من بعدهم او من يخططون للحلول محلهم وتأكدوا ان بقاء هذه الحكومة طيلة هذه الفترة من أسبابها الرئيسية بؤس المعارضة وتعاستها بالله عليكم انظروا الى عرمان والى عقار ومن لف لفهم كيف نعطى أمرنا لمثل هؤلاء فالناس لا حبا فى هذه الحكومة بل بغضا للمتاجرين بقضايانا حول العالم وخذ عرمان مثالا ما ان تحل قضية حتى يركب فى الاخرى انتهينا من الجنوب ودخل المنطقتين واذا حلت المنطقتين سيدخل دارفور واذا حلت دافور سيدخل الجزيرة واذا حلت الجزيرة سيدخل كجبار وهكذا انسان ما عندو موضوع غير المتاجرة بأهلنا وقضاياهم وتأكدوا لو ان الطريق اصبح ممهدا لعرمان لرئاسة الجمهورية لن يقبلها فهو يعرف تماما قدر نفسه ومصيره المحتوم عاجلا ام عاجلا فنحن مع ذهاب هذه الحكومة اليوم وليس غدا ولكن ان تسلم الدولة لايدى امينة بدلا من ان تسلم لمتورين لا اصل لهم ويوجد شك فى انتمائهم لهذا البلد اصلا وفى حال عدم وجود معارضة مسئولة لا طائفية ولا رجعية ولا خائنة حينها لا مشكلة لنا مع أحد.

  11. حتى لا نعيد تدوير السودان القديم ابدا
    وسبحان من قسم الحظوظ فلا عتاب ولا ملامة
    اعمى واعشى ثم ذو بصر وزرقاء اليمامة
    اركان الثورة الحقيقية
    1- الرمز النظيف
    2- البرنامج العلمي
    3- الاجهزة القادرة على توصيل البرنامج
    4- الجماهير الواعية بي البرنامج

    انا شغال بي البرنامج العلمي البند ( -رقم2)
    1-استعادة العلم والشعار والتعليم
    2- المحكمة الدستورية العليا
    3- قومية المفوضية العليا للانتخابات
    4- استعادة الاقاليم والغاء المستوى الولائي جملة وتفصيلا حتى من الدستور
    5- مرجعية نيفاشا ودستور 2005
    6- تفعيل الحريات الاربعة والجنسية المزدوجة مع دولة الجنوب

  12. فى الصورة اعلاه ياترى ماذا يخفى الشيخ حسن الترابى وراء ظهره؟؟ ام ان وراء الاكمة ماوراءها؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..